السبت، 10 يوليو 2010

مسرحية مقعد أمام النهر تأليف د/ ملحة عبدالله 7/12/2009


Wijnandus Nuyen - Shipwreck on a Rocky Coast - 1837 - Rijksmuseum, Amsterdam, The Netherlands


المنظر:

أمام نهر النيل يقف بائع بطاطا علي عربته اليدوية والي جانبه يوجد مقعد رخام يجلس عليه في بعض الأحيان، وفي عمق المنظر نري الضفة الأخري من النهر حيث العمارات الشاهقة وبعض الفنادق يعبر المارة المكان وفجأة ينقطع هذا العبور ولا تظهر أي حياه سوي بائع البطاطا ورجل أشيب الشعريجوب المكان وفجأة  يتسلق سور الكورنيش ويريد أن يلقي نفسه في النهر
البائع  : انت بتعمل ايه يا مجنون
الرجل  : عايز انزل البحر
البائع   : انت عايز تنتحر ؟
الرجل   : انتحر ؟ انت مجنون ؟
البائع   : انا اللي مجنون برضه ؟
الرجل   : تقصد ايه ؟
البائع    : انا مراقبك من ساعة ما جيت وانت عمال تروح وتيجي لحد
            المكان ما فضي وعايز تعمل عملتك
الرجل    : انت بتشتغل ايه ؟
البائع     : بأبيع جواهر
الرجل     : جواهر؟ انت بياع بطاطا
البائع      :بالنسبه لي أحلي الجواهر
الرجل      : شوف شغلك وما لكش دعوة بي
البائع       : الكلام ده قبل ما أعرف نيتك لكن عرفت وبقي من واجبي
              اني أمنعك .
الرجل      : بأي حق ؟
البائع       : بحق الانسانية اللي تربطنا ببعض
الرجل       : إشمعني الإنسانية دي ما ظهرتش غير دلوقتي ؟
البائع       : يا عم أنا أعرفك قبل كده ؟
الرجل        : أديك قلتها .
البائع        : تقدر تقوللي عاوز تنتحر ليه ؟
الرجل        : السمك يقدر يعيش بره المية ؟
البائع         : لا .. إنما حضرتك سمكة ؟
الرجل         : طبعا انا سمكة .. وأنت سمكة .
البائع        : يا عم أعمل معروف هي ناقصة مجانين ؟
الرجل       : انت فاكرني مجنون ؟
البائع        : لا العفو انا فاكرك عاقل .
الرجل       : شكلك بتفكر اني مجنون .
البائع        : هي السبب منها لله .
الرجل        : هي مين ؟
البائع        : ام السيد .. قلتلها ما فيش داعي اني اسرح النهاردة
الرجل        : ام السيد دي تبقي مراتك .
البائع         : أم العيال كان فيها أيه لو سمعت كلامي الجو النهاردة
                  ما يطمنش وشكلها هتمطر
الرجل         : هتمطر ؟
البائع          : اه .. مش شايف السما مغيمة ازاي ؟
الرجل          : بس احنا في يونيو.
البائع         : هتفرق ايه يونيو عن غيره طالما مغيمة يبقي هتمطر
الرجل        : انت باين عليك مش فاهم حاجة انت سمكة زي ما توقعت
البائع         : تاني هتقوللي سمكة
الرجل         : ما هو السمك لو كان بيفهم ما كانش يقع في الشبك
البائع         : اهو ابدان بتعيش علي ابدان
الرجل         : انت باين عليك راجل طيب
البائع         : وانت كمان شكلك طيب انما ليه عاوز تنط في المية
الرجل         : عاوز اوصل للسمك الكبير
البائع     : رجعنا تاني للزفارة
الرجل    : اسمع يا ابو السيد
البائع    : ابو السيد وعرفت منين ان ابني اسمه السيد
الرجل   : مش قلت علي مراتك ام السيد يبقي ابنك سيد
البائع    : مش شرط
الرجل   : مش موضوعنا .. تحب تكسب الف جنيه
البائع   : الف جنيه بس
الرجل   : انت باين عليك طماع
البائع   : مش الفكرة يعني بس الف جنيه ما بتعملش حاجة دلوقتي
          والله يا بيه ما تجيبش في شوية بطاطا
الرجل  : وانت عايز بطاطا.. البطاط بتلسع
البائع   : انا اساسا ما عنديش تليفزيون انا بس بقولك ان الف جنيه
           مش املة يعني .
الرجل  : تحب تاخد كام ؟
البائع   : اخد عشره .
الرجل   : انا موافق هأديك عشرة
البائع    : وانا تحت أمرك
الرجل   : انت عارف انا هأطلب منك ايه ؟
البائع    : أي حاجة تطلبها .
الرجل   : عايزك تقتلني
البائع     : أيه؟
الرجل    : تقتلني ، أيه.. عمرك ما قتلت حد!
البائع    : أقتلك ؟
الرجل   : آه تقتلني
البائع    : إنت باين عليك راجل مجنون .يا عم حل عني
الرجل    : إنت فهمتني غلط .
البائع    : فهمني الصح .
الرجل    : شوف يا سيدي انت هتقتلني كده وكده امريكاني يعني .
البائع    : أونطة يعني ؟
الرجل   : أونطة .. هنلعب لعبة انا وانت
البائع    : انا مش فاهم حاجة
الرجل   : انا هأفهمك بس اوعي حد يعرف اللي هنتفق عليه
البائع   : اطمن هو انا مجنون لعبة بعشر تلاف جنيه حد لاقي .
الرجل   : طب أقفل الباب وتعالي .
البائع    : رجعنا للخلل باب ايه ؟
          الرجل   : باب الفرن خلي البطاطا تستوي
البائع   : منك لله يابعيد، كان ايه اللي خرجني النهارده .
الرجل: يالله نبتدي الشغل
البائع: هو فين الشغل؟
الرجل: أهو قدامك
البائع: فين؟
الرجل: هات البطاطا وتعال
البائع: فين؟
الرجل: هنا
البائع: وآدي البطاطا
الرجل: إرميها في المية بقى
البائع: مش بقولك انك خلل
الرجل:الله يخلخل سنانك يابعيد
البائع: رجعنا لقلة الأدب ما قلنا خلينا باحترامنا احسن
الرجل: هتعمل ايه بالبطاطا وانت معاك عشرة آلاف جنيه؟
البائع: هيه فين؟
الرجل : يعني ما سيكون
البائع: يعني ارمي البطاطا
الرجل: في المية
البائع: إنت شايف كدة؟
الرجل: أيوة
البائع: منك لله يام سيد
الرجل: أرميها في المية
البائع: وبعدين؟
الرجل: مانت معاك عشرة آلاف جنيه
البائع: تاني؟
الرجل: يعني ..ماسيكون
البائع: منك لله يا أم سيد
الرجل: باين علية مش حاتقتل النهار ده
البائع: ولو رميت البطاطا في المية حاتموت؟
الرجل: مش شغلك
البائع: دي عهدة الولية
الرجل: ياناس.. أنا حاتجنن
البائع: ماترسي لك على بر عايز تموت والا تتجنن؟
الرجل:  فين هو البر؟
البائع: لا ياعم، يفتح الله البيعة دي مش لازماني
الرجل: قلت لك أمريكان..يعني كده وكده. إنت خايف ليه؟
البائع: ماهي البطاطا دي رزقي ورزق عيالي
الرجل:ماهو كده مش حا نخلص،
البائع: تقصدك مش حا نلعب
الرجل: ماهو لازم نتفق الأول
البائع: منك لله يا أم سيد
الرجل: هو كل حاجه أم سيد..ما تجمد أمال..الله
البائع: ماهي لولاها ماكنتش خرجت النهار ده
الرجل: أول حاجة ترمي البطاطادي في المية
البائع: وأنا أش ضمني؟
الرجل: ياراجل ..دول عشرة آلاف.. إنت عبيط!
البائع: أهيه( يرمي كل البطاطا في الميه)
الرجل: ( يضحك ويجلس على السور) أما راجل عبيط
البائع: أيه هو ده؟
الرجل: عايز أيه  
البائع: يعني بتضحك عليه؟
الرجل: فيه أيه؟
البائع: فين العشرو آلاف جنيه
الرجل: هو أنا لسه موت
البائع: يا ليلة سوده..كني مش حا آخذ الفلوس إلا لما تموت؟
الرجل: أيوه ..
البائع: ومين بقى بسلامته إللي حا يقبضني؟
الرجل:أنا حا أديهم لأم سيد إنت خايف ليه
البائع: وإنت ميت؟
الرجل: لا وانا صاحي
البائع: نافوخي يا هوه
الرجل: ماهو إنت مش فاهم
البائع: أحب أفهم
الرجل: مش أنا قلت لك تقتلني أمريكاني
البائع: قلت أونطه
الرجل: نسميها أونطه
البائع: فطني الله لا يسيئك
الرجل: حضرتك تسمع كلامي وما تقاطعنيش ماشي
البائع: ماشي
الرجل: حضرتك تلبس ملابسي وانا البس ملابسك
البائع: وبعدين؟
الرجل: قلت مش عايز مناهده . والا أقولك الحكايه مش نافعة
        ( يحاول يقفز في الماء)                                                 البائع:( ممسكا به) تعال هنا الله لا يسيئك(يجذبه)
الرجل: يبقى تسمع الكلام
البائع: يا فندي البطاطا بتعتي وحل عني...(يقاطعه)
الرجل: مالها البطاطا؟
البائع: في المية رزقي ورزق عيالي
الرجل: ما إنت لو طولت بالك كان زمنا أنتهيا. بس سين وجيم وجيم وسين
البائع: أنا تحت أمرك
الرجل: إخلع هدومك
البائع: مش قلت لك إنك خلل
الرجل: إقلع
البائع: إي نعم أنا بتاع بطاطا بس بشرفي يابيه
الرجل: رجعنا للمناكفة.شرف ..شرف.شرف. زهقتني بالشرف بتاعك
البائع: أيوه ، الغلابة ما حيلتهمش غيره
 الرجل: هو حد قرب من شرفك يا راجل إنت
البائع: أيوه.. أديك قلتها بعضمة لسانك..راجل تعرف يعني إيه راجل؟
الرجل: طبعا عارف
البائع: أمال عايزني أقلع ليه؟
الرجل: علشان العشرة آلاف جنيه
البائع: والله لما تديني الدنيا بحالها.. منك لله يا أم سيد
الرجل: شكة دبوس.. إقلع ( يحاول خلع ملابسه)
البائع: أوعى والله أدس راسك في الفرن بدل البطاطا ، واهو كله بثوابه
        ( يوسعه بالركلات في عصبية شدية بينما الرجل يحاول الإمساك بيديه)
الرجل: بلاش أقلع أنا ( يبدأ في خلع ملابسه)
البائع: هيه القيامة قامت ياولاد ، لا حول ولا قوة إلا بالله
الرجل: ( وقد خلع ملابسه الخارجيه) أهو أنا واقف قدامك أهوه، إيه إللي حصل
البائع: يعني تقولش نجوى فؤاد والا بنت عجرم واقفه، لم هدومك والبس ياراجل
          بلا خلاعه
الرجل: أنت قلت لي إنك تحت أمري من شويه. حصل،؟
البائع: حصل
الرجل: يبقى تسمع الكلام ، يا تسيبني أنط
البائع: نطة في بطنك جاموسه حافيه يا جدع
الرجل: مش أنا قلت لك إلبس هدومي وألبس هدومك؟
البائع: آه ..فهمت تتنكر يعني؟
الرجل: عليك نور، إلبس هدومي وهات هدومك بقى
البائع: بس هدومك غاليه قوي.. وعليها القيمة..
الرجل: ماعلينا هات هدومك
البائع: (يخلع هدومه ويناولها للرجل) بس كان لازم تدفع تأمين، آه..دي هدوم          المهنه 
الرجل: (يلبس الملابس بينما يبلس البائع الملابس الخاصة بالرجل)
البائع: تعالي شوفي يا أم سيد الأملة اللي بقى فيها زوجك
الرجل: كده كويس . إجلس عالسور بقى
البائع: (يجلس على السور) أيه؟ حا تصوني..لا مصيبه لأكون عجبتك
الرجل: أبدا .. أبدا..خليك مكانك وبص الناحية التانية،
االبائع: آه..والله شكله حا يصورني، باين عليه معجب
           (ينظر في الإتجاه الآخر حسب أوامر الرجل)
الرجل: ( يقترب منه ويفاجئه بدفعة تجاه النهر يثشبث البائع بالسور)
الربائع: يا نهار أبوك أسود.. والله أنا هارشك من أول الدور وعرفت إنك طمعان            في الفرن بس كذبت نفسي ماهي مش معقوله الأيافه دي كلها وتطمع             في حتته فرن
الرجل: فرن أيه ياغبي.. بوظت الشغل.. الله يهدك
البائع: ترميني في المية وتقول شغل..هات  الفلوس ياضلالي
الرجل: هو أنا لسه موت
البائع: أمال أموت أنا؟
الرجل : أموت أنا
البائع:  تموت كيف بعد أما تموتني؟
الرجل: ماهو ده الشغل
البائع: أنا اتفقت معاك إننا أموتك أمريكاني .. أونطه يعني واقبض المعلوم
الرجل:ماختلفناش
البائع: كيف..يعني
الرجل:ماهو أنت موش سايبني أشوف شغلى ..والا أقلك.. ما فيش فايده
               ( يحاول يقفز في النهر )                                        
البائع: (يمنعه) إنت كده حاتودينا في داهية ، وبعدين هات فلوس البطاطا
الرجل: هيه فين البطاطا؟
البائع: في المية
الرجل: مين اللي رماها في الميه؟
البائع: أنا
الرجل: يعني إنت اللي تدفع لي في الحاله دي
البائع: وأدفع لك ليه؟
الرجل: ضيعت وقتي
البائع: ودي جزاتي إننا باحوشك
الرجل: إحنا ناس مابنضيعش وقت. الوقت عندنا بفلوس، وبعدين كان زماني
          سمكه ، تعرف يعني إيه إن الإنسان يبقى سمكه؟
البائع: (يجاريه) أعرف ..أعرف
الرجل: أهو كده..عليك نور، باين عليك إبتديت تفهم
البائع: (يجاريه) هوه فيه حد في مفهوميتك يابيه، (ينظر حوله) الله يخرب بيت
          الشارع الفاضي ده
الرجل: بتبرطم بتقول أيه؟
البائع: لا ولا حاجة باقول الله يخرب بيتك يا أم سيد
الرجل:نبدأ الشغل في هدوء وبدون مناهده ..هه
البائع: قصدك نلعب .. ما إنت في الأول قلت لي إن  دي لعبة
الرجل: ما ختلفناش
البائع: نلعب بقى ...حادي بادي كرنب زبادي
الرجل: كرنب أيه وهباب أيه ما تجمد ياراجل
البائع: ماهو أنا ممكن أشتغل لك حاوي.. بس أروح لأم سيد بفلوس
الرجل: أقعد على السور
البائع: تاني
الرجل: وثالث وعاشر
البائع: شوف بقى أنا طولت بالي عليك كثير
الرجل: مش إنت قلت لي : أنا تحت أمرك؟
البائع: بس ما قلتش موتني
الرجل: ياراجل ..أنت موش حاتموت
البائع: أمال أبقى إيه؟
الرجل: تبقى سمكه ... تاكل البطاطا اللي في المية
البائع: يعني أنا رميت البطاطا في المية عشان أنزل آكلها؟
الرجل: لما تبقى سمكه الأول إنت تعرف أنا جيت لك ليه؟
البائع: لجل تنط في الميه وتموت
الرجل: لا ياحبيبي
البائع: أمال عشان أيه؟
الرجل: عشان آكل بطاطا
البائع: يخرب بيتك .. ما كانت قدامك
الرجل: بس في الأول لازم أبقى سمكة..وبعدين السمكة تاكل البطاطا..فاهم
البائع:ما علينا.. منك لله يام سيد،.أنا تحت، أمرك بطاطا وبقت في المية ومرواح
       لام سيد من غير فلوس مصيبة، أقلولها أيه..رميت البطاطا في المية؟!!
الرجل: نبدأ اللعبة بقى ، الله يخرب بيتك فرهدتني
البائع: ماعلش يابيه ، حقك عليه. بس أفهم الأول
الرجل: ما انت ما بتفهمش
البائع: الله يسامحك يابيه
الرجل:أنا باقولك إن الوقت عندنا غالي
البائع: الا بمناسبة غالي دي هوه  كيلوا اللحة بقى بكام؟
الرجل: رخيص..ب 60جنيه
الربائع: ياه .ده ثمن البطاطا في  شهر
الرجل: إيه ما بتاكلوش لحمة؟
البائع: والله أنا نسيت شكلها يابيه
الرجل: يا مسكين
البائع: مسكين ليه. راضين والحمد لله
الرجل : يعني راضي بحياة الذل دي؟
البائع: هيه يعني الكرامة في اللحمه ..طب سيبها يومين كده .. وشم ريحتها  
         كده. إنما البطاطا لو فضلت شهر تفضل زي ما هيه..عسل          
          كده..عسل..شربات..ياشربات
الرجل: أصلك نايم على ودانك ..مش شايف الدنيا واللي فيها ..بص(يشير للضفة
         الأخرى)
البائع: أنت اللي ما تعرفش السعادة..والله لما أروح لأم سيد باللي رزقني به
          ربنا ..وألاقيها مستنياني وكأني جاي من العراق..ومحضرة اللي فيه
          النصيب ناكل ونتلم حول الطبلية، الطبلية ياجدع .. ماهي من ساعة ما
          غابت الطبلية والأكل في طبق واحد خاب إحساس الناس ببعض يا بيه
الرجل: طبلية أيه وقرف أيه؟ ده حتى الأكل في طبق واحد بينقل المرض فوق
         شوف الدنيا
 البائع: وفيها أيه غير اللقمة والهدمة. دي قعدتي على النيل هنا بالدنيا
الرجل: يعني ..عمرك شفت بنت حلوة
البائع: أيو ..بيجوا يشتروا بطاطا
الرجل:الله يخرب بيت البطاطا..قصدي حسيت يوم بواحده حلوة
البائع: والله عندي ظفر أم سيد برقبة أي وحدة من دول
الرجل: سيدي يا سيدي عالغرام
البائع:عندنا حاجة انتوا ما تعرفوهاش يابهوات. عندنا حاجة اسمها العشرة.
       الست عندنا بيتبقى حته منك مهما كان..تبقى أغلى شئ عنك..ونيسة
         وشركة وقلب كبير  
الرجل: لما إنت راضي كده ومبسوط ليه عايز تقتلني بعشرة آلاف جنيه؟
البائع: يابيه انت قلت دي لعبة. أونطة، وبعدين عايز أدخل على ام سيد وفي
        إيدي مبلغ عمرها ما شافته. عايز أشوف الفرحة في عينيها
الرجل:ياخي أنا لو عشت يوم من أيامك أموت
البائع: أديك بتدفع الشئ الفلاني عشان تموت وموش عارف
الرجل: ومين قالك ان الموت حاجة وحشة
البائع: فال الله ولا فالك ..على رايك يا فريد: الحياة حلوة
الرجل: بس مش دي ..شوية بطاطا وطبيلة وماعرفش ايه. وقعدتك دي اللي
          مالهاش معنى قدام اللي رايح واللي جاي
   البائع: أصلك عمرك ما بصيت للنيل وتأملت فيه، عمرك شميت ريحته؟
الرجل: هو فيه أيه ما هو قدامي أهو ، أشم فيه أيه
البائع: تشم ريحة المية الحلوة، تشم ريحة الأرض تشم ريحة المزارع اللي
          متزوجها، يجيلك ماد دراعاته وفيها الخير
الرجل: والله العظيم قعدتك جنب ام سيد  هيه اللي جابت ورا
الرجل: ياسلام عالقعدة حوالين ركية النار واللمة حواليها في ليالي الشتا، والا
        الشاي في البراد القديم وهو بيغلي...لا .لا يابني، دي دنيه تانية ..أصلك
         مش فاهم  
الرجل: مش فاهم ..مش فاهم ، والله أنا فاهم كل حاجة
البائع: فهمني ..يافكيك؟
الرجل: الحياة دي حاجة ثانية عشان تعيشها، فلل ، قصور، سيارات،خدم،     
        حمامات بخار، جاكوزي، ناس بتدخل عليك كل يوم تبوس إيدك   
البائع: إلا ... والكوزي ده شبه الكوز بتاعنا يابيه؟
الرجل: ياراجل كوزي أيه؟. اسمه جاكوزي. حاجة بتدلك لك جسمك وانت نايم
        فيه مسترخي ...وعايش
البائع: والله .. أنا ظني في محله . أنت مش طبيعي. ابعد عني ياعم
 الرجل: ( يقترب منه يدلك كتفيه) أنا حا أخليك واحد ثاني
البائع: (ينتفض) قلت لك إبعد عني ...يابيه عندنا شرف . ماحيلتناش غيره
الرجل: والشرف ده مش عايز مرمطه
البائع: هات من الأخر؟
الرجل: إنت باين عليك ما فيكش فايدة( يحاول يقفز مي النهر)
البائع: ( يمنعه) إستني يابيه.. المسأله وما فيها..
الرجل: عايزنا نشتغل وإلا لأ؟
البائع: نشتغل يابيه. هو حد قال للشغل لأ. بس الحكاية..(يقاطعه)
الرجل: الحكاية أيه؟
البائع: البطاطا وبقت في المية ، وفلوس وما شفتش
الرجل: بسيطة آدي شيك بعشرة آلاف جنيه( يوقع شيك ويناوله للبائع)
البائع: ياليله فل..( يتراقص على الرصيف ) دي الدنيا حا تضحك لك يابوسيد
        ياناس ياهوه...تعالوا شوفوا أبوسيد المليونير..تاعلوا شفوا الآلافات
        بتترقص عالنيل
الرجل: مش قلت لك!
البائع: دالوقت بقى أنا تحت أمرك
الرجل: تنط في الميه
البايائع: (يفكر قليلاً) يفتح الله ياعم ..خذ الشيك بتاعك. دي أم سيد ممكن تموت
          فيها
الرجل: يعني انت راضي بعيشتك دي
البائع: (يبدي تراجع في موقفه) ماهو المسأله يابيه...
الرجل: أيوه..انت كده إبتديت تفهم
البائع: فهمني يابيه؟
الرجل: شوف الناحية التانية( يشير للضفة الأخرى) عمارات وفلل ودنيا تانية
البائع: تصدق بالله .. أنا أول مرة أشوفها دالوقت
الرجل: أهو كدة.. شيل الغشاوة من على عينيك..شوف السفن اللي في المية
البائع: أيوه يابيه
الرجل: فيها عالم تانيه، فيها رقص ومغنى
البائع: غوازي يعني..
الرجل: أما فلاح بجد
البائع: أمال أيه؟ لا كده عاجب ، ولا كده عاجب..خذ فلوسك ياعم
الرجل: الفلوس دي بقت بتاعتك خلاص، تعمل بيها دنيا تانيه تبقى من أصحاب
        الناحية التانية
البائع: إنت شايف كده؟
الرجل: طبعا ، تلبس وتتفسح وتتجوز حته حلوة وتدخل المراكب دي
البائع: معك حق
الرجل: أنا حا أقعد على المقعد ده أشم المية اللي قلت عليها لحد أما تفكر
           ( يبتعد ويجلس على المقعد أمام النهر وينظر في الماء بينما ينزوي
            البائع جانبا ينظر إلى الضفة الأخرى)
البائع: صحيح دنيا تانية وعالم تاني، صحيح إحنا مش عايشين ، إيه يعني لما
        أروح آخر النهار ومعي كم ملطوش، وكل واحد يقول هات، وياليت يجي
         لحد كده، دي حيا الله نومه على الفرن زي الجنين في بطن أمه، نايم
         والناس هايصة، نايم والطبل والزمر في كل مكان، نايم وفلوس البلد في
         كروش منفوخة أنا لازم أدخل المراكب دي وأعيش، وآخذ فله الناحية
         التانية، واتجوز حته غازية ترقص لي كل ليله، والا أقولك ياواد، خلف          عيال نظيفة وأدخلهم مدارس من اللي بيقولوا عليها يرطنو بالإنجليزي.          أرمي هدمة الشغل دي وألبس كاجول. ولو اني ما اعرفش يعني أيه
        ...آه.. يا خسارة حياتي اللي راحت .. ياخسارة ياواد،
         ( تضاء الإضاءة والبائع يجلس على كرسي وثير وقد لبس بدلة راقية             ويدخن السيجار في صالون وثير ملييء بالتحف يستمر في التدخين
         وهو ينظر إلى استعراض وأغاني تمجدة وتهلل له . ينتهي الإستعراض
          فينصرفون بعد تقبيل يده وهو ينثر الفلوس عليهم. ثم تطفأ الإضاء
         وتنار منطقة أخرى حيث يجلس هو بملابسه القديمة  لكن تعال هنا،       
         هيه  العشرة آلاف دي حا تعمل أيه؟ ...دي ولا حاجة ..دي
         ملاليم يعني. ده هيه يادوبك أجدد بيها عربية البطاطا دي، تاني عربية
         بطاطا؟ تاني  قرف وغم ولحوسه وهباب فرن؟. وبعدين؟ ما أنا ما                عرفش أعيش  تاني بعد أما فتحت عينيه على الدنيا وبقى معايا
         فلوس، وكرباج الحكومه على أكتافنا وعلينا السمع والطاعة، كد، أتعب،
         وعش عيشة هباب الفرن  أعيش أيه ، أمال اللي هناك بيعملوا أيه إذا
         كانت دي العيشه، والا أم  سيد لما تقابلني وهي بتنف في طرف كمها ،
         والعيال حواليها في مناهده، بقى بالذمة دي العيشة دي مش نافعة.
         والكام ملطوش دول ما ينفعوش... ما ينفعوش ( يبكي)
الرجل: هاه.. حا تعمل إيه؟
البائع: انت عندك حق بس الفلوس دول موش كفايه
الرجل : أما طماع بصيحيح ، ما أنت كنت من غيرها ولا حاجة
البائع: منك لله تفتح عيني على الدنيا وتسيبني؟
الرجل: أنا بري منك ومن أفكارك الشاذه
البائع: أنا اللي أفكاري شاذة، ما أنا كنت راضي وبسوط وبعدين أعمل أيه
        بالفلوس دي دول بالنسبة لي حاجة كبيرة وفي نفس الوقت ما يعملوش         حاجة . أعمل بيها أيه؟ وفي نفس الوقت صعب إننا أفرط فيها ولو  
       أتصرفت في الحاجة الهايفة دي حا موت نفسي ، ده أنا شايفها زي الهرم        وفي نفس الوقت ما تنفعش تعمل حاجة 
الرجل: (يضحك) جتك خيبة
البائع:( بإنكسارشديد) صحيح جتني خيبه إللي سمعت كلامك وأديتك وداني
الرجل: خلاص روح لأم سيد وللحياة الحلوة
البائع: خلاص ما بقتش حلوة
الرجل: ليه يعني؟ ...روح لبراد الشاي ولركية النار خليها تشويك يابطاطا
البائع: ماهي كالنت حلوة وانت سممتها
الرجل: يبقى خلاص تقب على وش الدنيا
البائع :بأيه؟
الرجل: بالفوس اللي معاك
البائع: ما ينفعوش
الرجل: يبقى أنط أنا في الميه( يمسكه) ما تسبنش الله يخليك..
الرجل: (يتراجع) أعملك أيه؟
البائع: حل الدماغ اللي ربطتها
الرجل: رباط أيه يا مجنون
البائع: انت حرامي
الرجل: حرامي؟..كده؟...ده جزاتي..أنا سرقت منك أيه هيه قوللي؟
البائع: سرقت سعادتي، سرقت مني الغفله الحلوة..سرقت مني ريحة النيل اللي
        با أشمها كل يوم وتسعدني ، يابه أنا كنت آجي هنا كل يوم وأنا ما
        أعرفش أنا ماشي والا طاير ، يابه أنا كنت باجري عليه زي ما أكون حا
        أقابل عشيقة، سرقت مني الريحة اللي باشمها كل ماأقعد هنا وتطير بيه
        فوق في السما .
         (يبكي وهو ينظر إلى  النيل ) ياحبيبي، يا سبب سعدي
       سرقوك مني ،ما عونتش با أشم ريتحتك، ما عونتش شايفك .. والله
      العظيم موش  شايفك ، شايف بس العمارات  اللي الناحية التانية ( للرجل)
        منك لله، سرقت مني الغفلة، إللي أحيانا تبقى لذيذة للي زي حلاتي  
الرجل: أديك قلتها أحيانا .إنما موش على طول.
البائع: بس أنا تعبان
الرجل:  والله إنت فكرتي ببيت شعر لأحمد بيك شوقي يقول فيه:
           كل شيء صار مراً في فمي
           بعد أن صرت بالدنيا عليما.
          آه من يأخذ عمري كله
          ويعيد الطفل والجهل القديما
البائع: وأنا أعمل أيه دالوقت؟
الرجل: خلاص . ترضى بحياتك
البائع: ما عدش ينفع
الرجل: نط في المية
البائع: وأبقى سمكه..هه..مش ده رايك
الرجل: أحيانا السمك بيقلب المراكب
البائع: ده هناك .. سمك القروش الكبير اللي في البحر إنما السمك اللي زينا
       حيالله بساريا
الرجل: خلاص مالكش عندي حاجة اللي عندي اديتهولك شوف بقى حتعمل أيه
البائع: أنا إللي أقول لك أعمل أيه؟
الرجل: أفهمني الأول
البائع: الله يرحمك يا سعد زغلول: غطيني يا صفية وصوتي ما فيش فايده
الرجل: يعني حا تعمل أيه؟
البائع: (يناوله الشيك) خذ فلوسك أهيه ياعم أما أنا فسبني في حالي
        أنا دالوقت اللي حا أنط ( يندفع مسرعا نحو السور ويقفز في الماء.
        يقلب الرجل  الشيك بين يديه)
الرجل: مسكين أنتحر رغم أن الشيك ما لوش رصيد
       ( ينظر للفرن الذي ينبعث منه الدخان بشدة)
                  ستار


  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق