تناتيش
المرأة ... بين الحُب والحَب
بقلم
د/ ملحة عبدالله
الحٌب والحَب كلمتان متطابقتان في تكوينهما مختلفتان في معناهما بالرغم من اعتماد كل منهما على الأخرى في اكتساب الديمومة والفعالية والمعنى
فبالرغم من ضم الحاء في الأولى وفتحها في الثانية إلا أن لهما ارتباط وثيق إن لم يكن حتمياً بالحياة لتصمدان أمام آفة "أكلة الوجدان" الآتية من عشاق أكلة الحب.
لم يكن هذا التناسخ بين الكلمتين إلا لما لكل واحدة منهما من انعكاس شديد على الحياة والبقاء فإذا انعدم الحب بضم الحاء انعدم الحَب وخسرنا القضية .
إننا نتسائل عن ظاهرة الحب في يومنا هذا في زمن العولمة ومصطلح " التيك اواي" وهل فطرنا على فتور المشاعر؟
كيف ينجو مثلث أضلاعه ( الحَب ،والحٌب ، والوطن ) من فيروس" آكلة الوجدان" حُب الحَب وهالة الألق وحب الظهور وحب الذات على حساب االوطن وشعلة الكفاءة .
وفي إطار قرار خادم الحرمين الشريفين بمشاركة المرأة في مجلس الشورى وفي مجالس البلدية في المملكة توجست خطرا داهما جراء الصراع بين الحُب والحَب بين حب الوطن والمهنة التفاني في سبيل رفعة الوطن وبين حب الحَب و حُب الذات وذر الملح في العيون وسيادة نفوذ الحَب على حساب الحُب " حب الوطن"
وإذا نظرنا إلى تكوين شخصية المرأة في الجزيرة والوطن العربي نجدها هي سيدة القرار، مسموعة الكلمة ، كما أن اسم القبيلة يرجع لإمرأة واحدة تتفرع منها مئات البطون وآلاف افخوذ كما في بني عاتكة وبني بسة وبني مره وغير ذلك ، وقد شهد القرآن الكريم للملكة بلقيس برجاحة عقلها فترجع إلى الشورى حيث تستشير قومها فيردون الأمر إليها كما أن مشورة آسيا لفرعون وثنيه عن قتل موسى عليه السلام أمرا أخذ به ،وكذلك شجرة الدر وقرارها بإخفاء موت زوجها أثناء الحرب حتى يصل توران شاه ويتسلم القيادة لكي يتحقق النصر ثم تحكم هي مصر، وعن المرأة في شبة الجزيرة العربية يقول فضيلة الشيخ "صفي الرحمن كفور" في كتابه الرحيق المختوم ( كانت علاقة الرجل مع أهله في الأشراف على درجة كبيرة من الوعي والرقي والتقدم ، وكان لها من الحرية والإرادة ونفاذ القول القسط الوفير .وكانت محترمة مصونة تسل دونها السيوف ، وكان الرجل إذا أراد أن يمتدح بما له في نظر العرب المقام السامي من الكرم والشجاعة لم يكن يخاطب في أكثر أوقاته إلا المرأة ،وربما كانت المرأة إذا شاءت جمعت القبائل للسلام ، وان شاءت أشعلت بينهم نار الحرب والقتال) هذه هي المرأة العربية بكل مالها من حقوق وواجبات في مجتمعها وأسرتها وهذا لا ينفي الرجل وحقوقه عليها فهي تعرف مالها وما عليها بعقل راجح بعيدا عن تسطيح الأمور والفكر فيقول في كتابه أيضاً( ومع هذا كله فقد كان الرجل يعتبر بلا منازع رئيس الأسرة ، وصاحب الكلمة فيها) ثم يأتي قرار السيدة خديجة رضي الله عنها حين يأتي النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأمر الرسالة فتكون أول من أسلم وهي من أشراف قريش وسادتهم لم تتراجع أو تتردد في اتخاذ قراراها بالتصديق والمؤازرة لسيد الأمة صلى الله عليه وسلم ورسالته.
لم يكن قرار خادم الحرمين الشريفين بمشاركة المرأة إلا عن وعي ودراية بتاريخ المرأة العربية وتكوين شخصيتها وإرثها الكبير لجدات سطرن التاريخ
وبالرغم من صدور هذا القرار الحكيم فهل تستطيع المرأة السعودية خوض هذا المجال بكل شفافية لسيدات أكفاء في ظل سيادة عالم الحَب وحب الألق وشهوة الشهرة وتضاؤل قيمة الحب للوطن ؟
عن مجلة بنات الخليج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق