المشهد الثالث
[ في غرفة جوكاستا الخاصة تجلس جوكاستا والوصيفة تميرا ]
تميرا : مالي أري سيدتي مهمومة هذه الليلة و كأن جبال الألمب قد
حطت علي كاهلها.
جوكاستا : إنه حمل ناءت به جبال طيبة كلها وليس كاهلي فقط .
تميزا : سيدي حينما تأوين ألي غرفتك دعي الهموم كلها خارج
بابها و أفرغي ساعات قليلة لنفسك فهذا من حقك .
جوكاستا : وطيبه يا تميرا ؟!وأوديب . ألم تري ما وصل أليه حال أهل طيبة
بسبب الطاعون. وتريدين مني أن أخلو لنفسي . كيف ؟!
تميرا : سيدتي أريحي نفسك من هذا العذاب و غدا. . . غدا . . .
نهاية كل شئ .
جوكاستا : نهاية كل شئ . . . أتعتقدين ذلك .
تميرا : نعم . . فالاعتراف سينهي كل شئ وما هي إلا ساعات
هذا المساء .
جوكاستا : [ تجلس وتستند على إحدى الأرائك ] يا لخوفي منهاإنهاساعات
صعبه.
تميرا : وما وجه الصعوبة بها ؟
جوكاستا : أقصد صعبة على أهل طيبه .. فكيف يعترف كل بذنبه ..كيف ي يقف الإنسان أمام الإله مذنباً ..آهتم
تميرا : سيدتي سيكون المكان خال والظلام الدامس و يكسوه , حتى
أن الموقف لا يرى يديه حين يحركها أمام وجهة . فماذا يخجله
جوكاستا : إنها لحظه صدق مع النفس قبل الآلة يا تميرا فكيف يستطيع
الإنسان أن يواجه نفسه . . آه . . يالها من لحظات يا تميرا .
تميرا : إني واثقة أنك ستأتين تهللين و تمرحين غداً أكثر فرحة من
ليلة . العباءة الزرقاء المزركشة أتذكرين ما كانت تختفي
تحتها .
جوكاستا : كانت تختفي تحتها شيطانا يا تميرا .
تميرا : لم يكن شيطاناً سيدتي بل كان ملاكاً يرتدى غلاله بيضاء
ويبحث عن الحب .
جوكاستا : دعيني و شأني في هذه اللحظة فغداً . . . غد سيكون يوم
شاقاً لابد أن تستعد له .
[ تخرج تميرا و تبقي جوكاستا بمفردها . ]
إي أثينا منع الحكمة والعقل ، إمنحيني شئ من الحكمة و
الحنكة و التمهل فطيبة ما أحوجها ألي ذلك غداً فهل
خطئي أنا . . . وخيانتي للايوس هي سبب كل هذا الوباء
. . . و إن كان ذلك بسببي فكيف يموت أهل طيبه كلهم
بسب فعلتي . أو لم تغفر لي تلك السنوات التي قضيتها و
فيه لزوج لم أختره دونما أي أعتراض مني علي ذلك .
[ يدخل أوديب ] .
أوديب : جوكاستا اهدئي و هدئي من روعك .
جوكاستا : إني أبتهل في منتصف هذا الليل لعل الآلة يرشدنا ألي
ما فيه الخير .
أوديب : فليكن . . و لكن آن الأوان أن تستريح يا حبيبتي ،
سيأتي يوم تشرق فيه الشمس من جديد و ستنجب
طيبة أبناء ! أشد قوة وتحملا مما فقدت .
جوكاستا : لم يعد هناك شئ . . العمر يقترب من نهايته .
أوديب : حبيبتي . . مازال أمامنا الكثير فإني اشعر بأن الأيام
لجمليه سوف تغدق علينا بعطفها الذي أفتقدناه
أنا و أنت .
جوكاستا : ما أحوجني في هذه اللحظات أن اختبئ بين ضلوعك
من صليل الزمن .
أوديب : بل ما أحوجني أن أبحر في عينيك استجدي بين شواطئك دفْ
الأيام المنسية منذ كنت صغيرا أمر بين يديها
جوكاستا : من ؟
أوديب : أمي .
جوكاستا : أو لم تقول إني زوجتك وأمك وكل شئ .
أوديب : ما تمنيت طيلة عمري أفضل منك زوجة وحبيبة وأم .. أمنحنيني
من عطفك وحنانك ما أفقدتني إياه الأيام .
جوكاستا : أنا وأنت قلب واحد .. بل روح واحدة .. إني أحببتك قبل أن
أراك .. وتمنيت في أحلامي أن تتحقق رؤياي .
أوديب : هل أصدقك القول إن قلت بأني تزوجتك قبل أن
أراك ما كانت عيني تصبو يوماً أن ترتفع لتشاهد هذا
الملاك الأرضي ما نظرت قط ألي وجهك . المسألة اكبر
من هذا شئ ما عقد لساني علي أن أرفض . وجدتني
مشدوه إليك دون التبين في ملامحك . . هل تعتقدين إن
هذا هو الحب .
جوكاستا : خذني بين ذراعيك لربما تسبل عيناي في حلكة هذه
الليلة القائمة .
أوديب : هل تشعرين بذلك مثلي
جوكاستا : وما يقلقك أنت من الغد ؟ وحق المواطنة والميلاد قد
أعفاك من الاعتراف .
أوديب : لكن سأعترف فما ذنب طيبة أن تؤخذة بفعلتي .
جوكاستا : فعلتك ؟! ما حدثتني قط عنها .
أوديب : لم يخطر ببالي أبدا أنها تطاردني . لقد ظننت أنني نجوت
حينما هربت من كورنثه .
جوكاستا : لم تحدثني قط عن ذكرياتك .
أوديب : لقد تربيت كأي طفل نشأ في أحضان والديه و كنت مدللا
. . أجول في طرقات القصر ومن حولي الخدم يهرعون
أوديب : لتنفيذ أوامري . . كانت أحلام السلطة تراودني من
وقت لآخر لكني كنت أخاف . . . ما أشفي أن
يكون الإنسان مسئول عن حياة غيره هل تصدقني
أنني ما تمنيت الملك قط . . فمخاوف أبي علي
مصائر الناس جعلني أكره هذا الكرسي .
جوكاستا : و أنت الآن تحكم أكبر مدن اليونان هل مازلت
ترهب هذا الكرسي .
أوديب : هذا ما حرمني النوم . . . لو كنت فرداً من العامة
لكنت مسئولاً عن نفسي فقط وما جال بخاطري
دموع الثكالي و آنات العجائز وبكاء الأطفال المشوب
بالخوف .
جوكاستا : هكذا الملوك لا يحيون لأنفسهم أن يقلق مضاجعهم أرق
العامة و أنت الآن الملك اقتنصت الملك من فم الهولة التي
قضت مضاجعنا .
أوديب : ما أصعبه من موقف مليك في العراء مضرج في دمائه و
الآخر يواجه و حشاً كاسراً . يبدو أن الاقدار كل منا
ألي حتفه .
جوكاستا : ماذا تقصد ؟
أوديب : نبوءة صدقتها و هربت . كنت غرا صغيراً .
جوكاستا : أي نبوءة .
أوديب : أنني سأقتل أبي و أتزوج من أمي هل تتخيلن هذه البشاعة .
جوكاستا : مرة أخري. . كيف عرفت ذلك .
أوديب : لقد كنت في معبد دلفي ذكر لي كاهنا أني سأقتل أبي وأتزوج
أمي . خفت علي أبي و أمي فتركت كورنثة مضحيا بالعرش
كي أحافظ عليها ولذا أبيت ... وها هي طيبة تتذوق نار العذاب
من أجلي .
جوكاستا : ليس من أجلك أنت بل من أجلي أنا .
أوديب : أنت ليت كل النساء مثلك . أنت ملاكي الطاهر ... ماذا
بك يا أماه ؟
جوكاستا : لا تتفوه بهذه الكلمات ما تأثرت قط بهذه الكلمة قبل الآن .
أوديب : حبيبتي ماذا بك أري نظراتك لا تستقر علي حال .
جوكاستا : كم عمرك ؟!
أوديب : لم تسألي . . . ما كان فارق السن بيننا يشغلك لهذه
الدرجة ماذا بك . [ جوكاستا تسعل بشدة ]ماذا بك
يا حبيبتي . . . تميرا . . . تميرا
[ تدخل مسرعة ]
تميرا : أمرك مولاي
أوديب : أبقي مع سيدتك سأطلب لها الطبيب يبدو أنها متعبة
[ يخرج ]
تميرا : ماذا بك يا سيدتي .
جوكاستا : أشعر بقلبي قد إنقبض فجأة شعرت بالعجز ينسحب علي
جسدي رويداً رويداً
تميرا : ماذا حدث .
جوكاستا : أريد تريزياس حالا .
تميرا : لقد ذهب مولاي لطلب الطبيب .
جوكاستا : لا أحتاج لطبيب بقدر ما أحتاج لتريزياس .
تميرا : هل أرسل إليه ليأتي هنا في القصر .
جوكاستا : هنا في القصر لا فليقابلني في بيته القديم. هيا يا تميرا بعد
ساعة من الآن .
[ إظلام ]
المشهد الرابع
الفرن
[ فرن تريزياس وقد ظهر عليه آثار هجرة أصحابه له تجلس جوكاستا عند
الفرن و تتأمل بداخل وقد وضعت عباءتها عليها بينما يدخل تريزياس تسحبه
تميرا من يده حتى تراه جوكاستا فتقف أمامه ]
تريزياس : مولاتي جوكاستا هنا !!لقد عرفت رائحتك .
جوكاستا : تريزياس أني أحتاج اليك .
تريزياس : أري لون وجهك وقد تغير ماذا بك يا جوكاستا أشعر
بنبضات قلبك تتزايد ماذا أصابك ؟
جوكاستا : تريزياس هل من الممكن أن يعاقب شخصين بنفس العقاب .
تريزياس : مانذ تعنين .
جوكاستا : فقط أسألك .
تريزياس : هذا يتوقف علي الجرم الذي يرتكبه الفرد .
جوكاستا : وإذا كان الفرد لم يرتكب جريمة كطفل أو جنين .
تريزياس : ماذا تقصدين بالضبط .
جوكاستا : جنين في بطن أمه أي شئ يخطئ .
تريزياس : قد تكون الخطيئة خطيئة أبية و أمة .
جوكاستا : وتكون النبوءة هي نفسها تكررت هذه الخطيئة .
تريزياس : ليس في كل مرة يكون العقاب مثل السابق ولكن طفلك قيل
ذلك لأنك أخطأت .
جوكاستا : لا تذكرني بخطيئتي و خطيئتك أنت . . . لكن ما يقلقني الآن هو أوديب .
تريزياس : ماذا به
جوكاستا : يحمل نفس النبوءة يقتل أباه و يتزوج أمه .
تريزياس : وما القلق إذا كان أوديب هو أبن ملك كورنه .
جوكاستا : لا أدري ماذا يقلقني .
تريزياس : هل ستعترفين في الغد .
جوكاستا : وهل هناك وسيلة سوي الاعتراف لإنقاذ طيبة .
تريزياس : لا ليس هناك غيره .
جوكاستا : و هل ستعترف أنت .
تريزياس : لا أعرف أخشى في هذا الاعتراف . لقد سبق لي الاعتراف مرات عديدة و لكن هذه المرة بشيء يقيد لساني و يعقده داخل فمي .
جوكاستا : الخوف ؟
تريزياس : لم يعرف الخوف طريقة لقلبي طيلة حياتي ولكنه شئ آخر .
جوكاستا : ماذا تعني .
تريزياس : أعني أنني طالما اعترفت و تعبدت متوسلا أن تغفر خطيئتي . لكن
يبدو أن طيبة كلها تؤخذ بفعلتي .
جوكاستا : فعلتك أنت !!
تريزياس : و أنت
جوكاستا : تريزياس فلننس هذه الخطيئة و نفكر في أوديب .
تريزياس : ليس هناك ما يدعو للتفكير فمشكلة أوديب تخص ما نحن فيه
و أنما نحن بسبب خطيئة أخري لقد و أتاني تفكيري في الذهاب
ألي شئ بعيد أن يحدث [ شاردا ] قاتل لايوس .
جوكاستا : لايوس مرة أخري تطاردني لعناته .
تريزياس : إننا جميعا مخطئون لعدم القصاص للايوس وقتل من استباح دمه .
جوكاستا : إنك تهذي يا تريزياس و لسنا بصدد هذيان و نحن علي هذا الحال
تريزياس : أين ذلك الحارس الذي شهد الواقعة وأتانا بالخير .
جوكاستا : لا أعرف عنه شيئا فقد أختفي بعدها .
تريزياس : ذلك الحارس هو بداية الطريق الذي سأبحث فيه .
جوكاستا : لكن جريمتك أنت أكبر من مقتل لايوس أو عدم القصاص
من قاتله أتنكر .
تريزياس : فلنؤجل هذا الحديث لغرفة الاعتراف يا جوكاستا فما أحوجنا
أنا و أنت أن نجد البديل الذي يحمل خطايانا علي الأقل أمام
العامة .
جوكاستا : صدقت فلنبحث عن قاتل لايوس .
[ إظلام ]
المشهد الخامس
[ ساحة فسيحة يصطف فيها أهالي طيبة حيث يناولون عمال البناء أحجاراً بينما
يقوم عاملان برص الأحجار و بناء الغرفة ]
عامل 1 : سأكون أول من يتطهر في هذه المدينة .
عامل عجوز : الاعتراف . . . ياويلتي منه . . آه لو سمعت زوجتي ما سأقوله
و أعترف به داخل هذه الغرفة .
عامل 1 : أنت !!! إن آخر خطاياك قد مضي عليها أكثر من أربعين عاماً
عامل عجوز : إنني شاب مازالت قدماي تحملني ومازال شعري أسود لم
يخطه الشيب.
عامل1 : هل تنسي أنك عاصرت جد الملك لايوس .
عامل عجوز : لا تكن فظاً هكذا إنني لم أتخط المائة عام .
عامل1 : ماذا ؟ !!
عامل عجوز : إلا بقليل .
عامل1 : هيا بنا حتى نستطيع أن تذهب ألي منازلنا كي نستحم ونتطهر
قبل الاعتراف .
العجوز : نعم لشد ما أحتاج إلية ... و لكن بمجرد دخولي لهذه الغرفة
ستتهاوي الأوساخ عن جسدي .
عامل 1 : ماذا تقصد ؟
العجوز : أقصد أن الدنس ليس دنس الثوب لكن هناك دنساً تهاوت
جدران طيبة من هولة .
عامل 1 : يا لهذا العجوز الخرف الممصوص... هل تتصور يا رجل
أن أسوار طيبة تنقض عاليها علي سافلها من جزاء خطاياك
ألا تنظر ألي ساقيك المقوستين . . فما خطيتك إذا ؟ !!
العجوز : يا مغفل ما حكمة أوديب في أن يصدر أوامره بأن يشارك
كل فرد من أبناء طيبة بحجر .
العامل : من أجل اختصار الوقت .
العجوز : بل أن خطايا كل فرد مثل حجره تتراكم لتكتمل خطايا
البشرية لتشكيل في النهاية بينا كامل وكذلك دنس طيبة .
هيا بنا فالشمس قد أوشكت علي المغيب .
العامل : يا لشدة ما احتاج ألي شراب ساخن .
[ يدخل رجل من العامة يبدو أنه غريب ]
الغريب : عمتم مساء أبناء طيبة الكرام . لقد سمعت عنكم كرم
الضيافة و دماثة الخلق .
العجوز : أهلا بالغريب في بلدك الثاني إحمل حجراً بيديك و ضعه
فوق البناء كما أمر أوديب .
الغريب : آه أوديب أرشدني ألي مكانة مقطنه فلقد حضرت من
أجله .
العامل : هذا أمر سهل ، و لكن من أي البلاد أنت .
الغريب : أنا من كورنثه وقد أتيت لأوديب رسولاً من الملكة ميروب
لأمر هام .
العجوز : ميروب . . . لأمر هام . . . ما هو ؟
العامل : يا سيدي لا تهتم لأمر هذا المتطفل أهناك أهم من يومك هذا !!
إنه يوم الاعتراف الرهيب .
الغريب : [ يجلس ]دعوني استريح لحظات فقد أدمي الشوك قدماي و أنا
أتجرع السفر و أهواله . آه .
العامل : سيدي كلها لحظات [ ينظر حوله فيجد إكتافيوس داخلا في
أحد الأركان ] . أنظر إنه أحد رجال أوديب فلتسأله فهو
خير من يجيبك .
الغريب : [ يتوجه نحو إكتافيوس ] عمت مساء يا سيدي .
إكتافيوس : سيدي ؟ !! يبدو أنك غريب عن هذا البلاد .
الغريب : نعم . . كما يبدو عليك سيماء الذكاء و الفطنة .
إكتافيوس : المسألة لا تحتاج ألي ذكاء أو فطنة فأنا أعرف كل صغير
و كبير في هذا البلد .
الغريب : أريد أن أقابل أوديب .
إكتافيوس : الملك أوديب !! لم ؟
الغريب : أحمل رسالة من الملكة ميروبي إلية .
إكتافيوس : هيا بنا أصحبك ألي قصره .
[ يخرجان بينما يدخل تريزياس ]
العجوز : [ متحدثا مع العامل] هه إنه تريزياس كاهن أبو اللون العظيم .
العامل : إذاً دعنا نختبئ فقد نسمع اعترافه و ما يقول .
[ تريزياس بصحبة العرافين الثلاثة يتوجهون نحو الغرفة ]
تريزياس : هيا إدخلو يا سادة و أدلوا بدلوكم .
[ يدخل العرافين الثلاثة ألي الغرفة ]
عراف 1 : لقد إقتريت علي طفل جنين في بطن أمة لم تر عيناه نور الحياة
بعد مما دفع أبوة أن يقتله و يقذف به في العراء دون شفقة مني
أو رحمة علية .
عراف4 ،3 : نعم كلنا في هذا الجرم سواء .
[ يخرج العرافون الثلاثة من الغرفة ]
تريزياس : إذا أنتم سبب ما نحن فيه من البلاء انصرفوا قبل أن يسمع بكم
أحد .
[ العرافون يتوجهون للخروج فيلمحون تريزياس داخلا الغرفة ]
عراف1 : قد دخل تريزياس .
عراف2 : إنه حكيم لم يعرف أحداً بجرمه .
عراف3 : انظروا ها هي جوكاستا آتيه و معها و صيفتها .
عراف1 : اختبئوا .
[ تدخل جوكاستا و تميرا في نفس الوقت يدخل رجل مسرعاً ألي
الغرفة فيجلس في أحد الأركان ]
الرجل : [ من داخل الغرفة ] فليسامحني سيدي سرقت من غنمه
: التي كنت أرعاها .
[ يتكرر دخول وخروج الناس بينما يدخل أوديب ويقف بجوار
جوكاستا تسمع جلبة أصوات المعترفين ]
صوت1 : سرقت جارتي .
صوت2 : اغتصبت حق رفيقي ونحن علي سفر و لم يكن معه سوي
ما أخذته منه .
صوت3 : احتقرت من طلبي المعونة .
صوت4 : لقد نقضت الميثاق .
صوت : عجزت عن ذكر الحقيقة خوفاً من العقاب فما كان مني
ألا أن هربت و تركت قاتل مولاي لايوس ينعم برغد
العيش و الحياة .
جوكاستا : هل سمعت .
أوديب : هل سمعت أنت . [ يدخل كريون و معه بعض الحراس ]
يا حراس أدخلوا ألي الغرفة و آتوني بمن فيها .
كريون : فلتتمل يا مولاي لنرى ما في الأمر .
[ يتوجه الحراس نحو باب الغرفة بينما يقابلهم رجل يخرج من داخلها ]
كريون : من أنت يا رجل ؟
الرجل : أنا أحد حراس الملك لايوس .
أوديب : ولماذا أخفيت هذا السر عنا وأخفيت الأمانة .
الرجل : وأنت يا مولاي . ألم تخن الأمانة ؟ آلم تعلن أن الاعتراف
: سري و غير مسموع و غير مراقب .
أوديب : لقد كانت خطة صائبة للقبض عليك وعلي أمثالك . أنت
سبب هذا البلاء . خنت مليكك وهربت ثم لم ترشد عن
قاتله .
[ تريزياس خارجاً من غرفة الاعتراف ]
تريزياس : بل قاله يا مولاي .
أوديب : لم نسمعه .
تريزياس : إنه لم يتخلص من خوفه حتى و هو جالس مع نفسه فلقد ذكر
أسم القاتل ولكن بصوت مهموس خوفاً من العقاب و خاف منه
قد حدث .
كريون : هل سمعته يا تريزياس ؟
تريزياس : نعم سمعته .
أوديب : إذا قله حتى نقتص منه .
تريزياس : ليس الآن .
أوديب : بل الآن . . ماذا تحتاج إليه طيبة أكثر من هذا . كلها قد خرجت عن بكرة أبيها حامله مشاعلها أنظر . . أن نور المشاعل
تضئ طيبة كلها في جلال و عظمة .
تريزياس : لذا أقول لك ليس الآن .
أوديب : أنت بهذا تخون الأمانة فأنت تعرف قاتل لايوس .. شاهدوا
يا شعب طيبة هذا الرجل ألا يستحق الموت نتيجة
أوديب : إخفاء الحقيقة و لا يقدر البلاء الذي نحن فيه بسبب إنكار
هذه الحقيقة منذ موت لايوس . إنني لم أشاهد في حياتي مثل
طيبة . إنكم كما لو كنتم قد أحببتم هذا البلاء تكلموا
فلتسألوا هذه الجدران وهذه المعابد فقد صداها أنها تمقتكم
أنتم تلوثونها و إذا كان كبيركم اليوم تريزياس يخشى من
ذكر الحقيقة فأي قيمة في الحياة تبغون . لم يقتل لايوس
فرد عادي بل أنتم جميعاً قتلتموه بسكوتكم و صمتكم
أمام الحقيقة . تكلموا . . . أنطقوا .
تريزياس : مهلا سيدي . . لن انطق بكلمة الآن .
أوديب : هل تري هذه الحراب المسنونة في أيدي الحراس إنها تلمع
تنتظر دماء القاتل سفاك دم الملوك و مدنس أرضهم إنطق
يا تريزياس إنك لست فرداً عادياً فأنت المثال و القدوة من
القاتل . . . إنطق . تكلم حتى تطهر طيبة من جرمك و
دنسها أنت المجرم الوحيد في هذه المدينة إذ أنك تتستر علي
القاتل فأنت القاتل فالسكوت عن الحق جريمة .
تريزياس : إذا كان هذا الرجل يحتفظ بذلك في نفسه فلن أبوح أنا
بهذا السر و خصوصاً في موقف كهذا .
أوديب : إذا فعل العامة تلك الخطيئة فقد يعزو ذلك ألي جهلهم
أو قلة حيلتهم أما أن يكون من يملكون زمام أمورهم
فتكون هفواتهم خطيئة لشعوبهم تجرهم و من تبعهم
ألي السقوط في هاوية الجحيم فلترحم هذه العيون التي تتعلق
بطرف عصاك المعقوفة تتحرق شوقاً لحروف ينطقها لسانك
بإسم القاتل فلتنطق حتى تتحرر أرواح معذبينا المقتولين من
جزاء فرد أخطأ .
تريزياس : قلت لك ليس الآن وأمام شعب طيبة الذي أحبك .
أوديب : هل تريد أن تسمع أصوات العامة و أهل طيبة يستحثونك
علي الإعتراف هيا أيها الناس مليككم يدعوكم أن تهتفوا
بأعلى ما لديكم في أصوات وصراخ طالبين من تريزياس
أن ينطق بأسم القاتل .
العامة : _ من القاتل .
: _ نريد القاتل .
: _ من قتل لايوس .
تريزياس : مهلاً . . مهلاً. . ترفقوا بحناجركم فخيانة طيبة أهون
علي من خيانة رجل أعترف أمامي بسره .
العامة : وما ذنبنا نحن .
: ما هي خطيئتنا .
تريزياس : هذا قدركم .
أوديب : لا تحاول خداع الناس بتلك الأساليب الملتوية فلتنطق
باسم القاتل وإلا . . .
تريزياس : و إلا ماذا ؟
أوديب : سأنفذ فيك مشيئتي و مشيئة أهل طيبة
تريزياس : قصر علي نفسك عناء الإنتظار .
أوديب : يا شعب طيبة بماذا تحكمون علي قاتل مليككم لايوس.
العامة : القتل . . القتل . . أين القصاص . . العدالة .
أوديب : القصاص. . ها هو صوت الشعب يا تريزياس من تستخف بهم
و بعقولهم ها هم يصرخون مطالبين برأسك . . أيها الناس
طالما أن الحارس و تريزياس يخفيان إسم القاتل فلا بأس . .
أنهما القاتلين ولذا .. سننفذ قيهما مشيئتكما و لن أقتل هذا
الحارس أولاً فتريزياس لن ينطق بالحقيقة ولكن نقتل هذا
العجوز [ يشير لتريزياس ] أقتلوة .
العامة : بل تقتله أنت بيديك يا أوديب فلا يستحق أحد غيرك شرف
تطهير طيبة من الدنس .
[ أوديب يمسك بالحربة يطعن تريزياس ]
تريزياس : أنت قاتل لايوس .
[ يحدث هرج و مرج ]
أوديب : صمتاً [ لحظة صمت ] أيها الحارس ما هي أوصاف سيدك
الحارس : ذو شعر أبيض و لحية بيضاء .
أوديب :يرتدي ثوباً فضفاضاً و يركب عربته و أمامه أربعة حراس .
الحارس : عند مفترق الطرق .
جوكاستا : ماذا اسمع وماذا أري .
الحارس : كنت تركب عربتك الملكية .
أوديب : نعم ذات الخيول الأربعة و عند مفترق الطرق قابلت هذا
أوديب : الرجل و قتلته .
تريزياس : أنت القاتل و مدنس فراش قتيلك أنت سبب هذا البلاء ..
جوكاستا : بل أنت سبب هذا البلاء فأنت مدنس فراش مليكك .
تريزياس : ماذا تقولين . !! أجننت .
جوكاستا : نعم هذه خطيئتي التي أعاني منها أنا و أنت طوال عمري .
وأردنا سوياً أن نلقي بالدنس الأكبر . . دنسنا نحن ألي
البحث عن قاتل لايوس . ليس أوديب هو مدنس هو
ما آلت إلية فعلتك .
كريون : خطيئتك !!!
جوكاستا : نعم خطيئتي وهو ما أرت البوح به .
كريون : وذاك الطفل .
جوكاستا : هو أبن تريزياس المقتول أمامكم .
أوديب : الطفل المقتول .
تريزياس : يا إلهي . . . آه
أوديب : ماذا أسمع أنتما سبب الدنس الذي يعم المدينة و أنت زوجتي
و حبيبتي لا . . لا. . لابد أهجر هذه المدينة المعلونة .
[ يدخل مندرين ومعه الراعي ويقف الاثنان وسط الجموع كما
يدخل الغريب وإكتافيوس ]
أوديب : سأعود ألي وطني لأحيا به .
الغريب : مولاي أوديب أرسلتني الملكة ميروبي لتبلغك أن الملك بوليب
قد مات .
أوديب : آه . . لقد أصبحت الآن دون أب ألجأ إلية .
الغريب : الملكة ميروبي توصيك خيراً بأن تعود لتحمل عرش الملك
الراحل
أوديب : قل لهم أن الملك الراحل ترك لي ملكا ليغنيني عن عرش زائل .
قل له أن بوليب الملك الراحل كان أبي .
الراعي : ليس بأبيك يا أوديب .
أوديب : ماذا تقول .
الراعي : ليس بأبيك بل هو مربيك .
أوديب : ماذا تقول يا هذا . . . من أبي إذا .
الراعي : لقد أخذناك من راعي كورنثه جلبك إلينا رعاة من طيبة .
أوديب : لا صدق ما اسمعه هذه هلوسة .
الراعي : نعم يا مولاي لم تكن هلوسة أو هذيان بل أخذنك من يديك
وفككت عقدة وثاق قدميك الوارمتين ثم أهديتك للملك بوليب
في عباءتك القطيفة الحمراء .
جوكاستا : ربي . . ماذا تقول ؟ عباءة حمراء
مندرين : إكتافيوس هذا هو الطفل يا إكتافيوس .
تميرا : فلتهدئي سيدتي فهذا كله هذيان لا نعرف أوله من آخره .
جوكاستا : آه . . . آه يا تميرا . عباءة زرقاء مزركشة أليس كذلك
يا تميرا . لم تكن تخفي تحتها ملاكا في غلالة بيضاء يبحث
عن الحب بل كانت تخفي تحتها شيطاناً يبحث عن الجحيم و
يبحث عن الموت . ها هي نتيجة عبائتي الزرقاء يا تميزا .
[ تدخل جوكاستا غرفة الاعتراف ]
تريزياس : أنت أبني أنا [ ويلفظ أنفاسه ] .
[ تسمع صرخة جوكاستا مدوية ]
أوديب : [ صارخاً متجهاً يدخل الغرفة ] حبيبتي أمي يا لقسوة
و الحياة .
[ يخرج أوديب من الداخل و هو يحمل جسد جوكاستا
ويتقدم بها ألي جموع الشعبة الذين يحملون المشاعل . ]
{ ستار }
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق