الشخصيات
أممي : في حوالي الخمسين من عمره
جهاد : سوري
نضال : فلسطيني
فواز :لبناني
كفاح : كويتي
صنديد : سوداني
منازل : الإماراتي
مقدام : عمان
فارس : اليمن
نور : فتاة جميلة في حوالي الخامسة والعشرين من العمر
الفتاة : في نفس ملامح وعمر نور
ملحوظة: بعض الشخصيات لا حوار لها فهذا مقصود مع حرص على
تواجدهم في كل المشاهد وممكن أن يصدروا تمتمات عير مفهومة
المكان : جزيرة منعزلة وسط البحر
الزمان : مساء يوم من أيام القرن إلحادي والعشرين
المنظر : مكان الفنار فى الجزيرة حيث يبدو الفنار فى الخلفية وقد
أضاء نوره الساطع فى المكان ويتحرك الضوء فى كل
الاتجاهات والجزء الظاهر من الفنار هو حائط مبنى من
أحجار جبلية وقد تزينت أجزاء منه بأحجار المرو الأبيض على يمين المنظر يظهر كوخ مصنوع من أغصان الأشجار وسقف الكوخ يتخذ الشكل الدائري وقد صنع من نفس خامة لكوخ وقد تغطت أجزاء من الكوخ بجلود أغنام أو أبل
وبجوار الكوخ يوجد جركن مياه ضخم . على اليسار بعض
الحبال وقد نشرت عليها ملابس ما زالت تتساقط منها المياه
وقد وضعت تحت الملابس بعض الآنية لتتجمع المياه الساقطة
من الملابس المنشورة على الحبال أمواج المحيط تضرب
شاطئ الجزيرة بقوه يخرج من باب الفنار شبح رجل غير
محدد الملامح وهو يحمل فانوس ينير به الطريق أمامه ولكنه
يشوه جسده فيبدو على غير ملامحه ، يدخل الى الكوخ
ويعلق الفانوس بداخله ويخرج حاملا جهاز راديو صغير يدير
مؤشره على محطات مختلفة حتى يتوقف على محطة عربية تذيع
نشرة الأخبار يضع الراديو بجانبه على صخرة ثم يدخل الى
الكوخ ومعه موقد صغير وبعض أدوات القهوة والشاي
ويستمتع بسماع الأخبار وهو يعد الشاي لنفسه
ص المذياع: يتوقع علماء الأرصاد الجوية هطول الأمطار على الساحل
الغربي لقارة أفريقيا وعلى المناطق الشرقية من الخليج العربي
وشمال أفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط بغزارة مما يجعل
المناطق التى تحيط بها الأمطار عرضة للسيول والفيضانات
والهزات الأرضية .. خبر فني قرر سبعة الاف مطرب و ألفا
مطربة اعتزال الغناء بسبب عدم إذاعة أغانيهم فى المحطات
الفضائية وسيطرة الف وخمسمائة وستين مطربا فقط على
القنوات الغنائية المختلفة خبر سياسي أعلن مسئول هام فى
الدولة المهمة بأن اجتماع الهيئة التحضيرية لاجتماع الهيئة
التأسيسية لاجتماع الهيئة التنفيذية لاجتماع السادة وزراء
الخارجية للتمهيد لاجتماع القمة العربية تقرر تأجيله عن
موعده المحدد سلفا المؤجل من العام الماضي وذلك لسوء
الأحوال الجوية
أممي : وماذا بعد يا أممي المطر لا يبشر بخير هذا الموسم .. الجو بارد
جدا.. ويبدو أن الرياح سوف تنقل المطر الى هنا
المذياع : وقد أغلقت الدول فى المنطقة موانيها ومطاراتها ولا يعلم أحداً
حتى الآن مصير البعثة العربية التى تتوجه لهيئة الأمم المتحدة
فى محاولة منع الأخطار عن المنطقة
أممي : الحمد لله الشاي أصبح جاهزا .. نشرب الشاي ونتغطى وننام
( صوت الرعد بقوة .. يلمع ضوء البرق فجأة )
أممي : يبدو أن السماء ستمطر .. ما أجمل النوم والدفء
داخل البيت
( ينهض واقفا وممسكا ببراد الشاي ويدخل الى كوخه .. بعد
لحظات يظهر شبح رجل هو جهاد يخرج من البحر وهو
يتمالك نفسه ويترنح يصل الى باب الفنار ويدق عليه بكفه )
جهاد : ( ينادى ) يا أهل الله .. يا من هنا .. ألا يوجد أحد ؟
( يخرج أممي من كوخه ومعه فانوسه )
أممي : من ينادى ؟
جهاد : أنا أسمي جهاد .. من فضلك أين نحن الآن ؟
أممي : هنا. هنا فى جزيرة وسط المياه
جهاد : أي جزيرة ؟
أممي :جزيرة الفنار
جهاد : لم أسمع من قبل عن جزيرة بهذا الاسم يا .. ما اسمك ؟
أممي : أممي
جهاد : أممي صحيح أم أنك الدغ
أممي : لا. صحيح أسمى أممي
جهاد : اسمك جميل جدا ولكنه غريب بعض الشيء هل يمكن أن
اجلس استرح
أممي : تفضل . هل تشرب شاي
جهاد : يا ليت . الطقس بارد جداً .. كما أن ملابسي مبتلة
أممي : هل أتيت الى هنا سابحا ؟
جهاد : نعم .بعد أن سقطت الطائرة فى البحر .. خرجنا كلنا منها
لكنى لا أعرف أين ذهب الباقون .. ظللت أسبح فى المياه
حتى لمحت نور الفنار .. النور هو ما دلني
أممي : يبدو أنك سبحت كثيرا فى البحر
جهاد : كثير جداً لدرجة أنى أشعر أن عروقي ستتجمد
أممي : لحظات وسوف أصنع لك كوباً من الشاي بينما تخلع عنك
ملابسك وتنشرها على هذه الحبال سوف تجد بداخل الكوخ
بطاطين سوداء التحف بأحداها من البرد
جهاد : شكراً يا أخ أممي
(يقوم جهاد ويدخل الى الكوخ بينما ينهض أممي ويشعل
الموقد ويتوجه نحو الكوخ وينادى من خلف الباب )
أممي : يا أخ جهاد من فضلك أعطني براد الشاي الذي عندك
( لحظات تمتد يد جهاد ببراد الشاي الى أممي الذى يأخذ
البراد ويتجه نحو جركن مياه ضخم بجوار الكوخ ويصب
منه فى براد الشاي .. يذهب ويضع البراد على الموقد )
جهاد : ( خارجا من الكوخ ) اخبرني يا أممي ماذا تعمل هنا ؟
أممي : أنا عامل هذا الفنار
جهاد : أنت من تقوم بإنارته
أممي : لا .. ينار بمفرده
جهاد : بمفرده ؟ كيف ؟
أممي : لا أعرف . إنه ينار مع غروب الشمس
جهاد : بالطاقة الشمسية تعنى ؟
أممي : لا أعرف
جهاد : وما هى طبيعة عملك ؟
أممي : إذا لم ينار مع الغروب .. أجذب الذراع فقط
جهاد : وأين هذا الذراع ؟
أممي : ناحية البحر . الناحية الأخرى
جهاد : وهل قمت من قبل بجذب الذراع ؟
أممي : لا .. انه لم يتعطل طيلة ثلاثين عاما
جهاد : الشاي يغلي
أممي : ثلاثون عاما .. ( يتنهد ) مضى عمر طويل حقاً
جهاد : منذ متى زرت بلدك آخر مرة ؟
أممي : منذ أن أتيت الى هنا.. منذ ثلاثين عاماً
جهاد : ثلاثون عاما ولم تذهب الى بلدك ..هل أنت متزوج ؟
أممي : ليس بعد
جهاد : وماذا تنتظر ؟.. الشاي يغلي .. كم عمرك الآن ؟
أممي : أنا من مواليد عام ستة وخمسين
جهاد : وحتى الآن لم تتزوج ؟
أممي : أتيت إلى هنا كي أعمل على تكوين نفسي
جهاد : أنت عامل رسمي فى الحكومة .
أممي : تقريباً
جهاد : لم أفهم ماذا تعنى .
أممي : عندما عينت هنا ..كان هذا الفنار يتبع دولتي
جهاد : و من يتبع الآن ؟
أممي : لا أعرف
جهاد : ماذا تقصد بعدم المعرفة ؟
أممي : هذا ما حدث
جهاد : تقصد أن هذا الفنار قد انتقلت ملكيته من بلدك الى بلد آخر
أليس كذلك ؟
أممي : نعم
جهاد : ولماذا لم تعد الى بلدك ؟
أممي : لم يعد لدى بلد
جهاد : يا أخ أممي أنا لا أفهم .. أنت موظف حكومي فى بلدك ..
وهذا الفنار ليس من ممتلكات بلدك .. أصبح ملكية بلد
آخر .. المنطق يقول أن تعود الى بلدك كي تعيد توظيفك
فى مكان آخر يتبعها
أممي : المنطق يقول ذلك ..
جهاد : أم نسوك ؟
أممي : نعم
جهاد : لكن كيف تعيش هنا ؟! ألم تحاول أن ترجع حيث أهلك
أممي : ليس معي جواز سفر
جهاد : جواز سفر
أممي : نعم جواز سفر
( يخرج من البحر شبح رجل أخر ويتجه صوب الرجلين
وهو مبلل الثياب ويسقط قبل أن يصل إليهما يقوم جهاد
وأممي نحو الرجل الوافد ويحاولان إفاقته)
أممي : أنت .. يا أخي
جهاد : يظهر أنه من الذين كانوا على الطائرة
أممي : زميلك إذاً ؟
جهاد : ممكن . لكن أنا لا أعر فه
أممي : يا سيد .. يا حضرة .. يا أفندي
جهاد : احمله معي يا أممي فلندخله إلى الكوخ ونبدل له ملابسه المبللة
ونغطيه
أممي : الحمد لله أن عندي بطاطين كثيرة
( يحملان الرجل ويدخلان به الى الكوخ وفى هذه اللحظة
يخرج رجل آخر من البحر ويتوجه صوب الموقد . يرى
براد الشاي فيصب فى كوب بعض الشاي ويحتسيه وهو
يرتعد من البرد . يقوم ويذهب الى الملابس المعلقة على
الحبال فيجدها مبللة فيعود ويجلس أمام الموقد يتدفأ على
ناره يخرج جهاد وأممي من الكوخ يتجهان صوب الرجل
الجالس بجوار النار )
أممي : أهلاً وسهلاًً
جهاد : حمد لله على سلامتك يا أخ نضال
أممي : أ تعرفه ؟
( يقف الرجل الجالس أمام النار ويحتضن جهاد )
نضال : حمد لله على سلامتك يا جهاد
نضال : حمد لله على سلامتك يا جهاد
جهاد : كيف وصلت إلى هنا ؟
نضال : لمحت نور الفنار هذا ، سبحت فى اتجاهه .. من الأخ ؟
( مشيرا نحو أممي )
أممي : أنا أممي الذي قمت سعادتك بشرب شايه
نضال : أممي ؟ أسم غريب !
جهاد : أنا أيضاً استغربته فى بادئ الأمر لكن فيما بعد عرفت أنه
إنسان طيب
نضال : أهلا وسهلا بك يا أممي معذرة انا تطفلت وشربت شايك
لأنني كنت سأموت من البرد
أممي : بالهناء والشفاء
نضال : ولكن هذا الشاي طعمه غريباً . أول مرة أذوقه !
أممي : ليس شاي إنه قليلاً من الأعشاب جمعتها من الجزيرة
وطحنتها للشرب
جهاد : ليس شاياً ؟.. أعشاب جيده ؟ ألا تكون سامة
نضال : سامة ؟
أممي : أطمئن يا أستاذ .أنا أشرب منها من سنين
( يجلسون حول النار ويبدأ أممي فى صب الشاي للجميع )
نضال : تعلم أنه مشروبً يدفئ بالفعل
أممي : الحمد لله انه أعجبك . أشرب يا أستاذ جهاد
جهاد : ألم ترى أحداً في البحر ؟
نضال : كان هناك اثنان يتشاجران مع بعضهما تركتهما وقدمت .
ولكن أعرف منهما انتصار
جهاد : العراقي ؟
نضال : نعم هو لكن الثانى لا أعر فه
أممي : يتشاجران وسط البحر !
جهاد : يتشاجران فى أي مكان
نضال : المهم . أ لديك شيئً من شئ يؤكل يا أخ أموي ؟
أممي : أسمى أممي .. عندي قواقع
نضال : قواقع ؟
أممي : نعم قواقع من البحر
جهاد : شئ غريب تصور يا نضال أنني لم أكن أشعر بالجوع !
نضال : أما أنا فأتضور جوعاً
أممي : قم فاخلع ملابسك وألتحف ببطانية بداخل الكوخ حتى
أسخن لك قواقع
( ينهض نضال ويدخل الكوخ بينما يجلس أممي وهو يضع
أحد الأواني الكبيرة على النار ويجلس أمامها .. البرق
يضيء فجأة وصوت الرعد يعلو )
أممي : من أين تعرفه ؟
جهاد : هذا صديق قديم
أممي : أتعرفه جيداً ؟
جهاد : فلتطمئن , هذا رجل طيب . ومحترم
أممي : من أين قدمت ؟
جهاد : من سوريا
أممي : وطنك ؟
جهاد : نعم
أممي : وصاحبك ؟
جهاد : نضال فلسطيني
أممي : والرجل الذى ينام بالداخل هذا ؟
جهاد : لا أعرفه من قبل
( يخرج نضال والرجل الأخر وكل منهما يلتف ببطانية
سوداء )
نضال : هكذا أرتدينا زي الجزيرة الرسمي
جهاد : صحوت . من أنت إذاً ؟
نضال : إنه السيد فواز من لبنان
أممي : أهلا وسهلا سيد فواز من لبنان
فواز : أهلا بكم جميعاً . أشكر لكم وقوفكم بجانبي
جهاد : نحن جميعا أخوة
نضال : ما أخبار القواقع يا أخ أممي ؟
فواز : قواقع ماذا ؟
أممي : قواقع من البحر.. للأكل
فواز : لكنني لا أستطيع أكل قواقع . عندي حساسية من الأطعمة
البحرية
جهاد : أ لديك أي طعام غير أطعمة البحر
أممي : يوجد فواكه
فواز : الفاكهة أفضل .
أممي : لكن يلزمك الذهاب بنفسك إلى الطرف الآخر من الجزيرة
فواز : لماذا ؟
أممي : لأني لا أقطف من الفاكهة إلا بقدر حاجتي ... ما يسد رمقي
فقط
جهاد : هل يوجد أي وحوش مفترسة على هذه الجزيرة ؟
أممي : حتى الآن ... لا توجد
جهاد : إذاً سأذهب مع فواز لنحضر الفاكهة
نضال : فلتجلبوا مزيداً لنا
جهاد : حسناً
( يخرج فواز وجهاد من ناحية اليسار ويعبران من أسفل
حبال الملابس المنشورة بينما يجلس نضال جانبا وقد لمح
الراديو جانباً )
نضال : هل هذا الراديو لك
أممي : نعم ..
نضال : بماذا يعمل ؟
أممي : بالبطاريات
نضال : كيف تحصل عليها ؟
أممي : كان لدي قليلً اشتريتها من مركب عبرت من هنا منذ شهر
نضال : يعنى هذا أن هناك مراكب تعبر من حولك
أممي : كل شهرين أو ثلاثة
نضال : ووطنك لا يرسل لك مؤناًًََُُُُ
أممي : كانت ترسل .
نضال : ولما توقفت عن المدد ؟
أممي : لم أعد أسأل
نضال :كم مر عليك من الزمن وأنت لم ترى أولادك ؟
أممي : منذ ثلاثين عاما تقريبا
نضال : ثلاثون عاما ؟
أممي : نعم منذ ثلاثين عاما
نضال : ولماذا مكثت كل هذه الفترة دون أن ترجع لوطنك وترى
أهلك ؟
أممي : لم يعد لي بلد أو أهل
نضال : ليس لك أهل ؟
أممي : ولا بلد
( إضاءة قوية فجأة تضرب المكان وتختفي ويرعد الرعد
بشدة )
نضال : كيف . و من يمتلك هذا الفنار ؟
أممي : لم يعد ملكاً لأحد
نضال : ماذا تقول هل هو حافظة نقود ملقاة في عرض الطريق بدون
هوية
أممي : كل شئ هنا بدون هوية
نضال : أنا لا أفهم شيئا
أممي : سوف تفهم لاحقا
نضال : يا سيد أممي . من أين أتيت ؟
أممي : لا أ عرف
نضال : لا تعرف أين ولدت
أممي : فى بادئ الأمر كنت أعرف بلدي لكن بلدي أصبحت غير
بلدي وأصبحت لا أعرف أين بلدي
نضال : من أجل ذلك .. أسمك أممي .. أى تتبع أي أمة
أممي : كما لو كان أبي يعرف مصيري فأسماني أممي
نضال : الأباء دائما يعرفون مصير أولادهم أبى أسماني نضال كي
أحيا طول عمري مناضل وأنا أسميت ابنتي انتفاضة
( جثتان تطفوان على الماء وتلامسان الشاطئ يراهما أممي
ويشير لنضال عليهما فينهض الاثنان ويتجهان نحو الرجلين
ويخرجانهما من الماء ويتوليان إسعافهما فيلفظ أحدهما الماء
من فمه ويبدأ فى الإفاقة بينما الأخر جثة هامدة .. )
نضال : أحدهما حي والأخر ميت
أممي : أحدهما تخلص من الأخر
نضال : مات انتصار
أممي : العراقي ؟
نضال : نعم هو
أممي : هل تعرف يا سيد نضال هذا أول فرد يموت على الجزيرة
نضال : أى جزيرة ؟
أممي : هذه الجزيرة .. الجزيرة المنسية
نضال : وأين سنحتفظ بهذه الجثة ؟
أممي : لم ؟
نضال : حتى إذا تم إنقاذنا عدنا به الى وطنه ليدفن هناك
أممي : وهل تعتقد أن أحدا سوف يأتى لإنقاذكم ؟
نضال : نعم فنحن نمثل قوى فى بلادنا
أممي : وفق الله بلادكم فى العثور عليكم
( يبدأ الرجل فى التحرك والاعتدال فى جلسته )
نضال : إنه يتحرك
كفاح : مساء الخير
أممي : مساء الخير
كفاح : أين أنا ؟
أممي : أنت حيث المفترض أن تكون
كفاح : هل هذه هى الحياة الأخرى .. هل أنا ميت ؟
نضال : كلنا أموات
كفاح : إذا فقد قتلني هذا الميت
( مشيرا نحو الجثة )
أممي : ولكنه لا يتكلم فمن الذى قتل الأخر ؟
كفاح : كان يحاول قتلى
نضال : ما أسمك يا أخي
كفاح : أو ليس لديكم أوراق
نضال : يا أخي انا كنت معك على الطائرة التى غرقت
كفاح : إذا أنتما بشر
أممي : نعم نحن بشر هل تعتقد أننا موتى
كفاح : اعتقدت .. أنا أسمى كفاح
نضال : وأنا نضال . من أى البلاد أنت
كفاح : أنا كويتي
أممي : أهلا بك يا كفاح . لماذا قتلت الآخر ؟
كفاح : لم أقتله بل حاول قتلى .. وكنت أحاول أبعاده عنى وكنت
أحاول الوصول الى الشاطئ بينما كان يجذبني للخلف
أممي : وكيف مات إذا ؟
كفاح : لا أعرف .. هل مات ؟
نضال : نعم مات ... (بأسى شديد ) مسكين هذا ربما أبتلع كثيراُ
من الماء
كفاح : أنا سأموت من العطش .. هل يوجد ماء هنا ؟
أممي : نعم يوجد ماء .. هناك بجوار الكوخ
كفاح : شكراً لكم
( يقف ويتحرك نحو الكوخ ويرفع وعاء الماء الى فمه
ويشرب )
نضال : تستطيع الدخول الى الكهف وأن تلتحف ببطانية سوداء كهذه
وتخلع عنك ملابسك المبللة
كفاح : أين نحن الآن ؟
نضال : نحن فى جزيرة النسيان
كفاح : جزيرة النسيان .. لم أسمع عنها من قبل
أممي : نعم لأنها منسية
كفاح : سوف أخلع عنى ملابسي وأعود سريعاً
( يدخل كفاح الى الكوخ .. بينما نضال يفتش ملابس الجثة
فيعثر على أوراق يخرجها من جيوب الجثة ويفردها أمام
عينيه بعناية )
أممي : هل عرفت من هو ؟
نضال : أوراقه محاها الماء فلم يتبقى منها سوى كلمة عربية
أممي : ما هى ؟
نضال : عربية !
أممي : ماذا تعنى عربية ؟
نضال : يعنى أن الرجل يتبع دولة عربية ليس معروفا من أين
أممي : هو عربي إذا ؟
نضال : نعم
( يأتى من الناحية الأخرى فواز وجهاد وهما يحملان بعض الفواكه )
فواز : لقد أتينا لكم بالمدد
جهاد : بعض الفاكهة الطازجة
أممي : لقد قطعتم أكثر مما نحتاج إليه
جهاد : كي لا نعود الى هناك كل ساعة
أممي : هل تأكلون كل ساعة
فواز : ماذا بك يا أخ العرب أين الكرم العربي
أممي : هنا ليس محتماً علينا الكرم هنا إذ أننا سوف نعاني من نقص
الموارد إذا ما استمرينا على الأكل كل ساعة
جهاد : مما تخاف يا أخي ،كلها ساعات وتأتى طائرات الإنقاذ وتعود
بنا الى الوطن
نضال : أعتقد يا سادة أننا حديثوا العهد بالجزيرة فلنستمع لنصائح
السيد أممي فهو أقدر منا معرفة بالجزيرة وظروفها
كفاح : ( داخلا ) ما رأيكم فى هذا الزي .. أهلا بكم لقد نجوتم إذا
فواز : هل قتلت الأخر؟
كفاح : أنا لم أقتله أقسم لكم
فواز : إذا أين انتصار ؟
كفاح : هناك ( مشيرا نحو الجثة )
جهاد : مقتول؟
كفاح : بل ميت .. لم يتحمل قلبه برودة الماء فتوقف عن العمل
( أممي يمسك بجهاز الراديو ويدير المؤشر )
المذياع : هذا ولم تصلنا أى أخبار قط عن الطائرة التى اختفت فور
خروجها خارج الأجواء الإقليمية
فواز : ماذا يعنى هذا الكلام ؟
جهاد : أنهم لا يعرفون بسقوط الطائرة
كفاح : إذا لن يبحثوا عنا
نضال : قد يكون الطيار أرسل نداء استغاثة
جهاد : لم يكن هناك وقت الأمر كله حدث فى لحظات
كفاح : هل سمع أحدكم صوت انفجار أو ما شابه ؟
فواز : أبداً لم يحدث أي انفجار
أممي : لعلك كنت نائم
فواز : لم أتعود على النوم فى الطائرات
أممي : وكم عدد المسافرين فى الطائرة ؟
جهاد : اثنان وعشرون
نضال : بل ستة وعشرون
كفاح : بخلاف المضيفات الأربع
أممي : والطيار
جهاد : أنا لم أر طياراً
كفاح : ولا أنا
فواز : كما لو أنكم تخيلتم أن الطائرة بدون طيار
نضال : أعتقد أنه كان موجوداً قبل الإقلاع لقد رأيته
أممي : لم يجب أحدا على سؤالي كم كان عدد المسافرين ؟
جهاد : لقد وصل الى حوالي الثلاثين
أممي : ليس عددا كبيرا
كفاح : ماذا تقول يا سيد ؟
نضال : العدد ليس كبيراً ولكن الأهمية كبيرة
أممي : بالنسبة لمن ؟
نضال : كل منا له ثقله فى وطنه
فواز : ماذا تعنى بكلامك ؟
أممي : أعنى لابد من النظر في أمر الجثة قبل أن تتعفن
جهاد : وهل فقدت الأمل فى إنقاذنا .. ؟
أممي : لن يبحث أحداً عنكم هنا . أنتم جميعاً مفقودون
كفاح : هل أدرت مؤشر المذياع لنتسمع الأخبار
أممي : ها هو المذياع إذا نطق . استمعوا
نضال : هل انتهت البطاريات لديك
أممي : منذ شهر أو أكثر قليلا
نضال : ولكنك قلت أنك تحتفظ ببطاريات اشتريتها منذ شهر
أممي : أنا فقط لا أعرف الأوقات أو الأزمنة فقط أحيا
جهاد : والمؤن .. هل لديك ما يكفى من الطعام والشراب ؟
أممي : لم يكن فى الحسبان أن يوجد هذا العدد كله
( تظهر أشباح تخرج من الماء لأربعة رجال )
كفاح : ها قد أتت مجموعة أخرى من الأخوة
نضال : المكان لا يحتمل وجود آخرين
فواز : لم ؟ إن الجزيرة واسعة
كفاح : ولكن مواردها قليلة
أممي : ماذا أصاب عقولكم ؟ فلترحبوا بالناجين
( الرجال الأربعة يصلون الى وسط المجموعة )
مقدام : مساء الخير
أممي : مساء الخير .. حمدا لله على سلامتكم
صنديد : من فضلكم أين نحن ؟
أممي : نحن فى جزيرة
فارس : ما أسمها ؟
أممي : أسمها .. لم يسمها أحد
منازل : ماذا تقول .. كل جزيرة لها أسم .. أم أنها لم تكتشف بعد ؟
أممي : كان لها اسم فيما مضى ولكنه لم يعد يخصها
كفاح : أطلقت أنا عليها أسم ..هذه جزيرة النسيان
فواز : هذا اسم مقترح
نضال : ومن الممكن أن تكون الجزيرة المنسية
مقدام : وما هذه البطاطين التى تلتحفون بها هل هذا هو الزي الرسمي
للجزيرة
أممي : بل هو زي الغرقى من البشر
جهاد : بل هو زي الناجين ؟
صنديد : تقصد أنه يوجد غيركم هنا ؟
جهاد : قد يظهر آخرون ولكن فى الوقت الحالي .. نحن فقط .
فارس : هلا تعارفنا ؟
منازل : أعتقد أننا لابد أن ننظم أنفسنا فنحن عشرة رجال على هذه
الجزيرة
نضال : ماذا تقصد ؟
منازل : أقصد أننا نسجل أسمائنا جميعا على أوراق ونكتب كارت
صغير على صدورنا كي نتعارف بسهولة فلا يعقل أن الفرد
منا يحفظ أسماء تسعة أفراد بسرعة
جهاد : معك حق يا سيد ..
منازل : منازل من الإمارات
فارس : وأنا اسمي فارس من اليمن
صنديد : وأنا صنديد من السودان
مقدام : وأنا مقدام من سلطنه عمان
أممي : يبقى عدد بسيط ويكتمل النصاب
جهاد : نحن جميعا عرب فأنا سوري وكفاح كويتي وفواز لبناني
ونضال فلسطيني
منازل : وهذا القتيل ؟
نضال : هذا عراقي مات هو غرقا فى محاولته للوصول الى الشاطئ
مقدام : نحمد الله أننا وصلنا سالمين
أممي : وماذا بعد !
كفاح : هل سنظل هنا .. والى متى ؟
أممي : إلى أن يشعر بكم العالم
مقدام : وإذا لم يشعر بنا ؟
أممي : نحيا معا هنا فى جزيرة النسيان
نضال : وقضيتنا.. ووجودنا ؟
جهاد : تصبح فى النسيان
منازل : فلنستخدم نور الفنار لنعلن للناس عن وجودنا
أممي : نور الفنار لا نستطيع التحكم به
مقدام : كيف انه بين أيدينا
فارس : بين أيدينا ولا نستطيع التحكم فيه ؟
أممي : نعم بين أيدينا ولكننا لا نستطيع التحكم به
نضال : فلنكسر هذا الباب اللعين وندخل إليه
أممي : ليس به باب
منازل : وهل تعتقد يا أممي أننا سنظل هكذا سوف نهدم الحائط ونصل
لنور الفنار
مقدام : انتظروا يا ساده لعل في الأمر سر
فارس : هل تخبرنا يا سيد أممي كيف جئت لهذا المكان وكيف تستمر
بالعيش به
أممي : سبق وقلت ..أنا وجدت هنا من أين والى أين لا أعلم
مقدام : وهل سنبقى نحن أيضا لا نعلم شيئا ؟
منازل : قلت لكم نهدم الحائط ونصل لنور الفنار
أممي : لن أسمح لأحد بهدم هذا الحائط
فارس : أنت تريد أن تستأثر بالرأي وحدك هذا لن يحدث أبدا
نضال : من العيب أن ينفرد أحدنا بالسلطة عن الآخرين
كفاح : نعم وأن يملى علينا ما نفعله
صنديد : لدينا فى السودان كل رجل له رأيه وحريته
جهاد : كل فرد له ما يشاء من إبداء الآراء
فواز : لماذا نشغل أنفسنا بهذه الترهات
أممي : يا إخواني ..يا سادة
منازل : مهلا ..مهلا استمعوا لهذا الرجل
جهاد : نعم فقد نعرف شيئا يغيب عن أنظارنا
كفاح : ماذا حل بكم يا سادة نحن جميعا نمثل بلادنا الى الخارج
ونستطيع أن نتفاهم فى حل أمور حياتنا
نضال : اعتقد يا سادة إننا يجب أن نتناقش بهدوء
فواز : لابد من التروي قبل النقاش
كفاح : في كل يوم نقتات التروي ثم ماذا بعد ؟ تكلم يا منازل
منازل : أن الدبلوماسية تفرض على سلوك مغاير
أممي : أن هذا الحائط ماهو ألا جزء أساسي من تاريخ الفنار
جهاد : ومن قوته ايضا
أممي : دائما انتم في حالة جدل وهذا لا يناسبني . جبلت عليه
أذهانكم
( يذهب متذمراً إلى الجانب الآخر فيلحق به فواز يجلسان
على الشاطئ هو يقذف بالحصى في قلب الموج فيتعالى
الموج وكأنه يحتج على هذه المعاملة)
فواز : لعلك تبدو أكثر هدوءً
ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍأممي : انظر الى نحر الماء لهذه الصخور .. أمر عادي اعتدنا على
رؤيته كلما استلقينا على شطوط البحار أما هذه الحجارة
فتنتشي حين تغسل برغوة البحار
فواز : أتسمي هذا الصلد والصبر والمراوغة أحيانا انتشاء ؟
أممي : أنني أخال أن هذه الصخور قد تراصت على ضفاف الشواطئ
انتظاراً لموجها الآتي من أعماق المياه والمسافر من أبعد القارات وتذكرني بزوجات العائدين من البحارة والمحاربين ها هن قد اصطففن في شوق .إن شلال الموج وهديره في
حضن الصخور قد تنامى إلى مسامعي كأغاريد الزوجات
حين اللقاء ،وكأن الحالتين ترقصان أمامي في نشوة ، وما
أعظم أن ترى الحجارة وقد تحولت إلى عرائس راقصة منتشية
كإمرأة تواقة
فواز : لكن لي عين أخرى ، ترى غير الذي تراه
أممي : ألا تكتفي بأغاريدها وبنشوتها .. أتراني غير محق ؟
فواز : ولكن لكل منا عينه
أممي : إن ما نراه عيناً حقيقياً لا خلاف علية ، ولكن ما يراه وجداننا
فذلك يجعلك تقبع بجواري وأنا مسافر
فواز : يبدو أنك بدأت تهذي أيها الخرف
أممي : والهذيان أجمل شئ إذا كان هذا الوجود قميئاً
فواز : معك حق ..إنه قد يزيد من انطلاق ما بداخلك فيجعلك
فيلسوف في ثواني قليلة بينما من ينمق كلماته يوصم بالجهل
أممي : رحم الله والديك أطلق العنان لمخيلتك المكبلة
فواز : وكأن هذا الغطاء القديم كاتم لأفكاري
( يقذف به في البحر بعصبية شديدة )
أممي : إنها أكثر حرية من أفكارك العقيمة ..آه كم تمنيت أن أقذف
في الماء كحالها أتأرجح حتى الضفاف البعيدة والتي لا أعرف
أين هي فلا أشعر بالغرق ولا تهاجمني الحيتان ولا ترفضني
سلطات السواحل المظلمة
فواز : كنا نتكلم عن الصخور وجثوها على حافة الماء
أممي : تنتظر ...
فواز : تنتظر ماذا ؟
أممي : يالك من رجل ! ألم أقل لك إنها عرائس تنتظر حلمها القادم
فواز : يبدو أنني جبلت على تصديقك .
أممي : فالحياة ما هي إلا تزاوج مستمر. تزاوج الليل والنهار
والشمس والقمر والظلام والنور واليابسة والماء حتى الأسنان
إذا نظرت إليها ستجدها زوجين . زوجين ممكن أن نطلق
عليه أسم تزاوج المستحيل
فواز : سيدي قف عند هذا الحد
أممي : ولما ألا يروقك حديثي ؟ إنه أشبه بحديث الفلاسفة .هه قلها
اسخر مني مرة أخرى
فواز : أيمكن أن يتزاوج الممكن والمستحيل ؟
أممي : لابد . فإذا نظرنا إلى طبيعة الحياة نرى هذا التزاوج .لتكتمل
الحياة
فواز : إنما أنا أعرف أن الممكن ممكن والمستحيل مستحيل
أممي : لا يوجد مستحيل في هذا الوجود إلا وهناك ممكنه
فواز :ولكي تكون أكثر دقة فنقول تزاوج الممكن والمستحيل
أممي : إذا كان الممكن ممكناً والمستحيل مستحيلاً وكل في عالمه
فالخلل هنا ، هو إننا لا نبحث عن الممكن فيظل المستحيل قابعاً
عازفاً عن التزاوج ومن هنا خالنا طفوه على السطح وكأنه
لا يزاوج إلا نفسه كزهرة مخنثة
فواز : يالك من وقح
أممي : أمن الوقاحة أن إبرهن لك على أن خروجك من هنا ممكنً
فواز : كنت خرجت أنت
أممي : لك وطن ولك لغة وأهل أما أنا فلي هذا العالم ولكنني لست
له
فوار : ماذا تقصد أ فزور ة أخرى ؟
أممي :إنه لا يعترف بي
(باقي المجموعة على الجانب الآخر )
نضال : ها قد تأخر هذا الرجل ما اسمه
كفاح : أممي
جهاد : أممي .. أممك أنت لا يهم المهم أين هو ؟
كفاح : هو هناك يجلس يتفلسف على نحر البحر للصخر
جهاد : وكيف عرفت ؟
كفاح : منذ وقت قصير ركب رأسى بفلسفاته
نضال : يبدو أنه يعقد معنا جلسات ثنائية كل على حده
جهاد : وهل ترون ذلك عيبا
كفاح : قد يكون يجهز لأمر ما فى رأسه
( فى مكان ثالث )
منازل : اسمعنى يا مقدام نحن أقرب اثنين الى بعضنا البعض فلابد أن
نوحد قرارنا لنصبح قوة
مقدام : نحن معا أعدك اننى معك فى أى قرار تتخذه
منازل : علينا أن نحترس من وحده أى منهما مع الأخر
مقدام : هذا قريب الشبه بما كنا نفعله قبل الإجتماعات الكبرى
( فى مكان رابع )
صنديد : يا أخ فارس عندنا فى السودان كل رجل يستطيع أن يحكم
فارس : لا حكم الا للخنجر
صنديد : ضع خنجرك فى غمده
فارس : أنا الوحيد الذى يملك السلاح على هذه الجزيرة
صنديد : عندنا فى السودان يملك كل رجل سلاحه
( فى مكان خامس جثه انتصار )
صوت انتصار: لا لن أدفن فى هذه الجزيرة المنسية لن يكون هذا امرا مفيدا
لابد أن أعود الى وطنى وأدفن هناك
(تخفت الإضاءة على الجميع ماعدا أممي وهو يرتدي
البنطلون الجينز وقد أطال شعره ويدخن البايب
كما أن طراز المكان وبها وأناقة مفروشاته تنم على مستوى
رفيع من الذوق بينما على الأريكة المقابلة تجلس نور
وقد ارتدت بعض الملابس العصرية يرتفع صوت المذياع
ص المذياع :ومازالت العاصفة مستمرة مما جعل علماء الأرصاد يحذرون
من التجول والخروج إلى الشوارع والتواجد في الأماكن
السياحية وإلى إنذار آخر ان شاء الله
أممي : (يقرأ في كتاب )
لا عليك إن كل هذه الترهات لا تزعجك
بل تزيد من صلابتك لا ترهقك تلك العلامات التي تطفو
على أجسادهم إنها تتناسب تناسبا طرديا مع عقولهم وطرق
تفكيرهم حتى تلك الرائحة العفنة التي تفوح من أفواههم
وأنيابهم التي تبدو لمن يراها كمن يلوك لبابه قطران على الدوام
(يقذف بالكتاب جانباً )
نور : لماذا كل هذه المعاملة أنه كتاب ، بعض الورقات الناعمة
أممي : يكفي أنه أثار رائحة نفاذة وقذرة
نور : المدينة هنا عامرة بالبارات والخمارات وقاعات المؤتمرات أيضاً
فلما تحبس نفسك مع كتاب تدعي أنه يفوح بالعفن
أممي : أنت تقتاتين على غبار المصانع وعلى صفير عربات الإنقاذ
نور : أنظر من النافذة شوارع فسيحة اكتظت ناطحات السحاب
على جانبيها ودور للسينما والعديد من المسارح والملاهي كما
أن أغصان الأشجار تداعب الضباب وكأنها تغزو عالمه ...
عنيدة هي
أممي : إن كل ما في هذا الكتاب يذكرني برائحة زنخة قذفت بها
أمواج البحر . لماذا ذكرت لهم كل ما يخص عالمي لقد كان
ملكاً لي وحدي دون سواي كنت أنا الإمبراطور والعامل
والفرد والجماعة في آن واحد
نور : أنسيت إنك كنت تتجرع مرارة السكون وهذيان الرياح
تجوب أذنيك كل يوم
أممي : دعي كل هذه الترهات جانباً وتعالي نحيا ولو لبضع ثوان حياة
العاشقين الولهين
نور : يجب أن أذبح بقرة ذات قرنين كقرون الوعل تبركا وشكراً
ليقظة وجدانك الرائع هذا
أممي : حبيبتي .. أتسخرين من حبي وولعي لحضنك الدافئ والمبتل
دائما بعطر الياسمين
نور : مر يومين أو ثلاث أو..أوه لا أذكر على انقضاء عيد النيروز
أممي : لا تهدرى الزمن.. نيروز ماذا وعيد ماذا ؟... أقول أين حضنك المغطى بخصلات شعرك هذا
نور : (تمسك بخصلات شعرها بينما تجذب هي الخصلات من يده)
أتعجبك؟
أممي : يقال أن جناح الهدهد يحوي شعرة واحدة من تكحل بها أبصر
كنوز العالم وأنا أعتقد أن أهداب الهداهد جميعها تجمعت
وكونت هذه الخصلات دعيني أكحل ناظري بها ما أسعدني
من عاشق يكحل عينيه بهذا الشلال الحريري
نور : وقح
أممي : أنا
نور : نعم
أممي : ولم ؟
نور : لأنني رأيتك ليلة أمس تمسك بخصلات امرأة أخرى
أممي : أين؟
نور : هناك تحت الشرفة
أممي : (يجفل بارتجاف يحاول إخفائه) ربما أنه علق بها بعض أعواد
الجز ورين وكنت أحاول تخليصها
نور : لا يهم
أممي : لم تخفين لوا عج الحب التي تعتريك وأنا أعلمها . لم تكبلين
شعور دافئ قد يضفي علي وعليك عالم أرجواني
نور : دعك من هذا ! إن كل ما قلته قد يكون أحياناً به بعض
الصواب وأحياًنا أخرى .. لا أعرف .. لا أعرف
أممي : لكل منا عالم خاص من الذكريات الجميلة . لا تدعي تقلب
المشاعر هذا يهدد اللحظة
نور : كأنك تبوح للعالم بحبك لي
( تطوقه بذراعيها بدلال ورقه )
أوه .. صديقك قادم هاهو
( صوت الراديو على هامش الوعي بالنسبة لأممي )
ص الراديو : هذا ولم يرد أية أخبار عن الطائرة المفقودة
منازل : ( يدخل منازل وهو يحمل بعض أعواد الحطب ويضعها على الأرض وهو ينتفض من البرد ) جمعت كل عود من مكان مختلف . اعتقدت أن أعواد الدنيا أعلنت العصيان واجتمعت كلها في مكان لا أعرفه
أممي : كل هذه المقدمات لتخبرنا أنك بذلت جهداً خرافياً
منازل : هاهي أشعلوا النار فالبرد لا يحتمل
أممي : أين البرد هذا ؟
منازل : قلت لك لا أحتمل برودة المكان ( يرتجف )
أممي : إن جلدك سميك هذا كجلود التماسيح لا يعرف البرد .بالله
عليك هذا جلد يخترقه البرد ( يضحك )
منازل : سخيف
أممي : ( يشعل الحطب ويغني )
يا نور سحابة بيني وبين القمر
فأيقظ القمر في وجنتيها لؤلؤا
حين ارتعش فيها ضياء البدر
هلت بالضحك فتنثر لؤلؤا
(نور تضحك )
أممي : إن هذا الرجل قد يرمقنا بعينيه الدائريتين ربما أثار ذلك
غريزته
نور : أنت معي . لآيهم أنت معي ربما تفلت من اللحظة
منازل : الشاي يفور
أممي : ( يقفز ليلتقط براد الشاي )
عفوا سيدي لقد شردت منك
منازل : أين ذهبت بك القريحة يا فيلسوف العصر
أممي : لا .. لا شئ أسافر وأنت تقبع إلى جواري
منازل : وهذا ما يخيفني
أممي : كانت جميلة
منازل : من هي؟
أممي : اللحظة
منازل : ملعونة لحظات البرد والضياع
(المجموعة منشغلة بإقامة خيمة من البطاطين كلما نصبوها
تقع على الأرض)
صنديد : أنشرها جيداً وشد الرباط
نضال : بها ثقوب كثيرة ... إنها مهترئه
كفاح : بئس لك من خيمة مهترئة . كدنا نقيمها لكنها ثقيلة تتقطع إلى شرائح ثم تتحول إلى كومة على الأرض
نضال : لا فائدة كلنا في العراء وهذا الكوخ الحقير لن يأوينا
كفاح : لابد أن يكون هنا قائد
نضال : أنظر في أمر هذه الجثة أولاً
صنديد : أين هي؟
أممي : مسجاة إلى جوارك وإن ظهر النهار انتفخت وفاحت رائحتها
فواز : نواريها التراب وإذا رجعنا نحمل رفاتها معنا
أممي : لا.. لا فالجريرة لا تبتلع الجثث ولا تواري بداخلها أشلاء
عفنة
منازل : إنه شهيد
أممي : من يعرف!
فواز :ألم تقرأ في كتبك هذه عن الغرقى والحرقى والمناضلين ؟
أممي : أكره القراءة عن الحروب والخراب
جهاد : من أين جمعت كل هذه الكتب؟
أممي : من السفن العابرة اسمعوا
كتاب لمؤلفه وليم بلاي بعنوان ثورة على السفينة بونتى (يقرأ)
منذ صباي وأنا أحلم بأن أصبح قبطاناً على سفينة ..وعندما
بلغت سن السادسة عشرة عام1771 وكانت إنجلترا ملكة
البحار وسيطر أسطولها على البحار والمحيطات في منطقة تمتد
من أمريكا الشمالية حتى الهند
فواز : ما أشبه اليوم بالبارحة
أممي : ماذا تقصد؟
فواز : مع اختلاف اسم الأساطيل
أممي : ألم يعد الأسطول البريطاني هو المسيطر ؟
صنديد : هناك أسطولً آخر أشد جرأة ووقاحة
فواز : اكمل ربما ننسى هذا البرد
أممي : (يقرأ ) كانت أطقم السفن تتكون غالباً من مجموعة من
المجرمين الهاربين من وجه العدالة أو من الرعاع الذين يتم
تسخيرهم في الخدمة البحرية وكان قباطنة السفن يعاملون
هؤلاء الرجال معاملة قاسية وحازمة حتى يضمنوا إقرار النظام
والطاعة
منازل : جرئ وليم بلاي هذا كيف يصف القادة بهذه البشاعة
أممي : نعم . نعم إنهم كذلك حتى اليوم أراهم حين يعبرون من هنا
منازل : يا فاقد الزمن والهوية يقول لك هذا عام 1771 يعني منذ ما
يقرب من ثلاثة قرون
أممي : الآن أنا أرى ذلك على السفن العابرة
جهاد : كل السفن العابرة ؟
أممي : العالم كله يعبر أمامي ويدور دورته حول هذا الفنار فأنا من
يهتم بهدايته
منازل : ألم تقل إنك لم تفعل شيئاً بهذا الفنار منذ أن جئت
أممي : أنا من يلقي الضوء بهذا الذراع الصغير وإن شئت وجذبت
الذراع ضاع العالم
فواز : يالك من عجوز خرف تلقي الضوء على العالم
أممي : بحركة صغيرة من يدي
كفاح : (بسخرية واستهزاء)
ينير العالم ويقبع هو على فانوسه الصغير!
أممي : أعتقد أنها قمة العطاء . ثم إن إحساسك بأنك تحكم مصباحا
كمصباح الفنار هذا فلا يهم أن تحمل فانوساً أو حتى شمعة
كفاح : كلمنا عن نفسك كلنا نسمعك
أممي : كنت حينما أعود أحمل في يدي أوراقي المدرسية أجدها هناك
أعلى الربوة تقبع هناك تنتظر بشوق عودتي وقد أعدت حيينها
لي الطعام
صنديد : زوجتك ؟
أممي : بل أمي كانت تحدثني عن علاقة الأرض بالفأس وعن مدي
ارتباط كل منهما
بالأخر كانت تقول لي حين أضرب الأرض أن الأرض والفأس يتعانقان كحبيبين لا يفترقان وإن افترقا كانت بورا ، والنهر يداعب شمائلها فلا يغزوها فالغزو من سمة الأعداء
فواز : حنان مبالغ فيه
أممي : هي من علمني حب الأرض فأنا من وهب عمره لهذه الجزيرة
وبذرت جلة في حبات رملها فإذا أشرقت الشمس فسترون
غابات من الثمار والفاكهة
جهاد : وماذا عن هذا الفنار
أممي : كل يوم أتعلق بأعلاه أنظف زجاجه وأحياناً أستبدل بعض
المرايا فلدي الكثير منها
فواز : أ لهذا الحد تحرص عليها.؟
أممي : أعشقها كزوجة حميمة ،ثم إنها إن انطفأت ربما يسود الظلام
العالم كله. هكذا أخبرني السيد المسئول حين قدومي إلى هنا
نضال : أنت تهذي
أممي : بل هي الحقيقة . إن بأعلاها مجموعة من المرايا الضخمة التي
تعكس أشعة الشمس حين تغرب لدينا وتشرق في بلاد أخرى
فتسطع بنور كنور الشمس يعم العالم ..إنهم يفكرون في إقامة
أخرى في أحد القطبين
جهاد : في أحد القطبين!!
ص الراديو : هذا وقد أجمع المجلس الأعلى للأمم المتقدمة على أن الطائرة
المفقودة لم تظهر بل ميؤوس من ظهورها وعلية فلا بد من
تجاهل أمرها ومن كان على ظهرها لأن عملية البحث عنهم
قد تكلف جهداً ومالاً لا يستحقه هذا الأمر على حد قولهم
أممي : ألم أقل لكم . إنها الجزيرة المنسية .. لابد من اعتماد اسمها
..الجزيرة المنسية.
( يضاء المكان على فواز وهو يجلس على مكتب كما أن
المكان ينم على أنة مكتب مسئول كبير كما يظهر حارسان
على الباب بينما أممي يجثو على ركبتيه أمامه)
فوار : قف يا شئ ..كيف جرؤت على الدخول إلى مكتبي
أممي : أبداً.. أبداً والله .كان حلما . أنا أحلم يا سيدي المسئول
فواز : وكيف تجرؤ أيضاً على الحلم
أممي : هذا حلمي وأقتات عليه
فواز : الحلم ممنوع ..
أممي : أسمح لي بالكلام يا سيدي
فواز : الكلام ممنوع
أممي : عفواً ... دعني ألقي عليك حواراً
فواز : الحوار ممنوع
أممي : إذا سألقي على جناب سيادتكم نكته . هه . نكته
فواز : الضحك أيضاً ممنوع
أممي : إذاً فاسمح لي بالبكاء .. لم يعد لدي سواه
فواز : حتى البكاء ممنوع أليس البكاء عاطفة ؟ لا مكان للعواطف هنا
.ثم إنك حشرة قرادة أو قل شيئا لم يصنف بعد . أي شئ .
نعم أي شئ
( يشير إلى الحارس يتقدم الحارس من أممي ويجره على
الأرض وسط صراخ أممي)
(يضاء المكان على جهاد وهو يقف خلف مكتبه وقد وضع إ إ حدى قدميه على طرف المكتب بينما يقف أممي فى
المنتصف)
جهاد : هه ... تكلم سأسمح لك بالكلام هذه المرة
( يمسك بسوط في يده)
أممي : سيدي الخير كثير والأجر الشهري فائض عن حده والطرقات
نظيفة والمساكن كلها مجاناً كثيرة .كثيرة جداً، والحدائق
تقذف من يقف تحتها بالفاكهة ، والأعمال متوفرة إذ أن
الشباب يرقدون على الأرصفة من التعب ولم يعد في المدينة
من أعزب أو عانس
جهاد : وأيضاً تكذب يا حقير
( يجلده بالسوط ويضاء المكان على نضال وأممي يتلوى
وسط الصراخ)
نضال : لماذا الصراخ يا أبن الأتانة ؟
(يركله بقدمه فيتدحرج على الأرض)
أممي : معذرة سيدي إن كان صراخي قد أزعجك
نضال : أين المعونة. أين الدعم .أين الضرائب . أين الدراهم ؟
أممي : معك . كلها معك يا سيدي .لم يعد معي أي شيء
(يقلب جيوبه )
جهاد : ولهذا يجب قتلك .أنت مخرب لاقتصاد البلاد مبذر . أنت
من المفسدين في الأرض
(يشير للحراس)
هذا وبإسم الشفافية والديمقراطية وباسم حقوق الإنسان
اجلدوه
( ويتقدم منه الحراس ويجلدوه ثم يجرونه على الأرض )
كفاح : ( يجلس خلف مكتب ضخم في مكان أنيق وقد علقت على
الحوائط أشكال مختلفة من السياط يقف مختالاً يستعرض
السياط)
أ رأيت يا سيد أممي !
أممي : ( يحاول إخفاء رجفته)
عظيم يا سيدي. شيء رائع . أعتقد أن هذه ثروة أثرية لا
توجد في أي مكان من العالم
كفاح : نعم . هذا سوط جدي الأكبر منقاح الأعظم .وهذا سوط
جدي الأصغر مرتاح الكبير . وهذا سوط جدي الأصغر منه
مهماز وهذا سوط الأصغر منه قليلاً منفاخ وهذا سوط
جدي ...
أممي : (يتحسس كتفيه)
ما شاء الله ولهذا فالغرباء يتحرشون بأراضينا
طمعاً في هذا الإرث
كفاح : لا. نحن نحميه ولن نفرط فيه أبداً عليك بالجلوس بمفردك في
هذه الغرفة لحين إشعار آخر
( يخرج ويقفل عليه الباب )
أممي : (يرتجف من البرد )
يا ألطاف الله سأموت من البرد أنه أشعل أجهزة التبريد على
هذه الدرجة القاتلة ( يصرخ ) يا سيدي أيها الحراس أطرافي
تتجمد
(يقع مغشياً عليه تدخل فتاة جميلة تدور حوله ثم تضع يدها
على جبينه )
نور أنتي نور
الفتاة : نور ، هيفاء ، سمر ، وجميلة وفاطمة قل ما شئت
أممي : أنت حبيبتي نور
نور : وليكن فلتقل نور
أممي : ما أرحب العالم فى جوارك حيث لا مشكلات ولا سرادقات
عزاء ولا حتى أزمات اقتصادية تلاحقنا قسرا
نور : دعك من المبالغة والتطرف
أممي : أقسم لك إنك حين تضحكين أخال الشمس تسطع من بين
ثناياك وحين توجمين عن الضحك تسود الكون كله غمامة
قاتمة تخنقني
نور : ( تضحك )
كلما كبرت كلما ارتقت مشاعرك ... كلامك شعرً
أممي : نور . خمسين أو ثلاثين سنة قضيتها فى هذه الجزيرة لم أشعر
بها إلا كيوم أو بعض يوم لأنني كلما أغمضت عيناي رأيتك
أحيا معك طقوس الحب فى أوجها ..لا يهمني العالم ما دمت
معي حتى هذا البرد اللعين يحيله دفئا فى أطرافي
نور : أصدقائك قادمون
( يدخل الرجال نضال وكفاح وجهاد و صنديد .. يطيحون
به جانبا ويهجمون على الفتاة يقطعون ملابسها ويغتصبونها
صراخ أممي يختلط بصراخ الفتاة ثم يضاء مكان الفنار
المجموعة تحت الفنار بينما ينعكس عليهم ضوء الفنار
فتظهر صورتهم أشباه أشباح مع صوت أبواق السفن .
الجميع فى حالة هياج بينما وقف أممي على أول درجات
الفنار )
أممي : الجزيرة أمامكم بما تحمله من خيرات والبحر يحيط بكم يهبكم
عالمه الزاخر كل يوم .. كل ذلك لكم دون عناء ولكن يصل
بكم الأمر إلى الاغتصاب فهذا شئ قاتل
جهاد : كانت جميلة
نضال : شفتيها كحبات الكرز
أممي : كفى .. أيتها الحجارة وشلال المياه انسكبي فى أذناي فلا
أسمع .. أشعر بدوار وغثيان
كفاح : ذلك القوام الممشوق لا يحرسه سوى ثمرتين من جوز الهند
الناضج تتدفق عطاء لكل من أقترب منها
أممي : أنها فكرة .. أ مغرمون أنتم باغتصاب الأفكار
صنديد : أتسد حاجتها أيها الخرف؟
أممي : هى حلمي الذى أعانني على مقاومة الزمن معها ثلاثين عاما
..كل شئ يُحتمل إلا اغتصاب الحلم ..
( يصعد الفنار نحو الذراع )
فواز : كفى دعكم من هذا العجوز الخرف . لنبني مدينتنا ونضع لها
شعارا وخاتماً
صنديد : وهذا الأممي.. إنه يدعى أنها جزيرته. والحق أنه من بذر عمره
بداخلها كما قال
جهاد : نقذف به فى البحر أو نضعه فى تروس الفنار
فواز : إذا أنا الحاكم وأنتم المحكومون
نضال : أ بهذه السهولة تنصب نفسك ؟ يا لوقاحتك
كفاح : أنا الحاكم فأنا أكبركم سناً والأكثر خبرة
صنديد : عندنا فى السودان كل واحد منا له رأيه
جهاد : ليس الأمر بهذه السهولة ..فالجزيرة لا تلين ألا لرجل خاض
غمار الحروب وأنا هو ذلك الرجل
فواز : أنت وقح
كفاح : بل أنتم متخلفين حضارياً
صنديد : عندنا فى السودان كل واحد يقول رأيه .
نضال : يا عديمي البنية الاقتصادية
فواز : بل أنت عديم البنية التحتية
( أممي وقد ارتقى مكان عالى من الفنار بينما يراقبهم وهم
يتلاحمون بالأيدي والركلات ، يعم المكان كلمات متداخلة
وصخب وعراك )
أممي : حينما كنت أقف بينهم .. كنت أشعر بأنهم عمالقة ولكن
بعد أن ارتقيت الى هذا الحد فلا أرى سوى أقزام ضئيلة ..
يا لخداع البصر . ها هم يتعاركون كعادتهم منذ أن لامست
أطرافهم الماء .. حين يصبح انتظار الموت هو حقيقة الحياة
فلا تستحق الحياة أن تعاش
( يجذب الذراع فيسود الظلام الدامس مع استمرار العراك
والأصوات )
صوت1 : يا سفيه المفهوم العولمي
صوت2 : بل أنك أنت عديم البنية التكنوقراطية
صوت3 : أنتم جميعاً فى الأحراش التى آلت للبحث عن فئران عجفاء ..
الخ ...
صوت الراديو : هذا وقد ساد العالم كله ظلام دامس .كما يعكف خبراء
الأرصاد والعلوم الفلكية على بحث أسباب هذه الظاهرة
الغريبة ، ولكن دون جدوى . كما أنه قد تم افتتاح فنار
يعمل بالطاقة الذرية فى القطب الشمالي
( يزل أممي من أعلى الفنار وهو يحمل فانوسه يشعل النار
يجلس أمامها يلتحف بالبطانية السوداء إظلام )
(ستار)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق