المنظر :
شاطئ البحر في أحد الأماكن المهجورة تبدو بعض المباني المهدمة . على يسار المنظر توجد مظلة وقد اقتلعت منها قماش التندة المخصصة لها وبدا الحديد عار وقد علاه الصدأ ..على يمين المنظر يجلس على حافة البحر رجل وقد أمسك بيده سنارة صيد وهو يجلس محملقا في الماء . في مركب قديمة يبدو الكورس وهو مكون من مجموعة صيادين .
الكورس : يجلس يوميا أمام البحر .. يناجى أمواجه العاتية ..يحصى الموجات
تباعا .. واحد.. اثنان .. ثلاثة .. هو في العقد السادس من عمره
عدنان : بل الخامس
الكورس : ويغالط أيضا .. هل ينسى إنه كان دوما يتفاخر بسنواته الخمسين!
عدنان : أربعون فقط
الكورس : هاهو يكذب ،يختصر سنوات العمر
عدنان : إنها محض سنوات خمس
الكورس : هل نحصى عليك العمر؟ كل فرد سوف يحاسب على ما عاشه
باليوم والساعة والثانية .. إسمه عدمان
عدنان : بل أدعى عدنان
الكورس : بل عدمان ، من العدم ..أما عدنان فمما يشتق؟
عدنان : لا يهم .. وقد عشت سنوات ستين
الكورس : ألم تنسى شيئا ؟
عدنان : قد زادت ثلاثة
الكورس : فقط ؟
عدنان : خمسة .
الكورس : أتق الله .
عدنان : تسعة
الكورس : هذا عمره الفعلي، تسعة وستون ، ونقر بهذا ونقسم
عدنان : لم أحيا منهن إلا عشراً
الكورس : هذا جائز .. فالعمر العقلي أحيانا، لا يحسب بالعمر الفعلي
عدنان : ( مقاطعا ) هل لي أن أعرف ماذا تبغون؟
الكورس : نسمع منك حكاية
عدنان : أي حكاية .. إي تقصدون؟
الكورس : هي بعيونها .
عدنان : كانت زرقاء
الكورس : كالثور لا يدرك كنه اللون، فعينيها كانت عسلية .
عدنان : أجل تذكرت ..عسلية ،..وسبائك شعر الذهبي، تنشر نورا.
الكورس : كالليل الحالك ، يمتد سواده عبر سواد الليل
عدنان : هل أكذب ؟
الكورس : لا ..لكنك تتمنى الشيا، وأنت وتراه.
عدنان : كانت محظية .
الكورس : هذا هو الإسم .
عدنان : رغم توالى زخات الثلج على رأسها ، طوال سنوات خمسين
الكورس : يا عدمان ..
عدنان : هفوة لسان زالف ، ستون .،.لم يخط الزمن خيطا فضياً، في رأس
يكبر .
الكورس : إنه يخفى بصبغة كلماته، بياض الثلج الناصع
عدنان : هل ستقاطعونني كل دقيقة ،لا لن أحكي
الكورس : سوف نصمت، لن نتكلم ،.. حتى أن تنهى وتسلم
عدنان : لكنى لا أتذكر
الكورس : ها هو يعاود لعبته، يكررها هذا النسيان
عدنان : كنا صغارا في العام المقبل
الكورس : يخطئ عمدا في الكلمات
عدنان : في العام المقبل كنا نشتاق لحضن دافئ
( أفراد الكورس يتحولون الى أفراد أمن يرتدى كل منهم زي أسود
وشرائط حمراء تتدلى من على الرأس ويحمل كل منهم بندقية )
عدنان : في عام قادم كنا نصطاد ،على شاطئ البحر، فالتهمت أمواجه أقدام
الصيادين، .. كنا نصطاد اللؤلؤ .. وجاءت إلينا الأمواج باللؤلؤ، كثير
والكثير جداً، نطوف بها بين الباعة
الكورس : أنت تكذب، .. لما أخفيت شخصك حين سألناك ؟
عدنان : أبداً، أبداً، أنا صياد
الكورس : يسرق درر البحر، .. يعبئ بها أجولته الصفراء
عدنان : سيدي المأمور ، من سيدي الذي لا أعرفه ؟
الكورس : على ماذا تلمح ؟
عدنان : لا اقصد تلميحا .. بل تصريحا
الكورس : منحناك تصريحا للصيد ليس إلا .
عدنان : لكنه تعسف .
الكورس : ها أنت تعاود إساءة الأدب مع السلطة ..
عدنان : كنت أخرج كل مساء، للصيد على شاطئ البحر ،.. أصطاد اللؤلؤ
الكورس : ملحوظة ( للجمهور ) اللؤلؤ لا يوجد على شاطئ البحر..أكمل
عدنان : حتى إذا ألقيت شباكي، تمتلأ رغما عنها بكنوز البحر..
الكورس : أين القصة ؟ أين الحكاية الحمراء
عدنان : الزرقاء .. كانت تخطو على قاع البحر، تتمايل تتراقص طربا
لا تبغي من الشاطئ، سوى دفء رمال ملتهبة، بأشعة شمس حمراء
الكورس : كانت المياه باردة
عدنان : وصقيع الأعماق يحيل، دماءها في عروقها الى عصير ليمون مثلج
الكورس : ها هو يخرف من جديد، .. كيف تتحول الدماء الى مشروب
عدنان : معنا نحن. في هذه السنوات، نقتات دماء بعض البعض
الكورس : ها هو يعاود من جديد
عدنان : في القلعة كانت تسكن
الكورس : أين رأيتها أخر مرة
عدنان : كنت أتجول بين الأمواج، أنسج بينها شباكا عساها، تلتقط شيئا يشبع
جوع الأطفال
الكورس : بدأ يحكى من هذه اللحظة ، سوف يكون كل فرد منا، قائم بدور واحد
لكن متعدد
( يبدأ أفراد الكورس في ارتداء ملابس متنوعة منهم أطفال ونساء
وأفراد أمن وصيادين )
عدنان الطفل : هيا نلعب وراء الأمواج
إمرأة الحلم : الموج يقذفني بعيداً ،عن الشاطآنه المعهوده، القى أمواج أخرى
تقذفني نحو الرمل الناعم
عدنان الطفل : نتلقى صفعات الموج ، على خدينا كقبلات عاشقة ، تنتصب عروقنا
حبلى بالأفكار
( يدخل ضابط الكلام ليقاطع الحوار )
ضابط الكلام : المنطق لا يتسق وكلامك .. أنت هنا عدنان الطفل وليس الفيلسوف
لابد أن يتسم كلامك بالسطحية ، لا يحمل أبعادا جمة .. إذ انك هنا
في سنين سبع
عدنان الطفل : طفل اليوم ليس كالبارحة
ضابط الكلام : أنت تؤدى حكاية قديمة، هه. لا تنسى.. فقط كما حدثت
عدنان الطفل : ولكنى الآن، أدرك ما كنت أعنيه من قبل
ضابط الكلام : من فضلك ، لا تجعل الكلمات تتردد داخل رأسك، فقط انطقها وبكل
سهولة
إمرأة الحلم : هل نتوقف عن الحكى ؟ أم نواصل التقديم
ضابط الكلام : عذرا للمقاطعة .. سأخرج ولكن لا تتناسوا سنوات العمر
( يخرج ضابط الكلام من مكان مظلم )
عدنان الطفل : لنبنى بيتا من رمال الناعم
إمرأة الحلم : الموج قاس، يذيب الرمال ويبددها ، يحيلها إلى سائل لزج
عدنان الطفل : هل نلعب بتلك الصدفات؟ وبكل براءة
إمرأة الحلم : لا يوجد لعب برئ بين إمرأة ورجل
عدنان الطفل : اصطادها أبى من قاع البحر ، صدفات وقواقع لها أشكال تبهرة
إمرأة الحلم : هل نمضى اللحظات الحلوة ، تحدثنا عن الأصداف ؟
عدنان الطفل : ماذا يمكننا أن نفعل؟
إمرأة الحلم : نتواصل، نتلاقى، نتلاقح فكريا ياهذا
( يدخل ضابط الكلام من مكانه المظلم )
ضابط الكلام : من فضلك سيدتى، انتى هنا طفلة ..طفلة
إمرأة الحلم : كيف .. طفلة بهذا الحجم
( تشير لجسدها )
ضابط الكلام : عرفت المشكلة .. لحظات .. سيدتي ، إن اللسان لا يجب أن يعبر عن
مكنون الجسد الفائر فحسب، بل عليه أن يعبر عما يعتمل في العقل
من أفكار، متسقا مع العقلية المناسبة لسن الطفولة، أيا كان حجم
الجسد
إمرأة الحلم : أنا لا أفهم ماذا تغنيه، .. يعتمل والفائر .. أنا امرأة أم طفلة ؟
ضابط الكلام : أنتي امرأة كاملة النضج حاليا .. لكننا نتحدث عن فترة الطفولة
إمرأة الحلم : إذا فلنعبر هذه الفترة سريعا
ضابط الكلام : ليس قبل أن نعطى الفترة حقها، ففيها معلومات هامة لسياق الدراما.
هيا فلنعود مرة أخرى، لمرحلة الطفولة
( يخرج إلى مكانه المظلم )
عدنان الطفل : عاد أبى إلي الدار، يحمل بعض الأصداف، غريبة تلك الأشكال،
منها صدفة ..عجيبة كلما أفتحها، يخرج منها ضوء لامع ، يغشى
الأبصار
إمرأة الحلم : ماذا فيها ؟
عدنان الطفل : لؤلؤة كبيرة لامعة، قالت أمي أنها دانه ، تقدر بثمن باهظ
امرأة الحلم : ليس كل ما يلمع بثمن باهظ
عدنان الطفل : هكذا قال أبى .. واقسم أن يخرج في اليوم التالي، لسوق المدينة
الكبرى، ليبيعها لأحد التجار
( يأتى صوت ضابط الكلام مضخما دون أن يظهر )
ضابط الكلام : أنت هنا لم تعرف بعد بموضوع القسم لاحظ هذا
عدنان الطفل : نعم لقد نسيت .. عذرا سأكمل وضعتها أمي على الميزان ووضعت
أمامها سمكة كبيرة فرجحت كفة اللؤلؤة
امرأة الحلم : بهذا الحجم
عدنان الطفل : نعم ووضعت أخرى وأخرى وأخرى وما زالت كفة اللؤلؤة أرجح
امرأة الحلم : كم كان وزنها
عدنان الطفل : وصل الأمر أن وضعت أمي كل ما أحضره أبى من صيد في كفة
الميزان الأخرى وما زالت كفة اللؤلؤة أرجح
امرأة الحلم : كيف لا يعقل أن لؤلؤة داخل صدفة تزن حمولة الصيد كله .
عدنان الطفل : وهذا هو الغريب في الأمر
امرأة الحلم : وماذا فعل أبيك بهذا الكنز ؟
ضابط الكلام : هنا القسم
امرأة الحلم : ماذا فعل ؟
عدنان الطفل : أقسم أبى أن يذهب بها لسوق المدينة الكبرى
امرأة الحلم : متى ؟
عدنان الطفل : في الغد صباحا
امرأة الحلم : هل رأيت اللؤلؤة
عدنان الطفل : وحملتها بيدي حتى أضعها داخل الصدفة .
امرأة الحلم : وكيف حملتها يديك وأنت تقول أن أمك وضعت أمامها حمولة الصيد
كله وهى ترجح كفتها
عدنان الطفل : لم تقولي هذا الكلام في السابق .. هو تفكير ليس كتفكيرك حينها .
امرأة الحلم : كان حينها يخطر في بالى أن أقول .
عدنان الطفل : لكنك لم تقولي والا لكنت انتبهت لما سوف يحدث .
ضابط الكلام : انتبهوا من فضلكم هذا الحوار زائد يا سيدتي لم تقوليه وقتها
امرأة الحلم : لقد نسيت معذرة
ضابط الكلام : هذا قد يسبب ارتباكا لدى المستمعين أرجو تحرى الدقة في الحكى
عدنان الطفل : ووضعت أمي الصدفة في صندوق الملابس بجوار الباب
امرأة الحلم : كان عليها أن تخفيها
عدنان الطفل : لفتها في فوطة قديمة وربطت أطرافها .. لقد تذكرت أنتي من سرقها
امرأة الحلم : كيف ؟
عدنان الطفل : لم يكن أحد يعرف بموضوع اللؤلؤة ومكانها غيرك
ضابط الكلام : سوف أنهى الموقف هنا
الكورس : هنا يتوقف عدنان عن الحكى ويعود لسابق عهده يعد الأمواج تباعا
عدنان : واحد .. اثنان .. ثلاثة
الكورس : مصدوما بعض الشيء جملة صغيرة غيرت من صورة فتاه عمره
امرأة الحلم عسلية العينين
عدنان : لم أكن أعرف ..كيف للمرء أن يجهل تلك الحقيقة الواضحة
لم يكن غيرها يعرف بقصة اللؤلؤة ومكانها
الكورس : وما الفرق بين علمك بالأمر أو جهلك به
عدنان : فرق شاسع كان الحال سيتغير ..لو أنى اعرف كنت استعدت الكنز
المسروق وكنت الان أغنى أغنياء الأرض
الكورس : وكنت تزوجت وأنجبت وصار لديك أسرة
عدنان : ما أشقى الإنسان حين يعلم أنه كان يعلم بأنه لا يعلم حين طلب منه
العلم
الكورس : فلنرجع إلى الحكاية قص علينا ما حدث ونحن نفتيك برأينا
عدنان : في بيتنا المتواضع على شاطئ البحر كنا نسهر ليلا مع أبى وأمي
وأخواني الستة .. كنا نمنى أنفسنا بأحلام الثروة وحياة القصور
صدقوني لا أعرف أنها وراء السرقة
الكورس : أكمل الحكاية
عدنان : كنت أجلس هنا في هذا المكان ..وأبي كان يجلس على كنبة صغيرة
ممدا قدميه المتشققتين إلى الأمام هكذا ..أما هنا فكانت آمي تجلس
على موقد النار تعد الغذاء لنا
الكورس : تقصد العشاء
عدنان : بل الغذاء فلم نكن نجلس للغذاء إلا حين يعود أبى من عمله ..ثم أننا
لم نسمع أبدا بوجبة العشاء هذه في طفولتنا
الكورس : غريب أمر الفقراء يعيشون ويموتون ولا يسمعون بوجبة العشاء .
عدنان : أنا لم اسمع بها الا فى الأيام السابقة لأحداث الحادى عشر من
سبتمبر كان هناك فيلما معروضا فى التلفاز رأيته وانا جالس على
مقهى القرية
الكورس : فلنعود لسهرة الأحلام
عدنان : كنا نلهو طفلين فقط .. والموج يداعب أصدافه
الكورس : هاهو يكذب
عدنان : أقصد طفلين حبيبين .. ليس إلا
الكورس : زدها قيراطا
عدنان : تكبلني تلك الكلمات.. والموج يتعالى في الشارع
الكورس : لا تلدغ صدق الكلمات
عدنا : لا تعنيني كلمات بلهاء... تحمل دود الأرض
ضابط الكلام : أنت تهذي ياهذا... قلت لك التزم بشرط السن
الكورس : يفقد عقله وهو في سن فوق الستين
المرأة : كنا نلتقط صدفات الشاطيء نسمع فيها موج البحر
عدنان : لكني كنت الأكبر بشهور معدودة
ضابط الكلام : هذا لا يهم المهم هو دور الطفلة ..تسعى لقطف الحلم
عدنان : تموج الأرض بأقدام ..يأكلها الملح
ضابط الكلام : هيا..ابدأ ..في عد السنوات
عدنان : ( يسرح ويعد الأمواج) واحد أثنان ثلاثة
الكورس : لا تنسى إنها من سرق الدانة
عدنان : نعم ، نعم ، لن أنسى..كانت حورية .. تظهر من أعماق البحر
الكور : هل كانت تحمل زعانف
ضابط الكلام : بل كانت طفلة لا تنسى ذلك
المرأة : ( تتقافز كالطفلة فوق الرمل) واحد إثنان ثلاثة
ضابط الكلام : هل أنتي بلهاء
المرأة : من فضلك قل لي كيف أكون؟
ضابط الكلام : أنت طفلة في سن النضج وهوكذلك ، لا بد يداعب خصلاتك هيا
الكورس : أكمل ما كنت بدأته
عدنان : أين ذهبنا إذاً؟
الكورس : بدأيتجاهل، كان يسهر كل ليلة مع أسرته . يحلم بالقصور والثروة
المرأة : وأنا؟
عدنان : سأكمل حكايتي.. كانت أمي بيضاء البشرة .. وجه كالثلج
الكورس : هاهو عاد ليكذب
عدنان : أقصد كانت خمرية
عدنان : كانت سمراء
الكورس : كان أبوه يجوب البحر . يغوص بين الأعماق، يصطاد اللؤلؤ
عدنان : دعوني أحكي ..فأنا من مس الحزن شغافه
ضابط الكلام : لا تأخذكم سرديات الحكي ، فقط أنتم في لعبة
المرأة : ( لضابط الكلام) من فضلك أخبرني كيف أكون؟
الكورس : مسكينة تبحث عن دور.. تسهر ليلا تعد النجم..تبحر في سكون
الكلمات ، لا تجني غير الصمت
عدنان : نسهر حول الضوء الخافت ..لا نسمع عن طعم اللحم. نرشف حساء
ساخن .. من عضم الحوت ومن أظلاف الماعز .. كان أبي وقورا
جدا.. لا ينطق حتى نسأله
الكورس : هل قلت عظام الحوت وأظلاف الماعز
عدنان : نعم هذا ما كان
الكورس : وأبوك صياد الؤلؤ؟
عدنان : كنا نصطاد محارة وتذهب عشراً
الكورس : أين؟
عدنان : لشيخ الصيادين، كان عتيا ، لا يرحم أحدا، يأخذ كل هدايا البحر
وأبي رجلا .. يجيد كل فنون الصمت ، كان وقورا..وقوراً جداً
ضابط الكلا : هنا يضاء اللون الأزرق وهنا يضاء اللون الأحمر وأنتم في بقعة
ضوء زهري، أنتما طفلان عاشقان، كل يطوق عنق الآخر
بذراعية
عدنان : كيف؟ وهي من سرق الدانة؟
الكورس : الماضي يعشش في رأسة . يأكل كل ثنايا جمجمته
المرأة : لم أسرق سوى منديلا أصفر. كانت به نقوش حمراء، آه كم كان
جميلا
عدنان : أين الضابط، فليقبض عليها، هاهي تعترف السرقة
الكورس : من تأتي من خلف القضبان لا يمكن تنجب طفلا
عدنان : بل تنجب أطفالا عدة، لا تعرف من أين ، فقط كل يحمل وشم على
كتفية يحمل شعار الدولة
الكورس : يقصد أطفالا رسميين، ممهورين بختم الدولة
عدنان : على الكتف الأيمن فقط
المرأة : لم ألمس يوما دانة، لم أعرف برين عينيها
الكورس : ليست كل الأشياء مسروقة ، بعض الدانات لا يبرق
ها هي تداف عن نفسها ، لا أحدا يدافع عنها، إحكي يا شهرزاد
المرأة : ألف لية وليلة ، إسمع يا شهريار.. ياسيدي الأمير .كان اليوم ممطرا
وللريح زئير..
ضابط الكلام : لا أريد أسمع حكايات فقط إفعلوا ما أريد .
الكورس : هاهو بدأ يقاطعها فلا نسمع شيئا . إنه يخاف، من قول الحق
سننسحب إلى الزورق الرابض في البحر. وترك عدنان يتذكر
(تخفت الإضاءة وتنير على أطلال المنازل المهورة يتأملها عدنان)
عدنان : هنا كان البيت القديم، تملأه طرخات الأطفال، وضجيج الأم يملأه،
والأب ساكن ، مسكين ، يأتي بالدانة ويأخذها شيخ الصيادين،
كنت أعاني من فرط الجوع، فأملأ رأسي بالنوم، أيقظني صوت
حاد، يناندي: أبوك يا عدنان قد مات، في عمق البحر، كنا لا نقوى
على فعل البحر، لكن أخي الأكبر بعض الشئ، تناول أشياء الغوص
،وذهب للبحر يناديه، بيوت الحي مهجورة ، البحر يقتات عليهم ، لم
يبقى شيئ
المرأة : كان أبي صياد ماهر، يموج البحر بدراعيه، تخاف منه الحوريات،
لكن البحر غدارا، يأخذ أحلام الثكلى ويغزو الأمال المنحوتة
عدنان : ( يكمل مناجاته) نعود من ميدان اللعب ، نفرح بأقراص الخبز
الجاف، ننقع ما يبقى منها ، ونلحم بأكل اللحم،
المرأة : عدنان كان يلاعبني، كنا أطفال سبعة، كنت أحس بنشوة غريبة
ضابط الكلام : نعم ، ها هو ما أريد ، نبدأ من هنا ، كنتم أطفالا ، إكملي
المرأة : كان أبي يعشق أمواج البحر ، يغوص فيه بنشوة، لا يهتم بما يحصد،
يعود ليلا منتشيا ، لا يملك حبات اللؤلؤ، يثور الشيخ ليقتله، كانت
أمي ثكلى مسكينة، تتودد للشيخ ليعطيها، بعضا من حق الوالد،
ضابط الكلام : أريد فعلا . إفعلوا، لا أريد الحكي ، المقتات ،على ذكرى الموت
عدنان : الموت في كل مكان، أشم رائحة الموتى، يعود أخي حين مساء
محمولا على الأكتاف، والأخ الأكبر بقليل ، يتعهد بالغوص هو
الآخر
المرأة : لم يبقى لي شيئا شوى أم عمياء ، لا تحسن غير الدعاء ، لقد ماتت ،
برماح الحرس ، حين طلبت حق الوالد
عدنان : (يطوف في الأطلال) هنا كنا نلعب . وهنا كانت أمي تجلس ، تنتظر
بشوق للعائد، لكنه يأتي جثة، يسجى في عمق الحفرة، وحبات الرمل
المالح، تقتات شبقا في عينيه
الكورس ( يعود) من منا سمع بهذا، شعب كامل ، تقتات عليه الأمواج
ضابط الكلام : هنا يقف عدنان، وهنا تقفي أنتي ، أنتم أطفالا سبعة
المرأ : نحن إثنان فقط
ضابط الكلام : هذا لا يهم ، المهم الكلام. أقصد الفعل
عدنان : (يقف حيث أمره ضابط الكلام والمرأة أمامة في بقعة ضوء حدودة)
عينيك تخبو في العمق، بها شيئا من اللحن، تذكرني بعيون الأم
الثكلى
المرأة : عينين بها عشق البحر، تتنفس على أمواجة، ترى كل الأهل هناك ،
تتزاحم في تياره
ضابط الكلام : تتزاحم في عمق الموج، هذا تقولين، لا تكسري لحن الكلمات
عدنان : ( يمسك يدها) ها أنت بين يدي ، يلوح هدبك بالماضي، تتناثر
فية،حبات اللؤلؤ
الكورس : الماضي يسيطر عليه، لا يقوى على الفعل الآني
عدنان : لحظة ( ينظر لعينيها) ها هي الدانة المسروقة ، تسبح في بؤبؤ
عينيك، أعطينيها ( يحاول فقئ عينيها وهي تصرخ) هاتي ميراثي
يا لصة، من قال أنك ستنجين( تصرخ)
ضابط الكلام : ( يخلصها من بين يدية) هل جننت، هل تفقأ عينيها يا أحمق
عدنان : ما تريد أن أفعل؟
ضابط : أريد حبا حبا وهياما أريد فعل يحرك المنظر
عدنان : وهل يوجد حب في أعماق الموت، لا يوجد هنا سوى الموت
المرأة : ( تشجعه) تعال نكمل ما كان ،
عدنان : فلتبدأي أنتي
المرأة : ( يمسك يدة وتتحسس العروق المتنافرة) لماذا البرد بأطرافك، أريد
الحضن الدافئ، ما أجمل نعاس العينين ، تذكرني بالجرنيكا
ضابط الكلام : لا تنسي إنك طفلة ، مشاعرها بهاء ، أفهمتي؟
المرأة : حسنا، هيا نلعب ، نبي بيتا فوق الرمل ، نجول بحجراته، ونضحك(
تبدأ في بناء البيت فوق الرمل يهدمه عندنان بقديه) لماذا تهدم بيتي،
لماذا تسكر الحلم
عدنان : سيهدمه الموج قريبا ، أعرف ذلك( يتشاجران كالأطفال)
المرأة : هذا بيتي ، أجول ، أتراقص في جدرانه، سأنجب طفلا ، سأوقد كل
الشمعات( يركلها عدنان بقدمه يتبادلان الركلات)
ضاب الكلام : هذا جيد إستمرا ، هذا جيد
الكورس : عدنان مكلوم في قلبه، أخذ البحر كل أحبابه، لم يبقى هنا سواه، ولذا
يجلس على الشط ،يصطاد أمواج البحر، عدنان لا يقوى غلى
الحب، فبداخله موج الموت، وريح البحر تعذبه. مسكين هذا العدنان
المرأة : وأنا لمن تتركني إذا، أشعر بالوحشة، كل الناس في عمق البحر
هيا نكمل لعبتنا (تمسك يد عدنان) هنا كانت أمي تمشط شعري
ضابط الكلام : شعر ماذا ومكان ماذا، أنت طفلة
المرأة : مشاعر أمي تلاحقني
الكورس : عدنان يقف مذهولا ، لا يسمع سوى موج البحر
ضابط الكلام : هه ، أنت يارجل ،( عدنان لا يجيب) لماذا لا ترد علي ، أنا أناديك الكورس : عدنان يسمع صوت الأب وصوت الأخوة الثلاثة، يرن في بطن
البحر
عدنان : ها أنذا يا أبتي على الشاطئ. أسمع رنين الأصوات، الحي يا أبتي
فارغ، والبيوت علاها الصدأ، وأشباح الموت تلوح، طيفا يجوب
الأنحاء ، يأبتي أمي بجوارك؟ أريد أقبل يدها، أريد كسرة خبزا،
تعطيني مع كوب الشاي، فالجوع يقطع أمعائ، وأخي الأكبر
والأوسط والأصغر؟ أين؟ واحد ،إثنان، ثلاثة
ضابط الكلام : لاشئ.. لاشئ سوى الكلمات
عدنان : شيخ الصيادين هناك، يأكل الأسماك، يلوك اللحم القذر، بين شفتيه
منزلنا يا أبتي تهدم ، والفئرات تتقافز فيه، وكذا منازل باقي الحي،
البحر يا أبتي ، مجنون يحب لحوم الناس، يهدر ليلا بزبده كرضاب
الإبل الهادر
الكورس : لابد ننقذ عدنان، سيموت هو الآخر، من فرط الذكرى،
ضابط الكلام : لا بأس أنتم الآن في سن النضج، على كل منكم أن يقول الصدق فقط المرأة : حسنا، هذا أفضل، ( تجلس مع عدنان في بؤرة ضوء) والآن يا
شهريار ، سأقص عليك حكاية..كانت بنت الفلا فقيرة...والخيرات
وفيرة..( يقاطعها)
عدنان : تعالى هناك ، فلسمع حكايات الأهل ، في وسط البحر ، سنسمع شيئا
أحلى
المرأة : هذا شيئا من الجنون، نسمع أصوات الموتى، أليس صوتي أحلى؟
ضابط الكلام : حسنا استمري، أخرجية من عزلته، لا عليك إستمري
الكورس : عدنان يتوجس خيفة، لا يقوى على فعل النسيان، تلاحقه خطوات
الموت. يبوح بما يسمعة، والبحر يحب الكتمان، سيغضب منه
البحر، سيأخذه في أعماقه
عدنان : قلت لك البحر هناك، أقصد البحر هنا، فية الحارة بأكملها، إسمعي المرأة : لا أسمع شيئا، ثم لماذا البح، إنك تغامر بحياتك
عدنان : كم أنت بهاء أنتي، أباك .. إني أسمع صوته
المرأة : أبي ليس بعمق البحر، أبي قتله الشيخ، وأخذ أصدافه
( تخفت الإضاءة لتنير على قلعة تظهر في الخلفية يحوطها الحراس
يحملون الرماح )
الكورس : ها هي قلعة سلطان الحي ، تعج بالسبايا والغلمان، تدار بها كؤوس
الخمر، تتراقص بها أقدام النسوة، وشيخ الصيادين يحلي قلعته
بحبات اللؤلؤ ، المخلوط بدماء الناس ، تصيد اللؤلؤ وتعطيه ، فيبني
منه جدرانه، عندنان ، جائع، مكلوم في كل الأهل، حتى الربع ،
بأكملهم، لم يبقى سواه
ضابط الكلام : هيا. الآن تقدموا لباب القلعة، ستفتح لكم الأبواب
المرأة : حسنا، سأجد أميرا يهواني، سألبس قعد اللؤلؤ، سأرقص ، أنا أحسن
الرقص،هه؟
ضابط الكلام : لا يهم ، المهم ، عندنان ، يعود لقواه الفعلى، يتيقظ من غفوة ذكراه
الكورس : لو تقدم عدنان سيموت، سيموت بحراب الحراس
ضابط الكلام : هيا ياعدنان، تقدم وخذ هذه وأياك، هناك أموال كثرة
عدنان : أموال أبي وإخواني، أموال الحي بأكمله، تتربع في بطن الشيخ
المرأة : لماذا الخوف ؟ هيا نتقدم للحراس ،
عدنان : سأبوح ، لا أهوى الكتمان
الكورس : البوح يصيب الإنسان، والبحر له مخالب، البوح خطر يا عدنان
عدنان : سأبوح بما أسمعه، هناك حكايات تجري
الكورس : لا نريد أن نسمع شيئا يا عدنان . فقط إسمع كلام...
ضابط الكلام : ها هي جدران القلعة
عدنان : بناها من لحم الأجداد، بناها من أرحام النسوة، بناها من دمعات
تجري، أنهارا في قلب القلعة
المرأة : لا علينا، نحن أبناء اليوم، سينعم علينا ، مادام الأهل قد هلكوا
الكورس : مسكين عدنان ، كلما تقدم خطوة يرجع أخرى، فدماء الحي بعينيه
تطارده في خطواته، عدنان بشوق يتطلع، لميراث جم، لآلىء تكسو
القلعة، عدنان يبوح ويبوح، والبوح خطرا في عالمنا
المرأة : النساء تعشق عقد اللؤلؤ..سيعطيني واحدا، أزين به عنقي؟
عدنان : ( يتناول السنارة ويقبع على الشاطئ ويعد الأمواج) واحد، إثنان
،ثلاثة
ضابط الكلام : هس ، لحظة، سنعطي له جوهرة، سيقف على حد الحلم
المرأة : من أين لنا بالجواهر إذاً
ضابط الكلام : هي بعينيك، ألم يقل ذلك
المرأة : نعم ، لكني لم أسرق شيئا..
ضابط الكلام : أنت من سيأخذ بيده ومن ينقذه. أتريدين عدنان يموت
المرأة : كلا
الكورس : تذهب هذه الحسناء، تلامس أطراف عدنانا، تنثر في الموج ضفئرها
وتغني ، عدنان، يتحسس خصلات، الشعر المبتل، تتحرك أطراف
النجوى، ويبدأ في نطق الغزل
عدنان : أنت أحلى من ذي قبل، عيناك ، بريقا خاطف
المرأة : خصلات الشعر المبتل، تداعب أنامل مبتله
عدنان : يداك بها دفئ الشمس
ضابط الكلام : هذا جيد
المرأة : شفتاي ، ما رأيك فيها؟
عدنان : هس ..لحظة أسمع صوت أبي ، ينادي.:البوح ياولدي . البوح
ياولدي، هو ما يوقظ سكرتنا
المرأة : لا عليك، فلنكمل، كل الكلمات المعسولة
عدنان : هس..إسمعى صوت البحر
المرأة : ( تنتفض) البحر..البحر، سئمت هذي الكلمات
عدنان : حسانا، عيناك...
المرأة : مابها؟
عدنان : بها جوهرتين
المرأة : بالله عليك، هذي العينان تسرق
عدنان : جوهرة أبي
المرأة : أبوك مرة أخرى، قلت لك أنظر، هذا جسدا مملوء بحيات الشوت
الملتهبة
عدنان : كم أنت جميلة .يا هذه.. ما إسمك؟
المرأة : إسمى حياة
عدنان : أف
المرأة : هل إسمي لا يعجبك، حسنا إسمي نجوى
عدنان : حسنا هكذا، أكره الحياة ، وأعشق النجوى، فليكن إسمك نجوى
المرأة : إسمي نجوى
عدنان : سأعشق تلت العينان
الكورس
وضابط الكلام : يصفقون
عدنان : إنهم يصفقون، لماذا إذاً
المرأة : لأنك قلت أنه لا يوجد حب . وه أنت تحب وتهوى
عدنان : حسنا .. سأفعل كل المطلوب؟ ماذا تطلبين؟ سألبي فوراً
المرأة : وهذا هو المطلوب
عدنان : ماهو طلبك إذاً
المرأة : نذهب للقلعة
عدنان : حسننا وسأطلب ميراث أبي
المرأة : نحن أبناء اليوم
عدنان : سأبوح بما قاله البحر
ضابط الكلام : حسنا ساعدية، هذا لا يهم المهم يصحو من غفلته
المرأ : سنذهب سويا للقلعة
الكورس : عدنان يخاطر بحياته، البوح في الحق خطرا، لو قال الحق سيموت
ضابط الكلام : الموت.. الموت..المهم الفعل..أريد فعلا..فعالا
( تضاء منطقة القلعة والحراس أصحاب الشرائط الحمراء يحوطونها
من كل منكان يتقدم عدنان
والمرأة إلى باب القلعة)
الحارس1 : عندك يا هذا، توقف وقل ماعندك
عدنان : أريد أقابل الشيخ
حارس2 : فيما تريده إذا
عندنان : عندي رسالة
حارس3 : من من إذاً؟
عدنان : من عمق البحر
حارس4 : هذا مجنون
حارس1 : إنه يهذي
عدنان : لم أهذي أبداً قط، أقول أريد مقابلته
المرأة : مهلا ياهذا فلديه رسالة، لا بد يلقيها على الشيخ
حارس2 : لن نسمح بدخول المعتوهين
عدنان : أنا لست كذلك، البحر يقول أن أبي وكل أحل الحي ينادون كل ليلة حارس3 : بماذا أيها المعتوه؟
عدنان : بدماء الحق المهدورة: بليالي العشق المسكوبة، على حبات اللؤلؤ
الحمقاء
حارس1 : من قال لك هذا؟
عدنان : كل أهل الحي الصيادين، ملأوا شباكهم بالجواهر فيأخذها والبحر
يقتات عليهم
المرأة : لا تتعجل ياهذا، المهم دعه يقابل الشيخ
حارس2 : لن نسمح أبدا، فلدينا أوامر عليا، بقتل كل من يقترب
عدنان : هذه القلعة مزينة بعضام الصيادين وجماجمهم. والآن هم يصرخون
حارس3 : من قال لك هذا
عدنان : التاريخ.. كتاب التاريخ. هذه القلعة مبنية بجماجمهم
المرأة : من فضلك دعنا نمرق
حار4 : إذا تقدم أحدا، سأقتله
عدنان : بل سأصرخ بأعلى صوتي، سأبوح بحر المجنون، ها أنذا أيها الشيخ
الجليل، ها أنذا أتقدم، أطالب بحق الثكالى والمحرومين، هاأنذا
أصرخ، فلتخرج من قلعتك الصماء، كل جواهرك مخلوطة بدماء
المحرومين، كل الأنهار بقلعتك من دموع المسكينات على
أولادهن، هتا هواهر آبائي ...هات جواهر آبائي
( يقتحم القلعة محاولا الدخول ، يهوي عليه الحراس برماحهم يتفق
دمه يصرخ يتجمع جوله الصيادين، يتعالى الهتاف مطالبين برأس
الشيخ)
الجميع : سيحيا عدنان ، فحن من فك لسانه
عدنان : البوح ..البوح ها أنا أدرك كنهه ، البزح خطراً للغاية (يلفظ أنفاسه)
الكورس : ( في زي الصيادين يحملون عندنان على الأكتاف، يدقون به باب
القلعة، تنفتح القلعة ويخرج منها الحراس والجنود ،صدام بين
الصيادين والجنود، بينما عدنان على أكتاف البعض،يدخلون به
القلعة يسمع صوت طلقات الرضاص بالداخل يتداخل مع صوت
العراك)
الكورس : كان هناك ، يعد أمواج البحر، يصطاد الفكرة فلا تأتي، يموج البحر
بالجثث، وعدنان يعد، واحد ، إثنان، ثلاثة.
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق