الاثنين، 5 ديسمبر 2011

هنا...... الطائرة بقلم د . ملحه عبدالله


                   
         حينما ترتفع الطائرة بأجنحتها البرَّاقة وكأنها تمزق السماء وترقد فوق هضاب من السحاب المتراكم، أغوص إلى الداخل هربا من هول الأفق.
      ولعل نصاعة السحب  وبياضها على امتداد الأفق خاطب ذلك البياض الداخلى لتجليات النفس البشرية وهمومها لتبعث ماكان كامنا فى عمق النفس، وماكانت تكبله أغلال الوعى وسلاسل ضجيج الحياة ، إنها حالة السوبر وعي أو ما أسموه الفلاسفة ( الكوزموك مايند) أي السباحة فى فضاءات العقل الكوني، وهنا تطفو الأفكار وتتجلى الهموم.
 لقلد  كانت هذه الرحله بين دولتين عربيتين خارج المملكة و تقترب من أيام عيدالاضحى، والتي تستوجب أن يقضي الفرد منا أعياده مع أهله وذويه كما تحتمه عاداتنا وتقاليدنا، وما تمليه علينا وجداناتنا و عقيدتنا من صلة رحم وغيره .
      ومن هنا كانت الطائرة تكتظ بالعديد من الجنسيات المختلفة ، كل يرجع الي موطنه،  منهم من كانت رحلته مباشرة ، ومنهم ذوي الرحالات غير المباشر إلى بلاد أخري بعيده .
    وكانت المسألة التي تناغمت مع دواجل النفس وصفاء الذهن في هذه اللحظة هي ذلك الوهج المحموم بجذوة  حب الوطن و أهله ، فالوطن الأصل هوذلك الذوبان من الذات في جميع الذوات الاخرى مما يشكل في نهاية الأمر ما يسمي بالوطن .
فإذا تظافرت الذوبانات البشرية من جميع الذوات في ذات واحدة في مكان واحد مستقر كان ذلك منبع النشوة بالإحساس بالمواطنة الحقة
     ومن هذا المفهوم زفت إلي عدة أسئلة . من هولاء البشر العائدين الي بلادهم ومن جنسيات مختلفة؟  ولماذا ابتعدوا ثم يعدون في حنين لا حدود له؟
    وسرعان ماتأتي الإجابة المباشرة من عدة أسئلة مباشرة أيضاّ .
    إن هولاء هم ذوات فردية انطلقت من الذوات الجمعيه ليعودوا اليها , وكأنها تطبيقا لنظرية الذات والموضوع " حيث أن الذات في سعى دائم للإتصاق بالموضوع- المتمثل في جنته المفقودة- مما يسبب ذلك القلق الدائم للبشرية ".
   إن كل من كان على متن الطائرة هم عاملون في شركات خاصة وعامة أنطلقت من بلادهم فحملتهم بلادهم وحملوها معهم في ذوبان جمالي متلاحق، والحقيقة أن هذا الأمر لاحظته في بلاد متقدمه مثل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وكذلك مصر و سوريا وغير ذلك حيث أن الشركات الإستثمارية العملاقة حين تمتد إلى خارج الوطن  تحمل معها طاقة عماليه كبيرة من نفس الوطن الأم و بهذا تخلق نوع من الرواج الداخلى و الخارجى في النفع والتشغيل و النجاح علي المستويين بين البلدين  .
إلا أن كبار المستثمرين في المملكة العربية السعودية وأصحاب الشركات العملاقة لا يحملون معهم رجالهم وهذا ماينفرد به المستثمر السعودي لانه حيث يبحث عن تكلفه أقل ويد عاملة أرخص كما فى النظرية الإقتصادية بالرغم من أن هناك فئات سعودية وأيدي عاملة تقبل بأي عرض تشغيلي لأن البطالة بين الشباب السعودي قد انتشرت وقبع العديد من حاملى الماجستير والدكتوراة  والبكالريوس ثم الدبلومات على أرصفة المقاهي وغرف "النت" و "الشات" و "البل توك" بينما نجد شركات سعودية إستثمارية عملاقة تذوب في ذوات غربية، فلا تلامس ذاتها التى هي منها وإليها- التى لم تحملها معها كغيرها من الشركات الغيورة والذائبة في الكيانها الجمعي . حينئذ فلا وطن ولا مواطنة، وكما يقال في المثل الشعبي ( جحا أولي بلحم ثوره ) 
مجلة بنات الخليج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق