اللوحة الثانية
المنظر :
(سوق عكاظ حيث يتوافد الناس والقبائل من كل صوب وحدب وتتجمع
حول رجل يقف على جذع شجرة يخطب في الناس وهو قس بن
ساعدة حيث يقف بين الناس يخطب في جمع غفير)
رجل1 : من هذا الرجل الذي يخطب في الناس
رجل 3 : لعله رجل من بنى تميم حكام السوق
رجل 2 : أولا تعرفه انه قس ابن ساعده
رجل1 : وأين النابغة الذبيانى ؟
رجل 2 : بعدما نسمع الخطبة نذهب إلى خيمة النابغة ..استمع
قس : أيها الناس اسمعوا وعوا، من عاش مات،ومن مات فات، وكل ما هو
آت آت، ليل داج، ونهار شاج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر،
وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاه، وأنهار مجزاة. إن في
السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، ما بال الناس يذهبون ولا
يرجعون؟! أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا، يقسم قس بالله قسما لا إثم
فيه إن لله دينا هو أرضى له وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه، وإنكم
لتأتون من الأمر منكرا. في الذاهبين الأوليــن من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها تمضي الأكابر والأصاغر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها تمضي الأكابر والأصاغر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
( في مكان آخر حيث يجلس النابغة الذبيانى تحت خيمة حمراء )
الأعشى : نحن الفوارس يوم الحنو ضاحية جنبي فطيمة لا ميل ولا عزل
قالوا الطراد فقلنا تلك عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل
النابغة الذبيانيي: أحسنت يا أبا بصير فمن يضاهى الأعشى في شعر الحماسة
والفخر .... وأنت يا أبا الخنساء سمعت بمشكلة الخنساء مع دريد ابن الصمة . قبل أن أسمع المشكلة منكما أحب أن أستمع إلى شعر الخنساء
أبو الخنساء : قذىً بعينيك أم بالعين عوارُ
أمْ أقفرتْ إذْ خَلَتْ من أهلِها الدارُ
أمْ أقفرتْ إذْ خَلَتْ من أهلِها الدارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرى وقد ثكلتْ
ودُونه من جديدِ الترب أستارُ
لا بُدَّ من مِيتةٍ في صرفِها غِيَرٌ
والدَّهرُ في صرفِهِ حول وأطوارُ
يوماً بأوجد مني يوم فارقني
صخرٌ وللدَّهرِ إحْلاءٌ وإمْرارُ
فإنَّ صَخراً لوالينا وسيدنا
وإنَّ صخراً إذا نشتو لنحارُ
وإنَّ صَخراً لتأتم الهداة بهِ
كأنَّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
مثل الردينيِّ لم تنفذْ شبيبتُهُ
كأنَّهُ تَحْتَ طَيّ الْبُرْدِ أسْوَارُ
ودُونه من جديدِ الترب أستارُ
لا بُدَّ من مِيتةٍ في صرفِها غِيَرٌ
والدَّهرُ في صرفِهِ حول وأطوارُ
يوماً بأوجد مني يوم فارقني
صخرٌ وللدَّهرِ إحْلاءٌ وإمْرارُ
فإنَّ صَخراً لوالينا وسيدنا
وإنَّ صخراً إذا نشتو لنحارُ
وإنَّ صَخراً لتأتم الهداة بهِ
كأنَّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
مثل الردينيِّ لم تنفذْ شبيبتُهُ
كأنَّهُ تَحْتَ طَيّ الْبُرْدِ أسْوَارُ
النابغة : لله درك يا تماضر .. والله لولا أن أبا بصيرأنشدنى أنفا
لقلت إنك أشعر الجن والأنس .... أهلا بحسان بن ثابت
حسان : أنا أشعر منها ومنك ومن أبيك .
النابغة : حيث تقول ...
حسان : أقول :
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى
وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دما
ولدنا بني العنقاء وابني محرقٍ
ولدنا بني العنقاء وابني محرقٍ
فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا أبنما
النابغة : انك شاعر ولكنك أقللت جفانك وأسيافك _ يعني أن الجفنات لأدنى
العدد والكثير جفان . وكذلك أسياف لأدنى العدد والكثير سيوف .
وقلت بالضحى ولو قلت يبرقن بالدجى لكان ابلغ من المديح لأن
الضيف في الليل اكثر. وقلت يقطرن من نجدة دماً فدللت على قلة
القتل ولو قلت يجرين لكان اكثر لانصباب الدم . وفخرت بمن
ولدت ولم تفخر بمن ولدك.
والآن علي بدريد ابن الصمة
صوت : دريد ابن الصمة
( يدخل أربعة يحملون دريد ابن الصمة على محفة ويضعونه أمام
النابغة الذي يقف تحية لدريد وقد وقف الآخرون معه )
النابغة : هل لي أن أسمع من عمرو بن الحارث أبا الخنساء ما حدث
أبو الخنساء : قال في الخنساء شعرا قبل أن يأتي لخطبتها
النابغة : فماذا قال ؟
أبو الخنساء : حَيُّوا تُماضرَ واربعوا صَحْبِيْ
وقِفوا فإنَّ وقوفَكم حَسبيْ
أَ خُناسُ قد هام الفؤاد بكم
وأصابه تبلٌ مِنَ الْحُبِّ
وقِفوا فإنَّ وقوفَكم حَسبيْ
أَ خُناسُ قد هام الفؤاد بكم
وأصابه تبلٌ مِنَ الْحُبِّ
دريد : فرفضتنى .. وقالتْ إنني شيخٌ كبيرٌ
وما أنبأتُها أنِّي ابنُ أمسِ
تريدُ شرنبثَ الكفين شثناً
يباشرُ بالعشية كلَّ كُرْسِ
وما أنبأتُها أنِّي ابنُ أمسِ
تريدُ شرنبثَ الكفين شثناً
يباشرُ بالعشية كلَّ كُرْسِ
أبو الخنساء : بل قالت لي :
يا أبتِ أتراني تاركة بني عمِّي مثل عوالي الرماح، وناكحة شيخ
بني جشم، هامة اليوم أو غد،
دريد : بل لم تقل ذاك وقالت :
معاذ الله ينكحني حبركي
يقال أبوه من جشم بن بكرٍ
ولو أصبحتُ في جشم هدياًّ
إذاً أصبحتُ في دنسٍ وفقرِ
يقال أبوه من جشم بن بكرٍ
ولو أصبحتُ في جشم هدياًّ
إذاً أصبحتُ في دنسٍ وفقرِ
النابغة : لا نملك أن نجبر فتاة على زواجها يا دريد وليس لك بعد اليوم أن
تهجو الخنساء في إشعارك.. أنفض مجلسنا لهذا اليوم وسوف نلتقي
عند الغروب لسماع شعراء القوافل ولنخرج إلى الساحات لنتابع
أخبار القوافل والمعاهدات
( خارج الخيمة على الجانب الآخر نرى عامل البئر مع محسن
ومطلق يتحدثان وقد اتخذا إحدى الأشجار متكأ للإنتظار إلى أن
ينفض مجلس النابغة فيسأل مطلق الحاجب )
مطلق : إلى أين هو ذاهب؟
الحاجب : إلى ذبيان وعبس . إنها الحرب وطحانها
محسن : يقول لك عامل البئر عنها أنها لاتزال تطحن بين أسنانها رؤوس
البسطاء . أنسيت ؟
الحاجب : هو كذلك
عامل البئر : دعك من هذا . ألا قلت لي من أين أتيتم؟
مطلق : أظن أن الزهايمر داء قديم فقد سلك مسلكه إلى أدمغة الأولين
ع البئر : ماذا تقول وبماذا تهمهم ؟
مطلق : لا شيء . إنما سبق وقلت لك إنني من الزمن الآتي . من عصر خادم
الحرمين . أولا تسمع عنه ؟
ع البئر : بلى
مطلق : ألا تسمع عن فارس من فوارس الكلمة في عصره؟ إنه من أرسلنا إلى
هنا لنبحث عن عكاظ
ع البئر :أهو ممن سيزوجك ابنته ؟
محسن : أوقعنا في شرك هذا الخرف . لا يا سيدي . فهو ممن لهم باع في
معترك الثقافة .
عامل البئر : وأي معركة كان .
مطلق : لا . لا . لا عليك . المهم دعنا فيما يخصك أيها العجوز الخرف .
ع البئر : دعك من هذا . مما لا تعلمه أنني أعلم كل شئ أعلم الماضي
والحاضر ، أتابع الزمن الآتي , إنه ممن سيبعث سوق عكاظ .ألا
تعلم أنني سيد التاريخ ، أدون كل شئ في ذاكرتي . في زمانكم
يسمونها "إن بوت . أو فايل .أو ميموري كارد " . إذا أردت أن تسمع
ما ينطق بلغتكم وما هي لغة عصركم فلتضغط على إيهامي الأيسر
( يضغط محسن على الإبهام الأيسر )
ع البئر : ( يلقي بشكل آلي ) ‘إنهما ممن سيُبعثان الحياة في سوق عكاظ
ويخرجان كل من هم في قاع هذه البئر ويعيد الماء إلى أربابها
فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ
رِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ
يَمِينـاً لَنِعْمَ السَّـيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا
عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ
( يختفى عامل البئر بينما يتقدم إليهما الحاجب ويسألهما )
الحاجب : من أنتم ؟
محسن : أنا محسن وهذا صديقي مطلق
الحاجب : أين الرجل الثالث الذي كان معكما
محسن : ( ينظر حوله ) لعله ذاب في الهواء
الحاجب : ذاب في الهواء ؟ ماذا تقصدون ؟
مطلق : ألم أقل لك إن هذا الرجل مجنون أو شبح
الحاجب : أرى شيئا غريبا في هيئتكما ..من أين قدمتما ؟
محسن : نحن من الزمن الآتي ، وهذه هيئتنا التي نحن عليها..
الحاجب : وما خطبكما ؟
مطلق : جئنا لمقابلة الذبيانى
الحاجب : هكذا الذبيانى ،أجف ، أخس ،أملس ، أجوف ، ألوََّفَ؟
مطلق : ماذا تقصد ؟
الحاجب : أقصد أنه يلزمك أن تناديه بكنيته . أبى أمامة أو أبى عقرب أو سيد
الشعراء
محسن : حسنا سيدي ... وليكن
الحاجب : إنه في جلسة حكم . ثم ماذا تقصد بالزمن الآتي ؟
محسن : زمن فيه يفر المرء من صاحبته وبنيه لكل امرئ منهم شأن يغنيه .
زمن يصعب عليكم العيش فيه . زمن ولو وجد به الأعشى أو النابغة
لما نطقا ببنت شفه، أو أقرضا بيتاً من أبياتهما
مطلق : ليس هذا وقت السفه و الفلسفة
( يتركهما الحاجب لحظات ويعود )
الحاجب : تفضلا
( يدخل مطلق ومحسن إلى الخيمة ويقبلون رأس الذبيانى ثم يجثون
بين يديه)
النابغة : ما هذه الثياب التي ترتدونها ؟إنها ثياب غريبة ..من أين أتيتم ؟ إن كل
ما قيل لي : إنكم قدمتم من الزمن الآتي
محسن : نعم سيدي
النابغة : ولهذا سمحت لكم بالحضور، بالرغم من أن هذا مجلس محكمة مغلق .
ماذا أتى بكما ؟
محسن : الشعر يا سيدي
النابغة : وماذا عن الشعر ؟
مطلق : نقتات عليه .
النابغة : أتقرضون الشعر؟
محسن : بل نقتات علي ما تركتموه لنا
النابغة : وما الخطب إذا ؟
مطلق : هذا صديقي محسن يريد أن يتزوج سيدي
النابغة : عليك بالخيمة المجاورة .. وما شأني أنا بزواجه ؟
محسن : العفو سيدي ، إنه مهر لعروسه
النابغة : أتريدون أن أقرضكم ؟
محسن : بالشعر وليس بالمال
مطلق : يريد أن يتعلم ويحفظ الشعر
النابغة : أ لهذا الحد أفلستم ؟
مطلق : ليس إلي هذا الحد إنما...
النابغة : فإنْ يَكُ عامِرٌ قد قالَ جَهلاً، فإنّ مَظِنّة َ الجَهْلِ الشّبابُ
فكُنْ كأبيكَ، أو كأبي بَراءٍ، توافقكَ الحكومة ُ والصوابُ
ولا تَذهَبْ. بحِلمِكَ، طامِياتٌ منَ الخيلاءِ ، ليسَ لهنّ بابُ
فإنكَ سوفَ تحلمُ ، أو تناهى ، إذا ما شبتَ ، أو شابَ الغرابُ
فإن تكُنِ الفَوارِسُ، يومَ حِسْيٍ، أصابوا، مِنْ لِقائِكَ، ما أصابوا
فما إنْ كانَ مِنْ نَسَبٍ بَعيدٍ، ولكنْ أدرَكوكَ، وهُمْ غِضابُ
فوارسُ ، منْ منولة َ ، غيرُ ميلٍ و مرة ً ، فوقَ جمعهمُ العقابُ
( ل محسن ) أ لك أن تقرضنا شيئا من شعرك ؟
محسن : حسن سيدي:
في لون أحمر قان تغرد عصفورة
تكسر منقارالشوك
تمتص رحيق النحل الأعمى
تمصمص شفتيها العلقم
...............تبصق
تتغطي الأرض ببصقتها
تتلاصق جميع مبانيها
ويلبس كل من في الأرض ثياب الحمقى
تعوق جميع خطاويها
القاطرات والسيارات والطائرات
تسبح في بحر الموت اللزج السائل
جميل هذا العالم ..لزج . سائل
من ..........بصقة عصفوره !!
النابغة : قبحك الله من شاعر ما هذا الهراء
أ هكذا تقرضون الشعر!
محسن : أنها قصيدة تعالج قضية العولمة سيدي
النابغة : وما العولمة ؟ أخبرني وشأنها ؟
محسن : الواحد منا جزء من العالم ..يقولون أن العالم أصبح قرية واحدة
النابغة : أ هذا هو الزمن الآتي ؟
مطلق : بل الزمن الحالي
النابغة : الزمن الآتي .. الزمن الحالي . لم أعد أدرك شيئا ..
مَنْ يطلبِ الدّهرُ تُدرِكْهُ مخالبُهُ، والدّهرُ بالوِترِ ناجٍ، غيرُ مطلوبِ
و و ( ينسى ما يريد قوله ) و و قبحكم الله نسيت أشعاري
ما من أناسٍ ذوي مجدٍ ومكرمة إلاّ يشدّ عليهم شدة َ الذيبِ
أرَسماً جديداً من سُعادَ تَجَنَّبُ؟ مصكٌّ ، يباري الجونَ ، جأبٌ معقربُ
حذّاءُ مدبرة ٌ، سكّاءُ مقبلة ٌ، فيضوي ، وقد يضوي رديدُ الأقاربِ
إلى ذُبيانَ، حتى صبّحَتْهُمْ، و دونهمُ الربائعُ والخبيتُ
يقولون: حِصنٌ، ثم تأبَى نفوسُهم؛ طاوي المصيرِ، كسيفِ الصّيقل الفَرَدِ
أنني أهذي واخلط القصائد والقوافي
محسن : ما الخطب ؟
مطلق : لا أعلم
الحاجب : بالباب أبو ربيعة والأبرص وابن حلزة
النابغة : دعهم يدخلون .. مرحى هلموا بانت سعاد أبيت اللعن
الأبرص : ماذا بك يا أبا العقرب
النابغة : نسيت شعري ولم أعد أذكر بيتا واحدا كاملا
الأبرص : وماذا حدث لك لكي تنسى
النابغة : لعلى حينما سمعت أشعار الزمن الآتي
الأبرص : شعر الآتي! .. هلا تسمعاني شئ منه ؟
محسن : في لون احمر قان تغرد عصفورة
تمصمص شفتيها العلقم
...................تبصق
الأبرص : كفى كدت أصاب
محسن :إنها من أحدث مدارس الشعر الحديث .. إنها التفكيكية
ابن حلزة : فُكَت مفاصلك . هذا هراء
مطلق : ومن هذا الرجل
الأبرص :إنه الشاعر الحارث بن حلزة
مطلق : "ونّْعِمْ" ( يلكزه محسن )
ابن حلزة : فشخصين أوقدتها بين العقيق الضياء يعود كما يلوح
أستعين على الهم غير أنى قد النجاء إذا خف بالثوى
هقلة بزفوف كأنها سقفاء أم رئال دوية
مطلق : ما هذا الكلام ... أنا لا أفهم أي شيء
محسن : انتظر يا أخي واسمع . هذه درر الشعر وعيونه
ابن حلزة : لا تنهاه وصتيت من العواتك رعلاء الا منيضة
كما يخرج فرددناهم بطعن الماء من خربة المزاد
ثهلان وحملناهم على حزم الأنساء شلالا ودمى
كما تنهز وجبهناهم بطعن الدلاء فى جمة الطوى
الأبرص : أحسنت أيها الحارث
النابغة : أنا فقدت حاسة التذوق في الشعر أنا لا أفهم شيئا
الأبرص : ماذا جاء بكم إلى هنا ؟
مطلق : جئنا لكى نحصل على مهر عروس تشرق الشمس من بين عينيها
محسن : قدمنا ننشد مساعدتكم قيل لنا أن من ينام في وادي عبقر
يأتيه شيخ يسقيه كوبا من اللبن فيصبح شاعرا
النابغة : كوب من اللبن .. أين قريحتي يا ويحي .. بل ويحكم جميعا أريد
قريحتي
محسن : أنرحل دون أن تحقق لنا طلبنا ؟
النابغة : ليس لكم فكاك من هنا إلا إذا استعدت جوهرة الشعر . وأنتم من
أضاعها اقبضا عليهما ( يلقى الرجال القبض على محسن ومطلق )
ماذا أقول للنعمان ما الذي يشفع لي في مجلسه ويا لشماتة بني
غسان حين أخلط بين الأبيات كمن تمكنت منه الجن .. ماذا أفعل ؟
الأبرص : إن المتجردة ومشكلتها قد ذوت وصفح عنك فلم القلق ؟
النابغة : أتحسب أنه يصدقني إذا قلت نسيت الشعر. ستبعث مشكلة المتجردة
من جديد ولا سبيل لي إلا الشعر .. أين لساني ..أين القريحة؟
( يدخل عنترة بن شداد فيقف الحاضرون جميعا )
عنترة : عمتم مساء يا سدنة الشعر
النابغة : عنترة ابن شداد الفارس العبسي عدو الأمس وحليف اليوم
عنترة : لم يكن بيننا عداء يا أبا أمام بل كل حب ومودة
الأبرص : إنما يقصد ما كان بين قبيلتكما من عداء
عنترة : لقد افتقدتك كثيراً يا ابرص وابن ربيعه والحارث جميعكم هنا يا له
من موسم حافل بالشعراء العظام
الحارث : إنما جئنا جميعا لنشهد توقيع المعاهدة بين عبس وذبيان
ابن ربيعة : وجميع من قرض الشعر جاءوا إلى سوق عكاظ ليشهدوا هذا التصالح
والتحالف
عنترة : إنه ليوم سعد ومسرة..(باستغراب ينظر لمحسن ومطلق مكبلان في
السلاسل) من هذان ؟
الأبرص : هذان لصان سرقا لسان النابغة
عنترة : سرقا لسانه كيف ؟.. وهو من استقبلني بحفاوة وود
النابغة : ليس هذا ما أقصده ، بل سرقوا قريحتي في الشعر
عنترة : كيف ؟
النابغة : أسمعاني شعرا تهيج منه أمعائي . فأنسياني الشعر ونسيت البحور
والعروض وخلطت بين الأبيات
عنترة : عله أمر عارض وسيزول سريعا ..وما هذه الثياب التي يرتديانها
الأبرص : إنهما من الزمن الآتي
ابن ربيعة : وجاءا لتعلم الشعر
الشاهد : حلق بروحك فى سماء الفرقد وانظر بفكر ثاقب متوقد
واركب الى المجد الممتع عزمه أمضى واقطع من ظباة مهند
واغمض عيونك عن بريق خادع كالال يلمع فى فضاء الفرفد
كالحلم للوسنان يملأ كفه دررا ويصحو متربا صفر اليد
ان الحياة تغر كل مثابر لا ينثنى دون اعتناق السؤدد
ويعف عن سقط المتاع بيومه ليفوز بالاسمى متاعا فى الغد
عنترة : لم ؟
ابن حلزة : مهر عبلته
عنترة : عبلته ؟
الأبرص : إنما عبلة من الزمن الآتي وليست عبلة عنترة
ابن حلزة : أو قل هي عروسه المفككة مثل قصيدته التفكيكية ...لا أدرى
عنترة : هل تحملت الصعاب وجئت إلى هنا لتتعلم الشعر
محسن : ليس فقط وإنما لأحمل في جعبتي المعلقات العشر عن ظهر قلب عنترة : أنت محب إذا .. ؟
محسن : أجل سيدي
عنترة : ما أشد مرارة الحب وما أجملها حين تجوب في أعماقك كأنثى الرخ
في قطيفة من الحرير .. آه ... ما أروعها . هلا سمحت لي يا أبا
أمامه أن أصطحبهما معي تقديراً لكل محب ومغامر
محسن : ولقد نزلت فلا تظني غيره منى بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار وقد تربع أهلها بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
عنترة : هذا شعري من أين حصلت عليه ؟
محسن : ومن لا يقرأ شعرك ، إنه كأس لابد أن يرشفه كل وله ومحب
عنترة : كيف وأنا نظمته ولم أبح به بعد لمخلوق
النابغة : به عفريت يسرق قرائح الشعراء ويسلبهم عقولهم
عنترة : هلا أخبرتني من أين حصلت على القصيدة ؟
محسن : هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
عنترة : إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
النابغة : أمتعنا بما كتبته يا عنترة
عنترة : إن تغدفى دونى القناع فإننى طب بأخذ الفارس المستلئم
أثنى علي بما علمت فأننى سمح مخالقتى إذا لم أظلم
وإذا ظلمت فأن ظلمى باسل مر مذاقته كطعم العلقم
محسن : ولقد شربت من المدامة بعدما ركد الهواجر بالمشوف المعلم
عنترة : ولقد شفى نفسى وأذهب سقمها قيل الفوارس
محسن : ويك عنتر أقدم
عنترة : إنك والله تقرأ ما فى نفسي
النابغة : أحذر منه فقد يسرق لسانك أيضا
عنترة : قلت لي من أي الأقوام أنت
محسن : أنا من الرياض
عنترة : وأين الرياض تلك ؟
مطلق : إنها عاصمتنا . بنت نجد الحبيبة
عنترة : أه .. أوَمن نجد أنتم ؟
محسن : نعم سيدي
عنترة : إذًا فنحن أبناء عمومة ! ولهذا فأنا أطلب منك يا أبا أمامة أن تطلقهما
النابغه : هكذا وبكل بساطة . متى عهدنا اللصوص يطلقون أحراراً بمحض
الصدفة أما وجدناهم ونحن أبناء عمومة . لو كان أخي فسأقتص وأخلع
لسانه .
عنترة : أ لديك حل يرضيك ؟
النابغة : ينزع لسانهما في أول يوم في سوق عكاظ . وسيكونان عبرة لمن
تسول له نفسه بإفساد لسان العرب
( يدخل عامل البئر فى ثياب زهير )
النابغة : أهلا بزهير ابن أبى سلمى
ع البئر : أهلا بسيد الشعراء وحاكمنا
النابغة : حمدا لله انك قدمت لتحضر معنا قطع هذين اللسانين
ع البئر : قطع لسانهما
النابغة : أجل
ع البئر : هل لى أن أتحدث معهما لحظات
النابغة : تفضل
( ينتحى جانبا بهما )
ع البئر : ماذا فعلتما
مطلق : اسمعه أشعاره المقرفة
ع البئر : أو ما زلت تبصق بشعرك
محسن : أين تركتنا وذهبت
ع البئر : أقترب شخص من البئر فذهبت أراه وعدت
محسن : وماذا سنفعل في الورطة التي نحن فيها
مطلق : بل قل التي أوقعتنا بها أشعارك
ع البئر : سأعمل جاهدا على إخراجكم منها
( يقف زهير مع الأبرص والجميع فى حالة ترقب )
الأبرص : (يأخذ النابغة جانبا) إننا بحاجة لهم كما أنهم بحاجة لنا
النابغة : وما حاجتنا ؟
الأبرص : نحيا من جديد في ثيابهم وحياتهم ومجالسهم فلا يقترف أيا منهم النيل
من لسان العرب الذي تخاف عليه
النابغة : ما تراه يكون( يتخذ كل منهم مكانه )
النابعة : بعد أن تشاورت مع صديقي الأبرص وبعدما تصدرت لهم يا امرا
القيس وبعدما علمنا مدى أهمية أن نحيا معا في سلام وذا فقد قررنا أن
نطلق سراحهم ولكن بشرط واحد
أمرؤ القيس : وما هو؟
النابغة : (لنفسه ) آه لو أن نحيا من جديد ونخرج من هذه البئر نتعاطى الشعر
والمعرفة سويا وأن يأتيا بعالمهما وهو الزمن الآتي إلى هنا إلى
عالمنا في سوق عكاظ فيعود الفرد إلى رحم الأمة ولا ضير في أن
نحيا حياتهم ونتذوقها كفانا حبسا وسأما في قاع هذه البئر كفى
امرؤ القيس : أتحدث نفسك يا رجل ؟
النابغة : إنها الحرب . نريد الصلح ونحيا في سلام
امرؤ القيس : لك ما تريد يا أبا أمامه
( يخرجان من القفص )
محسن : ولكن لي طلب إذا تعطف على سدنه الشعر
الذبياني : أتجرؤ يا هذا على إبداء مطالبك؟
( أمرؤ القيس يشير للنابغة أن يتمهل )
مطلق : أن تعطيني فرصة للذود عن نفسي وصديقي
امرؤ القيس : أ لكما ما تذودان به عن أنفسكم ؟
محسن : نعم
مطلق : الواسطة والصلح
الذبياني : ماذا قلتما ؟
مطلق : الإصلاح بين عبس وذبيان . إننا قادمان من قبائل السلام
امرؤ القيس : لتصلحان ما لم يستطع الرجال فعله لمئات السنين ؟ من أين أتتكم
الحكمة ؟
محسن : من أرض هبط فيها جبريل بأجنحة السلام . تغسل الكراهية وتدعو
للسلام .تحيتنا فيها سلام على من نعرف و ومن لا نعرفه
ع البئر : فأصبحتما منها على خير موطن. بعيدين فيها من عقوق ومأثم
مطلق : أسكت الآن . الحال لا ينقص فصاحتك.
النابغة : سندفع بهما لهذا لعل من أفسد لسان العرب يصلحه وما أظن أنهما إلا
هالكين لا محالة .( يظهر مجلس الصلح حيث يوسط الذبياني عبس
وذبيان )
الذبياني : بما إنني أنسي إلى أحد الفريقين فوساطتي مجروحة لبعضكم فقد
أرسلنا في طلب اثنين من الزمن الآتي .فهل تقبلون وساطتهم؟
زعيم عبس : من هؤلاء ؟
ع البئر : عظيمين في علياء معد هديتما.
ومن يستبح كنزا من المجد يعظم .
تعفى الكلوم بالمثين فأصبحت
بنجمهما من كيس فيها بحمرم
أصوات : لنرى ما لديهم
زعيم عبس : ونحن نرتضي
مطلق : إن لدي لغز من لم يستطع معرفة كنهه فعليه أن يتنازل عن المعرفة
ويضع سيفه .
ذبيان : لا شأن لنا بالألغاز
قيس : تمهلوا فهذا يعد عجزا عن مكامن الشعر . اقبلوا التحدي واجنحوا للسلم
ذبيان : قبلنا بوجاهة سيد القوم
قيس : (لمحسن) قل ما عندك؟
مطلق : ( لمحسن ) لقد أوقعتنا في شرك
محسن : لا عليك ستنجو بإذن الله
القيس : فيما تتهامسان ؟ قل أيها الرجل (لمطلق )
مطلق : لدي لغز محير إذا عرفت إحدى الفريقين كنهه كانت لها الكلمة
الذبياني : أنا عن قومي أوافق
مطلق : إذا فهاكم هذه الأبيات
وباسطة بلا عصب جناحا
وتسبق ما تطير ولا تطير .
إذا ألقمتها الحجر استطابت
وتضجر أن يلامسها الحرير
( همهمات . وهرج)
ع البئر : وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ
وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً.
وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ.
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا.
وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ.
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ.
كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ .
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا .
قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ
امرؤ القيس : وهذا يبعثنا على حل اللغز .
زعيم عبس : إنها والله العين
الذبياني : وما علينا إلا نشر أجنحة السلام وطرح السيوف
مطلق :إذا. " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" تلك إذا تحيتنا
( يتصافح الفريقان )
ع البئر : تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا .
تَفَـانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ
مَنْشَـمِ وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعـاً.
بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَـمِ
الذبياني : إنك لعمري لزهير ابن أبي سلمى
ع البئر : لعمري ما جرت عليهم رماحهم
دم ابن نهيل أو قتيل ملثم
الذبياني : والآن فما عليكم إلا أن تعودوا لمرابعكم ولكن بعد أن تخرجونا من
هذه البئر فنشهد تزاوج الزمنين ونحيا في سلام . فالحرب قد ولت .
محسن :" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " فهلا شهدتم حفل زواجي
ع البئر : إلى تزاوج الأزمنة
إظلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق