الثورة ـ أي ثورة ـ هي بحسب التعريف انقلاب علي النظام القديم. وثورة25 يناير لا تخرج عن هذا القانون الثوري ـ إن صح التعبير ـ فقد كانت انقلابا كاملا علي النظام القديم برموزه وسياساته.
ونجحت ثورة25 يناير نجاحا ساحقا في هدم النظام القديم بضربة واحدة في فترة لم تتجاوز أسبوعين, ليس ذلك فقط, ولكن في إجبار الرئيس السابق علي التنحي وتسليم السلطة الي المجلس الاعلي للقوات المسلحة.
غير ان الثورة فشلت فشلا واضحا في تطبيق قواعد الشرعية الثورية. والشرعية الثورية ـ بحسب التعريف ـ مضادة علي طول الخطط للشرعية القانونية التي كانت سائدة.
ومعني ذلك أن الثورة لم تكن مجبرة بالضرررة علي تطبيق نفس القوانين والتشريعات التي كانت سائدة قبل حدوثها, كما أنها لم تكن ملزمة بالحفاظ علي المؤسسات السياسية والبرلمانية التي كانت من صنع النظام القديم, ومعني ذلك ان الثورة كان من حقها أن تصدر قوانين ثورية لتغيير صياغة النظام السياسي بالكامل, كما أنه كان من الضروري ان تقوم بإلغاء المؤسسات البرلمانية الفاسدة مثل مجلسي الشعب والشوري, والتي تشكلت نتيجة عملية تزوير واسعة المدي, كان الغرض منها اقصاء كافة أصوات المعارضة السياسية.
غير أن ثورة25 يناير لم تطبق منذ البداية قواعد الشرعية الثورية, وذلك لسبب بسيط مؤداه انه لم تكن لها قيادة تقود العملية الثورية, التي تتمثل في هدم القديم وبناء الجديد.
وأكثر من ذلك فإن جماعات الشباب الثائر تشرذمت وانقسمت, وتعددت الائتلافات الثورية كما يطلق عليها, وبلغت اكثر من مائة وخمسين ائتلافا. وقد أدي هذا التشرذم المؤسف الي تفتيت جبهة الثورة المنتصرة, وإفساح المجال للقوي السياسية التقليدية وعلي الأخص التيارات الدينية, للقفز علي قطار الثورة, بل تصدر المشهد السياسي بحكم صرامة التنظيم ووحدة القيادة.
ولم يفطن شباب الثور في الوقت المناسب الي ان غياب القيادة وعدم تشكيل جبهة ثورية واحدة تضع خطة هدم النظام القديم بالكامل رموزا وسياسات, وتصوغ رؤية لمستقبل النظام السياسي, أدي الي نتيجة بالغة السلبية علي مسار الثورة, تتمثل في حشر الثوار في نفس المسارات السياسية التقليدية للنظام السياسي القديم, والتي تتمثل في إجراء انتخابات لمجلسي الشعب والشوري بنفس القواعد التي كانت تجري بها الانتخابات سابقا.
والغريب أن يقبل شباب الثورة الدخول في نفق الانتخابات التقليدية المظلم, وهم لا خبرة لهم اطلاقا بالشارع السياسي, ولا بالتفاعلات الاجتماعية المعقدة التي تحكم عملية الانتخابات الفردية, والتي كانت تقوم أساسا علي العصبيات في الريف, وعلي الرشاوي الانتخابية, بالرغم من أن القانون كان يجرمها.
واندفعت قوي شبابية عديدة لتشكيل أحزاب جديدة, وأصبحت الساحة السياسية مزدحمة ازدحاما لاسابقة له, ففيها الاحزاب التقليدية مثل حزب التجمع وحزب الوفد, وفيها عشرات الأحزاب السياسية الجديدة التي يستحيل علي الناخب ان يميز بينها, بالرغم من أن النظام الانتخابي خليط من القائمة والفردي, غير أن أهم صورة في المشهد هي بروز الإخوان المسلمين الذين أنشأوا حزبا سياسيا لأول مرة في تاريخهم هو حزب الحرية والعدالة. وزعموا أن الحزب مستقل عن جماعة الاخوان مع ان مجلس شوري الاخوان هو الذي عين رئيس الحزب وأمينه العام واعضاء مكتبه السياسي! وإذا اضفنا الي ذلك بروز تيار السلفيين الذين خرجت قياداتهم فجأة من كهوفهم, لأدركنا اننا أمام مشهد سياسي بالغ الشذوذ.
وذلك لأن معناه ببساطة أن شباب الثورة الذين يفتقرون الي الخبرة السياسية والي عدم المعرفة الكاملة بخبايا الانتخابات التقليدية, سيستبعدون بالضرورة من مجلس الشعب القادم وكذلك مجلس الشوري, وستكون الغلبة لممثلي حزب الحرية والعدالة والسلفيين, بالاضافة الي بعض المقاعد التي ستحصل عليها الأحزاب القديمة والاحزاب الليبرالية الجديدة.
وربما مثلت المليونية التي نظمها الاخوان المسلمون والسلفيون في ميدان التحرير وحشدوا لها عشرات الآلاف, صدمة ساحقة لشباب الثورة, لأنها كانت أبلغ تعبير عن عملية استبعادهم بالكامل من العملية السياسية.
ومعني ذلك أن احزاب المرجعية الدينية انتصرت ـ بحكم تنظيمها الدقيق وانتهازيتها السياسية ـ علي الشرعية الثورية التي كان من المفروض أن يمثلها شباب الثورة!
ومن هنا يمكن القول ان المليونية الأخيرة والتي مازالت قائمة في ميدان التحرير بكل الأحداث الدموية التي وقعت فيها, وبكل الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن ضد الثوار, والتي لابد من اجراء محاكمات جنائية سريعة لمرتكبيها, وانزال أقسي العقوبات عليهم, والتي شعارها استرداد الثورة عبر تعبيرا بليغا عن الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه شباب الثورة.
وذلك لأنه كان عليهم ان يرفعوا علم الشرعية الثورية منذ اول لحظة بعد نجاح الثورة, وتشكيل جبهة ثورية واحدة تقوم بالتفاوض مع المجلس الاعلي للقوات المسلحة للاشتراك الفعلي في ادارة البلاد في المرحلة الانتقالية.
وكان يمكن تشكيل مجلس ثوري تعطي له صلاحيات تشريعية لاصدار التشريعات اللازمة لهدم أسس النظام القديم, ووضع أسس ديمقراطية مصرية جديدة لاتقوم بالضرورة علي الانتخابات بصورتها التقليدية, وإنما تؤسس علي عمودين. العمود الاول استحداث مؤسسات سياسية تضمن المشاركة الدائمة للجماهير في اتخاذ القرار من المستوي المركزي حتي المستويات المحلية, والعمود الثاني استحداث مؤسسات سياسية للرقابة علي عملية اتخاذ القرار.
مثل هذه الأفكار كانت تقتضي حوارا مجتمعيا يقوده شباب الثوار, ويشارك فيه كل الشخصيات الوطنية من مختلف الأجيال, بدون اقصاء ممثلي أي جيل, بزعم أن جيل شباب الثوار هم فقط الذين من حقهم التعبير عن الإرادة الشعبية.
وكان يمكن للمرحلة الانتقالية أن تدار علي أساس الشرعية الثورية, وليس في ضوء الشرعية القانونية, بشرط وضع قواعد احترام حقوق الانسان في الاعتبار.
شباب الثوار في التحرير يريدون استرداد الثورة, وممارسة الشرعية الثورية عن طريق رفع مطالب متعددة للمجلس الاعلي للقوات المسلحة, ومن خلال ترشيحهم هم لمن يكون رئيسا للوزراء, بل ترشيح اسماء الوزراء ايضا, هذا هو المعسكر الثوري الذي أعلن مؤخرا عدم اعترافه بشرعية الانتخابات ويقف مضادا له معسكر القوي الدينية التي رفضت المشاركة في مليونية التحرير, وتصر إصرارا تاما علي إتمام العملية الانتخابية لوثوقها ـ وقد يكون هذا في حد ذاته وهما باطلا ـ انها ستفوز بالاغلبية الكاسحة!
ومعني ذلك ان هناك انقساما سياسيا بالغ الخطورة بين شباب الثورة والقوي الدينية, تري هل ينجح شباب الثورة في استرداد الثورة؟
وهل سيستطيعون لو استردوها ان يطبقوا قواعد الشرعية الثورية ام ان فرصة تطبيقها قد ولت الي الابد؟
أسئلة يجيب عليها المستقبل القريب!
غير ان الثورة فشلت فشلا واضحا في تطبيق قواعد الشرعية الثورية. والشرعية الثورية ـ بحسب التعريف ـ مضادة علي طول الخطط للشرعية القانونية التي كانت سائدة.
ومعني ذلك أن الثورة لم تكن مجبرة بالضرررة علي تطبيق نفس القوانين والتشريعات التي كانت سائدة قبل حدوثها, كما أنها لم تكن ملزمة بالحفاظ علي المؤسسات السياسية والبرلمانية التي كانت من صنع النظام القديم, ومعني ذلك ان الثورة كان من حقها أن تصدر قوانين ثورية لتغيير صياغة النظام السياسي بالكامل, كما أنه كان من الضروري ان تقوم بإلغاء المؤسسات البرلمانية الفاسدة مثل مجلسي الشعب والشوري, والتي تشكلت نتيجة عملية تزوير واسعة المدي, كان الغرض منها اقصاء كافة أصوات المعارضة السياسية.
غير أن ثورة25 يناير لم تطبق منذ البداية قواعد الشرعية الثورية, وذلك لسبب بسيط مؤداه انه لم تكن لها قيادة تقود العملية الثورية, التي تتمثل في هدم القديم وبناء الجديد.
وأكثر من ذلك فإن جماعات الشباب الثائر تشرذمت وانقسمت, وتعددت الائتلافات الثورية كما يطلق عليها, وبلغت اكثر من مائة وخمسين ائتلافا. وقد أدي هذا التشرذم المؤسف الي تفتيت جبهة الثورة المنتصرة, وإفساح المجال للقوي السياسية التقليدية وعلي الأخص التيارات الدينية, للقفز علي قطار الثورة, بل تصدر المشهد السياسي بحكم صرامة التنظيم ووحدة القيادة.
ولم يفطن شباب الثور في الوقت المناسب الي ان غياب القيادة وعدم تشكيل جبهة ثورية واحدة تضع خطة هدم النظام القديم بالكامل رموزا وسياسات, وتصوغ رؤية لمستقبل النظام السياسي, أدي الي نتيجة بالغة السلبية علي مسار الثورة, تتمثل في حشر الثوار في نفس المسارات السياسية التقليدية للنظام السياسي القديم, والتي تتمثل في إجراء انتخابات لمجلسي الشعب والشوري بنفس القواعد التي كانت تجري بها الانتخابات سابقا.
والغريب أن يقبل شباب الثورة الدخول في نفق الانتخابات التقليدية المظلم, وهم لا خبرة لهم اطلاقا بالشارع السياسي, ولا بالتفاعلات الاجتماعية المعقدة التي تحكم عملية الانتخابات الفردية, والتي كانت تقوم أساسا علي العصبيات في الريف, وعلي الرشاوي الانتخابية, بالرغم من أن القانون كان يجرمها.
واندفعت قوي شبابية عديدة لتشكيل أحزاب جديدة, وأصبحت الساحة السياسية مزدحمة ازدحاما لاسابقة له, ففيها الاحزاب التقليدية مثل حزب التجمع وحزب الوفد, وفيها عشرات الأحزاب السياسية الجديدة التي يستحيل علي الناخب ان يميز بينها, بالرغم من أن النظام الانتخابي خليط من القائمة والفردي, غير أن أهم صورة في المشهد هي بروز الإخوان المسلمين الذين أنشأوا حزبا سياسيا لأول مرة في تاريخهم هو حزب الحرية والعدالة. وزعموا أن الحزب مستقل عن جماعة الاخوان مع ان مجلس شوري الاخوان هو الذي عين رئيس الحزب وأمينه العام واعضاء مكتبه السياسي! وإذا اضفنا الي ذلك بروز تيار السلفيين الذين خرجت قياداتهم فجأة من كهوفهم, لأدركنا اننا أمام مشهد سياسي بالغ الشذوذ.
وذلك لأن معناه ببساطة أن شباب الثورة الذين يفتقرون الي الخبرة السياسية والي عدم المعرفة الكاملة بخبايا الانتخابات التقليدية, سيستبعدون بالضرورة من مجلس الشعب القادم وكذلك مجلس الشوري, وستكون الغلبة لممثلي حزب الحرية والعدالة والسلفيين, بالاضافة الي بعض المقاعد التي ستحصل عليها الأحزاب القديمة والاحزاب الليبرالية الجديدة.
وربما مثلت المليونية التي نظمها الاخوان المسلمون والسلفيون في ميدان التحرير وحشدوا لها عشرات الآلاف, صدمة ساحقة لشباب الثورة, لأنها كانت أبلغ تعبير عن عملية استبعادهم بالكامل من العملية السياسية.
ومعني ذلك أن احزاب المرجعية الدينية انتصرت ـ بحكم تنظيمها الدقيق وانتهازيتها السياسية ـ علي الشرعية الثورية التي كان من المفروض أن يمثلها شباب الثورة!
ومن هنا يمكن القول ان المليونية الأخيرة والتي مازالت قائمة في ميدان التحرير بكل الأحداث الدموية التي وقعت فيها, وبكل الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن ضد الثوار, والتي لابد من اجراء محاكمات جنائية سريعة لمرتكبيها, وانزال أقسي العقوبات عليهم, والتي شعارها استرداد الثورة عبر تعبيرا بليغا عن الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه شباب الثورة.
وذلك لأنه كان عليهم ان يرفعوا علم الشرعية الثورية منذ اول لحظة بعد نجاح الثورة, وتشكيل جبهة ثورية واحدة تقوم بالتفاوض مع المجلس الاعلي للقوات المسلحة للاشتراك الفعلي في ادارة البلاد في المرحلة الانتقالية.
وكان يمكن تشكيل مجلس ثوري تعطي له صلاحيات تشريعية لاصدار التشريعات اللازمة لهدم أسس النظام القديم, ووضع أسس ديمقراطية مصرية جديدة لاتقوم بالضرورة علي الانتخابات بصورتها التقليدية, وإنما تؤسس علي عمودين. العمود الاول استحداث مؤسسات سياسية تضمن المشاركة الدائمة للجماهير في اتخاذ القرار من المستوي المركزي حتي المستويات المحلية, والعمود الثاني استحداث مؤسسات سياسية للرقابة علي عملية اتخاذ القرار.
مثل هذه الأفكار كانت تقتضي حوارا مجتمعيا يقوده شباب الثوار, ويشارك فيه كل الشخصيات الوطنية من مختلف الأجيال, بدون اقصاء ممثلي أي جيل, بزعم أن جيل شباب الثوار هم فقط الذين من حقهم التعبير عن الإرادة الشعبية.
وكان يمكن للمرحلة الانتقالية أن تدار علي أساس الشرعية الثورية, وليس في ضوء الشرعية القانونية, بشرط وضع قواعد احترام حقوق الانسان في الاعتبار.
شباب الثوار في التحرير يريدون استرداد الثورة, وممارسة الشرعية الثورية عن طريق رفع مطالب متعددة للمجلس الاعلي للقوات المسلحة, ومن خلال ترشيحهم هم لمن يكون رئيسا للوزراء, بل ترشيح اسماء الوزراء ايضا, هذا هو المعسكر الثوري الذي أعلن مؤخرا عدم اعترافه بشرعية الانتخابات ويقف مضادا له معسكر القوي الدينية التي رفضت المشاركة في مليونية التحرير, وتصر إصرارا تاما علي إتمام العملية الانتخابية لوثوقها ـ وقد يكون هذا في حد ذاته وهما باطلا ـ انها ستفوز بالاغلبية الكاسحة!
ومعني ذلك ان هناك انقساما سياسيا بالغ الخطورة بين شباب الثورة والقوي الدينية, تري هل ينجح شباب الثورة في استرداد الثورة؟
وهل سيستطيعون لو استردوها ان يطبقوا قواعد الشرعية الثورية ام ان فرصة تطبيقها قد ولت الي الابد؟
أسئلة يجيب عليها المستقبل القريب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق