الأحد، 13 نوفمبر 2011

مسرحية مواطن رغم أنفه ج 3 لسيدة المسرح السعودي ملحة مزهر



الفصل الثاني

المشهد الأول

                    منزل السيد تاج السيد تاج داخل الحجرة الزجاجية 00       

                    يجلس في بانيو قديم ويسكب الماء علي رأسه وقد علق   

                    بجواره روب منزلي ، بينما لارين تنشغل بترتيب المكان

السيد تاج

:
[ ينادي ] يا لارين ، أنتي أيتها الفتاة
لارين
:
ماذا تريد يا أبى ؟
تاج
:
أين المنشفة ؟ أم سأجلس حتى الصباح داخل هذا الماء ؟
لارين
:
يقول الطبيب أنك لأبد أن تظل جالساً في هذا الدواء أكبر فترة ممكنة
تاج
:
إنني أشعر أن جسدي بدأ يتحلل إلي متي أظل منقوعاً في الماء
لارين
:
ساعة أخري يا أبي من أجل أن يتطهر جسدك من جروحه
تاج
:
إذاً تعالي ودلكي ظهري فيدي لا تصل إليه
لارين
:
إنني أخجل يا أبي
تاج
:
أنا أبوك وقد وضعت غطـاء حول خصــري فلتأتي بسرعة [ لارين تتجه نحوه وتبدأ في تدليك ظهره ]
تاج
:
برفق دلكي برفق فإني لا أكاد أتحمل الألم
لارين
:
برفق يا أبي برفق . فقط استرخ و أغمض عينيك


        [ تسكب الماء علي رأسه ]
لارين
:
هل مازلت مصراً علي موقفك ؟
تاج
:
ولن أتنازل عنه مهما حدث
لارين
:
ولكن يا أبي 000 هذه المزارع لن يرعاها أحداً إذا ما تركت دنيانا
تاج
:
إنك تبشرين علي فمازال دمي يجري في عروقي ولم أمت بعد وطالما يتردد بداخلي الهواء فمازلت صاحب هذه المزارع والمتصرف الوحيد فيها
لارين
:
[ في حركة عصبية ] ولكن يا أبي 000
تاج
:
قلت لك برفق
لارين
:
وهذا القصر المنعزل لن أستمتع به بعيداً عن الناس لماذا لا نبيعه ونحيا وسط الأهالي ‍‍‍‍‍!!
تاج
:
غريزة القطيع
لارين
:
القطيع ؟
تاج
:
الحياة وسط الضجيج تصم الآذان وتقصر النظر ، أما الحياة فوق قمة الجبل فإنها تدعو إلي التأمل وتطلق العنان للخيال وما أحوجنا أن ننعم بالراحة والتأمل 000  قلت لك برفق .
لارين
:
إنني يا أبي لا أطلب منك البيع إيماناً به 00 ولكن عن تفكير في المستقبل 00 فإذا نفد سهم القدر سأبقي وحيدة منعزلة أعاني من الوحدة والعزلة 00 لذا فأنا أخشى أن تتركني بين يوم وليلة رهينة هذه الجدران.
تاج
:
وطبيبك المزعوم 00 ألم يطلبك للزواج بعد ؟
لارين
:
إنك تتخيل أشياء وهمية فليس بيننا سوي حديث ودي عادي .
تاج
:
لا تكذبي علي فلقد رأيته بالأمس وهو يهمس في أذنك .
لارين
:
لم يحدث يا أبي فهو إنسان محترم ولا يجرؤ علي إيذاء مشاعرك .
تاج
:
ولكن رأيته ولا أحسب أنني فقدت حاسة الإدراك فهو يحبك ويتودد إليك 000 إخبرينى هل شاهد بيته الجديد ؟
لارين
:
بيته الجديد ؟‍!
تاج
:
نعم 00 البيت الذي شيده الغريب 00 لقد جرحتني 00
لارين
:
أسفه يا أبي فقد كلت يدي حتي أنني فقدت التحكم في الفرشاة .
تاج
:
بيت جميل علي ما أظن يشبه إلي حد ما صفيحة الزيتون الأسود
لارين
:
الزيتون الأسود ؟
تاج
:
ذو جدران ضيقة وسقف منخفض تجبر قاطنيه علي الإنحناء
لارين
:
هل رأيته ؟
تاج
:
أستطيع أن أتخيله ، فحوائطه البيضاء تعطي إحساساً بالرحابة والاتساع .
لارين
:
أنت تتناقض مع نفسك كيف يكون رحباً ويشبه صفيحة الزيتون الأسود
تاج
:
إحساساً بالإتساع ولكن في حقيقته ضيق وأسقفه المنخفضة تصيب الإنسان بالتقوس في الظهر إنه أشبه بزنزانة ضيقه مهما أمتلأت بأساليب الرفاهية 00 ناوليني المنشفة لم أعد أطيق هذا السائل إن رائحته كريهة .
لارين
:
فلتتحمل حتى يأتي الطبيب .
تاج
:
لن أجلس عاريا فى إنتظار قدومه هو وضيفه
لارين
:
إنما يحاول أن يصل معه لأقصي ما يستطيع لإنجاز الصفقة
تاج
:
إنه لا خير فيه
لارين
:
لم تقول هذا يا أبي إنه يحبك
تاج
:
إنه يؤمن بنفسه وبأفكاره ويتخيل في الغريب منقذا له ولأحلامه ولكن عندما ينبهر بهذا المسكن الخانق يشعر بقدرته علي إقناعي بالبيع ، أنه راكع أمام ألوهية الحضارة الجديدة .
لارين
:
راكع أمام الحضارة !! ماذا تقصد ؟
تاج
:
ألم أقل لك أن الأسقف المنخفضة تصيب الإنسان بالإنحناء وهو بداية الركوع وعندما ينتهي الأمر به إلي مزيد من الإنحناء فإنه لا يري إلا ما تحت قدمية ناوليني المنشفة .
لارين
:
ها هي المنشفة ولكني أرجوك أن تستعملها برفق حتي لا تزيل أثار الدواء .
[ يأخذ المنشفة ويمررها علي جسده ]
تاج
:
ماذا يفعلون في القرية ؟
لارين
:
إنهم في إنتظار الجراد 00 قد بدأ بعضهم في التشكك في قدومه 
تاج
:
هم دائماً يتشككون ولكنهم سيتأكدون من صدق حدسي سيهجم الجراد لا محالة اليوم أو غداً فإني أشعر بقدومه 00 ماذا لدينا من طعام ؟
لارين
:
لحم بارد  وبعض الفطائر .
تاج
:
إذاً أعدي العشاء
لارين
:
هل ننتظر قدوم الضيوف ؟
تاج
:
إنهم واقفون الآن أمام الباب يشاهدون المنزل قبل الولوج فيه.
[ دقات علي الباب ]
تاج
:
ألم أقل لك 00 هيا أفتحي لهم ولكن ناولينى الروب أولاً .
[ تناوله الروب وتذهب لتفتح الباب 00 الطبيب يدخل مسرعاً ومن خلفه الغريب يتباطأ في الدخول ]
الطبيب
:
عمت مساء يا سيد تاج .
تاج
:
أهلاً بك أيها الطبيب 00 عسي أن تكون قضيت وقتاً ممتعاً
الطبيب
:
جداً يا سيدي 00 لقد شاهدت أشياء جميلة
تاج
:
أشياء تتحرك 000 تتحرك أمام عينيك فتبهرك .
الطبيب
:
إنها مخترعات العصر .
تاج
:
بل إنها موبقات الحضارة 00 أهلاً بك يا سيد .
الغريب
:
أهلاً بك يا سيد تاج 00 كيف أخبار صحتك 00 علمت من طبيبك أن حالتك سيئة لأنك لا تستمع إلي نصحه .
تاج
:
ليس كل من ينصحك صديق 00 هكذا علمتني السنين والتجارب أنا بصحة جيدة طالما أستطيع أن أفكر .
الغريب
:
وهل فكرت في عرضي إليك ؟
تاج
:
نعم فكرت ولكن قبل أن أتحدث إليك بشأن القرار الذي أتخذته أريد أن أسألك عن بعض الأشياء .
الغريب
:
تفضل .
تاج
:
هل لديكم في قريتكم كل وسائل الراحة ؟
الغريب
:
أقصي مما تتصور
تاج
:
هل يستطيع الإنسان أن ينعم فيها بالراحة ؟
الغريب
:
الراحة ! أن الإنسان فيها لا يكاد يتحرك 000 كل شئ يتحرك بضغطة من أصبعك وأنت جالس
تاج
:
وهل يستطيع شخص مثلي أن يستحم دون مجهود ؟
الغريب
:
[ يضحك ]لم نفكر في هذا من قبل 00 ولكن مع الوقت سنبتكر ما يعوضك عن الذهاب إلي الحمام .
الطبيب
:
هل المشكلة فقط في الاستحمام 00 يا سيد تاج إن القرية شئ صحي تماماً لدرجة إنك لن تحتاج أن تستحم فليس هنا ما يدعو جسدك للعرق أو إلتصاق الغبار به فكل شئ نظيف  
السيد تاج
:
يبدو أنها أعجبتك ؟
الطبيب
:
ولم لا 00 كل شئ يحدث كما تبغى ودون عناء ، فالعلم سخر لنا أشياء لا يمكن تخيلها 00 فجراحك مثلا لن تضر من حولك ، فهناك الأجهزة المعقمة التي تستطيع أن تحيا بداخلها دون تلوث .
تاج
:
هل انتهيت من أعداد الطعام ؟
لارين
:
[ وهى ترص بعض الأطباق على المائدة ] لحظات يا أبى وينتهى كل شئ .
الغريب
:
ليس لدينا وقت طويل 00 هل فكرت في الأمر ؟
الطبيب
:
وهل يحتاج الأمر إلي تفكير إنها صفقة جيدة
تاج
:
جيدة 00 لمن ؟ ! لي أم له ؟
لارين
:
بل لنا جميعاً .
الغريب
:
أنا لم أطلب منك أن تغادر مزرعتك ومنزلك حتي إذا 000
تاج
:
[ يقاطعه ] حتي إذ مت تؤول ممتلكاتي إليك 00 أليس كذلك 0 تبدو صفقة مربحة ، ولكنها في داخلها تحمل غموضاً أستطيع بحدسي  أن أفك طلاسمه .
الغريب
:
أي غموض 00 إنني أتحدث بمنتهى الوضوح أريد شراء ما تملك بعد وفاتك بينما أعطيك أموالي لتنعم بها في حياتك وتستطيع أن تعالج نفسك وتحيا في رغد ورفاهية 00 فأنا لا أجد في ذلك أي غموض .
تاج
:
تفضلوا لنكمل حديثنا علي المائدة
[ يجلسون علي المائدة بينما تنشغل لارين بوضع منديل علي صدر تاج ]
الطبيب
:
أنت تعرف يا سيد تاج أنني أريد الارتباط بابنتك وأنني لن أخدعك
لارين
:
إنه لن يخدعك يا أبي فأنت تعرف مدي خوفه عليك 000 خوفنا جميعاً .
الطبيب
:
وإذا وافقت يا سيدي علي ارتباطي بأبنتك فسيكون طبيبك المخلص دائماً بجوارك ؟
الغريب
:
إنني أري أن جميع الأطراف توافق علي البيع وقد أحضرت معي العقود .
تاج
:
أرى أنكم تتحدثون جميعا بلسان واحد000  ولكن نسيتم جميعاً أننى أنا صاحب الامر .. لماذا تريدون شرائى وأنا قاب قوسين أو أدنى من الموت .
الغريب
:
إنك فى صحة جيده ولا يستطيع ان ينال منك الموت .
تاج
:
ولكنني اشعر به .. لماذا تصر يا سيدى على شراء ممتلكاتى دون غيرى .. أمامك ضفة بأكملها فلماذا أنا دون غيرى ؟
الغريب
:
أننى لا أنكر أهدافى وقد تسميها وقاحة منى لو قلت انك تملك منزلا رائعا يعد مطمعا ومصنعا للخمور لا يوجد مثله على بعد   مئات الأميال ومزارع غناء تستطيع أن تؤمن لقريتى ما تحتاج اليه من مستلزمات .
تاج
:
لهذه الأسباب أنا أعرف غلاء سعر ممتلكاتى وأوافقك على البيع 
الطبيب
:
مبروك عليك يا سيدى تاج .
الغريب
:
كنت أعرف أنك ستوافق .
تاج
:
أنتظروا أننى مازلت أتحدث 000 ولكنى ارفض البيع فى نفس الوقت لأننى الوحيد الذى يستطيع أن يرفض .
لارين
:
إنني لا أستطيع أن أفهم شيئا
الغريب
:
إنك تتلاعب بى .. تماطل فى البيع ولا أعرف لماذا أنا لم أحدد سعرا كى تماطل لزيادته .
تاج
:
بل إنني لا أماطل .. إنني أرفض البيع لأنني لا أحب الخداع فهذه المزارع التى أمتلكها قد تصبح فى الغد بلا قيمه إذا ما هجم الجراد والتهم الزرع .
الغريب
:
أنني أوافق على شرائها حتى لو كانت صحراء جرداء .
الطبيب
:
أنني أرى أن السيد يتنازل فى عرضه هذا عن حقوقه .
تاج
:
إذاً الحقيقة ليست هذه المزارع ولكن فى من يملكها
لارين
:
ماذا تقول ؟
تاج
:
إنه لا يطمع فى المزارع ولا فى المنزل ولا حتى فى مصنع الخمور إنه فقط يشترى حق المواطنة .
الطبيب
:
المواطنة؟
تاج
:
نعم المواطنة . فهو يعرف إنني أنا الوحيد الذي أنتمي إلى هذه البلدة أباً عن جد وهو يريد شرائي وبالتالي تصبح كل القرية غرباء ويصبح أهلها الغرباء مجرد خدم لنظامه فقط لأنه هو السيد بما يملكه .. وإذا أنا وافقته على البيع لن يجرؤ أحد على الوقوف ضده فالكل ليس لديهم انتماء لأن الأرض ليست ميراثهم بل اغتصبوها عنوه .. لذا أنا أرفض البيع .. فاذا رحلت عن عالمكم فابنتي الوحيدة هل مالكة التصرف .. ولا أعتقد أنها ستبيع حقها فى المواطنة والانتماء .. لمجرد زيف حضاري وبعض العاب التسلية فلقد تربت على يدي .. إنها سترفض البيع مقابل بعض أجهزة التحكم عن بعد 000 سترفض الكسل الذي يصاحب مخترعاتكم 0 
الغريب
:
إنك لا تستمع إلى أحد إبنتك تبغى البيع وزوجها فى المستقبل يبغى البيع وكل فلاحى القرية يرغبون فى البيع وأستطيع أن أشترى منهم كل شئ.
تاج
:
إلا ما أملكه أنا .
الغريب
:
انك شخص معتوه ..لا تستمع إلى نصح الخلصاء .
تاج
:
لا يوجد مخلصين فهذه الأبنه تريد البيع من أجل رجل تظن أنه مخلص ولكنه رجل بلا مبادئ .
الطبيب
:
أتتهمني فى شرفي .
تاج
:
المفروض أنك طبيبي وجراحي هى من أسراري ألقيت بها فى جب الغرباء ولم تستطع كتمانها
لارين
:
أبى
تاج
:
معذرة يا أبنتي فهذا الرجل لن يكون أميناً عليك فهو غير أميناً على أسراره ولا مهنته .
لارين
:
ولكن يا أبى 000
تاج
:
[ مقاطعاً ] هو شخص مبهور فقط بما يراه ولا يهمه الجوهر يخطفه بريق الماس دون أن يعرف إنه محض صخور000 تبهره الحضارة دون أن يعرف ما تسببه من قصور الحواس 00 وحينما يأتي الجراد ستكتشفين أنهم مجرد أشباه رجال .
الغريب
:
ها أنت تخرف من جديد .
تاج
:
أنا لا أخرف فالجراد قادم أشعر بحرارته وأسمع رفيف أجنحته
الغريب
:
تسمع ما لا نسمعه وترى ما لا نراه 00أتريد النبوءة أم الألوهية .
تاج
:
بل الإنسان .. الإنسان فقط.. من يسكر حين يشاء ومن يصبح منتشياً حين يشاء.. من يملك قرارة.. من يستطيع أن يرى ما بعد نقطة التقاء السماء و الأرض فى إمتداد الأفق.. من يستمع لحفيف الأشجار فيعرف أنها عطشى.. من يزرع الارض كى يأكل الغير .. من لا يفرط فى انتمائه .
الغريب
:
أنت تبحث عن إنسان مضى .. إنسان العصور السابقة إنسان اليوم ينتظر الطوفان فيضع أطفاله تحت قدميه وما تزعم من قدوم الجراد ليس إلا أكاذيب تضلل بها الناس بحثا عن الزعامه وليس حبا .
تاج
:
ها قد بدأت الشباك تصطاد و الجراد يتساقط أمام قسوتها
الغريب
:
لا يوجد جراد إنما الجراد فى رأسك فقط وفى جسدك سيلتهمك سريعا - سأحصل على ما أريد بعد أن تموت .
لارين
:
ماذا تقول ؟
الغريب
:
أن جسدك الآن سيتهاوى ستشعر به يتآكل وستتمنى الموت ولكنه علاج بطئ المفعول .
تاج
:
ماذا تقصد ؟
الغريب
:
كان لابد أن أتخلص منك فأنت العقبة الوحيدة فى طريقي بجرادك المزعوم ولكنك ستخر صريعا وسأحصل على ما أريد دون ثمن
[أصوات فى الخارج ]
   صوت     :   الجراد الجراد قد هجم .
   صوت     :    إلى الشباك بسرعة
تاج
:
أسمعتم .. الجراد قد هجم .. لقد صدق حدسي .. لقد أنتصرت  عليك .
الغريب
:
ولكنك ميت .
تاج
:
ولكن لن تموت أفكاري .. هاهم يصرخون ..
اصوات
:
الجراد .. الجراد يتساقط [ تاج يتحرك نحو البانيو ويجلس فيه ويغطى وجهة بالمنشفة بينما تصتك الأبواب و النوافذ ويمتلئ المكان بالجراد.]
إظـــــلام


                                      المشهد الثاني
                    القرية ساحة كبيرة على شاطئ النهر وقد وضعت الشباك
                    فى خلفية المنظر وقد التصق  بها كبير من الجراد ، بينما    
                    ينشغل الفلاحون بوضع الجراد فى أكياس وصناديق
فلاح
:
[ يخاطب أبنه ] هيا يا ولدي كم جمعنا حتي الان ؟
الابن
:
ثلاث مائة أو يزيد 0
الفلاح
:
يا ساذج يا أبن الساذج 0 كم العدد بالضبط ؟
الابن
:
ثلاث مائة وعشرة 0 ماذا يفعلون بكل هذا الجراد ؟
الفلاح
:
إنهم يجمعونه كي يصدروه للخارج 00 هكذا يقولون 0
الابن
:
انك بالأمس أخذت مني الصندوق الذي ملأته ولم تعطني حقي في المال
الفلاح
:
أنك جاحد مثل أمك 0 أنك فقط تساعدني كي نستطيع الإنفاق علي الأسرة لا لتكتنز المال أتحسب نفسك تجمع أكثر مني ؟
الابن
:
جمعت لك اكثر من مائة جرادة وجميعهم أحياء وهم يقولون في الضفة الغربية أن الحي يختلف سعره عن الميت
الفلاح
:
جاء الوقت الذي تحاسبني فيه وأنا أبوك المسئول عنك وإذا كنت تريد العمل بمفردك فأتركني وأرحل
[ يدخل فلاح2،3،4 ويتجمع الفلاحون ]
فلاح2
:
لقد أستكفوا اليوم ولا يطلبون المزيد 0
فلاح3
:
وأين إذاً نضع ما جمعناه من جراد هل نلقي بها إلي النهر
فلاح4
:
أستطيع أن أشتري منكم ما جمعتموه
فلاح2
:
أنت إستغلالي تريد شراء الجراد بنصف جنية بينما هم يشترون الواحدة بجنيه
فلاح4
:
لقد استكفوا بما جمعوه ولن يطلبوا منكم المزيد وأنا أريد أن أعوضكم عن تعبكم في جمع الجراد
فلاح2
:
أسمع يا سيد بائع من الأفضل لك أن تشتري كل الكميات الموجودة حتى إذا شح الجراد بعته بالسعر الذي تريده قبل أن يفطن الغرباء إلى تلك الحيلة ، فإذا اشتريت الواحدة منا بجنيه تستطيع بيعها في الغد أو بعد الغد بالسعر الذي تحدده ولن يستطيع أحداً منافستك .
فلاح3
:
إذاً تحسبون أنها حيلة جديدة لقد تحول كل الفلاحين لشراء الجراد حتى أنهم ملاؤا بيوتهم به أما الغرباء فلم نعد نراهم يقدمون علي شرائه منا
فلاح4
:
أنك فقط تريد أن تثنينا عن عزمنا فأنا لم يعد لدي شاغل بعد بيع الأرض إلا أن أبيع أو أشتري سأشتري الجراد لأخر قرش لدي وفي الغد ستندم علي عدم فعلك مثلي
[ يخرج فلاح4 ]
فلاح2
:
أنه غبي لقد ضيع أمواله التي حصل عليها من بيعه الأرض علي هذه الحشرات الملعونة 0
فلاح3
:
وما أخبار السيد تاج أننا لم نسمع عنه شيئا منذ أيام 
فلاح2
:
أنه فرح بانتصاره فقد صدق حدسه ولولا تلك الشباك لفتك الجراد بالأرض
فلاح3
:
عله الآن يشرب الخمر إبتهاجاً بهذا الانتصار
فلاح2
:
يقولون أنه رفض البيع
فلاح3
:
أنه رجل عنيد ولكنه يتخذ موقف محترم فلا يستطيع أحداً أن يجبر الآخرين علي بيع ما يمتلكون هـل رأيت لارين في الصباح الباكر كانت تطالبنا بعدم بيع الجراد وتقول أن السيد تاج هو الذي يحذر
فلاح2
:
وهل الجراد أيضا يطمع في حق المواطنة كما تقول أنها تردد حديث أبيها كالببغاء
     [الفلاح والابن يتجهان صوب فلاح2 وفلاح3 ]
الابن
:
أحضرونا يا سادة أن أبي يغتصب حقي ولا يريد منحي إياه
الفلاح
:
أستمعوا  يا حضرات 000 هذا الولد جئت به ليساعدني علي نفقات المعيشة فيجمع معي الجراد كي نبيعه للغرباء ، فهل من حقه أن يقتسم ما معي من مال
فلاح2
:
وهل حصلتم علي مال ؟
الابن
:
لقد باع أبي بالأمس أكثر من ألف جرادة وقبض ثمنهم نقداً ولم أنم منذ البارحة حتى أشترينا من الآخرين جرادهم وفي انتظار ان يفتحوا لنا أبواب الضفة الغربية كي نسلمهم الجراد ونتسلم المال .
فلاح3
:
أنتم أيضاً تشترون الجراد ؟
الفلاح
:
وماذا في هذا ؟ أن القرية كلها تبيع ونشتري في الجراد
الابن
:
لقد قايض أبي علي كل ما لديه في مقابل الجراد ولم يعد لدينا في البيت ما نأكله
فلاح2
:
إذا قايض بكل ما يملك علي الجراد !
الابن
:
نعم حتى عيدان الذرة في الأرض أخذ ما يقابلها من الجراد
فلاح3
:
عليكم إذاً أن تأكلوا الجراد بدلاً من الطعام فالغرباء لن يشتروا الجراد بعد اليوم
الفلاح
:
ماذا تقصد ؟!!
فلاح3
:
أقصد أن الغرباء خدعونا جميعا بشراء الجراد حتى صارت القرية كلها  لا هم لها سوي المضي نحو الضفة الغربية للبيع وحينما يغلقوا أبوابهم في وجوهكم تستديروا لتتصارعوا مع بعضكم البعض
[ لارين تدخل يلا حقها الطبيب]
لارين
:
انه لم يعد يثق بك 00 أنه حتى يرفض الكلام معي و مع غيري
الطبيب
:
أنني حقا لا أفهم يا لارين بين يوم وليلة تنكرينني أين ما كان بيننا
لارين
:
لم يكن بيننا شئ لقد أنخدعت فقط بكلامك ولكنني رأيت أن والدي علي حق
الطبيب
:
إنك إذاً تؤمنين بما يقوله عني
لارين
:
أن أبي يعرف جيداً نفوس من حوله أنه لم يكذب علي قط فهو أعلم بتجاربه مني وقد رأي فيك عدم إخلاصك ووفائك
الطبيب
:
لارين الناس من حولنا ينظرون إلينا
لارين
:
إذاً دعني ولا تلاحقني
فلاح2
:
ما أخبار السيد تاج ؟
لارين
:
أنه بخير لكنه فقط يعيش في عزلته حزيناً فقد طلب مني أن يتفرغ لتأمله
فلاح3
:
وهل هو مشغول عنا إلي هذه الدرجة ، ماذا ستفعل إذاً في مساء الغد
لارين
:
مساء الغد ؟
فلاح2
:
هل نسيت يا لارين أننا سنقيم إحتفالاً للمواطن تاج أن البلدة كلها تشعر نحوه بالاحترام والجميل فلقد أنقذنا وأنقذ مزارعنا من الهلاك
لارين
:
ولكنكم مازلتم تبيعون
فلاح3
:
الجراد ليس ملكنا كي نُعاير ببيعه أنه ثروة هبطت علينا من السماء
لارين
:
بل من الغرب
فلاح2
:
فليكن من الغرب ولكننا نبيعه
لارين
:
بل تعيدونه الي الغرب مرة أخري ليعاود الهجوم عليكم هكذا يقول أبي إنكم لا تستفيدون من تجاربكم
[ يدخل فلاح4 ويتجه نحو لارين ]
الفلاح
:
أنني أريد أن أتحدث مع السيد تاج
لارين
:
أنه يرفض الحديث معك فلقد بعت مزارعك بثمن بخس
الفلاح
:
بثمن بخس ؟!! إنني لو بعت أرضي واسترددتها وبعتها عشر مرات لن أحصل علي ما حصلت عليه من ثمن
لارين
:
لأنك لا تفكر إلا في اللحظة
الفلاح
:
 ملعونة تلك اللحظة التي تُعايروني بها إنني فقط أريد أن أؤمن لأولادي مستقبلهم فالجفاف قادم والأرض ستبور ولن يفلح أحد في إصلاحها
لارين
:
الجفاف شئ وقتي وسيزول سريعا أما بيعك للأرض فهو بيع أبدي 
الطبيب
:
من فضلك يا لارين أسمعيني 00 إن ما تفعلينه الآن هراء لن تجني من وراءه طائل
لارني
:
إنما أحاول أن أنقذ ما يمكن إنقاذه فحق هؤلاء الناس علينا أن ننصحهم
الطبيب
:
الناس يعرفون ما يفعلون ولا ينتظرون نصحكم
لارين
:
أو لم يأتي الجراد ؟
الطبيب
:
بلي
لارين
:
أولم تنقذهم شباكنا ؟
الطبيب
:
بلي 000 ولكن 000
لارين
:
ولكن ماذا ؟
الطبيب
:
ولكن ماذا يفعلون الآن إنك ترينهم يجمعون الجراد ويبيعونه إنهم  يعلون فوق المشكلة 00 هم قوم يتاجرون 00 يبيعون أي شئ طالما  فيه نفع لهم 
لارين
:
وهذه هي المشكلة إنهم يتصورون أن بيعهم للجراد يعود عليهم بالنفع إلا إنهم قايضوا 0 بممتلكاتهم هذه الحشرات ماذا يفعلون بهذا الجراد ؟
الطبيب
:
يبيعونه ليدر عليهم الأموال
لارين
:
وماذا يحدث اذا لم يجدوا مشترين 00 فلنسألهم 00 ماذا تفعلون يا سادة إذا لم تجدوا مشترين لحشراتكم
فلاح4
:
ولماذا هذا التشاؤم ؟!!!
الفلاح
:
إنه خراب محقق
الابن
:
لن نجد ما نقتات به
الطبيب
:
إنك تثيرين مخاوفهم
لارين
:
بل إنني أبصرهم
فلاح2
:
انك تلعبين دور السيد تاج
الطبيب
:
هل تخالين نفسك زرقاء اليمامة !!!
فلاح3
:
لماذا تهاجمونها هي فقط تقول رأيها
فلاح4
:
ولكن رأيها ينغص حياتنا
لارين
:
إنني لا أريد أن ألعب دوراً بحثا عن بطولة وهمية ولكني أنقل لكم مخاوف أبي 00 ألم يقل لكم أن الجراد قادم من الغرب ؟
الجميع
:
بلي
لارين
:
وأنت أيها الطبيب 00 ألم تعارضه بالعلم والمنطق وأن الجراد لا يأتي إلا من الجنوب
الطبيب
:
بلي
لارين
:
ولقد صدق حدسه هو الذي يستشف من المستقبل ما لم تروه وهو الذي حذركم من بيع الأرض 00 ويحذركم الآن من بيع الجراد
فلاح4
:
 ولكننا هذه المرة نعارضه في الرأي فبيع الجراد لا يكلفنا شئ
لارين
:
بل يكلفكم الكثير 000 ما اشتراه منكم الغرباء لم يكن سوي بيع الأوهام لكنكم بعتم كل شئ مقابل أوهام الثروة المال
الابن
:
إنني أري في كلامك شئ من الحقيقة فالغرباء الآن يرفضون شراء الجراد
[ فلاح1 داخل]
فلاح1
:
يا للمصيبة
الطبيب
:
ماذا حدث
فلاح1
:
لقد سافر الغرباء اليوم
فلاح3
:
انهم يسافرون كل يوم 00 فما الجديد ؟!!
فلاح1
:
لقد أخذوا معهم سيارتهم وهي تحمل أطنانا من الجراد
فلاح2
:
نحن نعرف إنهم يصدرونه وهي بشري جيدة لأنهم سيعودون لشراء المزيد
لارين
:
أري إنكم تتفائلون 00 إنهم لن يشتروا شيئاً بعد الآن
فلاح4
:
انتظري حتى نعرف
فلاح1
:
إن لارين علي حق 00 إنهم قالوها صراحةً فلن يشتروا الجراد بعد اليوم
الابن
:
وماذا نفعل بما لدينا ؟
لارين
:
فلتأكلوه
فلاح4
:
نأكله 00 إنني وضعت كل أموالي  في هذه الحشرات اللعينة
فلاح1
:
وفي الغد سيأخذون منا أراضينا 00 فلقد باعها من قايضناهم عليها للغرباء لقد صاروا بما يمتلكون ما كنا نملكه في الماضي
الطبيب
:
كيف عرفت ؟
فلاح1
:
قال لي كبيرهم استعدوا في نهاية الأسبوع لتسليم الأرض فسوف يأتي بمعداته ليجرفها ويقتلع ما فيها من الأشجار
لارين
:
ألم أقل لكم
الطبيب
:
ولكن كيف باعكم الآخرون ؟
فلاح1
:
قايضوا الغرباء بالمنازل الحديثة أو فرص العمل خوفا من الجفاف
لارين
:
إذاً خدعوكم مرة أخري
فلاح3
:
وما العمل الآن ؟ هل نظل نندب كالنساء
فلاح4
:
بل أن النساء لن تندب مثلنا 00 لقد أضعنا كل شئ
فلاح2
:
وأين السيد تاج 00 لماذا لم ينقذنا هذه المرة ؟
الفلاح
:
أنه في برجه العاجي يمن علينا باللقاء ولا نأخذ منه سوى كلام
لارين
:
وماذا تنتظرون منه أن يفعل 000 يحذركم وأنتم لا تستمعون إلى نصحه
الفلاح
:
وأين هو الأن 000 إننا فى مأزق !؟
الطبيب
:
بل إننا فى كارثة .
فلاح 3
:
أي كارثة آلمت بك 000 فأنت الوحيد الذي لم يفقد شئ بل إنك المنتفع الوحيد 00 فقد حصلت على منزل ووظيفة أما نحن فقد فقدنا كل شئ 0
الطبيب
:
بل أنني مثلكم فقدت أغلى شئ 00 شرف مهنتي وحبي مقابل بعض الجدران
لارين
:
 أنك لم تفقد حبك لأنك لم تحب 000 بل أنك مخادع 0
الطبيب
:
لارين 00 ماذا تقولين ؟
لارين
:
لقد سايرت الغرباء فى أهوائهم  ، وأنت من المتعلمين فى هذه القرية فبخلت بما تعرفه وسلمت نفسك لأطماعك .
فلاح 2
:
أننا يجب أن نفكر فلقد فات أوان الندم والحسرة
لارين
:
فلنفكر بسرعة
فلاح 4
:
نذهب إلى السيد تاج فهو أحكمنا .
فلاح 1
:
إذاً فلنسرع الآن
الطبيب
:
ولكن قد فات الأوان
لارين
:
ماذا تقصد ؟
الطبيب
:
لقد خدعني الغرباء كما خدعوكم فساعدتهم فى فكرة القضاء على السيد تاج والآن قد يكون فى رحمة الله .
لارين
:
ماذا تقول ؟
فلاح 4
:
ماذا فعلت إنني أري غموضاً فى حديثك
فلاح 1
:
إنني أعتقد أنه قتل السيد تاج
الطبيب
:
 لم أكن أعرف أهدافهم ظننت أنني أريحه من متاعبه
لارين
:
قتلته ؟ أيها الشيطان الملعون ؟
[الصياد داخلا]
الصياد
:
ماذا تفعلون ها هنا 000 إن السيد تاج يريدكم جميعاً
لارين
:
 أبي 000 هل مازال حياً ؟
الصياد
:
حينما ذهبت إليه وجدته واقفاً أعلى التل وأخبرني بدعوتكم جميعاً إليه
الطبيب
:
كيف وقد دسست الأحماض القاتلة بيدي فى الدواء ! ؟
لارين
:
ولكنه حي أليس كذلك ؟
الصياد
:
لم أره فى حياتي بمثل هذه الحيوية والنشاط 000 نادي علي بصوت جهوري وقال لي 0.يا غريب 00 يا أبن الغريب أجمع الناس إلي فجئت إليكم فى الحال .
لارين
:
أتعرف أيها الطبيب لو مات أبي سأُقطعك بيدي هاتين ولن ينقذك مني شئ 000 هيا بنا جميعاً .
( إظـــــــــلام )



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق