قال الشعب كلمته واضحة جلية, وهي أنه يريد الشرعية الديمقراطية, ولا يقبل دعوات الشرعية الثورية بمطالبها التي لاتنتهي وشعاراتها الزاعقة.
خرجت جموع الشعب المصري بكل أطيافه السياسية, ومن كل الأجيال العمرية رجالا ونساء يسعون الي صناديق الانتخابات, ووقفوا في طوابير طويلة بالساعات, وكانت الرسالة الموجهة للمجتمع المصري بل والعالم كله, أن الشعب المصري يستحق الديمقراطية التي كافح عشرات السنوات لكي يقطف ثمراتها, والتي أوقدت شعلتها ثورة25 يناير, التي قادها شباب الثوار والتحمت بها كل فئات المجتمع المصري.
ليس ذلك فقط بل إن الرسالة لها مضامين متعددة. أبرزها أن الشعب يسعي الي الاستقرار ويبحث عن الأمن ويتوق الي تحقيق أهداف الثورة في العيش والحرية والكرامة الانسانية.
ومما لاشك فيه أن الخروج الكبير لفئات الشعب المختلفة للتصويت بصورة غير مسبوقة في التاريخ السياسي المصري اذ بلغ المعدل62%, كان صدمة عنيفة للقوي السياسية التي أرادت الغاء الانتخابات, او سعت الي تأجيلها.
وهذا الخروج الكبير تحدي الاشاعات التي روجتها بعض الأصوات السياسية والاعلامية المنحرفة, التي زعمت أن الدماء ستسيل لو أجريت الانتخابات, وأن الانفلات الأمني سيكون سيد الموقف.
رفض الشعب المصري بكل حزم دعوات مقاطعة الانتخابات, ودعوات تأجيلها, وصمم علي أن يخطو الخطوة الأولي الحاسمة في طريق الديمقراطية لأول مرة بعد ثورة25 يناير.
غير أن دعاة الشرعية الثورية من رواد ميدان التحرير, والتي تحولت في الواقع الي مجموعة من الشعارات والدعوات الفوضوية رفضوا توجه الشعب, وأصروا علي التظاهر بل والاعتصام في ميدان التحرير وامام مجلس الوزراء احتجاجا علي مسيرة الانتخابات.
والواقع أن سلوكهم كان بالغ الغرابة, لأنه يعني أن بعض المجموعات التي يطلق عليها ائتلافات ثورية تقف في مواجهة الارادة الشعبية الحقيقية التي أبرزتها نتائج الانتخابات.
ومعني ذلك أنه ليست هناك بعد هذه الانتخابات والتي بعد انتهاء مراحلها الثلاث سيتشكل مجلس الشعب الجديد, أي شرعية لأي تيار سياسي يدعي أنه يمثل الارادة الشعبية.
واذا كانت الائتلافات الثورية التي وصل عددها الي المئات تؤمن فعلا بالديمقراطية فعليها أن تخضع للارادة الشعبية, وعليها أن تقبل نتائج الانتخابات بغض النظر عن التيار السياسي الذي سيحصل علي الأغلبية, غير أن عديدا من هذه الائتلافات التي تتمسح زورا وبهتانا بالثورة, تتشكل من مجموعات من الأفراد الذين لايصدرون عن فكر سياسي ناضج, والذين يعيشون في أوهام مبناها أنهم هم فقط الذين يعبرون عن الإرادة الشعبية!
وقد شاهدت أحد هؤلاء في برنامج تليفزيوني يتحدث بكل ثقة, ويقرر بشكل قاطع أن ميدان التحرير فقط هو المعبر عن الشرعية, وأن من حق العشرات المحتجين هناك أن يشكلوا مجلسا انتقاليا يحل محل المجلس الأعلي للقوات المسلحة! وحين سأله مقدم البرنامج وماذا عن باقي الميادين المصرية؟ أجاب بكل استخفاف تستطيع هذه الميادين أن تقوم باستفتاء مماثل!
ومعني ذلك ببساطة أن هؤلاء ـ والذين في الواقع يمثلون تيارا سياسيا غوغائيا ـ يريدون اختزال الشعب المصري في ميدان التحرير, ويرفضون الاختيارات السياسية الحقيقية التي أبداها الشعب في الانتخابات, التي أجمع كل المراقبين في الداخل والخارج علي أنها شفافة ونزيهة, وتعبر فعلا عن ارادة الشعب, بالرغم من وقوع بعض التجاوزات التي لاتؤثر إطلاقا علي النتائج.
قال الشعب كلمته, وأظهرت نتائج المرحلة الأولي تقدم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي.
ولابد لنا في هذا المقام أن نقرر عددا من الأمور البالغة الأهمية.
أولها: أن كل من يومن بالديمقراطية حقا عليه أن يقبل بنتائج الانتخابات التي كانت شفافة ونزيهة.
وثانيها: أنني مارست النقد المنهجي للتوجهات الفكرية للإخوان المسلمين منذ سنوات بعيدة, وكررت أكثر من مرة أن شعار الاسلام هو الحل شعار فارغ من المضمون.
ومع ذلك بحكم عقيدتي الليبرالية أقبل بدون أي شرط نتيجة الانتخابات. ولو حصل الاخوان المسلمون علي غالبية الأصوات, فمن حقهم أن يشكلوا الوزارة منفردين او في صورة وزارة ائتلافية.
وثالثها: أنني أرفض تماما محاولات بعض التيارات السياسية اثارة المخاوف من حكم الاخوان المسلمين وذلك لعدة اسباب:
السبب الأول: أن الاخوان المسلمين لو حكموا سيكون ذلك اختبارا تاريخيا لهم يكشف عن مدي قدرتهم علي حل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجسيمة التي يمر بها المجتمع المصري.
ففي الممارسة الفعلية ليس هناك مجال لرفع شعار الاسلام هو الحل, لأن الشعب يريد حلولا عملية ناجعة لمشكلات البطالة والفقر والعشوائيات, وتدهور التعليم, وانخفاض معدلات الانتاج الزراعي وغيبة الخطط المدروسة في مجال التصنيع, بالاضافة الي الانقسام الطبقي الكبير بين من يملكون ومن لايملكون.
وأنا ممن يأملون في أن يستوعب الاخوان المسلمون الدرس من حزب النهضة في تونس, والذي يقوده بحكمة بالغة المفكر الاسلامي راشد الغنوشي, والذي لم يجد أي غضاضة في أن يتحالف ـ بعد أن حصل حزبه علي الغالبية من المقاعد في الانتخابات التي جرت في23 اكتوبر الماضي(89 مقعدا) ـ مع التيار اليساري ممثلا في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات. وهكذا تم اختيار رئيس مؤقت للجمهورية من الحزب الأول, ورئيس للمجلس التأسيسي من الحزب الثاني.
وقدم الغنوشي بذلك نموذجا رفيعا للاسلام الليبرالي, والذي يقوم علي التوافق السياسي وليس علي احتكار السلطة. ونفس الاتجاه سار فيه حزب العدالة والتنمية في المغرب( اخوان المغرب) بعد أن حصل علي107 مقاعد في الانتخابات التشريعية, حيث وعد عبد الاله بن كيران الأمين العام للحزب, أن حزبه سيحكم من منظور أنه حزب سياسي وليس دينيا, معتبرا أن الخطاب الديني مكانه المسجد, وقرر في عبارة قاطعة نحن حزب يمارس السياسة, ولن نتدخل في الحياة الشخصية للناس.
واذا كنا نأمل في النضج الفكري للاخوان المسلمين وقدرتهم علي التوافق السياسي مع باقي التيارات الليبرالية واليسارية في المجتمع, إلا أننا نستبعد أن يرقي الي هذا المستوي حزب النور السلفي.
فقد بينت تصريحات قادته علي أنهم يعيشون في ظل تأويلات شكلية للنصوص الدينية, وعدم فهم حقيقي للمقاصد الأساسية للدين الاسلامي, ويعتقدون أن تطبيق الحدود هو الهدف الأسمي لهم!
وأيا ما كان الأمر, اذا أتيح لحزب الحرية والعدالة أن يحكم فذلك سيتم تحت رقابة شعبية فعالة, واذا ما تعسف في استخدام السلطة, او حاول ان يفرض بالقوة توجهاته الفكرية علي سلوك الشعب, فنحن جاهزون لممارسة النقد الفكري والسياسي لممارساته, والتي إن رفضتها جموع الشعب فعليها أن تعمل علي إسقاطه في الانتخابات المقبلة.
بعبارة أخري انتهت عهود الاقصاء السياسي, وبدأ عصر الديمقراطية بأنواره المبهرة.
فلنتصارع سياسيا ولنتنافس لخدمة الشعب, في ضوء قيم الديمقراطية الأصيلة.
ليس ذلك فقط بل إن الرسالة لها مضامين متعددة. أبرزها أن الشعب يسعي الي الاستقرار ويبحث عن الأمن ويتوق الي تحقيق أهداف الثورة في العيش والحرية والكرامة الانسانية.
ومما لاشك فيه أن الخروج الكبير لفئات الشعب المختلفة للتصويت بصورة غير مسبوقة في التاريخ السياسي المصري اذ بلغ المعدل62%, كان صدمة عنيفة للقوي السياسية التي أرادت الغاء الانتخابات, او سعت الي تأجيلها.
وهذا الخروج الكبير تحدي الاشاعات التي روجتها بعض الأصوات السياسية والاعلامية المنحرفة, التي زعمت أن الدماء ستسيل لو أجريت الانتخابات, وأن الانفلات الأمني سيكون سيد الموقف.
رفض الشعب المصري بكل حزم دعوات مقاطعة الانتخابات, ودعوات تأجيلها, وصمم علي أن يخطو الخطوة الأولي الحاسمة في طريق الديمقراطية لأول مرة بعد ثورة25 يناير.
غير أن دعاة الشرعية الثورية من رواد ميدان التحرير, والتي تحولت في الواقع الي مجموعة من الشعارات والدعوات الفوضوية رفضوا توجه الشعب, وأصروا علي التظاهر بل والاعتصام في ميدان التحرير وامام مجلس الوزراء احتجاجا علي مسيرة الانتخابات.
والواقع أن سلوكهم كان بالغ الغرابة, لأنه يعني أن بعض المجموعات التي يطلق عليها ائتلافات ثورية تقف في مواجهة الارادة الشعبية الحقيقية التي أبرزتها نتائج الانتخابات.
ومعني ذلك أنه ليست هناك بعد هذه الانتخابات والتي بعد انتهاء مراحلها الثلاث سيتشكل مجلس الشعب الجديد, أي شرعية لأي تيار سياسي يدعي أنه يمثل الارادة الشعبية.
واذا كانت الائتلافات الثورية التي وصل عددها الي المئات تؤمن فعلا بالديمقراطية فعليها أن تخضع للارادة الشعبية, وعليها أن تقبل نتائج الانتخابات بغض النظر عن التيار السياسي الذي سيحصل علي الأغلبية, غير أن عديدا من هذه الائتلافات التي تتمسح زورا وبهتانا بالثورة, تتشكل من مجموعات من الأفراد الذين لايصدرون عن فكر سياسي ناضج, والذين يعيشون في أوهام مبناها أنهم هم فقط الذين يعبرون عن الإرادة الشعبية!
وقد شاهدت أحد هؤلاء في برنامج تليفزيوني يتحدث بكل ثقة, ويقرر بشكل قاطع أن ميدان التحرير فقط هو المعبر عن الشرعية, وأن من حق العشرات المحتجين هناك أن يشكلوا مجلسا انتقاليا يحل محل المجلس الأعلي للقوات المسلحة! وحين سأله مقدم البرنامج وماذا عن باقي الميادين المصرية؟ أجاب بكل استخفاف تستطيع هذه الميادين أن تقوم باستفتاء مماثل!
ومعني ذلك ببساطة أن هؤلاء ـ والذين في الواقع يمثلون تيارا سياسيا غوغائيا ـ يريدون اختزال الشعب المصري في ميدان التحرير, ويرفضون الاختيارات السياسية الحقيقية التي أبداها الشعب في الانتخابات, التي أجمع كل المراقبين في الداخل والخارج علي أنها شفافة ونزيهة, وتعبر فعلا عن ارادة الشعب, بالرغم من وقوع بعض التجاوزات التي لاتؤثر إطلاقا علي النتائج.
قال الشعب كلمته, وأظهرت نتائج المرحلة الأولي تقدم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي.
ولابد لنا في هذا المقام أن نقرر عددا من الأمور البالغة الأهمية.
أولها: أن كل من يومن بالديمقراطية حقا عليه أن يقبل بنتائج الانتخابات التي كانت شفافة ونزيهة.
وثانيها: أنني مارست النقد المنهجي للتوجهات الفكرية للإخوان المسلمين منذ سنوات بعيدة, وكررت أكثر من مرة أن شعار الاسلام هو الحل شعار فارغ من المضمون.
ومع ذلك بحكم عقيدتي الليبرالية أقبل بدون أي شرط نتيجة الانتخابات. ولو حصل الاخوان المسلمون علي غالبية الأصوات, فمن حقهم أن يشكلوا الوزارة منفردين او في صورة وزارة ائتلافية.
وثالثها: أنني أرفض تماما محاولات بعض التيارات السياسية اثارة المخاوف من حكم الاخوان المسلمين وذلك لعدة اسباب:
السبب الأول: أن الاخوان المسلمين لو حكموا سيكون ذلك اختبارا تاريخيا لهم يكشف عن مدي قدرتهم علي حل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجسيمة التي يمر بها المجتمع المصري.
ففي الممارسة الفعلية ليس هناك مجال لرفع شعار الاسلام هو الحل, لأن الشعب يريد حلولا عملية ناجعة لمشكلات البطالة والفقر والعشوائيات, وتدهور التعليم, وانخفاض معدلات الانتاج الزراعي وغيبة الخطط المدروسة في مجال التصنيع, بالاضافة الي الانقسام الطبقي الكبير بين من يملكون ومن لايملكون.
وأنا ممن يأملون في أن يستوعب الاخوان المسلمون الدرس من حزب النهضة في تونس, والذي يقوده بحكمة بالغة المفكر الاسلامي راشد الغنوشي, والذي لم يجد أي غضاضة في أن يتحالف ـ بعد أن حصل حزبه علي الغالبية من المقاعد في الانتخابات التي جرت في23 اكتوبر الماضي(89 مقعدا) ـ مع التيار اليساري ممثلا في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات. وهكذا تم اختيار رئيس مؤقت للجمهورية من الحزب الأول, ورئيس للمجلس التأسيسي من الحزب الثاني.
وقدم الغنوشي بذلك نموذجا رفيعا للاسلام الليبرالي, والذي يقوم علي التوافق السياسي وليس علي احتكار السلطة. ونفس الاتجاه سار فيه حزب العدالة والتنمية في المغرب( اخوان المغرب) بعد أن حصل علي107 مقاعد في الانتخابات التشريعية, حيث وعد عبد الاله بن كيران الأمين العام للحزب, أن حزبه سيحكم من منظور أنه حزب سياسي وليس دينيا, معتبرا أن الخطاب الديني مكانه المسجد, وقرر في عبارة قاطعة نحن حزب يمارس السياسة, ولن نتدخل في الحياة الشخصية للناس.
واذا كنا نأمل في النضج الفكري للاخوان المسلمين وقدرتهم علي التوافق السياسي مع باقي التيارات الليبرالية واليسارية في المجتمع, إلا أننا نستبعد أن يرقي الي هذا المستوي حزب النور السلفي.
فقد بينت تصريحات قادته علي أنهم يعيشون في ظل تأويلات شكلية للنصوص الدينية, وعدم فهم حقيقي للمقاصد الأساسية للدين الاسلامي, ويعتقدون أن تطبيق الحدود هو الهدف الأسمي لهم!
وأيا ما كان الأمر, اذا أتيح لحزب الحرية والعدالة أن يحكم فذلك سيتم تحت رقابة شعبية فعالة, واذا ما تعسف في استخدام السلطة, او حاول ان يفرض بالقوة توجهاته الفكرية علي سلوك الشعب, فنحن جاهزون لممارسة النقد الفكري والسياسي لممارساته, والتي إن رفضتها جموع الشعب فعليها أن تعمل علي إسقاطه في الانتخابات المقبلة.
بعبارة أخري انتهت عهود الاقصاء السياسي, وبدأ عصر الديمقراطية بأنواره المبهرة.
فلنتصارع سياسيا ولنتنافس لخدمة الشعب, في ضوء قيم الديمقراطية الأصيلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق