أثبتت الخبرة التاريخية للشعوب في القرن العشرين أن الديمقراطية هي النظام السياسي الأمثل الذي يشبع حاجات الجماهير في الحرية بكل تنوعاتها,
ونعني الحرية السياسية التي تعني حق المواطن في الاختيار السياسي وفقا لتوجهاته الأيديولوجية التي قد تتراوح من اليمين إلي اليسار, وحرية التفكير بلا حدود, وحرية التعبير في حدود القانون, وحرية التنظيم فيما لا يمس أمن المجتمع.
وقد صعدت الديمقراطية باعتبارها النظام السياسي الأمثل بعد ما تبينت مخاطر الشمولية والسلطوية علي حريات الأفراد وعلي تطور المجتمعات في القوت نفسه.
غير أن الديمقراطية ـ بالرغم من تأكيدنا أنها النظام السياسي الأمثل ـ لها مثاليها, وهي تلك التي أطلق عليها أساتذتنا في القانون الدستوري أمراض الديمقراطية!
ولعل أبرز هذه الأمراض قاطبة هو ما أطلق عليه ديكتاتورية الأغلبية, ويعنون بذلك أن حزبا سياسيا ما حصل علي الأغلبية في انتخابات نزيهة, يمارس الحكم وكأنه يمتلك الحقيقة السياسية المطلقة, ويشرع في الهيمنة علي مجمل الفضاء السياسي, ويحتكر إصدار القرارات الأساسية, ويقصي غيره من الأحزاب السياسية المعارضة ويهمش دورها, بعبارة أخري يمارس السياسة بمنطق احتكاري مضاد للقيم الديمقراطية ذاتها.
وقد سبق أن ميزنا تمييزا واضحا بين آليات الديمقراطية وقيم الديمقراطية, وقلنا إن آليات الديمقراطية تتمثل في إجراء الانتخابات نيابية كانت أو رئاسية بصورة دورية وبنزاهة وشفافية, أما قيم الديمقراطية فأبرزها قبول مبدأ تداول السلطة, والتوافق السياسي بين جميع الفصائل السياسية, خصوصا في القرارات الاستراتيجية الكبري, وقبول مبدأ الحلول الوسط.
وهكذا يمكن القول إن الحزب السياسي الذي حصل علي الأغلبية ويمارس السياسة بصورة احتكارية وبمنهج الإقصاء الكامل للخصوم السياسيين, فإنه بسلوكه هذا يعد قد اعتدي اعتداء جسيما علي قيم الديمقراطية, ولابد له أن يدفع ثمنا سياسيا غاليا نتيجة هذه الممارسة المنحرفة.
أردت بهذه المقدمة ـ التي أخشي أن تكون قد طالت إلي حد ما ـ أن أمهد للحديث عن المشهد السياسي الراهن الذي يتميز بأن حزب الحرية والعدالة الإخواني قد حصل علي الأكثرية في مجلسي الشعب والشوري مع حزب النور السلفي. وهكذا تشكلت ـ باسم الانتخابات الديمقراطية ـ جبهة سياسية دينية تريد أن تطبق شرع الله كما يصيح السلفيون بشكل زاعق, أو تسعي من خلال جهود جماعة الإخوان المسلمين إلي نفي الدولة المدنية والتأسيس التدريجي لدولة دينية, وذلك لممارسة ما أطلقنا عليه ديكتاتورية الأغلبية المرفوضة في الممارسات الديمقراطية العالمية.
سيطرت جماعة الإخوان المسلمين بحزبها علي مجلسي الشعب والشوري, ثم بدأت تسعي بدأب لإسقاط حكومة الجنزوري بزعم باطل أنها لم تستطع في شهور قليلة حل جميع المشكلات الجسيمة التي تواجه المجتمع. وخرجت تصريحات متعددة من قادة الجماعة تذهب إلي أنهم جاهزون لتشكيل وزارة إخوانية ستأخذ زعما شكل الوزارة الائتلافية, غير أن هذه التصريحات تصاعدت حدتها بعد أن رفض المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيناريو إقالة حكومة الجنزوري ودعوة الإخوان المسلمين لتشكيل الوزارة التي يحلمون بها, والتي جهزوا أنفسهم لاقتسام غنائمها!
وهنا حدث أمر يثير الدهشة, وهو تهديد قادة جماعة الإخوان المسلمين بأنه إن لم يقل المجلس الأعلي للقوات المسلحة حكومة الجنزوري أو إذا فشلوا في مسعاهم لإسقاطها في البرلمان فإنهم سيدفعون بمرشح إخواني للرئاسة,, مع أنهم سبق أن أقسموا بالله العظيم أنهم لن يقدموا علي ذلك!
وبناء علي رفض إقالة حكومة الجنزوري فاجأت جماعة الإخوان المسلمين قواعدها قبل أن تفاجيء الرأي العام, بأنها قررت أن ترشح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية!
وهكذا اتضحت معالم الهيمنة السياسية المرفوضة لجماعة الإخوان المسلمين علي مجمل الفضاء السياسي المصري.
لقد سيطروا علي الغالبية العظمي من لجان مجلسي الشعب والشوري, ولنا وقفات بعد ذلك علي الأداء البرلماني الرديء لكل من حزب الحرية والعدالة الإخواني وحزب النور السلفي.
غير أن مخطط الهيمنة اتضح من تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور, فقد استأثر نواب مجلسي الشعب والشوري من الإخوانيين والسلفيين علي50% من المقاعد, وتركوا لكل الأحزاب السياسية وكل منظمات المجتمع المصري50%, بل إنهم زاحموا أيضا في هذه النسبة.
وهكذا خرجت اللجنة التأسيسية مشوهة ولا تعبر إطلاقا عن مختلف طوائف الشعب المصري. والغريب أنه إذا اطلعنا علي أسماء الأعضاء ومؤهلاتهم لاكتشفنا أن الغالبية العظمي منهم من المجاهيل الذين لا نعرف عنهم شيئا, في الوقت الذي استبعد فيه أبرز فقهاء القانون الدستوري وكبار المفكرين والمثقفين وممثلي اتحادات الكتاب والمثقفين والفنانين والمبدعين وقادة المجتمع المدني, وقبل ذلك ممثلو الائتلافات الثورية الذين كان لجسارتهم الثورية في25 يناير ونجاحهم مع باقي فمئات الشعب المصري في إسقاط النظام الاستبدادي السابق, الفضل الأكبر في فتح الطريق أمام الممارسة الديمقراطية.
وهكذا اكتملت حلقات الهيمنة السياسية المحكمة التي تريد جماعة الإخوان المسلمين فرضها علي المجتمع المصري فرضا باسم ديكتاتورية الأكثرية.
السيطرة الكاملة علي السلطة التشريعية بمجلسي الشعب والشوري, والسيطرة الكاملة علي السلطة التنفيذية بتشكيل وزارة إخوانية خالصة يتم فيها توزيع الغنائم الوزارية علي قادة الجماعة, وأخيرا تتويج هذه الممارسات باقتناص منصب رئيس الجمهورية.
تلك هي الاستراتيجية الإخوانية التي يعمل قادة الإخوان علي تنفيذها تمهيدا لتأسيس قواعد الدولة الدينية وإعداد مصر لتصبح مجرد ولاية من الولايات الإسلامية التي ستخضع لحكم الخليفة, لأن الجماعة لا تخفي في تصريحات المرشد العام أنها تحكم بالفردوس المفقود, وهو استرجاع الخلافة الإسلامية والتي حلم بإقامتها الشيخ حسن البنا, كما صرح بذلك الدكتور بديع المرشد العام للإخوان المسلمين!
لقد اتضحت معالم المعركة السياسية الكبري التي ستخوضها كل القوي السياسية المصرية التي تؤمن بمدنية الدولة, وتقف مقاومة لأي محاولة لإقامة دولة دينية تؤسس علي الفتاوي الدينية, وليس كأي دولة ديمقراطية علي التشريع تحت رقابة الرأي العام.
وهكذا يمكن القول أن قرار جماعة الإخوان المسلمين الدفع بمرشح لها في انتخابات الرئاسة, هي في الواقع دعوة لتشكيل جبهة سياسية ديموقراطية موحدة لتقف ضد المخطط الإخواني لغزو المجتمع المصري باسم قراءة مشوهة للنصوص الإسلامية, يراد منها إلغاء الإرادة الشعبية الحقيقة, وتحكيم مبدأ ولاية الفقيه علي الطريقة السنية, مما يمثل مخاطر بالغة علي الممارسة الديمقراطية الصحيحة التي سعت ثورة25 يناير من خلال التضحيات الجسيمة للشهداء والمصابين لتحقيقها إعلاء لقيم الحرية السياسية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
وقد صعدت الديمقراطية باعتبارها النظام السياسي الأمثل بعد ما تبينت مخاطر الشمولية والسلطوية علي حريات الأفراد وعلي تطور المجتمعات في القوت نفسه.
غير أن الديمقراطية ـ بالرغم من تأكيدنا أنها النظام السياسي الأمثل ـ لها مثاليها, وهي تلك التي أطلق عليها أساتذتنا في القانون الدستوري أمراض الديمقراطية!
ولعل أبرز هذه الأمراض قاطبة هو ما أطلق عليه ديكتاتورية الأغلبية, ويعنون بذلك أن حزبا سياسيا ما حصل علي الأغلبية في انتخابات نزيهة, يمارس الحكم وكأنه يمتلك الحقيقة السياسية المطلقة, ويشرع في الهيمنة علي مجمل الفضاء السياسي, ويحتكر إصدار القرارات الأساسية, ويقصي غيره من الأحزاب السياسية المعارضة ويهمش دورها, بعبارة أخري يمارس السياسة بمنطق احتكاري مضاد للقيم الديمقراطية ذاتها.
وقد سبق أن ميزنا تمييزا واضحا بين آليات الديمقراطية وقيم الديمقراطية, وقلنا إن آليات الديمقراطية تتمثل في إجراء الانتخابات نيابية كانت أو رئاسية بصورة دورية وبنزاهة وشفافية, أما قيم الديمقراطية فأبرزها قبول مبدأ تداول السلطة, والتوافق السياسي بين جميع الفصائل السياسية, خصوصا في القرارات الاستراتيجية الكبري, وقبول مبدأ الحلول الوسط.
وهكذا يمكن القول إن الحزب السياسي الذي حصل علي الأغلبية ويمارس السياسة بصورة احتكارية وبمنهج الإقصاء الكامل للخصوم السياسيين, فإنه بسلوكه هذا يعد قد اعتدي اعتداء جسيما علي قيم الديمقراطية, ولابد له أن يدفع ثمنا سياسيا غاليا نتيجة هذه الممارسة المنحرفة.
أردت بهذه المقدمة ـ التي أخشي أن تكون قد طالت إلي حد ما ـ أن أمهد للحديث عن المشهد السياسي الراهن الذي يتميز بأن حزب الحرية والعدالة الإخواني قد حصل علي الأكثرية في مجلسي الشعب والشوري مع حزب النور السلفي. وهكذا تشكلت ـ باسم الانتخابات الديمقراطية ـ جبهة سياسية دينية تريد أن تطبق شرع الله كما يصيح السلفيون بشكل زاعق, أو تسعي من خلال جهود جماعة الإخوان المسلمين إلي نفي الدولة المدنية والتأسيس التدريجي لدولة دينية, وذلك لممارسة ما أطلقنا عليه ديكتاتورية الأغلبية المرفوضة في الممارسات الديمقراطية العالمية.
سيطرت جماعة الإخوان المسلمين بحزبها علي مجلسي الشعب والشوري, ثم بدأت تسعي بدأب لإسقاط حكومة الجنزوري بزعم باطل أنها لم تستطع في شهور قليلة حل جميع المشكلات الجسيمة التي تواجه المجتمع. وخرجت تصريحات متعددة من قادة الجماعة تذهب إلي أنهم جاهزون لتشكيل وزارة إخوانية ستأخذ زعما شكل الوزارة الائتلافية, غير أن هذه التصريحات تصاعدت حدتها بعد أن رفض المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيناريو إقالة حكومة الجنزوري ودعوة الإخوان المسلمين لتشكيل الوزارة التي يحلمون بها, والتي جهزوا أنفسهم لاقتسام غنائمها!
وهنا حدث أمر يثير الدهشة, وهو تهديد قادة جماعة الإخوان المسلمين بأنه إن لم يقل المجلس الأعلي للقوات المسلحة حكومة الجنزوري أو إذا فشلوا في مسعاهم لإسقاطها في البرلمان فإنهم سيدفعون بمرشح إخواني للرئاسة,, مع أنهم سبق أن أقسموا بالله العظيم أنهم لن يقدموا علي ذلك!
وبناء علي رفض إقالة حكومة الجنزوري فاجأت جماعة الإخوان المسلمين قواعدها قبل أن تفاجيء الرأي العام, بأنها قررت أن ترشح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية!
وهكذا اتضحت معالم الهيمنة السياسية المرفوضة لجماعة الإخوان المسلمين علي مجمل الفضاء السياسي المصري.
لقد سيطروا علي الغالبية العظمي من لجان مجلسي الشعب والشوري, ولنا وقفات بعد ذلك علي الأداء البرلماني الرديء لكل من حزب الحرية والعدالة الإخواني وحزب النور السلفي.
غير أن مخطط الهيمنة اتضح من تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور, فقد استأثر نواب مجلسي الشعب والشوري من الإخوانيين والسلفيين علي50% من المقاعد, وتركوا لكل الأحزاب السياسية وكل منظمات المجتمع المصري50%, بل إنهم زاحموا أيضا في هذه النسبة.
وهكذا خرجت اللجنة التأسيسية مشوهة ولا تعبر إطلاقا عن مختلف طوائف الشعب المصري. والغريب أنه إذا اطلعنا علي أسماء الأعضاء ومؤهلاتهم لاكتشفنا أن الغالبية العظمي منهم من المجاهيل الذين لا نعرف عنهم شيئا, في الوقت الذي استبعد فيه أبرز فقهاء القانون الدستوري وكبار المفكرين والمثقفين وممثلي اتحادات الكتاب والمثقفين والفنانين والمبدعين وقادة المجتمع المدني, وقبل ذلك ممثلو الائتلافات الثورية الذين كان لجسارتهم الثورية في25 يناير ونجاحهم مع باقي فمئات الشعب المصري في إسقاط النظام الاستبدادي السابق, الفضل الأكبر في فتح الطريق أمام الممارسة الديمقراطية.
وهكذا اكتملت حلقات الهيمنة السياسية المحكمة التي تريد جماعة الإخوان المسلمين فرضها علي المجتمع المصري فرضا باسم ديكتاتورية الأكثرية.
السيطرة الكاملة علي السلطة التشريعية بمجلسي الشعب والشوري, والسيطرة الكاملة علي السلطة التنفيذية بتشكيل وزارة إخوانية خالصة يتم فيها توزيع الغنائم الوزارية علي قادة الجماعة, وأخيرا تتويج هذه الممارسات باقتناص منصب رئيس الجمهورية.
تلك هي الاستراتيجية الإخوانية التي يعمل قادة الإخوان علي تنفيذها تمهيدا لتأسيس قواعد الدولة الدينية وإعداد مصر لتصبح مجرد ولاية من الولايات الإسلامية التي ستخضع لحكم الخليفة, لأن الجماعة لا تخفي في تصريحات المرشد العام أنها تحكم بالفردوس المفقود, وهو استرجاع الخلافة الإسلامية والتي حلم بإقامتها الشيخ حسن البنا, كما صرح بذلك الدكتور بديع المرشد العام للإخوان المسلمين!
لقد اتضحت معالم المعركة السياسية الكبري التي ستخوضها كل القوي السياسية المصرية التي تؤمن بمدنية الدولة, وتقف مقاومة لأي محاولة لإقامة دولة دينية تؤسس علي الفتاوي الدينية, وليس كأي دولة ديمقراطية علي التشريع تحت رقابة الرأي العام.
وهكذا يمكن القول أن قرار جماعة الإخوان المسلمين الدفع بمرشح لها في انتخابات الرئاسة, هي في الواقع دعوة لتشكيل جبهة سياسية ديموقراطية موحدة لتقف ضد المخطط الإخواني لغزو المجتمع المصري باسم قراءة مشوهة للنصوص الإسلامية, يراد منها إلغاء الإرادة الشعبية الحقيقة, وتحكيم مبدأ ولاية الفقيه علي الطريقة السنية, مما يمثل مخاطر بالغة علي الممارسة الديمقراطية الصحيحة التي سعت ثورة25 يناير من خلال التضحيات الجسيمة للشهداء والمصابين لتحقيقها إعلاء لقيم الحرية السياسية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق