قبل شهرين تلقي بنك ناصر الاجتماعي اشارة بوفاة المدعو محمد نجم داود في منزله بمصر الجديدة بدون أي وريث له تشكلت لجنة وذهبت الي المنزل لتجرده، ولم يكن أحد من أعضاء اللجنة يتوقع أن يجد منزلاً، فمنزل الرجل مليء بالتحف والمجوهرات القيمة والانتيكات الفرنسية الشهيرة، بالاضافة لعدد من الأوسمة والنياشين والأحذية، فضلا عن مجموعة صور نادرة لصاحب المنزل مع كل الذين كانوا يحكمون مصر باللين والشدة طوال عهد عبدالناصر، فالرجل كان السكرتير الشخصي للمشير عبدالحكيم عامر، وكان اسمه أو اسم »علي شفيق« مدير مكتب المشير وقتها قادرا علي هز مصر، بداية من عبدالناصر وحتي صلاح نصر الذي كان يثير رعب الجميع، حتي جاءت نكسة 67 وانتحر المشير ليدخل اسم محمد نجم داود دوائر النسيان لمدة تجاوزت الـ 40 عاما.
ما يهمنا هنا الآن ثروة محمد نجم داود التي تحدثنا عنها قبل قليل فخلال 6 ساعات تحولت ثروة الرجل وكل ما جمعه في حياته ووضعه بشقته الي »لوطات« مغلقة بالشمع، تمهيداً لارسالها الي بنك ناصر لتباع في مزاد علني، وهو اجراء اعتيادي ينتهي بوضع عائدات المزاد في حساب خاص بالبنك لمدة 33 عاما حتي يظهر وريث لصاحب التركة، وفي حالة عدم ظهور أي من ورثته يحول العائد الي حساب ويوضع العائد لحساب الأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجين، أما ملابس الرجل فقد وزعت في اليوم التالي للجرد علي فقراء بنك ناصر.
ما حدث لتركة محمد نجم داود حدث لتركات 1117 مصريا وأجنبيا رحلوا عن دنيانا دون أن يتركوا وراءهم أي وريث ظاهر، تاركين خلفهم 40 مليار جنيه في حسابات خاصة ببنك ناصر تحت مسمي »تركات شاغرة« تنتظر انتهاء مدة 33 عاما حتي ينعم بها الفقراء والمحتاجين والأرامل، أما التحف والقطع الأثرية فتهدي مجانا الي المجلس الأعلي للآثار.
وخلال العام الماضي فقط تلقي المجلس الأعلي للآثار من بنك ناصر 50 قطعة أثرية لا تقدر بثمن.. وتقدر قيمة قائمة التركات بدون ورثة بـ 12 مليار جنيه، ويديرها قطاع التركات الشاغرة في بنك ناصر الاجتماعي منذ عام 1971 بعد أن حل بنك ناصر الاجتماعي محل بيت المال الذي كان يتبع وزارة الخزانة وقتها، حيث يطلق لقب »تركات شاغرة« علي الأموال المنقولة من أثاث ومجوهرات وتحف وسيارات ونقود وأسهم، أو العقارية بأنواعها المختلفة والتي تختلف عن تركة لمتوفين بدون ورثة سواء توفوا خارج مصر أو داخلها، وسواء كانوا مصريين أو أجانب، المهم أن التركة علي أرض مصر كما يقول اللواء عماد علوي، رئيس قطاع التركات الشاغرة ببنك ناصر الاجتماعي، مشيرا الي أن البنك يتلقي خبر وجود تركة بدون ورثة لمتوفي ما بطرق عدة، منها الاتصال الهاتفي، أو عن طريق البريد بالاضافة الي بلاغات الشرطة والنيابة أو عن طريق جيران المتوفي أو أصحاب العقار الذي يقيم به أو من المستشفيات أو الرقابة الادارية أو مباحث الأموال العامة أو أي طريقة أخري تكشف وجود تركة شاغرة، حيث تنتقل علي الفور لجنة من القطاع مع الشرطة الي منزل المتوفي للتحفظ عليها واخطار الشهر العقاري بوجود عنصر عقاري لإيقاف التعامل عليه، بعد ذلك تتم التحريات عن صحة البلاغ بعدم وجود أي ورثة للمتوفي ويتولي ذلك قسم الشرطة المختص وقطاع الأمن بالبنك وسؤال الجيران، بعد ذلك يتم النشر عن الوفاة في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار بحيث ينص الاعلان علي أن كل من له أو عليه حق في التركة التقدم خلال 30 يوما من تاريخ النشر عن الوفاة بمستندات تثبت أنه وريث، وفي حال ثبوت صحتها يتم الغاء التحفظ علي التركة، أما في حالة عدم تقدم أحد يتم استكمال الإجراءات القانونية حيال التركة وهي حصر وجرد وتقييم وبيع المنقولات في مزاد علني واشهار العقارات المتخلفة عن المتوفي لصالح البنك وبيعها ووضع عائد بيعها المادي في حساب خاص بالتركة بالبنك لمدة 33 عاما من تاريخ النشر بخبر الوفاة في الصحف وهذه الفترة في الماضي كانت 15 عاما فقط الا أن المحكمة الدستورية في حكم شهير عدلتها الي 33 عاما وإذا لم يظهر وريث بعد هذه الـ 33 عاما يتم توجيه تلك الأموال الي كافة أنشطة البنك الخاصة بالفقراء واليتامي وقروض المقبلين علي الزواج ، أما ملابس المتوفي ومتعلقاته ترسل الي ادارة التكافل الاجتماعي بالبنك لتوزع علي الفقراء في الأعياد والمناسبات.
ولكن هل يحق للبنك تصفية تركة المتوفي بدون وريث؟
المستشار أحمد الخطيب، مستشار بنك ناصر الاجتماعي ورئيس المحكمة القانونية، يجيبنا عن هذا السؤال، ويؤكد أن ذلك الاجراء قانوني، حيث ان القانون أوجب سرعة تصفية هذه التركات بالبيع وايداع ثمنها لحساب التركة، وتخضع كل عمليات البيع لعناصر التركة للمزاد العلني.
وقال الخطيب ان البنك يتلقي في أوقات عديدة بلاغات كاذبة عن تركات شاغرة نكاية في مالكها، أو محاولة لاغتصاب تركة شاغرة تمثل »مال عام« من قبل مافيا الأراضي مثلاً، ويضيف: »إذا اكتشفنا أن التركة ظهر لها وريث خلال 33 عاما يتسلم فورا تركته بالكامل في شكل المبلغ النقدي الذي تم وضعه في حساب خاص بالبنك، أما الذهب والمجوهرات في التركة الشاغرة فيتم تقييمها بمعرفة خبير من مصلحة الدمغة و تباع في مزاد علني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق