الخميس، 17 مارس 2011

أسرار جديدة تفضح‮ "هامان‮" ‬الرئاسة


هذه القضية لا تحتمل شرف كتابة المقدمات،‮ ‬وليست في حاجة لتزويق الكلمات والعبارات،‮ ‬فالتفاصيل مرعبة،‮ ‬ وكاشفة عن حالة وطن نخر السوس أركان مؤسساته،‮ ‬فصار مجرد اقطاعية يملكها مبارك،‮ ‬ويمرح فيها مماليكه‮.. ‬وطن كان يتم فيه دهس القانون علنًا تحت الأقدام،‮ ‬وصارت فيه تعليمات المماليك أحكامًا قضائية واجبة النفاذ‮.‬
فنحن أمام واقعة تتجاوز حدود ضحيتها،‮ ‬ويمتد أثرها إلي إهانة بلد بأكلمه‮.. ‬شعبه وتاريخه وتضاريسه الجغرافية،‮ ‬وهو ما يدفع للصراخ،‮ ‬وقطعًا سيلحق بنا كل من سيدرك حجم وبشاعة الفضيحة‮.. ‬التي لو حدثت مشاهدها في أي بلد آخر،‮ ‬لاهتزت لها جميع السلطات المعنية بحماية القانون،‮ ‬والدفاع عنه‮.‬
الأسبوع الماضي تناولنا قصة نفوذ‮ »‬هامان‮« ‬الرئاسة‮ »‬زكريا عزمي‮« ‬ونشرنا رسالة بعث بها إلينا عماد الجلدة،‮ ‬رجل الأعمال والنائب السابق،‮ ‬وكنا نعتقد أن ما تناولناه هو كل الحكاية‮.. ‬لكننا اكتشفنا أن اعتقادنا لم يكن في محله،‮ ‬وأننا اقتربنا فقط من قمة جبل الجليد،‮ ‬الذي يغطي بحيرة‮ »‬عفنة‮« ‬بالملفات والفضائح وتنامي النفوذ المخيف،‮ ‬للرجل الذي كان يحكم مصر‮.‬
هذه الفضائح جاءت من خلال شهادات حية رواها نواب سابقون وقيادات حزبية وصارت طرفًا في بلاغات رسمية أمام مكتب النائب العام‮.‬
فقبل يومين جرت في نقابة الصحفيين وقائع مؤتمر لمناصرة ضحايا عهد مبارك‮.‬
المثير أن الضحايا الذين حضروا لفضح ممارسات نظام مبارك ضدهم لم يكن لهم حديث سوي اضطهاد زكريا عزمي للجلدة داخل مجلس الشعب،‮ ‬وهو ما شجع شقيقه حسين الجلدة،‮ ‬لأن يشكف عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك وربما تكون هذه الأسباب هي الأسرار الكامنة وراء القصة برمتها،‮ ‬إلي جانب أشياء أخري‮. ‬فأثناء وجود الجلدة في مجلس الشعب تقدم بطلب إحاطة لفتحي سرور حول توزيع بسكويت لتلاميذ المدارس‮. ‬وأن عبوات البسكويت كانت تحتوي علي عملات إسرائيلية‮ »‬شيكلات‮« ‬فما كان من زكريا عزمي إلا انتظار عماد الجلدة خارج القاعة طالبا منه الابتعاد عن هذا الأمر لأنه يخص رجل أعمال صديق له،‮ ‬فاعتبر الجلدة أن ما يقوله زكريا عزمي ليس سوي مزاح،‮ ‬وأصر علي مناقشة طلبه،‮ ‬بالاضافة إلي موقف آخر،‮ ‬اعتبره عزمي تحديا شخصيا له‮. ‬وهو وقوف عماد الجلدة إلي جانب المعارضة في مطالبة الحكومة فتح المعابر بين الحدود الفلسطينية والمصرية‮. ‬فثار عليه زكريا عزمي قائلا كيف تتحدث في مثل هذه الموضوعات دون إذن‮.‬
ربما يكون ذلك هو السر الكامن في قضة عزمي مع الجلدة حسب شقيق الأخير،‮ ‬إلا أن حدة المناقشات بلغت ذورتها في مؤتمر نقابة الصحفيين عن معرفة‮ ‬غضب حسني مبارك من عماد الجلدة،‮ ‬أثناء الانتخابات الرئاسية،‮ ‬وهو ما جاء في البلاغ‮ ‬الذي تقدم به سعد عبود المحامي والنائب السابق وكيلاً‮ ‬عند الجلدة‮.‬
الواقعة يعود تاريخها وفق البلاغ‮ ‬إلي‮ ‬2005‭/‬8‭/‬22‮ ‬أثناء استقبال الرئيس السابق في مزارع أحمد المغربي بالنوبارية لحضور المؤتمر الشعبي بمناسبة ترشيحه للرئاسة استفسر مبارك من عماد الجلدة في حضور زكريا عزمي عن تمويل الجلدة للمرشح أيمن نور،‮ ‬فنفي عماد الجلدة وجود أية علاقة بأيمن سوي أنه محاميه،‮ ‬فقال له الرئيس السابق‮ »‬مستنكرًا‮« ‬يعني بيفهم في المحاماة،
لم تتوقف محتويات البلاغ‮ ‬عند تلك الحدود التي ذكرها الجلدة في رسالته،‮ ‬والواقعة التي أفردها سعد عبود عن المقابلة مع مبارك واستفساره،‮ ‬لكنها امتدت إلا تضمين اعترافات مثيرة وردت علي لسان وزير العدل الأسبق المستشار‮ »‬محمود أبوالليل‮« ‬في أحد الحوارات والذي تشير إلي وجود تعليمات خاصة بإصدار أحكام،‮ ‬وتعليمات أخري بمعاقبة قضاة وإحالتهم للتأديب،‮ ‬وأن الذي كان يقوم بهذا الدور،‮ ‬هو زكريا عزمي‮.‬
البلاغ‮ ‬الذي تقدم به سعد عبود وكيلاً‮ ‬عن عماد الجلدة،‮ ‬للنائب العام،‮ ‬اختصم فيه مبارك الرئيس السابق،‮ ‬وزكريا عزمي،‮ ‬وأحمد عز،‮ ‬أحمد حسين عثمان أمين الحزب الوطني المنهار بمحافظة البحيرة وعرض فيه التدخل السافر من قبل رموز النظام السابق‮. ‬وأسلوب التهديد الذي استخدمه زكريا عزمي ضد الجلدة في الوشاية به علي‮ ‬غير سند من الحقيقة لدي صاحب الاقطاعية‮ »‬مبارك‮« ‬فكانت هذه الوشاية بداية لعمليات الانتقام،‮ ‬فهي فتحت الطريق لزبانية النظام بإعطاء الضوء الأخضر لرئيس الديوان لابتزاز عماد الجلدة‮. ‬واستدعائه لمكتبه مستغلا‮ ‬غضب مبارك،‮ ‬وطلب مليون دولار بادعاء أنها مساهمة في الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية‮.‬
الأمر الذي رفضه الجلدة‮. ‬بالإضافة إلي تدخل أحمد عز لدي مباحث أمن الدولة للحيلولة دون قبول ترشيح والد عماد الجلدة في الانتخابات الأخيرة،‮ ‬وبالفعل تم إجباره علي التراجع عن الترشح،‮ ‬هذا البلاغ‮ ‬المقدم للنائب العام،‮ ‬ربما يكون الأحدث في البلاغات الخاصة بقصة عماد الجلدة مع زكريا عزمي،‮ ‬فقد سبقته بلاغات أخري تقدم بها الدكتور إبراهيم صالح ضد زكريا عزمي،‮ ‬وأحمد عز،‮ ‬وأحمد حسين وأيضاً‮ ‬أمين الوطني في البحيرة،‮. ‬وذلك حول وقائع تفضح مدي نفوذ زكريا عزمي وتأثيره في مصائر العباد‮. ‬
الأمر يخص القضية رقم‮ »‬16‮« ‬لسنة‮ ‬2007‮ ‬جنح أمن دولة طوارئ،‮ ‬والتي‮ ‬جري فيها اتهام عددا من أنصار عماد الجلدة في القضية،‮ ‬التي يحاكم فيها بتدبير من زبانية النظام،‮ ‬وعلي رأسهم عزمي،‮ ‬وعلي خلفية الأحكام الصادرة،‮ ‬جرت عمليات تظلمات كثيرة لإلغاء الأحكام‮.‬
وبتاريخ‮ ‬2009‮/‬7‮/‬29،‮ ‬انتهي مكتب شئون أمن الدولة بمذكرة التظلمات،‮ ‬ورأي فيها الرجوع عن التصديق وإقرار الحكم مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس القضي بها علي جميع المتهمين،‮ ‬إلا أن هذا الرأي لم يتم التصديق عليه لأن مكتب أمن الدولة في رئاسة الجمهورية،‮ ‬والتصديق يحتاج تدخل زكريا عزمي،‮ ‬والأخير يرفض،‮ ‬لأن أختام الحاكم العسكري‮ »‬رئيس الجمهورية‮« ‬لديه‮.‬
هذه البلاغات وغيرها،‮ ‬تفضح كيف كانت تدار البلاد علي أيدي مبارك ومماليكه،‮ ‬نائب استخدم حقه الدستوري في تقديم طلب احاطة عن البسكويت،‮ ‬اعتبره عزمي تحدياً‮ ‬ورفضه لدفع مليون دولار،‮ ‬يلقي به وراء السجون هذه الفضيحة،‮ ‬كافية لأن يفتح بشأنها تحقيق وإعادة محاكمة لأن رأي محكمة النقض في حكمها فيه ما يكفي لأن يحاكم آخرين،‮ ‬زجوا به إلي السجن،‮ ‬ونحن في الانتظار‮.‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق