المشهد الثاني
[أمام الفرن يجلس الفران ترزياس ويمد يده بالعجين داخل الفرن وهو يتصبب عرقاً ,تدخل جوكاستا والوصيفه تأخذ جوكاستا في متابعة الفران وهو يعمل وقد تنكرت بوضع عباءة زرقاء فوق ملابسها ]
الوصيفه : مولاتي جوكاستا..لقد نفذت أوامرك , فأنا رهن إشارة مولاتي لكن .. مولاتي لاتتاخري وإلا قتلني الملك.
جوكاستا : إذهبي أنتي إلى القصر وسأعود أنا مع ترزياس.
الوصيفه : مولاتي إذا عاد الملك إلى القصر ولم يجدك ستصبح في القصر
مشكلة كبيرة..فأرجوك بل أتوسل إليك ألا تتأخري
جوكاستا : قلت لك لا تخافي .. هيا انصرفي ياتميرا .
[ تخرج تميرا وتستمر جوكاستا في مراقبة ترزياس بينما ترزياس يلمح و جودها فيهب واقفا]
ترزياس : من أنت ؟
جوكاستا : أي ترزياس النبيل .
ترزياس : من أنت وكيف دخلت إلىهنا ؟
جوكاستا : أولا تعرفني ياترزياس ؟
ترزياس : معذرة يا سيدتي فإني لم أخاطب النساء منذ فترة طويلة .. ولكن صوتك هذا وكأنني قد سمعته من قبل .
جوكاستا : لقد بحثت عنك كثيراَ .. أين اختفيت ياترزياس ؟
ترزياس : متى تقابلنا أنا وأنت يا سيدتي ؟
جوكاستا : حاول أن تتذكر .
ترزياس : هل تسمح سيدتي بأن أقترب منها ؟
جوكاستا : فلتقترب .
ترزياس : [يقترب ] نعم .. رغم غبار السنين على هذه العباءه .. ورغم نور عيني الذي بدأ يذهب بريقه إلى ظلمة هذا الفرن الغابرة فإنني أتذكر ذلك الوجه وتلك
العينان .. تباً لي ماذا أقول ..إنني خائن فلا أستحق الحياة .
جوكاستا : تززياس ماذا دهاك ؟
ترزياس : إ بتعدي عني فأنا قذر يتلوث قلبي , و تتعذب روح زوجتي
وحبيبتي بسبب جريمتي .
جوكاستا : زوجتك و حبيبتك ؟
ترزياس : زوجتي … منذ أن مانت وأنا أراها قي أحلامي … في
صورتك .. نعم أنت لقد رأيتك دوما في أحلامي كفراشة
بيضاء .. نعم أنت .. من أنت ؟
جوكاستا : ترزياس .. أنظر إلي تأمل ملاح وجهي أنظر إلي عيني .. هل
تعتقد أن هذه العينان تكذب ؟
ترزياس : لا . . . إنك تشبهينها . . فقط .
جوكاستا : من . ؟
ترزياس : إمرأة حين نظرت إليها لم أتمالك نفسي فبكيت .
جوكاستا : لقد إختفيت .. هربت منها ؟
ترزباس : و في المروج الخضراء وجدت عزائي .
جوكاستا : وهل محت هذه المروج الخضراء صورتهامن رأسك ؟
ترزياس : لا ما عدت أنساها ,حتى أني . .. معذرة ..أصبحت ا ري أى
إمراة في صورتها و بريق عينيها , وتلك الابتسامة الرقيقة .
جوكاستا :أعصف الحب بقلبك يا ترزياس ..؟
ترزياس : نعم وهذا ماجعلني أبكي إذ أني عاهدت نفسي علي الوفاء
لزوجتي .
جوكاستا : إ ي ترزياس إن السعادة التي تنعم بها أرواح الراحلين عنا
تكون بسعادتنا نحن فالأموات يتعذبون حين نتعذب .
ترزياس : آه إنه نفس الكلام ونفس الصوت . . . من أنت ؟
جوكاستا : إني أنا يا ترزياس .. أنا جوكاستا .
ترزياس : مولاتي الملكة .. سحقا لغبائي .
جوكاستا : ترزياس .. أنا سعيدة بحديثك .
ترزياس : مولاتي .. أعتذر عن سوء حال المكان [ يبدأ في ترتيب
المكان و إعداده ]
جوكاستا : ترزياس ماذا دهاك .. أكمل حديثك معي ودعك من كل
ذلك .
ترزياس : لا أستطيع يامولاتي .
جوكاستا : أجبني . . هل لاأشبة تلك التي تحبها أجبني .
ترزياس : يختلف الوضع الآن يا مولاتي .. أنت زوجة الملك و أنا
ترزياس الفران .
جوكاستا : أنا هو أنا ..لم يتغير شيء .
ترزياس : منذ لحظات كاد قلبي أن يقفر من مكانه فرحاً ولكن الآن بعد
أن عرفت الحقيقة لا أستطيع حتي أن أحلم بك في منامي .
جوكاستا : ترزياس لا تتفوه بهذه الكلمات أحبك نعم أحببتك منذ
رأيتك فهل تؤمن بتلك اللحظة الخاطفة ألآسرة .
ترزياس : مولاتي لا تخدعنني .
جوكاستا : لم أطق بعدك عني بتلك ألايام ألخاليه ولكني أشتقت إليك بدافع لا أعرفه, كانت أحلامي في ما مضى تحمل كوابيس مرعبه إذ أرى إني مخضبه على سريري وبجواري طفل رضيع يتعلق بصدر ي ينهش فيه كوحوش الصحاري الضاريه .
ترزياس : مولاتي .
جوكاستا : نعم ياترزياس أحلم بجسدي يخترقه خنجر ضخم يهبط من السماء ليصيب قلبي وكبدي ويسيل على جسدي كحديد منصهر , ومنذ رأيتك ضاعت تلك الكوابيس ولم تعد تلك الصور تمر علي في أحلامي بل ورود وبساتين وأشجار وارفة الظلال .
ترزياس : مولاتي أرجوكي .
جوكاستا : بل أنا أرجوك فمنذ أن عرفت بحبك لي وأنا على إستعداد أن أ تخلى عن هذا العالم باسره, نعم ياترزياس .
ترزياس : مولاتي لاأستطيع .
جوكاستا : أنت تحبني مثلما أحبك فلا تفقدنا متعة ألحب الجميل بسبب تلك الشكليات , دعنا نحب في هدوء بعبداً عن البروتوكولات والمراسيم .
ترزياس : لكنك زوجة لرجل طيب وأنا أحبه .
جوكاستا : وأنت أيضاً ياترزياس رجل طيب, إننا في هذه الحياة محض أمنيات نموت ولا نتحقق إلا بالحب .
ترزياس : مولاتي ..أخاف .
جوكاستا : وماذا يخيفك ؟
ترزياس : أخشى عليك و علي نفسي من متعة تجر علينا الشقاء .
جوكاستا : ترزياس ليس هناك شقاء أكثر علي الفرد منا إذا فقد حبه .
ترزياس : فلتضحي مولاتى من أجل حياة تلك المدينة ومن أجل الملك بهذه المتعة وهذا
الحب .
جوكاستا : أرك تجحدنى بعد أنا إعترفت لك ؟
ترزياس لا يا مولاتي لكني أخشى علي هذه البلدة فإذا غضبت السماء حلت اللعنة علينا
جميعا .
جوكاستا : إذا ترفضني ؟
ترزياس : مولاتي فلينخرس لساني لو تفوه بمثل بهذه التر هات , ولكني أحاول أن أنقدك من
هذا الحب .
جوكاستا : ترزياس لن أنقذ إلا بك فبدونك تصبح حياتي بلا معني هل تري هذا الفرن
الأسود إن حرارة قلبي تفوق تلك الحرارة المنبعثة من مواقده الخفية .
ترزياس : مولاتي لا تعذبينني .
جوكاستا : بل لا تعذبني أنت .. إستمع إلي, .. في لقائنا سعادتنا و في فراقنا شقائنا و بأيدينا
فقط يكون الاختبار [صوت رعد في السماء ] أستمع إلي . . نحن نملك قرارنا
.. فهذه العقول التي نحملها علي رؤوسنا ما وضعت في مكانها إلا لتكون في أعلي
الجسدحيث تنير لنا الحيا ة. [ صوت رعد في السماء يتزايد ]
ترزياس : مولاتي إن السماء ستمطر .
جوكاستا : فلتمطر السماء فلا جديد .. ولترعد وتز أر في بهيم الليل فلا جديد ولتنسكب
دموع النساء المتيمات فلا جديد .. لكن الحب .. الحب هو الذي يغير في الحياة .
ترزياس : مولاتي لم نتقابل إلا مرة واحدة و لكني محوت بك من ذاكرتي كل نساء الدنيا ..
أحببتك لكن عذري ... سأقتل نفسي لو أحسست يوماً بالخيانة , فلا أستحق
أن أنعم بظل حكم مليكي و أنا أتجرأ بالنظر ألي زوجته .
لا تعذبيني يا مولاتي أكثر من ذلك .. عودي لقصرك قبل أن تمطر السماء .
[ رعد و برق في المساء ]
جوكاستا : ماهذه الرائحة ؟
ترزياس : إنه الخبز في الفرن قد إحترق .
[ ييجري الاثنان نحو الفرن تسبقه جوكاستا وتضع يدها بداخل الفرن لتخرج رغيفاً محترقاًوتصرخ في ألم ]
ترزياس : مو لاتي أريني يدك ..
[يمسك يدها..يمسح عليهايطيل النظر اليها يقبل يدها .. يعانقها.. السماء تمطر ]
إظلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق