لا يستطيع كاتب مسئول ـ نحن نعيش في عصر الحوار التفاعلي بين الكاتب وقرائه علي شبكة الانترنت ـ ألا يهتم اهتماما بالغا بالتعليقات النقدية التي تنشر تعقيبا علي ما كتب.
وقد أدهشني بالفعل أنه نشر علي الشبكة ستة وأربعون تعليقا علي مقالي الماضي الشعب يريد الشرعية الديمقراطية( نشر في8 ديسمبر2011).
وقد طالعت بإمعان هذه التعليقات التي حولت النص الذي كتبته من نص مفرد إلي نص جماعي, شارك في تأليفه مجموعة كبيرة من المثقفين الذين ينتمون إلي اتجاهات أيديولوجية متنوعة.
وأريد اليوم أن أقيم حوارا مسئولا مع قرائي الكرام, سواء منهم من وجه لي النقد علي بعض الأفكار التي طرحتها, أو هؤلاء الذين أيدوا بعضها وأضافوا إليها من فكرهم وخبراتهم الكثير.
وأبدأ بتعليق مهم للدكتور أحمد الجيوشي يقول فيه إننا نريد من المواطنين وكل من لديه فكرة أن يقدمها, فكرة للغد وليس للأمس, فكرة للمستقبل وليس للماضي, فكرة لأبنائنا وليس لأجدادنا, فكرة لبناء مصر وليس لشل مصر.
ثم ما يلبث أن يطرح عدة أسئلة استراتيجية تتعلق بالمستقبل ويبدأها بسؤال: أي نظام اقتصادي نريده لمصر الغد؟
وأهمية هذا السؤال أن صاحبه فطن إلي أن تغيير النظام السابق ليس معناه خلع الرئيس فقط, لكن أهم من ذلك نقد السياسات المنحرفة للنظام ومراجعتها بصورة نقدية, في ضوء التجربة المصرية والتجارب العالمية علي السواء.
ولذلك يتساءل: هل نعود إلي النظام الاشتراكي؟ هل نستمر مع النظام الرأسمالي؟ هل نعود إلي القطاع العام أم نتوسع في القطاع الخاص؟ وأيهما يسبق الآخر العدالة الاجتماعية أم الحرية أم كلاهما وكيف؟
والواقع أن هذه الأسئلة كان ينبغي لشباب الثورة بل وجميع الأحزاب السياسية القديمة والناشئة, أن تطرحها لأنها تتعلق بما أكدناه عشرات المرات من ضرورة صياغة رؤية استراتيجية تتضمن ما نتصوره للبلد في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة في العشرين عاما القادمة.
وهذه الرؤية الاستراتيجية هي التي ستضمن الاتساق في تطبيق سياسات التنمية المستدامة عبر السنين, بغض النظر عن تغير الوزارات.
أما الدكتور علي فرج أستاذ الهندسة بجامعة لويزفيل وهو قارئ متابع لكل مقالاتي, فقد فرق تفرقة طريفة حقا بين الليبراليين الموضوعيين والخاسرين البكائيينsoreLasers.
الفئة الأولي تقبل نتيجة صندوق الانتخابات بلا أي تحفظ انطلاقا من القناعات الديموقراطية الصحيحة, أما الفئة الثانية ممن خسروا فهم هؤلاء الذين لا يقبلون بالنتائج ويلومون الآخرين علي خسارتهم.
وتبدو صدق هذه التفرقة في التعليقات التي أبداها نفر من الليبراليين علي اكتساح حزب الحرية والعدالة الإخواني للانتخابات. قال بعضهم ذلك يرد إلي أنهم منظمون تنظيما جيدا, وقال البعض الآخر إن لديهم تمويلا ضخما, وذهب فريق ثالث إلي أنهم استغلوا العواطف الدينية لدي الشعب.
وقد يكون هناك بعض الحق في هذه التعليقات, إلا أنها جميعا لا ينبغي إطلاقا أن تجعلنا نرفض نتيجة الانتخابات, أو تثير الفزع غير المبرر من زحف الإسلاميين علي السلطة.
ما دمنا في ظل نظام ديمقراطي فإن الحزب الفائز الذي سيكلف بتشكيل الوزارة منفردا أو في صورة وزارة ائتلافية, سيمارس عمله تحت رقابة شعبية شديدة الوطأة! ذلك أن ثورة25 يناير فجرت الينابيع الإيجابية للشعب الذي لن يسمح إطلاقا لأي قوة سياسية مهما كانت أن تسيطر عليه بالخديعة أو بالتآمر أو بالفساد أو بالقمع.
ستكون هناك عيون ساهرة تراقب الأداء السياسي وتمارس المعارضة المسئولة, سواء داخل المجالس النيابية أو خارجها, في ظل التقاليد الديموقراطية العريقة التي تسمح للرأي الآخر أن يعبر عن نفسه بلا حدود ولا قيود.
وعلي ذلك فعلي من خسروا الانتخابات في أي مرحلة من مراحلها أن يستخلصوا العبرة مما حدث, وأهمها علي الإطلاق ضرورة النزول إلي الشارع, والتفاعل مع الجماهير, وإنتاج خطاب سياسي يعبر عن طموحات الناس في تحقيق العيش الكريم, والتمتع بالحرية الكاملة في سياق تتحقق فيه العدالة الاجتماعية, وفي ظل احترام الكرامة الإنسانية, وهي كلها شعارات الثورة.
أما الأستاذ جلال الدين حبيب فهو يحذر من الدعوة التي أطلقها البعض من أنه ليس هناك ما يمنع من أن يتولي السلطة حزب الحرية والعدالة الإخواني لكي يجرب تحقيق الأهداف الاجتماعية وفقا للرؤية الإسلامية الخاصة.
ويحذر من أن التجريب السياسي فكرة مخيفة حقا, لأن الشعب لا ينبغي أن يكون محلا لهذا التجريب مع تعدد الاتجاهات السياسية, والأخطر من ذلك هو الخلط بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, ومعني ذلك المزج بين الدعوي والسياسي وهذا ما ترفضه القواعد الديموقراطية.
ويشير إلي أهمية وضع قواعد دستورية صارمة تضمن تداول السلطة, حتي إذا خسر الحزب الحاكم الانتخابات فعلية أن يتنحي إعمالا للقواعد الديموقراطية.
ويلفت الأستاذ طارق شرف الدين النظر إلي خطورة الفوضي الإعلامية السائدة في مصر, والتي تمجد الغوغائية وتروج للفوضي بسبب الأجندات الخاصة بأصحاب الفضائيات سياسية كانت أو اقتصادية, دون أي اعتبار لمصلحة الوطن أو رأي الشعب.
وينتصر للشرعية الديموقراطية لأن معني ذلك إدارة الوطن من خلال مؤسسات بإرادة الشعب وليس من الميادين العامة.
وأيا ما كان الأمر فيمكن القول إن تعليقات القراء ركزت علي موضوعين رئيسيين, الأول هو المفاضلة بين الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية, والثاني هو ضرورة القبول ببرنامج الانتخابات, أيا كان الفصيل السياسي الذي حصل علي الأغلبية, بالنسبة للموضوع الأول أدهشني بالفعل ما ذهب إليه الدكتور أحمد الجيوشي من أنه ضبطني متلبسا بتهمة التناقض الكبير بين مقال استرداد الشرعية الثورية( نشر بتاريخ أول ديسمبر2011) ومقال الشعب يريد الشرعية الديمقراطية( نشر بتاريخ8 ديسمبر).
وزعم بأنني فيما يبدو ـ أردت في المقال الأول أن أغازل شباب الثورة, وأنني في المقال الثاني حاولت أن أمسك العصا من الوسط!
والواقع غير هذا أو ذاك, لأن المقال الأول كان يتساءل هل يستطيع شباب الثورة أن يستردوا الشرعية الثورية التي فقدوها فعلا عقب نجاح الثورة مباشرة؟
أما المقال الثاني فكان فيه قبول للشرعية الديمقراطية التي انتصر لها الشعب, وبالتالي تسليمي الكامل بنتائج الانتخابات.
ليس هناك تناقض في الواقع, وإنما هي محاولة جادة للسباحة الفكرية في محيط تسوده العواصف والأنواء من كل جانب!
وقد طالعت بإمعان هذه التعليقات التي حولت النص الذي كتبته من نص مفرد إلي نص جماعي, شارك في تأليفه مجموعة كبيرة من المثقفين الذين ينتمون إلي اتجاهات أيديولوجية متنوعة.
وأريد اليوم أن أقيم حوارا مسئولا مع قرائي الكرام, سواء منهم من وجه لي النقد علي بعض الأفكار التي طرحتها, أو هؤلاء الذين أيدوا بعضها وأضافوا إليها من فكرهم وخبراتهم الكثير.
وأبدأ بتعليق مهم للدكتور أحمد الجيوشي يقول فيه إننا نريد من المواطنين وكل من لديه فكرة أن يقدمها, فكرة للغد وليس للأمس, فكرة للمستقبل وليس للماضي, فكرة لأبنائنا وليس لأجدادنا, فكرة لبناء مصر وليس لشل مصر.
ثم ما يلبث أن يطرح عدة أسئلة استراتيجية تتعلق بالمستقبل ويبدأها بسؤال: أي نظام اقتصادي نريده لمصر الغد؟
وأهمية هذا السؤال أن صاحبه فطن إلي أن تغيير النظام السابق ليس معناه خلع الرئيس فقط, لكن أهم من ذلك نقد السياسات المنحرفة للنظام ومراجعتها بصورة نقدية, في ضوء التجربة المصرية والتجارب العالمية علي السواء.
ولذلك يتساءل: هل نعود إلي النظام الاشتراكي؟ هل نستمر مع النظام الرأسمالي؟ هل نعود إلي القطاع العام أم نتوسع في القطاع الخاص؟ وأيهما يسبق الآخر العدالة الاجتماعية أم الحرية أم كلاهما وكيف؟
والواقع أن هذه الأسئلة كان ينبغي لشباب الثورة بل وجميع الأحزاب السياسية القديمة والناشئة, أن تطرحها لأنها تتعلق بما أكدناه عشرات المرات من ضرورة صياغة رؤية استراتيجية تتضمن ما نتصوره للبلد في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة في العشرين عاما القادمة.
وهذه الرؤية الاستراتيجية هي التي ستضمن الاتساق في تطبيق سياسات التنمية المستدامة عبر السنين, بغض النظر عن تغير الوزارات.
أما الدكتور علي فرج أستاذ الهندسة بجامعة لويزفيل وهو قارئ متابع لكل مقالاتي, فقد فرق تفرقة طريفة حقا بين الليبراليين الموضوعيين والخاسرين البكائيينsoreLasers.
الفئة الأولي تقبل نتيجة صندوق الانتخابات بلا أي تحفظ انطلاقا من القناعات الديموقراطية الصحيحة, أما الفئة الثانية ممن خسروا فهم هؤلاء الذين لا يقبلون بالنتائج ويلومون الآخرين علي خسارتهم.
وتبدو صدق هذه التفرقة في التعليقات التي أبداها نفر من الليبراليين علي اكتساح حزب الحرية والعدالة الإخواني للانتخابات. قال بعضهم ذلك يرد إلي أنهم منظمون تنظيما جيدا, وقال البعض الآخر إن لديهم تمويلا ضخما, وذهب فريق ثالث إلي أنهم استغلوا العواطف الدينية لدي الشعب.
وقد يكون هناك بعض الحق في هذه التعليقات, إلا أنها جميعا لا ينبغي إطلاقا أن تجعلنا نرفض نتيجة الانتخابات, أو تثير الفزع غير المبرر من زحف الإسلاميين علي السلطة.
ما دمنا في ظل نظام ديمقراطي فإن الحزب الفائز الذي سيكلف بتشكيل الوزارة منفردا أو في صورة وزارة ائتلافية, سيمارس عمله تحت رقابة شعبية شديدة الوطأة! ذلك أن ثورة25 يناير فجرت الينابيع الإيجابية للشعب الذي لن يسمح إطلاقا لأي قوة سياسية مهما كانت أن تسيطر عليه بالخديعة أو بالتآمر أو بالفساد أو بالقمع.
ستكون هناك عيون ساهرة تراقب الأداء السياسي وتمارس المعارضة المسئولة, سواء داخل المجالس النيابية أو خارجها, في ظل التقاليد الديموقراطية العريقة التي تسمح للرأي الآخر أن يعبر عن نفسه بلا حدود ولا قيود.
وعلي ذلك فعلي من خسروا الانتخابات في أي مرحلة من مراحلها أن يستخلصوا العبرة مما حدث, وأهمها علي الإطلاق ضرورة النزول إلي الشارع, والتفاعل مع الجماهير, وإنتاج خطاب سياسي يعبر عن طموحات الناس في تحقيق العيش الكريم, والتمتع بالحرية الكاملة في سياق تتحقق فيه العدالة الاجتماعية, وفي ظل احترام الكرامة الإنسانية, وهي كلها شعارات الثورة.
أما الأستاذ جلال الدين حبيب فهو يحذر من الدعوة التي أطلقها البعض من أنه ليس هناك ما يمنع من أن يتولي السلطة حزب الحرية والعدالة الإخواني لكي يجرب تحقيق الأهداف الاجتماعية وفقا للرؤية الإسلامية الخاصة.
ويحذر من أن التجريب السياسي فكرة مخيفة حقا, لأن الشعب لا ينبغي أن يكون محلا لهذا التجريب مع تعدد الاتجاهات السياسية, والأخطر من ذلك هو الخلط بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, ومعني ذلك المزج بين الدعوي والسياسي وهذا ما ترفضه القواعد الديموقراطية.
ويشير إلي أهمية وضع قواعد دستورية صارمة تضمن تداول السلطة, حتي إذا خسر الحزب الحاكم الانتخابات فعلية أن يتنحي إعمالا للقواعد الديموقراطية.
ويلفت الأستاذ طارق شرف الدين النظر إلي خطورة الفوضي الإعلامية السائدة في مصر, والتي تمجد الغوغائية وتروج للفوضي بسبب الأجندات الخاصة بأصحاب الفضائيات سياسية كانت أو اقتصادية, دون أي اعتبار لمصلحة الوطن أو رأي الشعب.
وينتصر للشرعية الديموقراطية لأن معني ذلك إدارة الوطن من خلال مؤسسات بإرادة الشعب وليس من الميادين العامة.
وأيا ما كان الأمر فيمكن القول إن تعليقات القراء ركزت علي موضوعين رئيسيين, الأول هو المفاضلة بين الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية, والثاني هو ضرورة القبول ببرنامج الانتخابات, أيا كان الفصيل السياسي الذي حصل علي الأغلبية, بالنسبة للموضوع الأول أدهشني بالفعل ما ذهب إليه الدكتور أحمد الجيوشي من أنه ضبطني متلبسا بتهمة التناقض الكبير بين مقال استرداد الشرعية الثورية( نشر بتاريخ أول ديسمبر2011) ومقال الشعب يريد الشرعية الديمقراطية( نشر بتاريخ8 ديسمبر).
وزعم بأنني فيما يبدو ـ أردت في المقال الأول أن أغازل شباب الثورة, وأنني في المقال الثاني حاولت أن أمسك العصا من الوسط!
والواقع غير هذا أو ذاك, لأن المقال الأول كان يتساءل هل يستطيع شباب الثورة أن يستردوا الشرعية الثورية التي فقدوها فعلا عقب نجاح الثورة مباشرة؟
أما المقال الثاني فكان فيه قبول للشرعية الديمقراطية التي انتصر لها الشعب, وبالتالي تسليمي الكامل بنتائج الانتخابات.
ليس هناك تناقض في الواقع, وإنما هي محاولة جادة للسباحة الفكرية في محيط تسوده العواصف والأنواء من كل جانب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق