الشخصيات
1 : الشاب
2 : الفتاة
3 : الإبنة
4 : الجرسون
5 : العجوز
المنظر
[ كازينو قديم على شاطئ البحر .. يبدو الأثاث قديم
متهالك .. على الجدران علقت بعض مصابيح الغاز تعطى
إضاءة خافتة للمكان في الخلفية شباك قديم وقد تكسرت
أجزاؤة ..ومن السقف تتدلي بعض الألواح الخشبية المنهارة
..في أحد الجوانب توجد مدفأة تنبعث منها إضاءة حمراء..
توجد منضدتان وضع على إحداهما إناء ثلج وبه زجاجة
شمبانيا.. وقد تدلى من أعلى المنضدتين مصباح كهربائي
مطفأ.. المكان كله مهجور.. وقدغطي التراب المكان كله .
يدخل شاب وفتاة وقد تأبط كل منهما ذراع الآخر ..
يجلسان على المنضدة الخالية.]
الفتاة : ما هذا المكان الكئيب..؟ لقد أنقبض صدري منذأن دخلت هنا .
الشاب : إنه مكان لطيف .. كيف تشعرين بالأنقباض منه..لقد شعرت
بالسعادة تغمرني منذ وطئت قدماي بلاط المحل .
الفتاة : إن الغبار يغطى كل شئ هنا .. يبدو أنه مجهور لا يحضر إليه أحد
الشباب : ولكن موقعه رائع على شاطئ البحر ..ثم الإضاءة الشاعرية .
الفتاة : إن رائحة الغاز المنبعثة من هذه المصابيح لها مفعول المخدر على
أعصابي .
الشاب : إن جمال المكان يطغي على كل ما ترينه من عيوب .
الفتاة : يا للحنين الماضي .. ؟
الشاب : لم يصادف إحساس الحب قلبي طيلة عمري .. أنت أول حب
في حياتي .
الفتاة : ألا يوجد بشر في هذا المكان ؟
[ صوت ريح و سقوط أمطار .. يختلط مع هدير موج البحر
..ثم رعد و بريق يظهر خاطفاً ]
الفتاة : الجو يزاد سوءاً
الشاب : [ يرتجف من البرد ] يبدو أن الشتاء جاء مبكراً هذا العام .. في
أي الأشهر من العام نحن ؟
الفتاة : نحن في شهر يوليو .
[ يدخل جرسون و يسير من الباب الأيمن حتى يخرج من الباب
الأيسر ]
الشاب : هل رأيت الجرسون ؟
الفتاة : [ تتأمل السقف ] رائع جميل .
الشاب : سأنادي عليه [ يقف و يسير حتى الباب الأيسر ] يا من هناك
.. لا أحد يرد .. هيه يامن هناك ؟
الفتاة : هل أجاب أحدهم ؟ هل عاودتك هذه الهلوسة ؟
الشاب : لقد دخل من هذا الباب .. و سار حتى باب المطبخ على ما يبدو.
الفتاة : ماذا كان يرتدى ؟
الشاب : جاكيت أبيض وبنطلون أسود .
الفتاة : وقميص أبيض و بابيون أحمر .
الشاب : من أين عرفت ؟
الفتاة : هذا أمر بديهي .. ولكنه لم يكن مبتلاً رغم غزارة المطر .
الشاب : نعم وهذا ما يحيرني .. أن هذا المكان ليس غريبا عليّ .. أشعر
وكأني جئت إلى هنا من قبل .
الفتاة : عله يكون شعوراً فقط .
الشاب : لماذا لا تصدقينني ؟ هذه أول مرة أحضر فيها لهذا المكان .
[ تدخل امرأة شابه يانعة ذات شعر أصفر .. تسير من خلف
المنضدة.. يتبعها الشاب بنظراته حتى تدخل مكان الجرسون
الشاب ينظر إلى الفتاة فيجدها تتأمل السقف ] .
الشاب : [ يصرخ في توتر ] هل أعجبك السقف إلي هذا الحد ؟
الفتاة : ماذا تقول ؟
الشاب : هل شردت مرة أخري .. ؟
الفتاة : نعم لدرجة أنني لم ألحظ أن ثيابها غير مبتلة .
الشاب : من تقصدين ؟
الفتاة : الفتاة التي سألتني عنها .
الشاب : و لكني لم أسألك .. من أين أدركت أن الجرسون غير مبتل
الثياب ؟
الفتاة : أنت الذي أخبرتني .. هل نسيت ؟
الشاب : عجيب.. !! ماذا تشربين ؟
الفتاة : يبدو أن عقلك قد أختل .. أن الزجاجة التي طلبتها أمامك
في الثلج .
[ الشاب ينظر نحو الزجاجة في تعجب ]
الشاب : من الذي طلبها ؟
الفتاة : أنت .
الشاب : محتمل .. هل تعتقدين أنه من السهل على الإنسان أن ينسي
بهذه السرعة ؟ ثم إني لا أشرب الخمر .. إن هذه الزجاجة
موجودة قبل أن ندخل إلي هنا .
الفتاة : [ تقف .. ثم تسير نحو الزجاجة .. وتضع يدها في إناء الثلج ]
نعم و مازال الثلج متجمداً رغم وجود هذه المدفأة .. ثم أن
هذا هو النوع المفضل لديك .
الشاب : [ يضحك وينظر نحو السقف ، يدخل الجرسون ويقف خلف
الشاب دون أن يشعر به ]
الفتاة : من فضلك أحضر كأسين .
الشاب : كأسين .. لماذا ؟
الفتاة : لنا .. لنشرب سوياً .
الشاب : هل أنت مصرة على الشراب ؟ لقد ذكرت من قبل أنك لا
تشربين .
الجرسون : أي أوامر أخري [ يفزع الشاب ]
الشاب : من أنت .. ومن أين أتيت ؟
الجرسون : لقد ناديت على .. بماذا تأمرني ؟
الشاب : كيف دخلت من الباب دون أن تبتل ثيابك من المطر .. ؟
الجرسون : أي مطر .. نحن في شهر يوليو .
الشاب : أنظر من النافذة وشاهد البرق والرعد .
الجرسون : [ يتجه نحو النافذة ] إن السماء صافية و الشمس متوهجة .
الشاب : [متلفتاً حوله ] أين الفتاة ؟
الجرسون : أي فتاة ؟
الشاب : الفتاة التي اصطحبتها معي إلي هنا .
الجرسون : مسكينة هي !! لقد صدمتها سيارة منذ ثلاثة أيام .
الشاب : ثلاثة أيام .. أنا لم آت إلى هنا من قبل ..
الجرسون : لقد تعودت على اصطحاب فتيات إلى هذا المكان [ ويجول بنظره
في أرجاء المكان ] ومنذ الحادثة لم أرك .
الفتاة : [ تدخل الفتاة حاملة كأسين ] لقد أحضرت الكأسين .. من
فضلك أحضر لنا بعض المزات .
[ يخرج الجرسون ]
الشاب : [ ينتظر خروج الجرسون ] هذا المغفل يقول لي أن سيارة قد
صدمتك منذ ثلاثة أيام [ يضحك ]
الفتاة : [ تصب له الكأس و هي تضحك معه ] إنه على حق .
الشاب : [ لا يعير الكلمة انتباهاً ] ويقول : إنني قد تعودت على
اصطحاب فتيات إلى هذا المكان [ يقف مبهوتاً و يجرى نحو
الباب ]
الفتاة : ماذا أصابك ؟
الشاب : ماذا أصابك أنت .. تقولين أنه على حق .
الفتاة : هل حللت الإيدز ؟
الشاب : منذ أن مات روك هيدسون و أنا أحلم أحلاماً مزعجة. .لكن
كيف صدمتك السيارة ؟ على فكرة متى تعارفنا ؟
الفتاة : من بضع ساعات .. لكني أشعر أنها سنوات .
الشاب : وأنا كذلك .. هل رأيت من قبل ذلك الثلج الأبيض الذي يتجمع
فوق ماء البحر ؟
الفتاة : إنه لا يتجمع ..لكن البحر نفسه يتجمد .. ألم ترَ بعينيك المطر
المتساقط بغزارة .
الشاب : وفي دفء الكوخ كنا نستمتع بموسيقي الطبيعة .
الفتاة : لوكنت تسمي نقر المطر علي زجاج الكوخ موسيقي فإنني كنت
أعشقها .
الشاب : حبات المطر الثلجية حينما كانت تقرع نافذتي الزجاجية كانت
تشعرني ببرودة الجو .
الفتاة : كنت تأخذني في حضنك حتى نتصبب عرقاً .
الشاب : إنه دفء الحب النابع في قلبينا .. كانت سنوات الحب بيننا لا
يعكر صفوها إلا ذلك النباح .
الفتاة : أي نباح .. ؟ لم يكن لدينا كلاب في يوماً ما .
الشاب : صوت ذلك العجوز وهو يقلم أشجار البستان .
الفتاة : لم أشعر يوماً بأنك غاضب منه أو من صوته ، فلقد كان أبي
يحبك .
الشاب : لماذا لم توافقين على ذهابنا معاً إلى الشاطئ ؟ حيث نقضي وقتاً
طيباً ؟
الفتاة : كنت أعرف نواياك .
الشاب : ماذا ؟
الفتاة : تريد أن تغرقني في موج البحر .
الشاب : من قال لك ذلك ؟
الفتاة : ذلك العجوز الذي تكرهه ..فيم كانت تعمل زوجتك ؟
الشاب : لم أكن متزوجاً .. ومن أخبرك بهذا ؟
الفتاة : دعك من هذا .. أين أخفيت زجاجة الخمر ؟
الشاب : [ يشير نحو المنضدة ] إنها هناك في الدورق .
الفتاة : لا يوجد شئ .
الشاب : أمامك هناك [ينظر إلى الزجاجة فلا يجدها ] .
الفتاة : تماماً مثلما فعلت أول مرة قبل أن تصدمني بسيارتك .
الشاب : لم أمتلك سيارة في حياتي .. [ ينادي ] يا جرسون ..
ياجرسون .. [كهل عجوز يدخل ويسير نحو الشاب و
الفتاة في تأني و تؤدة ]
العجوز : أمرك سيدي ؟
الشاب : أريد قهوة من فضلك ..
العجوز : مع قليل من البسكويت .. إني أذكر طلبك المفضل .
الشاب : ولكني لا آكل البسكويت مع القهوة .. ثم إني لم أحضر إلى
هنا من قبل .
العجوز : إنك أنت الوحيد الذي قدمت إلي هنا منذ بضع سنين .
الشاب : بضع سنين [ يلتفت حوله فيري الأثاث القديم و التراب
المتراكم عليه ] أين ذهبت الفتاة .. ما كنت أصدق نفسي حين
التقيت بها .. ليس من السهل التفريط فيها أين هي ؟ .. أين
ذهبت الفتاة ؟
العجوز : [ يتعجب من حاله ] لحظة من فضلك سأحضر لك القهوة و
البسكويت .
الشاب : بسكويت مرة أخري .. قلت لا آكل البسكويت مع القهوة
[ يذهب العجوز ]
الفتاة : [ تنادي على الشاب] هيه .. أخرجني من تحت المنضدة .
الشاب : وما الذي وضعك تحت المنضدة ..
الفتاة : أنت حينما دخل أبوك فجأة .. هل نسيت بهذه السرعة .
الشاب : ربما .. لأن أبي يكره النساء .. وقد رباني من صغري على كره
الجنس الآخر .
الفتاة : ألهذا السبب قتل أمك ؟
الشاب :لم تكن أمي سيئة السمعة كما كان يزعم كان مبرراً فقط
ليتخلص منها .
ليتخلص منها .
الفتاة : ليتخلص منها أو ليتخلص منك .
الشاب : وما شأنة بي .. كي يتخلص مني .. ثم أني كنت طفلا وديعًا على
ما يقال ..
الفتاة : هه .. طفل وديع .. إن أباك قتل أمك وهى حامل بك ، إن أباك
زعم أنك أنت الذي قتلتها .
الشاب : قتلتها ؟ .. كيف ؟ جنين ، حامل ، قتل ، كلها مسائل لا تحتويها
علاقات منطقية.. ثم [ يتردد ] كيف يقتل جنين أمه ؟ و إن قتلها
مات هو .
الفتاة : قتلتها .. يمكن أن يكون أبوك على حق .. ثم إني من المؤيدين لهذا
القول .
الشاب : [ لنفسه ] أغرب قضية في الوجود .. جنين متهم بتهمة قتل . .
[ ثم للفتاة ] أنت تقولين أنك من الؤيدين لهذا القول .. أني ..
الفتاة : أعصابك يا حبيبي .. قل لي ألم تذهب إلى دار المسنين اليوم ؟
الشاب : ذهبت وهذا الذي أتلف أعصابي .
الفتاة : لماذا ؟
الشاب : وجدت الناس كلهم عجوة و مسنين .. العالم كله في سن
الشيخوخة .
الفتاة : وهل هذا أدعي أن يعكر صفوك .
الشاب : هه.. ما يعكر صفوي ؟ [ ينظر إلى القهوة مع البسكويت التي
أمامه بتقزز ] بالله عليك .. ارفعي هذا الإناء من أمامي ، فكلما
رأيته أحسست بقشعريرة تسري في جسدي .
الفتاة : إنه طلبك كما أخبرك به أبوك .
الشاب : هذا العجوز أبي ؟
الفتاة : نعم .. قتل أمك .. لماذا ؟
الشاب : لم تكن أمي سيئة السمعة.. ولكنها كانت حجة للتخلص منها .
الفتاة : وأنت مازلت تكره النساء ؟
الشاب : لا فلقد تخلصت من هذا الكره .
الفتاة : هل تعتقد أن الفتاة التي اغتصبتها ستغفر لك ؟
الشاب : لم يحدث مطلقاً أن لمست فتاة [ صوت رعد وبرق وأمطار غزير
في الخارج ] أعتقد أن السماء ممتلئة بالمطر .
الفتاة : من الصعب علي .. أن أتصور ما تقول .. فأنا لا أري أي أمطاراً
بالخارج .
[يدخل الجرسون ويضع زجاجة الشمبانيا ومن خلفة العجوز. ]
العجوز : [ للجرسون ] قهوة بالبسكويت من فضلك ..
الشاب : [ ينظر لهما باستغراب ] شكراً لكما .. علي حرصكما الشديد
على صحتي .. ولكن تعالوا لنتفاهم بالحسنى .. إنصتا لي جيداً ..
[ ينصت العجوز و الجرسون باهتمام شديد ]حسناً .. حسناً .
علي أن أصرح لكما بالتصريح الآتي :
أنني لا آكل البسكويت مع القهوة .. أفهمتما ..
الجرسون : خلال زيارتك السابقة لنا لم تكن تطلب شيئاً سوي القهوة مع
البسكويت .
الشاب : دعك من هذا .. هل رأيت الشارع بالخارج ؟
الجرسون : إنه أصبح بركة كبيرة من الطين .
الشاب : هل سمعت يا حبيبتي ؟
الجرسون : حتى أن الإنسان لم يعد يعرف الفرق بين البحر وبين الشارع .
الشاب : هل مازالت الطرق المؤدية إلى الكازينو تعمل ؟
الجرسون : لا لقد أغلق الطين كل الطرق .
الشاب : إذن قل لها الحقيقة .
الجرسون : لمن أقول ؟
الشاب : للفتاة [ يشير نحو الفتاة ]
الجرسون : أمرك يا سيدي .. إن الشارع بالخارج ملئ بالطين حتى اختفى
الرصيف و إسفلت الشارع .
الشاب : ولا توجد أي وسيله مواصلات لنعود إلى المدينة .
الجرسون : [ينظر ] هل هناك أوامر أخري [ في طريق الخروج ]
الشاب : من فضلك إحضر لنا زجاجة شمبانيا .
الجوسون :[ ينظر له ويخرج ]
الفتاة : لقد ذكرت مسبفاً أنك لا تشرب الخمر .
الشاب : أنا .. ؟ لم يحدث مطلقاً .
الفتاة : إذن فالفتاة التي أغتصبتها حقيقة .
الشاب : أين ذهبت ؟ !
الفتاة :لم يعد لها قيمة .. كانت تحبك .
الشاب : وكنت أحبها .. أين هي الآن ؟ لم أرها منذ فترة .
الفتاة : إنها في غابة بولونيا .
الشاب : غابة بولونيا ؟ يا للمأساة
الفتاة : في وسط الأمطار و القاذورات ؟
الشاب : في وسط الأمطار!! وهي نحيلة القوام ؟
الفتاة : لم تسأل عنها يوماً .. يمتص رحيقها .. من يدفع الثمن يوم
بعد يوم .
الشاب : مسكينة هي .
الفتاة : صدمتها سيارة منذ خمسة وعشرين عاماً .
الشاب : متي ؟
الفتاة : أو لا تعرف ؟ منذ خمسة وعشرين عاماً .
الشاب : أخبروني بموتها .. ولكنني لم أصدق ..
الفتاة : كيف ؟ و أنت صاحب السيارة التي صدمتها.
الشاب : لم أكن أعرفها فلقد تغير شكلها .
الفتاة : فلماذا تركتها و هربت ؟
الشاب : لأني لم أقتلها .. لم تسألين ؟ لم كل هذه الهواجس ؟ لا أساس
لها من الصحة ، رغم أن كل أحلامي تتلخص في هذه الحادثة
ولكن هل يصبح الكابوس حقيقة ؟
الفتاة : الطريق المؤدي للكازينو إختفت معالمه تماماً حتى الأشجار على
جانبيه غطاها الطين .
[ جمهرة من الناس يدخلون وهم يحملون طفلة صغيرة مغشياً
عليها، ثم يضعونها على المنضدة و يخرجون . يدخل العجوز . ]
العجوز : كل يوم على هذا الحال يضعونها هكذا ويخرجون .
الشاب : من هم ؟ ومن تكون هذه الطفلة ؟
العجوز : صدمتها سيارة منذ ثلاث عشرة سنة .
الشاب : ثلاث عشرة سنة.. وكل يوم على هذا الحال وهذا المأزق .
العجوز : إن ما تسمية مأزق هو ما يؤنس وحدتنا في هذا المكان المهجور .
[ الطفلة تتأوه ثم تتحرك وتنام مرة أخري ]
الشاب : إنها تتحرك .. بالله عليك أغثها .. ربما تحتاج قيلاً من الماء ،
عساها تحيا هذه المرة .
الفتاة : هذه المرة !! إنها لا تصحو إلا وتنام مرة أخري .. تسبح في
غيبوبة تامة .
العجوز : لقد أجمع كل الأطباء على أنه لا أمل نحو شفائها أو في حياتها .
الشاب : إذن إدفنوها .
الفتاة و العجوز : [ في صوت واحد ] يا ألطاف الله ندفنها وهي حية .
الشاب : هي حية ؟ !! [ ثم يمده فلا يجدها ، يقف مبهوتاً ] أين هي ؟
الفتاة : من هي ! يا للمصيبة .. ماذا دهاك ؟
الشاب : الطفلة التي هنا ..
الفتاة : طفلة ؟ يا الله لا يوجد أطفال هنا .
العجوز : [ يخرج ]
الشاب : لا يوجد أطفال ؟ !! طفلة في عمر الزهور يتدلي شعرها الذهبي
كسنابل القمح ، شفتان كحبتي الكرز والدم يندفع بغزارة من
رأسها أشد أحمراراً من تلك الوجنتين الملتهبتين .. وتقولين لا
توجد طفلة ؟
الفتاة : متي رأيتها يا حبيبي ؟
الشاب :[ وهو يقف علي المنضدة ] هنا الآن على هذه المنضدة ، تركها
مجموعة من الرجال وهم يهللون .
الفتاة : الآن ياحبيبي لك أكثر من نصف ساعة و أنت تحملق في السقف
في سكون تام دون حركة .
الشاب :[ يعصب رأسه بين يديه .. ويتقدم نحو الكرسي ليجلس متثائباً
ويرفع رأسه ] الآن فقط أدركت معني وقيمة أن أحضرك معي
إلى هنا .
الفتاة : يعني اعترفت بلسانك بأنك اعتدت الحضور إلى هنا بمفردك .
الشاب : من قال هذا ؟
الفتاة : أفعالك .. وخصوصاً قولك إنك لابد أن تحضرني معك .
[ الرجل العجوز يدخل حاملاً إبريقاً من الماء ]
الشاب : قلت لك أنا لا أشرب الخمر ولا هي أيضا إنه لا يشبه أبي ..
أبي كان سمينا وهذا نحيف .
الفتاة : هات كأسين من فضلك .. لقد أصابه الانقراض نظرا للجوع ..
فلقد أصبح فقيراً معدما .
العجوز : سيدي ..لقد عادت أبنتك .
الشاب : أي ابنة ؟
[ الفتاة تدخل .. هي نفسها الفتاة المصابة في الحادثة وهي الإبنة ]
الإبنة : تذّكرني يا أبي ..
الشاب : أنا لم أتزوج حتى الآن .. ولم أنجب .
الإبنة : كانت أمي تعرف أنك نذل منحط .. ولذا منعتني طوال عمري
أن أحضر إليك .
الشاب : أنت مجنونة .. أنت و أمك .
العجوز : سيدي من فضلك راجع ذاكرتك ..
الشاب : هل جننت يا رجل ؟
العجوز : ألم تنكر من قبل شربك للخمر ؟ إعترف لي بأبنتك ..
الشاب : ليس لي إبنة .
[ العجوز و هو يشير إلي الشباك ]
العجوز : أنظر من النافذة ..
[ الشاب يتوجه إلي النافذة و ينظر ]
الشاب : أنا لا أري شيئاً .
العجوز : أنتظر البرق و أنت ترى في ضوءه .
[ السماء ترعد وتبرق ]
الشاب :[ بدهشة ] ما هذا ؟؟
العجوز : الطين بدأ يزحف على الكازينو .. من فضلك إعترف حتى
نتخلص من خطيئتنا جميعاً .
الشاب : أعتراف بماذا ؟
الأبتة : أبي .. يا أبي .. لقد تركت أمي و حضرت إليك حتى تعطيني
حقي في الحياة .
الشاب : أنت لست إبنتي .. لقد ماتت .
العجوز : ماتت ؟ ومن هذه ؟
الإبنة : إنها أنا يا أبي .. لم أمت مازالت رقبتي تحمل آثار أصابعك
عليها .. أنظر ..
الشاب : لا ..كاذبة محتالة .. لقد ماتت إبنتي .
الإبنة : نعم و في سهول سيبريا دفنتها .
الشاب : سهول الشيطان .
الفتاة : إنها ثمرة حب لم قتلتها ؟.
الشاب : لم أقتلتها كانت ناقصة النمو .. ثم أني لم أغادر بيتي طول ثلاثين
عاماً .
الفتاة : و الزوجة المدفونة في غابة بولونيا .
العجوز : يا بني .. إن هذه الأخطاء ستغفر لك إذا أنت اعترفت بها.
[ الجرسون داخلاً وهو يحمل زجاجة شمبانيا ]
الجرسون : الزجاجة يا سيدي ..
العجوز : ألم أقل لك .. إنك فقط تنسي .. مثل القهوة و البسكويت
.. أوهامك تتحطم . [ العجوز للجرسون ] هات القهوة و
البسكويت و أرفع زجاجة الشمبانيا .
الجرسون : سيدي إن الطين غطي منتصف الكازينو من الخارج .
العجوز : اعترف يا بني حتى نتخلص من الدنس الذي أحاط بنا من جزاء
أفعالك .
الفتاة : كنت تحبني فلماذا تنكر .. ؟
الشاب : ماذا تقولين .. ؟
الفتاة : تغير شكلي منذ أخر مرة استلقينا على الحشائش في غابة بولونيا .
العجوز : كان هناك ذئب جائع .
الشاب : نعم كان يعوي ..
العجوز : من كان الذئب ..؟
الإبنة : أبي أنا متعبة .
الشاب : لماذا جئت .. ؟
الإبنة : أريد أن أنتمي إليك .
الشاب : كيف أعطيك الانتماء .
الإبنة : قل لي من أبوك .. من أي وطن أنت أخبرني .
الشاب : لا أستطيع لأني حتى لا أعرف إسمي .
الفتاة : أنت حبيبي وزوجي .
الشاب : أنت فتاتي ليس إلا .
الجرسون : سيدي هل تريد مزيداً من الثلج .
الشاب : لا أريد شيئا منكم .. إنصرفوا جميعاً .
العجوز : أرحنا جميعاً يا بني .. فالطين غطي نصف الكازينو.. أنظر من
النافذة .
الشاب : أنا شاب عمري ثلاثين عاماً ، كيف أنجب فتاة عمرها فوق
العشرين .
الفتاة : هل تؤمن بتناسخ الأرواح .
الشاب : نعم .
الفتاة : أنا أيضا كنت أتمني أن أنجب بنتا وأربيها وأنا عمري خمس
سنوات .
الشاب : كنت أحمل عروسه من القماش ، صنعتها لي أمي ، أحضنها ،
ألهو بها .. وأبني لها بيتاً من الطين .
الفتاة : وكنت أصنع لها من غطاء زجاجات المياه الغازية أكواباً و أطباق
الإبنة : وحين يأتي الليل .. تحملني أيديكما إلي فراشي أسفل المنضدة .
الشاب : ما هذا التخريف .. ؟
الإبنة : في هذا الوقت ولدت ..
الشاب : كيف ..؟
الفتاة : في غابة بولونيا .. قريبا من منزلنا
الشباب : هل تقطنين بجوار غابة بولونيا ؟
الفتاة : وكنت أرمقك و أنت تسير من تحت قوس النصر ممشوق
القامة .
الشاب :كنت في السادسة من عمري ، حين سحبني أبي من يدي و
رحلنا من باريس بعد أن قتل أمي .
الفتاة : وتركتني هناك في غابة بولونيا بعد أن أفقدتني عذريتي .
الشاب : لا أتذكر .
الجرسون : بدأ ينهار .
العجوز : إني أدرك يا بني .. سيعترف .. لابد أن يعترف [ يخرج ] .
الإبنة : حين رحلت معك إلي سيبريا , تركتني وحدي هناك ، فقد
غطي الثلج أطرافي .
الشاب : من سافر بك إ لي سيبريا ؟
الإبنة : أبي هل تنساني .. أم مازالت تنكر ؟
الشاب : كم عمرك يا فتاتي ؟
الفتاة : ثلاثون عاماً .
الشاب : مثلي تماماً [ للإبنة ] و أنت
الإبنة : خمسة وعشرين عاماً .
الشاب : وكيف لطفل عمره خمس سنوات أن ينجب ؟
الفتاة : هل تؤمن بنظرية الرفيق الخيالي ..؟
الشاب : قرأت عنها في الجامعة .
الفتاة : أنا أؤمن بها .
الإبنة : وتلك الفتاة المدفونة في غابة بولونيا .
الفتاة : هي من أغتصبها هذا السفيه وصدمها بسيارته .
الجرسون : سيدتي هل تسامحين في حقك ؟
الفتاة : لا إنما أريد حق إبنتي ..
الإبنة : وأنا أريدك يا أمي .
الجرسون : الطين غطي ثلاثة أرباع الكازينو .
الشاب : أنت يا جرسون .. من فضلك هذا العجوز الخرف ، منذ متي
وهو يعمل هنا ؟
الجرسون : أي عجوز .. ؟
الشاب : الجرسون الآخر .
الجرسون : لا يوجد أخر .. أنا فقط و تحت أمرك .
[ يتركه وينصرف ويدخل العجوز ]
الشاب : [ يصفق بيده ] من فضلك أريد أن أعرف هل اقتربنا من المحطة ؟
[ العجوز يحملق في الشاب لحظة ، ثم ينصرف بعصبية إلي
النافذة.. صوت عجلات يختلط مع نفير القطار ]
الفتاة : يا لها من مصيبة ... إن القطار مقبل علي كوبري متالك جداً
[ صراخ وعويل في الخارج ]
الشاب : ما هذا الصراخ و العويل .
الفتاة : [ تقف وتنظر من النافذة بقلق ] .
العجوز : [محتفظاً بهدوئه ] لا أبداً لا تقلق .. فالنهاية أوشكت .. الكوبري
صدئ و الخشب نخره السوس . وهذه أول مرة يعبر هذا القطار
منذ ثلاثين عاماً فوق هذا الكوبري .. ولذا فأنت تسمع هذه
الصرخات البلهاء .
الفتاة : [ تنظر نحو الشاب ] آه أنا لن أستطيع العوم .
الشاب : لماذا ؟ !!
الفتاة : يا ألطاف الله .. انظر إلي أسفل ما أشد اسوداد الماء تحت أقدامنا
وكأنة ظلمة ليل حالكه لا يبدو منه إلا زبد صغير يطفو على
صفحة الماء ، هيه .. ربما يضيء لنا جوانب هذا الليل الدامس .
العجوز : لا تخافي يا إبنتي إنها أنفاس الخراتيت و التماسيح وأفراس
النهر [ يخرج ]
الشاب : هل تعقدين أن هذا المكان سيطفو على سطح الأرض بعد أن
غاص ثلاثة أرباعه في الطين. يا للكارثة لن نستطيع الخروج
من المكان الموحش .
الفتاة : الطين في الخارج ، بيننا وبينه نوافذ محكمه بزجاج و أبواب
موصدة ، فوق كل هذا و ذاك سقف معلق بدون أعمدة
أو قواعد خشبية .
[ تسقط قطع من الطين من السقف المتهالك في أرضية الغرفة ]
الجرسون : [ داخلاً ]كل يوم يعبر القطار من تحت الكوبري الحديدي فيقطع
أوصال طفلاً يجلس فوق القطار.
الفتاة : [ تصرخ ] حين سافرت مع أبيك فوق القطار ومرق جسدك
الكوبري إذكان أبوك يوفر ثمن التذكر للسفر إلي سيبريا .
الشاب : نعم فلم تكن أمي سيئة السمعه.. [ يصمت قيلاً ] كان أبي
يؤجرها لأصدقائه .
الفتاة : [ بفزع ] من ؟ .. أمك ؟ !
الشاب : تلك السيارة الفاخرة ذات اللون الفضي اللامع ، نعم كنت أنا
هذا الطفل .
الجرسون : إسمح لي سيدي ، هذا انتحال لشخصية طفل .
الشاب : لا بل أنا هذ ا الطفل المقتول .
العجوز : [ يضع أمامهما كوباً من القهوة مع البسكويت ] إنطق يا بني
أعترف ، فنحن مقبولون على نهاية محتومة، ومثلما قلت لك أن
الكوبري الذي نحن قادمون عليه متهالك ، فالصدأ قد أكل أطرافه
و السوس نخره .
الشاب : آه تلك المرأة اللعوب التي شاركتني أحلامي .
[ صوت عجلات القطار مع صوت نفير ، وتبدأ الكراسي في
الإهتزاز و يبدأ الجميع في التأرجح و عدم الإتزان ]
الشاب : قلت لك أن أمي لم تكن سيئة السمعة .
الجرسون : الطين ، الطين غطي ثلاثة أرباع النافذة .
العجوز : آه هذه القهوة بالسكويت كما تعودت .
[ تدخل إلمرأة الشقراء ذات شعر ذهبي ]
الفتاة : ألم تلاحظ أن ثيابها غير مبتلة .
[ تجلس الفتاة قرب كرسي الشاب ]
الإبنة : كانت أمي تضع حصوات صغيرات تحت رأسي بينما تضع
حصوة أخري فوق قدماي حتى لا أطير بفعل الهواء ، بينما أنت
تقوم بثقب عينّي بإبرة بها خيط رفيع .
الشاب : [شارد وينظر للأفق البعيد ] نعم كنت أثبت خرزة زرقاء لتلون
عيناك لتصبحا جميلين أتخيلها كلوحه الجرنيكا .
الإبنة : أما أنا فكانت مهمتي الإستسلام حتى أري ماذا تنتهيان إليه .
الشاب : [بتردد واضح ] لكني رأيت ذات يوم دمعة واضحة المعالم
بعينيك وكأنك قد أوشكت على البكاء .
الإبنة : ذلك لأنك حفرت لي حفرة عميقة بداخل الثلج المتراكم لتضعني
قيها ثم تهيل الثلج عليّ مرة أخري .
الشاب : آه لقد أفتكرت تلك هي نظرية الرفيق الخيال . لا..لا إنه كان
لعب أطفال .
الفتاة : وهل كان حبنا أيضاً لعب أطفال .
الشاب : [ يضحك ] على الأقل بالنسبة لي .
الإبنة : وحينما كنتما تعبئون بطني بقصاصات الورق و قطوف القطن
وتخيطان أطرافي بخيوط متعددة الألوان كان ذلك أيضاً لعب
أطفال . [تتجه نحو الفتاة ] وأنت يا سيدتي ، كنت تنزعين ثيابي
وتبدلينها بأخري ، و الآن ما هو الحل ؟
الشاب : أنت إبنتي ؟
الفتاة : وأنا … ألا تعترف بي ؟
الشاب : حينما كنت أعود من المدرسة أحمل حقيبتي الجلدية، كنت أراك
في شرفة منزلكم تسترقين النظر إليّ .
الفتاة : كنت أعشق ذلك الجندي ، حين يرفع مشعله ليوقد تلك
المصابيح على جانبي الشارع ، و أراك مستنداً على أحد الأعمدة
كفتيات الليل .
الإبنة : أرجوك يا أبي لا تتركني وحدي في هذا العالم الموحش .
العجوز : لم أعد اسمع صرير العجلات فوق القضبان الحديديه ، يبدو
أن القطار توقف .
الجرسون : شئ لا يصدق أنظر من النافذة .
العجوز : ماذا في الأمر [ ينظر من النافذة ] القطار يترك القضبان ويمتد
بمقدمة في الفراغ .
الشاب : [ يضحك حتى يستلقي على ظهره ]
العجوز : [ تتحول نبرات صوته إلي ترانيم ] في هذا الركن المنزوي أجلس
أمام قنديل الزيت .
الشاب : [ مازال يضحك ]
العجوز : وأمام محراب المعبد ، في داخل الجبل المظلم لا يؤنس و حدتي
سوي ترانيم الأخوة يتردد صداها بين الجدران .
الشاب : الجدران .. أن جدران هذا الكازينو أشبه بالزنزانة .
الجرسون : لماذا لم تأكل .. ؟
الشاب : أشعر أن الخرز الذي تضعونه في الطعام غير ناضج [ يتقزز ].
العجوز : أنها حبات الكريز .
الشاب : حبات ماذا ؟
العجوز : حبات الكريز الناضجة ..
الشاب : إذا كانت حبات الكريز كما تقول [ بتقزز] فلماذا إذا تفور منها
الديدان بغزارة و كأنها أذيال عقارب [ يقضم منها ثم يبصق ] .
[يدخل الجرسون ]
الجرسون : آه هذا هو غذاؤك الذي تعودت عليه ، ولا يوجد في هذه البلده
سواه
الشاب : يعني لا يوجد لديكم سوي حبات الكريز المحبلة بالدود .
الجرسون : لا أبداً لدينا تنويعات من الوان الطعام ، و لكن … هذا لا يعفيك
من تناولها بالدود .
الإبنة : لم أتناول حساء الضفادع في برج أيفل كما تعودت كل صباح .
الفتاة : أن أباك صار نحيلاً جداً منذ تركني وحيدة على أسفلت الطريق
و مضى و الدم ينزف من عروقي بغزارة .
الإبنة : بعد رحيلك عني أصابتني الحمى الشديدة ، وتحلل جسدي إلي
كرات حمراء صغيرة .
الشاب : [ يواصل الأكل ] إن لحبات الكريز مذاق غريب حلاوته مع
سخونة في فمى ..دم .[يبصق ]
الإبنة : وأنتشر الدود في تلك الجثة المدفونة تسبح في ماء البحر المنصهر
بفعل الطاقة الإنفجارية الهائلة الناتجة عن انشطار الذات .
الشاب : لم أكن أدرك أن مصير تلك الخرق البالية سيئول مصيرها إلي لحم
و دم [ يلوك ويبصق متقزز ] دم ..
العجوز : لا تتحركوا حتى لا تهتز الصورة ، من بين هذه الجدران المقدسة
جاءوا بخنزير أبرص ، وسحلية رقطاء وقد التهمامعاً حقول البرسيم
الخاصة بملحقة الكهف .
الإبنة : تلك الحبات التي يلوكها فمك هي بقايا جسدي المتحلل
[ تقع الإبنة على الأرض ]
الفتاة : أنظر ماذا فعلت بإبنتنا ؟
الجرسون : لا تنظر إليها فطعام السجن لا يعوض ، قد تنظر في أي أتجاه
فتضيع منك الرؤية ، فتغفل عن رؤية تلك الحبات التي لن تظهر لك
سوي في الظلام الدامس .
الفتاة : حين يشعل ذلك الجندي مصابيح الغازعلى جانبي جسدي لا
سيما أن جسدي النحيل داخل قنينة غاز.. .
الشاب : تلك النار التي أستشعرها كلما أقتربت مني أمي لتطبع على
جبيني قبلة المساء تنطلق من عين أبي ..
العجوز : وحينما يأوي هذا القارب بين شقي النهر، وتندفع الأسماك في
شبكة هذا الصياد الفقير ليطعم أطفاله .
الشاب : كان أبي حينما أنتظره يأتي بالطعام كل ليلة يحمل تلك البلطة ..
لعل السبب في موتها هو نقص الأكسجين بسبب الطين [ مشيرا
للإبنة ]
الفتاة : أتباه لا تتركه قبل أن يعترف بجريمته النكراء .
العجوز : لن تموتي يا فتاتي ، لماذا سرقت الذهب ؟ تكلم قبل أن يفور
بركان فيزوف .
الشاب : لعله يقذف عليك حممه لتصب عليك الذهب المنصهر ليغلي
فوق رأسك فيحيلك إلي تمثال من الجرانيت .
الفتاة : [ وهي تحتضر ] فيصير بين يديك تراباً فقد أعطاني حفنة من
التبر الخالص و أمرني أن أرشها فوق تلك الأراضي البور .
[ ثلاث دقات من المثلث أو جرس ]
الشاب : ما هذا هل بدأت الأناشيد و الترانيم ..آه لعل الله يغفر لنا
.. ماذا حدث لها نامت ، أوف .. ما هذه الرائحة العفنة .
العجوز : [ يترنم ] وحين تأوي إلي فراشك ليلاً ، فتذكر هذا العجوز
المسن الذي حملته على سفك الدم ، وروضت خياله كما يروض
الفرس الجامح في يوم مطير .. [ يحتضر ] آه لا أجد هوء اً
أتنفسه .. لم تعترف_ وحريتنا كلنا معك _ بالخطيئة .
الشاب : أبي أيها العجوز … التنفس … التنفس … أين ذلك الجرسون
النحيل كان هنا ، سأقتله حين آراه لابد أن أخرج من هنا قبل أن
أموت .
[ الجرسون يدخل وقد صار سميناً جداً ]
الجرسون : هددت بقتلي ؟
الشاب : لم أكن أنوي القتل .
الجرسون : على الثلج بدت خطواتك واضحة الأثر .
الشاب : ملأ الطين قدماي رغما عني فقد التصق بحذائي .
الجرسون : أين رأيتك أخر مرة .
الشاب : في مصنع النسيج والحلوي .
الجرسون : كيف تقتلني وقد كنت أعاملك كإبني .
الشاب : لم تكن رحيما بي .
الجرسون : كنت تتقاضى راتباً مجزياً ، يقضى إحتياجات قرية بأكملها .
الشاب : لم أحصل على سنت واحداً طوال خدمتي في هذه المؤسسة
العملاقة .
الجرسون : لماذا تنكر .. ؟
الشاب : لم أسرق .
الجرسون : أنت أحمق سرقت دولارتي .. فلم يعد هناك عملة غيرها00
الشاب : أنا لم أفعل .. لم أفعل .
الجرسون : أين بقية الأخوة
الشاب : هل ماتوا جميعا من هذه الرائحة العفنة… لا .
الجرسون : لا يوجد هواء ، سنموت حتما ، ولن نعرف باب الخروج من هنا
أبداً .. أنتظروني يارفاقي .
[ يرقد الجرسون بجوار المجموعة ويموت ]
الشاب : [ يجري نحو الجرسون ] أخبرني بالمخرج من هنا قبل أن أنتهي
أيضا .. ماذا فعلت حتى ينساق هؤلاء إلي الموت من أجلي ..
من على صواب منا ؟ .. هل أجرمت في حقهم .. هل آذيت
مشاعرهم .. لا يوجد إلا أنا و الصمت .. وهذه الرائحة العفنة
و آهات الموتى [ لحظات الصمت ] يا لبؤس العالم بي هل كل
هؤلاء القتلى من جراء أفعالي .. ولكن لم أعد أتذكر شيئاً فأنا لم
أخطىء حتى ينجر كل هؤلاء إلي الموت بسببي ، والآن لا يوجد في
هذا العالم إلا إياي وتلك الجثث المتعفنة ، ففيم بقائي إذن .
سألحق بهم فلا سبيل لطعم ولا مذاق لهذا العالم بدونهم مهما
بلغت قسوتهم .
لن أنتظر الموت ، سألحق بهم حتى يتخلص مني العالم ويتطهر .
[ يمسك بالحبل اللذي قد تدلي من أعلي ، ويضع رقبته فيه ويقف
على كرسي ليتعلق فيه ثم يموت ، الجميع ينهضون وهم
يضحكون ويمسكون بالحبل حتى يلامس الشاب الأرض ويحلون
وثقافه ثم يلتفون حوله ]
العجوز : أيها الشيطان بارك هذه الفطيرة المقدسة حتى يرتوي ثعبان الجحيم
ويلتف على غصن الزيتون .
[ يرتلون خلفه ثم ينقضون عليه ويأكلونه ]
ستار
مسرحيه جميله جداااااااااا
ردحذفالله يجزاك خير شكرا لك
ردحذف