الشخصيات:
أحمد
سيده
نعيم
الصحفي
دنيا
مدير المنصة
عضوا1
عضو2
عضو3
القهوجي
رجل1
رجل2
رجل3
الدكتور
مجاميع [أهل الحاره ]
المشهد الأول
المنظر:
حديقة قصر الأستاذ نعيم وقد زينت بالأشجار بينما يظهر القصر في الخلفيه.عم أحمد في حوالى الاربعين من عمره يقلم الاشجار بينما سيده زوجته تناوله الأدوات وتمسك بالسلم الذي يتسلقه ،الوقت ظهراً كما تبدو حرارة الشمس ملتهبة صوت المقص يقلم الأشجار
أحمد : شوفي لك حته تداري فيها من الشمس
سيده : أمال مين اللي يمسك لك السلم
أحمد : أهي هانت .هانت يا سيده كلهادقايق ونخلص
سيده : شد حيلك أمال .ثم ايه اللي زنقنا نعمل العمله دية في عز الظهر
أحمد : الضيوف يا سيده
سيده : أهو أنت كده كسلان، على طول تسيب الشغل لآخر لحظه
أحمد : دايما لسانك طويل عايز قصه
[تترك السلم فيسقط على الأرض ينهض ثم يركض ورائها{
هاتي لسانك والله لاقصه
سيده : يا لهوي هو أنت اتجننت يا راجل عليه النعمة إنك اتجننت
أحمد : أنا قلت هاقصه يعني هاقصه
سيده : مابلاش هزار بقى
أحمد : أنا مابهزرش، طلعى لسانك بره ..هاتيه
سيده : هو بقى فيّه لسان ياراجل إنت
أحمد : يعني أيه .. يانهارك إسود . ماهو كان زي الفرقله من شويه
سيده : قلت خلاص . ريقي نشف خلاص
أحمد : أهو كلكم كده يانسوان، ما ينفعش معاكم إلا قص اللسان
قال كسلان قال
سيده : والله لاشتكيك لسعادة البيه
أحمد : نعيم بيه .. الله يديه الصحه
سيده : ليه هوه عيان؟
أحمد : أهو الدعوة تجوز للحي وللميت
سيده : أهو إنت كده ،بتطلع من كل مطب ومطب زي الشعره من العجين
أحمد : لسانك طلع أهوه... لهيتيني عن شغلي الله يشغلك. الضيوف على
وصول والجنينه لسه ،دي كفايه عليه دنيا بنت نعيم بيه لو مالقتش
الحاجه كده قداهما جاهره بتهزأني
سيده : لأحمش ياخويه ، اسم الله عليك
أحمد : قصدك إيه؟
سيده : ولاحاجه ياخويه باسمي عليك. اسم الله على جوزي ،الراجل الحمش والشهم
أحمد : بالك يابت ياسيده ؟
سيده : أيوه. بالي
أحمد : أنا عايزك تستحمي كويس . فاهماني
سيده : أيوه فاهمه
أحمد : تستحمي ياسيده ... المره دي بجد . إنت عارفه ضيوف نعيم
بيه دايما على الفرازه
سيده : يالهوي ..إلا هو أنا باستحمى أي كلام
أحمد : ماعلينا .. وتلبسي الحته الزفره إياها
سيده : يووه ياسي أحمد .. ماهي كل الحتت إلي عندي زفره ..
أحمد : أنا عارف إن الزفاره ماليه هدومك لكن أنا قصدي يعني...
سيده : أيوه ... أيوه فهمتك النظيفه يعني
أحمد : عليك نور .حاكم البهوات دول مناخيرهم شبرين ،ويشمو
النفر منا وهو بعيد
سيده : الله يحرق دمك يابعيد ..كان مالها الهدوم دي.. هه
أحمد : تاني ياسيده .لسانك بداء يطلع بره أهو هاتيه
سيده : يالهوي
[ تهرب للداخل وهو يجري ورائها ]
اظلام
المشهد الثاني
المنظر :
صالون [نعيم] صالون ثري به بعض القطع الوثيرة . تنساب موسيقى كلاسيك من جهاز التسجيل . يجلس الصحفي يقلب أوراقه. تدخل سيده وقد ارتدت ثيابا نظيفة ذات تركيبه غريبة غير متسقة تقدم المشروب
الصحفي : الأستاذ نعيم هيتأخر؟
سيده : حالا ...
الصحفي : لوكان تعبان أجيله مره ثانيه
سيده : لا ..جاي حالا
الصحفي : تلاقيه بعد السفر كان مرهق شويه
سيده : أنا سمعت إنه خد جايزه كبيره قوي
الصحفي : أيوه أنتي ما تعر فيش إنه أخذ جايزه أكبر شاعر
سيده : لا ده أنا اطلب الحلاوة منه بقى
الصحفي : إنتي تستاهلى أحسن حلاوة .كفاية إنك واخده بالك من
شاعرنا الكبير ومهتمة بيه
[صوت نعيم من الخارج ]
الصوت : ياسيده
سيده : لحظه عن إذنك [تخرج ]
[يتجول الصحفي يتأمل اللوحات التشكيلية المعلقة على الحوائط
تدخل سيده وهي تقود نعيم ويساعدها الصحفي حتى يجلس فهو
كفيف ..تخرج سيده]
نعيم : أهلا .. أهلا .. إتأخرت عليك
الصحفي : عفواً .. عفواً أستاذي أنا ممكن أستناك يوم كامل ولي الشرف
نعيم : ده أحنا إلي لنا الشرف...سلطه رابعه بقى تشرب ايه يا أبني ؟
الصحفي : شربت ..شربت شاى
نعيم : لا.. ده إنت لازم تشرب شربات
الصحفي : شربات الجايزه طبعاً ... كل البلد حضرتك شربت الشربات...
وبيهنوا بعضهم
نعيم : كانت سفره حافلة مليانه بالشجون
الصحفي : الحمد لله على سلامتك وألف مبروك
نعيم : الله يبارك فيك
الصحفي : ممكن نبدأ حوارنا وألا انت تعبان؟
نعيم : هو فيه حد يتعب من الحوار . ده أجمل ما في الوجود فما أشد شوقنا اليه
الصحفي : أستاذنا العزيز ما أغرب ما وجدته في سفرتك ؟
نعيم : وجدت أناس يغطون في سبات الحضاره وينتشون بنشوة زائفه
الصحفي : لكن مبانيهم شاهقه . تبهرك حضارتهم
نعيم : وهو ما يخيفني
الصحفي : لماذا؟
نعيم : لأن المباني المنخفضه تجبر الإنسان على الإنحناء لكن مبانينا تغوص في الأرض
ثلاثه أرباع علوها فتتحمل الهزات وهو ما يطمئنني إلى حد ما
[سيده تدخل مسرعه ]
نعيم : مالك يا سيده ؟
سيده : كلب سعادتك موت كلبه الجيران نازل فيها عض
[يدخل أحمد يجذبها من يدها ]
أحمد : إنتي أيه الي دخلك دالوقت
سيده : الله لازماً أقول لسعادة البيه
أحمد : مش وقته دالوقت .
سيده : الله ... ما هي برضه غلبانه ...يعني أسيب الكلب طايح فيها كده
أحمد : [يجذبها بعيداً يضربها] قلت يالله بينا دالوقت البيه مشغول..
لمؤاخذه ياسعادة البيه .
تعيم : [يضحك] سيبها يا أحمد سيبها ثم لازم تفض الخناقه دي ،وإلا
نسيب الكلب طايح في الكلبه تموت في إيده وإحنا نتفرج
أحمد : تتفرج !
الصحفي : [يضحك ] قصده على الخناقه الي بره
[أحمد يجذب سيده من يدها ويخرج ..يضحك الصحفي ونعيم ]
نعيم : الله يجازيك ياسيده . كنا بنتكلم في أيه ؟
الصحفي : كنا نتكلم عن الكلاب.. أسف أقصد عن الحضارة
نعيم : شوف يا إبني . إن كل حضارة مهما إزدهرت تحمل في داخلها
بذور فنائها فاللضوء بلورات خفيه تبعث على الطاقة . إذاً لابد
من البحث عن هذه البلورات
الصحفي : أنطمع أن نسمع بعض حكايات الطفولة ؟
نعيم : طفولتي .... طبعاً.. لي حكاية ظريفة . أقولها لك ..
الصحفي : أنا جاهز
نعيم : جلست ذات يوم ألمم الزهور من الشطآن
وفي ربى الوادي يرفرف الحمام
والفرح في المآقي .... يغسل الغيوم
لتهطل رخاتها ...لا.... هو رذاذ
ندى....يحوم فوق العشب
يحوم في أنحاء .... ذاك الغاب
وفي أعالي ربوة بعيدة...
تربعت شمس الضحى ... تبث شعرها
فتغسل الوادي بعطرها اللجين
أساور ... أساور من فضة تحيطها الجبال
بألوان الأزاهير تلونت فراشات الخيال
ُتزاحم الطيور
ُتزاحم الغدير
ُتزاحم الأطفال ..يلعبون تحت شلال الخرير
وفجأة ...............
عن اللعب ... يسكت الأطفال
............وينسون الضحك
وُتلجم الطيور عن التغريد
حتى الفراشات ....تشرنقت
وتنشد ..... أناشيد العديد
سألت ماء النهر ...أين تغريد الحياه ؟
لكنه....... يجيب..
بأن هناك [ تلفريك ] ظهر
يعانق الجبال
ويخطو خطوه نحو القمر
حضنت أزهاري وقد عزيتها
مسحت دمعة ..بلورة....
تسيل في مأقيها
لا تحزني يا زهرتي الندية
بعطر ماضيك وشمسك العفيه
هذا عهدناه وغصباً نستسيغه
تلك إذاً هي .......سنابك الحضاره
الصحفي : الله ياأستاذ نعيم ، لكن هذا يجرنا إلى سؤال آخر..هل هذا
هو موقفك من الحضارة الوافده
نعيم : الحضارة شئ جميل شريطة ألا تطغى على معطياتنا فتخيفها
كما أخافت ذلك الوادي
الصحفي : لماذا نخاف منها؟
نعيم : نحن لا نخاف منها وإنما ننهلها بدون وعي
الصحفي : هل تعلم أنهم وصلوا للمريخ وسيبنون عليه حياة ؟
نعيم : نعم نحن من دمر الأرض وسندمر المريخ أيضاً
[جرس الباب يرن تدخل دنيا إبنة نعيم وهي شابه جميله في العشرينات]
دنيا : بابا حبيبي [تقبله وتصافح الصحفي ]
[للصحفي] ده بابا
الصحفي : طبعاً ...طبعاً تفضلي [تجلس]
دنيا : مش لوكان بابا مفتح كان يبقي أحسن..
الصحفي : والدك بيشوف أحسن منا ده عنده حس عالي جداً لدرجة أنه
يرى لحظات لا نبصرها نحن
نعيم : أبداً ياسيدي دي تحب إن يكون أبوها مفتح
دنيا : أصحابي في الجامعه دايما يقولون بنت الأعمي يرضيك الكلام
ده ،ثم أتجوز إزاي ؟ده كان خطيبي بيحبني قوي .لما عرف
إن بابا أعمى عايز يسيبني ،وبعدين أنا في الجامعه
الامريكيه كلهم ابهاتهم مفتحين
الصحفي : وإنت رأيك أيه؟
نعيم : ومن منا يكره البصر، فأنا دائماً أحتاج إلى أيدي الناس فكيف
إذا أحتجت إلى عيونهم
الصحفي : إذا لم تجري العمليه التي نصحك بها الأطباء.. ستظل تحتاج إلى
أيديهم وعيونهم أيضاً
نعيم : آه ما أشد مرارة الإحتياج...إنه إحتياج من نوع آخر
الصحفي : ماذا تقصد ؟
نعيم : زمان احتجت النظر عشان أشوف اجمل امرأة سمعت صوتها
وحسيت بيها ودلوقتى أحتاج إلى عينين وأنا لا أملك الثمن
دنيا : وده الي مجنني
نعيم : ياستي..ده كفايه عليه عنيك الحلوين دول باشوف من خلالك كل الكون
..صوتك بيفكرنى بالمرأة الوحيدة في الكون اللى شوفتها بصوابعى
الصحفي : بصوابعك .. نرجع لحوارنا معاك
نعيم : معاك يا سيدي .
الصحفي : أحلامك .. بتحلم بأيه ياأستاذ نعيم؟
نعيم : أنا هاأقول لك مقطع من القصيدة الي أخذت بها الجايزه
الصحفي : ياريت
نعيم : في ليلتي ياما سهرت وتمنيت
وعلى بصيص الضوء ياما ترجيت
ليت الهرم والفاو وتونس لنا بيت
وتكون تهامه حوش والباب حطين
وتكون وهران كلها له بساتين
ويكون نهر النيل فيه جداول
الصحفي : الله عليك ياأستاذ نعيم .. وده هو عنوان هذا اللقاء الممتع
مانشيت رائع ..... البيت الحلم
إظلام
المشهد الثالث
المنظر :
مؤتمر صحفي في الجامعة الأمريكية وقد ظهر فيها مدير المنصة وحوله رجاله وتابعيه بينما تبدو الصالة فارغه قبل دخول الضيوف. إجتماع مغلق
مدير المنصة : إحنا دلوقت في إجتماع مغلق والكلام ده سري للغايه
عضو1 : عيب ياأستاذ .الباب مقفول ومافيش حد هنا غيرنا
عضو2 : الموضوع ده موضوعنا ومش من مصلحة حد إنه يطلع بره
مدير المنصة : لا. والمجلس الأعلى منبه على سرية الموضوع ..غير كده كلنا
هنطير
الأعضاء : كلنا تحت أمرك
مدير المنصة : أوكي .. الأستاذ نعيم عامل قلق للمجلس الأعلى وأنتوا زي
ما إنتوا شايفين المنشتات والقصائد الي ماليه الجرائد
عضو2 : ثم ماتنسوش إنه أصبح لسان حال البلد
عضو1 : وخصوصاً بعد الضجه الي عملتها الجايزه
عضو3 : دي الدنيا كلها شايلاه على إكتافها
مدير المنصة : وهنا تكمن الخطورة
عضو1 : يعني أصبح يشكل خطورة على المجلس الأعلى
مدير المنصة : عليك نور ومن هذا المنطلق يجب إسكاته
عضو3 : يعني نستأصل لسانه
عضو1 : في ثوب الرأفة والمعونة وهذا مايراه المجلس الأعلى
الجميع : موافقون
مدير المنصة : موافقون بالإجماع . والآن تفتح الأبواب
[تفتح الأبواب ويدخل الجمهور كما تدخل دنيا وقد إقتادت
والدها حتى مقعده ]
مدير المنصة : سعدنا بكم وبكل ما تحملونه للأستاذ نعيم من مشاعر فياضة
صحفي1 : قلوبنا ومشاعرنا جميعها للأستاذ نعيم وإن أشتد الأمر فأعيننا
أيضاً. والدليل على هذا كل هذه الجموع التي أتت لتشاهد
وتشارك شاعرهم
مدير المنصة : ومن هنا جاء قرار المجلس الأعلى بإجراء العملية للأستاذ نعيم
على نفقتها الخاصة وفي أحدث مستشفى بالولايات المتحدة الأمريكية
صحفي2 : نحن نحتاج إلى عينيك لتعم الرؤية
الجمهور : كلنا نحتاج إلى الرؤية
نعيم : كلكم مبصرون وأنا أعمى
أحد الجمهور : إذاً فلابد من الضياء
نعيم : نحن نشتاق للضوء داخلنا . فحين يسطع ضجيج الضوء بالخارج ، يطفو
فوق كل الضياء الداخلي، ومن هنا قد نفقد حميمية الدفء الداخلي
صحفي1 : ألهذا تأخر أستاذنا في إجراء هذه العملية سنين عده لتتم الموائمة ويتسق الجمال
نعيم : الجمال هو إتساق بين المنطق والعقل فإذا طغى أحدهما على الآخر ...
هنا يكمن الشقاء .والبصر نعمة حسيه تؤدي بدورها إلى الإرتقاء .
ومن غير المعقول أن تتاح لي عينان أبصر بهما وهنا تكمن مأساتي في قلب قبو
مظلم مع بصيص نور خافت في وقت غاره
منذ متى .........؟
منذ زمان
والٍٍٍٍٍٍقبو يحتضن عمري النحيل
وأولادي ... داخل مغاره
آن الأوان يارحيل العمر
أن تفض بكارة الظلم
يتزاوج الظلام مع النور
وتنكسر المغاره
تأملت أناملي كؤوس المر
والملاعق والسكاكين
والطعام خالي حولهم
.......أطفالي ينامون
على فرش المجاعه
بلوعتي وجوع بطن يصطلي
لا أملك سوى أن أمسك السكين
...............وأكسر الطبق
صحفي1 : شاعرنا تحمل أهوال الحرب ،وحمل إصابته وساماً على صدره
كل هذه الأعوام فما هو شعورك وأنت على أبواب النور
مدير المنصة : الكلمة الأخيرة للشاعر الكبير ليعبر لنا عن أحاسيسه ومشاعره
نعيم : كلها لحظات قد تبدو متناقضة سأصفها لكم
رنة الريح في أذن النجوم
ورفة ليلكه في ليل سكون
وارتعاش النار من خلف الخيام
احتباس الناظرَين بعد لطمة بعيدة المدى
تحليق النوارس فوق صفحه المياه الهادئة
ورحلة دمعه في مقلتين
ركض عطشان خلف السراب في يوم لهيب
وجريح الكهف في ليل بهيم
وبصيص الجمر في جوف الرماد
وصرخة الميلاد
حضن الأم ساعات اللقاء
رائحة الثرى بين طيات الندى
وسليل مياه النهر تلاعب الحصى
ولحظة الرحيل الي المدى البعيد
ودموع مبتهل في بهيم الليل
وإغتراب من غابوا عن الاوطان
ولحظة الظنون واكتشاف خيانة الحبيب
وفض بكارة الابداع وانطلاقات القلم
مرارة الوعد المؤجل للبراءة.....
............في غياهب السجون
جري النخيل طليقة بين السهوب
صوت الجريح ورجعه بين الجبال
لحظة الميلاد
ونزع رصاصه من قلب جريح قبل أن يموت
لحظة الزواج ولحظة الطلاق
وموت طفلة في حضن أمها بين الصخور
وانغماس قرص الشمس في حضن الأفق
ووأد طفلة بريئة بين الثرى خوفا من الورى
ولحظة اختفاء مركب في الأفق البعيد...
تحمل الحبيب.......وهى لن تعود
وارتعاشه اللقاء
انغماس سيخ مشتعل في جرح دفين
وابتسامة الوليد
وأولي ثغثغات طفلة تحبو علي الجريد
وصوت قضبان القطار ترنو الى البعيد
وسط غابات مليئة بالوحوش والسكون
..............وبالظلام
وهسهسات الموج في جوف القواقع
وانبثاق الشرنقة لتفتق الحرير
تجمع الفراشات الملونة لتمتص الرحيق
وانحدارشلال من المياه وسط بركان الرذاذ
وانحباس النفس قد تعود و لا تعود
ولحظة انفجار في جناح طائره .....
...........ثم تنجو بسترة النجاة
ولحظة الغوص في أعماق المياه
هروب قطرة من زير محكم و غابة الرقابة
تمرد القلم لينكسر فيصرخ الكاتب ومزق الورق
ودق قلب طفل في الأحشاء فترهف الام السمع
وسلة مليئة بالزهور والريحان وأجمل الأشياء
..........تغوص بالداخل فتلمس الثعبان
كل هذه المشاعر واللحظات أحياها جميعها الآن
بين أيديكم
مدير المنصة : نعيم يحمل مشاعر الأبطال بكل جوارحه وهذه تجربته
إظلام
المشهد الرابع
المنظر :
في صالون قصرنعيم المكان هادئ لا يخترق سكونه سوى صوت الموسيقى المنبعثه من جهاز التسجيل . دنيا ترقص على الموسيقى يدخل نعيم .وهي لا تشعر بوجوده صوت المطر ينقر النوافذ . يستند إلى أحد الأعمده [يرى فيها زوجته التي توفيت]
نعيم : حينما تميل الشمس إلى الغروب
وتجر ورائها آخر أشعة الضوء
................أتذكر حبيبتي
أتذكر جولييت
حينما تتساقط حبات المطر الثلجيه
على نافذتي الزجاجيه..........
ويقف العصفور مبتلاً
بعد الليلة الشتويه
..............أتذكر حبيبتى
..............أتذكر جولييت
حينما يداعب النسيم أوراق الأشجار
تتمايل تتراقص........تتساقط
تقع في مجرى النهر يجرفها التيار
............. أتذكر حبيبتي
أتذكر جولييت
دنيا : الله .الله عليك ياسى بابا قد كده كنت بتحب ماما ...يا بختها يا عم
نعيم : كنت لما أحط رأسى في حضنها ،تمسح بيدها على شعرى أحس أن
العالم كله بين إيديها . أنتشي .أغتسل بحمام دافئ ..تعرفي يادنيا انا
عرفت ماما ازاى ؟
دنيا : ازاى ؟
نعيم : كنت بعد الحرب مرمى في المستشفى جريح وسمعت صوتها
كانت في زيارة لأخوها زميلى في العنبر وعرفنى عليها شوفتها
بقلبى مش بعينى رسمت في خيالى صورتها كان نفسى افتح
عشان اشوف الإنسانة اللى سابت كل المفتحين في الدنيا
وقبلت تشارك الحياة عين مقفولة عن النور .. وكانت اجمل
كلمة سمعتها ..عينيك حلوة شبه الليل الغطيس في بلدنا والسما
من غير نجوم تستنى القمر يطلع ..كانت لما بتلمس شعري
دماغي دي بتولع من كتر جري الدم فيها حياه ثانيه ...ودنيا ثانيه
دنيا : [ تبكي] ياحبيبي يابابا
نعيم : فيه أيه يابنتي ... فيه أيه ياحبيبتي ؟
دنيا : إفتكرت خطيبي ...عاوز يسيبني يابابا
نعيم : برضه
دنيا : أيوه يابابا... قال أيه خايف من العمى لا يكون وراثة ودخلنا
في حكاية جينات وراثيه وحواديت طويلة
نعيم : وإنتي ماقولتيش له إنها إصابة حرب .لازم يعرف إن أبوك بطل
من أبطال الحرب وله الشرف..
دنيا : مش مصدق. حتى الأوسمه الي عندك تجاهلها
نعيم : لا. أكيد دي حجه. لكن دي مش مشكلتك يابنتي دي
مشكلة كل البنات وده بسبب حاجات كثير
دنيا : حاجات إيه يابابا ممكن أسمعها
نعيم : لا .الأحسن إنك تسمعي الحكايه دي
في صحوة العمر الجميله
وفي ربى الأحلام
وعلى رنين العود يشدو بالنغم
يلون الأفق البعيد صراخهم ... ثلاث
والكل ينظر حولهم بحسرة ..ياللأسف
فالافعوان يلوي حولهم .....
فلا فرار..............ولا فكاك
هل من ملاك يطفي ناره
فالنار تأكل بعضها ..
من فيه تمد لسانها هنا ...وهناك
من الباب ... من الشباك
وثقب باب ضيق يرنولهم
أنا هنا ... الكل كله ها هنا
................في ثقب باب
وفارس الأحلام يمتطي صهوة حصان
.......................في ثقب باب
وسيفه المكسور ينغمد في بحر دم
لا......لا......لادماءلكن سراب
ولا لظى ناره الشنيعة نحوهم
.......................تقتل ذباب
يا للخديعة كم مضى من الزمان
....................عشرون عام!!
لكن سمه يلتصق بكل شئ
حتى الملاعق والكؤوس
وعلى علامات الزمان المبهمه
......................بلاجواب
تدعو له الوسطى بطول العمر
فيضغط نابه يحثو تراب
تدعك الكبرى عينها..كفايه خلاص
..........................أناعميت
لكن صغراهم وللأسف بلا حراك
تمتد في خوف ...مرض...ويا الألم
لا يسمع الجيران إلاهمسهم
والباب موصد دونهم.....
وعقارب الساعات تدفق
أمعائها على المعاصم في صمم
أما هو فيزداد نار.........
ويفتح الفك الرهيب في تباهي
أنا هنا .......فيبتلع كل البنات .
كل البنات ..كل البنات .كل البنات
[سيده وزوجها أحمد وقد تسللوا واستمعوا لقصيدته]
دنيا : إمتى تعمل العملية يابابا ونخلص من الهم ده كله
نعيم : وأشوفك يادنيا ياشبيهة أمك كانت أمك دايماً بتقول لي إنت
شبهها ولما بأتحسس وشك ألاقيك شبهها تمام
سيده : الحقني يابيه... الأفعوان ده نازل فيا عض
نعيم : [ يضحك ] الله يجازيك ياسيده تعالي
سيده : حاضر يابيه
نعيم : تعال يا أحمد
أحمد : تحت أمرك يابيه
نعيم : فيه إيه ... إنت تاعب الست دي ليه ؟
أحمد : يابيه كل ما أقول لها اسمعي كلام نعيم بيه الحلو ده،
ماتسمعش الكلام
سيده : يابيه ... يابيه . والله باسمعه لكن مابافهموش
نعيم : إسمعي يا سيده ... لكل واحد منا إطاره المرجعي..
سيده : ..هه .. بتقول أيه؟
نعيم : أطاره المرجعي
سيده : أيه.. المرجعي ده ؟... أيوه .. أيوه فهمت بالك يابيه ... لما
البط بيسرح في الترعه أصرخ عليه وأقول له .. بيتك .. بيتك
..بيتك.. إرجعى إرجعي إنتي وهيه
أحمد : [يركلها ] كسفتيني الله يكسفك.
نعيم : بالراحة عليها يا أحمد
أحمد : يابيه الراجل منا يحب مراته متنورة كده بالعلام اللي يخلي
الواحد كده منور، دانا كل ما أبص لها الاقيها مع البط والوز
والمعيز تحس انها واحدة منهم بطيبتها
دنيا : خذها خذها كده بالراحة
أحمد : لحد إمتى ؟
دنيا : لحد ما تفهم
أحمد : ياست هانم الواحد منا لما بيتفرج على التلفزيون وإلا قناة الأ
ل. بى .. والا إسمها ايه دي..؟ الواحد بيتحسر على روحه
سيده : يابيه شيل التلفزيون ده يابيه . من ساعة ما أديته لنا وحاله متغير.
أحمد : ليه ما تقوليش لما باسمع كلام البيه الجميل
نعيم : [يضحك] يعني أنا السبب .. ما هي لازم تلف ،تلف وترجع
عندي ....(منادياً) يادنيا
دنيا : أفندم يابابا
نعيم : خذي سيده وعلميها الكلام واللبس وكل شئ ومش عايز
أشوفها إلا وهي حاجه ثانيه
سيده : قال أشوفها قال
أحمد : بتقولي أيه ؟
سيده : ولا حاجه
نعيم : أهي دي اللي هاتخليني أعمل العملية
إظلام
المشهد الخامس
المنظر :
قهوه شعبيه حيث الجو الشعبي والأرجيله والأغاني الشعبيه تملاء المكان ، يجلس نعيم وقد أحاطه جمع من أهالي الحاره كما تظهرالمباني قديمه في الخلفيه
رجل1 : نورت يانعيم بيه .. نورت حتتك
نعيم : حلوه نورت دي، إشحال لو ماكانش الواحد معاكم هنا كل يوم
القهوجي : وعندك واحد سحلب لأبو دنيا وصلحه
رجل2 : واخذ بالك .. ده حافظ
رجل3 : الله ... إشحال لو ما كانش من أهل الحته
نعيم : عبق الماضي وذكريات الطفولة
القهوجي : ده الأستاذ نعيم مربينا كلنا على أيديه
نعيم : وكل الشباب الي زي الفل ده كبر قدام عينيه ، والا بنات
الحته.... كنت ياواد أغض عنهم بصري
رجل1 : وكنت بتشوفهم ازاى ؟
نعيم : من إعجاب الشرقاوى وبصبصته
رجل 2 : كنت بتشوفه ؟
نعيم : كان لما تعدى بنت صغيرة يقول لبانى اكبر شوية يقول كندوز
وفرسة وخلافه حمدت ربنا انى مش شايف عشان لو شفت
كانت الحياة هتتلخبط قدام عينى كل واحدة ست او بنت
بوصف الشرقاوى كانت هتبقى مجرد بهيمة وده التناقض
رجل 1 : نعمه.. الله يديمها عليك
نعيم : فينك يا شرقاوي الله يرحمك
رجل2 : إيه هي حكاية شرقاوي دي
نعيم : تحب تسمع
أصوات : كلنا نحب نسمع
[ يمكن أن يجسد الشعر مع إلقاء الشاعر]
نعيم : في يوم من الأيام وعلى القهوة دي اللي ما
غيرهاش الزمن .. كان يجلس عم الشرقاوي
من نافذة المقهى ألمح عينيه
تبصق ذعرا بكل الأنحاء
تتوالد نظرات أخرى
تتزاحم فيها صنوف الكون
تتبختر فيها فتاة شقراء
تلف جسدها بملاءة
ورنة خلخال ..
تذيب قلوب أهل المقهى
أصوات : الله .. الله عليك يا نعيم .. الله يا أستاذ
القهوجي : يا وعدي
نعيم : وعربيد بسياط صفراء
يلهب بها ظهور البسطاء
وجذر الشجرة الملتوية
يتهودج منها " بحبوح "
بثياب رثة متسخة
يمتص عيدانا لزجة
ويطلق صرخات بلهاء..
ووجوه ملثمة تقنص إبطاً..
يتفجر أطفال ..!!
وقرص الشمس الذهبي :
رادار كل الفقراء ،..
يتباطأ ..
خطواً خلف القلعة.
تنتظره كل الأحياء
ينوه عن نوة خطرة .
تُسيل دموع الأطفال
قطرانا ..
يرصف شارعهم ..
ويدوي مدفع رمضان :
" الله أكبر...الله أكبر"
إيذاناً ببزوغ الفجر
يتدحرج بطئا
يتقافز فوق أكتاف الأطفال.
وضوء الشمعة الشاحب
تتواثب في قلب الصحراء
يلوح وراءها شيخ كهل
يهمم بصوت خافت
يتثاءب بين حصون الشرق
ويغمض عينا ويفتح أخرى :
........................:
" أين الكلب الرابض بين الشوك
ليحرس نبات العلقم .. ؟ "
تبصقها خراف الراعي...
المقهى يكتظ – عيونا-
وألمح عين الشرقاوي :
ترقب ..ترصد ..تدمع
طفل ....
يسحب...
يُكربج ظهره بسلاسل
.. .... .... .. .
يتدحرج بين غصون النعناع
فيبعثر كسب البائع
هس هس ...لحظة !
صوت آت...
تتعالى دفوف الزفة
صوت دفوف الزفة
عروس بالحناء ..
تَخطُر..
تترنح..
بين صفوف الربع
[تدخل الزفة]
وتتعالى دفوف الشارع
لتصُم آذان المقهى
فيطير عيار طائش
ليقتل عين الشرقاوي
[تحمل جثة شرقاوي مع طبول واستعراض العديد]
رجل1 : ما هو كان لازم يموت
رجل2 : هو كان لاقي عيشه علشان يعيش
القهوجي : ما هو بعد ما رجع من وقفته على النهر جه هنا وقعد على
القهوة دي إلي جابت أجله
رجل3 : وهو كان بيروح يقعد على البحر بيناجي جنية البحر إياك
نعيم : على ضفاف النهر كان يرتدي
ثوبا ثقيلاً...وجزمةً.....ومعطف
يرى ضفاف النهر تبرق .. تتقد
لكن الضفتين تتسع
نادى منادي الشاي
مالك....سيدي ...سلامتك
قهوه .... وشاي.. ...
يدق براحتيه السور ..ما الذي جرى
كيف الوصول للضفة الاخرى
وكيف تلعق الشطاّن أطراف الثرى
أين الجسور والنسور
أين القناديل ...... أنطفت
أين نوبات الصراخ
أين الحمائم يا أسف
غربان مذعورة تغطي شاطئيه
والنهر يقتات الثرى
ينادى منقذيه من الهلاك
عد يا صديق العمر.. يا نهر الأحبة
كم طويت بين ثناياك قصص
كم لاح في الأفق البعيد من الأمل
وكم توارت في الأفق من مركب
تحمل الحبيب .قد تعود ولا تعود
نادى منادي الشاى
عذراً سيدى .....
إن الجلوس على الضفاف
هنا..... بالفلوس
هس.....لا شىء
[يضحك الجميع ]
القهوجي : ومن يومها وهو قاعد على القهوة إلي ما غيرهاش الزمن
دي ….. قهوة الرواد
رجل3 : بس شوف أنا راصد الموقف إزاي .!إلا قولولي إنتوا مش
عارفين عينيه راحت فين ؟
القهوجي : راحت فين يا عم...رصاص الحرب ذوبها .
نعيم : لا.دى سابت راسي وتدحرجت تلف النجوع والوديان..
وآخر المطاف ترجع توشوشني بكل الي بتشوفه وأنا أحكيه
لكم فهمتوا .[يضحك الجميع ]
تدحرجت من قمة بعيدة المدى
تلوي ورآها سحابة كثيفة
تلون الكون الملئ بالغبار
بلون قرمزي يحف بالأشجار
نفى الغفير علمه بما حدث
فيفتل شارباً ملوثه
..............شاربي أهم
غفير من هذا على أمانات الأمم؟
لكنها تدحرجت ..تدحرجت
لتنفجر من بين رجليه
.....فيبدوكالجراده
تقافزت على ركامات القمامة
[الجميع يضحكون ]
رجل2 : قال يعملوا لك عمليه قال
رجل1 : ده إحنا من ساعة ما قرينا الجرنال وإحنا لا على حامي ولا على بارد .
كل أولاد الحته خايفين عليك من حكاية العملية دي يا سي نعيم
القهوجي : ده على جثتنا العملية دي
المجموعة : على جتتنا
نعيم : تكرهوا إني أشوفكم ثاني
القهوجي : لا مانكرهش لكن الله واعلم وراها إيه العملية دية...أنا
مش مطمن للعملية دية
نعيم : أنا هأرجع ليكم بعنين من نور تنور لياليه ولياليكم
رجل2 : إزاي يعني ؟
نعيم : هنزيح الظلمه ونجني النور
الجميع : مستحيل
نعيم : هانضوي قنديل الحي
الجميع : مش ممكن
نعيم : ليرقص أطفال الشارع
الجميع : على جتتنا
نعيم : لكن أنا تعبت من الظلمه
الجميع : أحسن من الموت
نعيم : يعني مجلس القهوة أجتمع وأصدر قراره هه…. نشوف القرار
إلي يمشي مجلس القهوة وألا مجلس الجامعة
إظلام
المشهد السادس
المنظر:
بيت نعيم وقد أستلقى على الأريكه يستمع لنشرة الأخبار [ صوت الراديو يذيع أهوال فلسطين والعراق وأفغانستان…. الحروب]
ص الراديو : وقد إجتمع المجلس الأعلى وقرر في جلسته الأخيرة هو بقاء
الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء
[تدخل سيده وقد غيرت من شأنها بعض الشئ على غرار
طالبات الجامعه لكن بشكل هزلي]
سيده : يا ريتك تشوف التغيير يابيه . دي الست هانم خلتني حاجه تانيه
نعيم : مين سيده … والله ياسيده إنتي المتغير الوحيد في العالم
سيده : يوه يابيه… هو لا كده عاجب ولاكده عاجب
نعيم : المهم يعجب أحمد
سيده : المهم تشيل التلفزيون وهو يتعدل حاله
[تناوله المشروب وتخرج ينادي على إبنته دنيا]
نعيم : يا دنيا [يضغط على الجرس تدخل دنيا]
دنيا : أفندم يا بابا
نعيم : هاتي قلم وورقه واكتبي القصة اللي ها مليها لك
[ تمسك بقلم وورقه ]
نعيم : في ليلةٍ هوجاء جاءت تعْتكِز
على رماح الجند في حذر
تلوح بوجهٍ..... شاحب
خالٍ من الدموع
تلف رأسها الموجوع في عصاب
وعينها تذرف الأطفال
دنيا : هي مين دي يا بابا
نعيم : إكتبي .. إكتبي في النهاية ها تعرفي
.....أطفال بلا رؤوس
[تتوقف عن الكتابه]
نعيم : إكتبي ….بلا روؤس
بطونهم تفوح بالضباب
عيونهم تروح في الأصقاع
يطالبون بحقهم فيَ الحياة
من ذا يطالب بالحياة ؟
طفلٌ بلا رأس ولا عيون!
أم أمٍ تحتسى مرارة الطاعون!
قومي فأنتى في الحنايا ثابته
وفي قلوب العٌرب تجلسين
قومي فأنت للعَرَب هامه
وأنتي من صاغ له الثقافه
توكأت ..تقوقعت ..تقرفصت
زاحت عصابة عينها......
.................تمخضت
وأطلقت صراخ الأم في ألم
يهز جدار الكون......
صراخ طفل يلون الافاق
بلون زاهيٍ يكسر الوثاق
بغداد ياجريحه يابيت الحسين
زيحي غبار الموت....
. ....هذا صلاح الدين
دنيا : لا .. يابابا إنت بتخوفني قبل النوم
نعيم : علي .. علي صوت الراديو نشوف أخر الأخبار [ترفع صوت الراديو ]
ص الراديو : هذا وقد قرر المجلس الأعلى إجراء العملية للشاعر العربي الكبير
نعيم المعدواي
نعيم : وده اليوم الي كنت مستنيه.أشوفك يا دنيا أشوفك يا جولييت
دنيا : يا حبيبي يا بابا [ تحتضنه ]
إظلام
المشهد السابع
المنظر
قي قاعة المؤتمرات وقد إجتمع العديد من الشخصيات وتجمعت الصحافة
رئيس الجلسه : نعيم على وصول ومش عايزينه يحس بأي حاجه
شخص1 : ده هو ما بطلش نشيد آخرها إمبارح
شخص2 : عايش في وهم البطوله
شخص3 : هانت
[يدخل نعيم ومعه أحد الممرضين]
شخص1 : أنت تعلم يا أستاذ نعيم مدى إهتمامنا غير المحدود بصحتك
ولذا قررنا إجراء العملية ... جاهز
نعيم : ولكن أنا أحضرت بعض المطبوعات علشان أول ما أفتح أشوفها
شخصيه2 : ألهذا الحد لا تخاف الموت
نعيم : اللي خاض غمار المعارك عمره ما يهاب الموت
رئس الجلسه : أوه ..ليه دايماً تفكرونا بالحروب .إفتكر السلام يا أخي
نعيم : السلام إسم من أسماء الله الحسنى وصعب يطلق على زمن
تأكل فيه المرأة بثدييها
شخصيه2 : يعني ترفض السلام
نعيم : خلينا في العملية أحسن فأعصابي لا تساعدني
شخصيه2 : بكل سرور ولكن بسرعة فلا وقت لدنيا
غرفة العمليات جاهزة
إظلام
المشهد الثامن
المنظر:في حديقه قصر نعيم وقد إجتمع جمع غفير من الجمهور والصحفيين
صحفي1 : ياعم أحمد لوسمحت عايزين ندخل للأستاذ
أحمد : نعيم بيه تعبان وما عندوش إستعداد يقابل حد
صحفي2 : ومن حقنا نتطمن عليه وعلى عينيه
سيده : [وقد تأنقت بدون تناسق] الأستاذ نعيم مش قادر يتكلم
صحفي3 : هي العمليه لعنيه والا للسانه
أحمد : أتأدب و إحفظ حدودك
مجموعه : لكن لازم نتطمن على نعيم
صحفي1 : يا جماعة إنتوا ما بتقروش جرايد . الأستاذ نعيم بخير والعملية نجحت وهو زي الفل
أحمد : أهو كلام جرايد.. منهم لله
صحفي2 : مانشيت رائع ..خبر هام .. كلام جرايد
[تدخل مجموعة الحي الشعبي ]
القهوجي : لأ. ده كلام العجزه .. والغلابه
سيده : هتعملوا إيه
مجموعة القهوه : نهد الدنيا على اللي فيها
صحفي1 : يعني ناويين تهدوا فيلا الأستاذ نعيم
القهوجي : بدون خفة دم واستظراف
صحفي2 : برضه خبر هام .. بدون خفة دم واستظراف
[يدخل الدكتور ومعه مساعديه]
الدكتور : ممنوع الإزعاج .. ممنوع الكلام.. ممنوع الإقتراب
الصحفي : خلاص لما يبقى كويس هانعلنها في الجرايد .
القهوجي : أيه هو ده ... إحنا أولاد حتته وهانوديكم في داهيه.. نعيم ماله
الدكتور : لسه شويه . وهيصتكم دي مش في مصلحته
أهل الحاره : ده إحنا لا زم نهد الدنيا على اللي فيها
إظلام
المشهد التاسع
المنظر
في غرفة نعيم . نعيم يرقد على سريره والدكتور يكشف عليه بينما تقف دنيا وأحمد الجنايني جانباً
الدكتور : إنت كويس يا أستاذ نعيم . لكن لازم تبطل كلام كثير، الكلام
مش في مصلحتك
[نعيم يتمتم دون جدوى]
دنيا : يا دكتور ده بيقول كلام مش مفهوم
الدكتور : أنا قلت لو اتكلم تاني هتحصل مصيبه
نعيم : [يحاول الكلام فلا يستطيع ينهار.الجميع يمسكون به ثم
يعطيه الدكتور حقنه فيسكن تماماً بدون وعي وأثناء النوم
يتمتم بهذه الكلمات]
في لون أحمر قان
تغرد عصفوره
تكسر منقارالشوك
تمتص رحيق النحل الأعمى
تمصمص شفتيها العلقم
.............تبصق
تتغطي الأرض ببصقتها
تتلاصق جميع مبانيها
ويلبس كل من في الأرض ثياب الحمقى
تعوق جميع خطاويها
القاطرات
والسيارات
والطائرات
تسبح في بحر الموت اللزج السائل
جميل هذا الجمع اللزج السائل
من ..........بصقة عصفوره !!
الدكتور : لا..ده مش ها يجيبها البر
دنيا : هو بابا ماله ..ما تقول يا دكتور ؟
الدكتور : هاتان الجوهرتان المهداتان .. طمست تاريخه
أحمد : يعني أيه؟
الدكتور : يعني العيون الي حطوها له مشعه ياخويه مسحت الذاكره
وأثرت على نافوخه ... وبالتالي لسانه وقف ، فاهم
دنيا : [تصرخ] ..ياحبيبي يابا.... بابا
إظلام
المشهد العاشر
المنظر :
مؤتمر صحفي .. وقد تجمع فيه عدد من رجال الصحافه والرأي العام كما يجلس نعيم على كرسي متحرك وتسنده إبنته دنيا .
مدير المنصة : هذا هو نعيم المعداوي شاعرنا الكبير فاقد النطق والحراك لا
يستطيع أن ينبس ببنت شفه .. لكنه على أيه حال أصبح يرى
صحفي : لكننا سنعلن للرأي العام ما وصلت له حالة الأديب الكبير من
جراء هذه العمليه
مدير المنصة : يا عزيزي إنه من غير المنطقي ومن غير المعقول أن يتسق اللسان
مع العينين والإبصار
صحفي3 : مستحيل اللسان الناطق بالفكر والجمال يتوقف
مدير المنصة : نعيم وصل إلى قمة الفكر والمعرفة . والحتمية التاريخية التي
نعلمها كلنا أن بعد كل قمة سفح ثم وادي. نعيم كان إبن
لسائق سكة الحديد . عاش حياة معدمة وصعد سلم المجد إلى
أن أصبح واحداً من أهم المفكرين والناطقين للعالم ..جمع
ثروة من أشعاره وندواته ومؤلفاته وجوائزه وفوق هذا وذاك
أنه أصبح يراكم ..أصبح بصيرا ًبعد أن كان أعمى
[يدخل أهل الحاره ومعهم على القهوجي]
على القهوجي : يا عم ده كان البصير الوحيد فينا ..يا ناس حرام.. وهوده
حال يكون عليه نعيم . ياعم خذوا عيونكم اللي أهديتوها له
وردوا لنا لسانه وفكره أهم ... والا إيه يا أستاذ نعيم
[ نعيم لا يرد وهو مسترخي على ذراع دنيا ]
المدير : يا جماعه ... كل مافي الأمر أن العيون لا تتسق مع اللسان
أهل الحارة : هو ده ردك
المدير : وما عنديش غير كده. لازم تعرفوا إننا أهدينا له عيون كلفتنا
ملايين الدولارات
[ يثور أهل الحاره وسط تكسير المكان والمنصة بالفؤوس
المنصة بينما في الخلفيه صوت نعيم]
صوت نعيم : كل الفؤوس تملأ الكؤوس
بالدماء وبالغضب وبالدمار
..ما ذنب الحمائم
والأرانب
والسحالي
والضباع
كل الفؤوس ترتمي
فوق الحيارى والثكالى والرضيع
والنار تلوى بعضها من كل فاس
ويصرخ المحتار...
كم مات من القتلى
كم سالت الوديان
بالديدان تملأ الجثث
كم ريحة العفن البذيئة
تملأ الأنف الأفطس في زكام
من ذا يطفيء ثورة الفؤوس
بجهل نجار ضرب عنق السلام
وينتهي النجار
ليضطجع في بحر دم
يلوي علامات الندامة
وعينه الملفوفه في عمامه
تضج بالديدان
وتصرخ الفؤوس
هاهنا ترفرف حمائم السلام
لكن على ماذا!!!
على أكوام ديدان
وعلى ركامات القمامة
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق