شخصيات المسرحية
بان : رجل عجوز تخطي الثمانين وهو يملك مركبا يرسو بها
علي الشاطئ امام بيته يحيا مع زوجته تانيا وحدهما
بعد أن تزوج اولادهما
تانيا : زوجة بان الوفية تقاربه في العمر تحب لعب الورق
وتتحمل كل شئ من أجل الحفاظ علي بيتها
رئيس الحي : رجل متسلط يحاول تنفيذ القانون حتي لو اضطر
لإستخدام القوة والقهر
المساعد : مساعد رئيس الحي شخص شره للطعام يتبع سياسة
رئيس الحي في تنفيذ الإسكان
تابوت1 : رجل ميت
تابوت2 : رجل ميت
تابوت3 : رجل ميت
تابوت4 : رجل ميت
4 رجال
المنظر
علي شاطئ النهر يجلس السيد بان في مركبه ومن خلفه المنزل ، المركب جزء من المنزل .حيث تجلس زوجته تانيا أمام منضده صغيرة عليها بعض الطعام . الجدران قديمة والأرائك بالية لكن مسحة من عبق الماضي تلف المكان أمامهم ،قنديل زيت يعكس ظلالهم علي الحائط الخلفي فتبدو عملاقة يسمع صوت هدير مياة النهر النوافذ مغلقة والمكان يلفه الصمت
بان : النهر يتدفق بسرعة ..السمك قد أوشك علي النفاذ
تانيا : الزجاج لزج ..الطعام جاهز
بان : اتعتقدين انة قد نضج
تانيا : علبة من الرمل تكفيك
بان : عادت ولم تقبلني
تانيا : انشق نصفة والنصف الآخر بعد
بان : فلتختبئ فية الفئران
تانيا : المرآة تعذبني
بان : انتي من شرخها الي نصفين
تانيا : ( تشير للطعام ) كلما وضعتة امامك تأخرت
بان : للجحيم هذا الضوء الخافت
تانيا : سحلية رقطاء تلتهمة
بان : الم تأتي مبكرا ، لعل لعبك للورق شغلك
تانيا : لم تعد بعد
بان : قوس قزح ينير لي الطريق
تانيا : كلما نظرت اليها اقشعر بدني
بان : تناثر في كل مكان
تانيا : ترقد فيها الحشرات لكنها تؤنس وحدتي
بان : اتذكرين حينما طليناه بالطلاء الأبيض
تانيا : كان يوما جميلا
بان : وفستانك يومها كان رائعا
تانيا : لكن رأسة كان اكبر من جسمة ويداه صغيرتان
بان : يوما جميلا آخر في عمرنا
تانيا : تسعين سنة ذهبت سريعا
بان : الآ تسمعين طرقات الباب
تانيا : أن الطعام بات باردا
بان : عشرة .. عشرين .. ثلاثون ....خمس وتسعين
تانيا : حبات عقد منثورة
بان : أغلي ما أملك
تانيا : كلهم أصدقائي
بان : ألم تسمعين طرقات الباب
تانيا : الولد ...والشايب . والبنت كلها رابحة
بان : أخفي ورقك وإلا تخسرين
تانيا : علك تستطيل قليلا
بان : خمس وتسعين ثروة زائلة
تانيا : كلما ارتفع عن النهر أمنا من طغيانهم
بان : أشم عبير ذرات الرمل المبتلة بالماء
تانيا : رذاز المطر عطرها
بان : الشراع غير مخيط
تانيا : فوهة الجحيم إن عبرت وتركته
بان : ألم تسمعين طرقات الباب ..سيبنون سدا
تانيا : كانت مياهه دافئة حين قفزت للعوم بداخلة
بان : لكن مياهه مليئة بالطمي فاصبح عكرا
تانيا : تطايرت مياهه عاليا فتلونت السماء وذرات الهواء
المعلقة
بان : الم تسمعين طرقات الباب
تانيا : المذياع يرسل صوت وانا اعتقد انني قد انتهيت
بان : مسابقات الأحتفال قد اقتربت لابد من تجهيز القارب
تانيا : الا تلحظ ان ساقاي وذراعاي قد استطالتا
بان : كنت تستندين الي الأريكة فيخرج رأسك من السقف
تانيا : كان سقفا صلبا يدمي أصابعي
بان : لا أفرط فيه أبدا .. يحمينا من المطر
تانيا : عدة نسور جارحة تنشب مخالبها به
بان : أتعتقدين انه سيقطر دما
تانيا : لا أستطيع القول نعم فالنسور وضعت بيضا به
بان :كم هي جميلة تلك الطرقات ضيقة . ضيقة .. ضيقة
لكنها جميلة رائعة
تانيا : حين وضعت بيضها فرشت ريشها له
بان : الا تسمعين طرقات الباب
تانيا : حلية جميلة صفراء من الذهب علقت به
بان : رغم التوائها الا أن مبانيها عالية علي جانبيه
تانيا : هس السنة اللهب تنساب من ثقب الباب الضيق
بان : لم أري هذا الثقب طيلة عمري ..
تانيا : ضفائري تنسدل كلما استطالت النيران من الثقب
بان : طعام مليئ بحبات الخرز
تانيا : غابات .. غابات كثة رائعة كلما أتجول فيه أحسست
بالمتعة والغرور
بان : من هو ظابط الأمن المستند علي الناصية
تانيا : أسنان المشط تعلن تمردها عليه
بان : ليته يعمل ..
تانيا : بل يعمل بكل تأكيد لكنك لا تلاحظ ذلك جيدا
بان : مياه النهر لزجة
تانيا : زعانف الأسماك تسيل لعابك
بان : كلما عبرت من فوقه أنتشيت الا تسمعين طرقات
الباب
تانيا : أحترس الفراشات تزدحم برغم انها ملونة الا انها
يمكن ان تلسعك
بان : تقرض الملابس ليس الا
تانيا : تناول طعامك يا حبيبي
بان : الأناء مشروخ
تانيا : عله يقتات معنا
بان : كان معلقا براقا علي حانوت البائع المزدحم بالعطور
واللالئ والفئران
تانيا : الدود ينتشرفي أركان المنزل
بان : لا تقلقي سيتحول الي فراشات
تانيا : حليبا رائقا ينساب من أضرع ابقارنا
بان : رغم أنها سمينة ناعمة الملمس الا أن أنيابها قد أستطالت
تانيا : ثغاء الأغنام ينساب عند كل مساء حين تعود من
المراعي الخضراء
بان : ويتبعك ما يخصك منها تعرفك جيدا
تانيا : الأكل مليئ بالخرز
بان : الا تسمعين دقات الباب
تانيا : طرقات بلهاء كل مساء
بان : لعل مسابقات الأحتفال قد أقتربت أعطيني يدك
تانيا : لقد غطاها العشب وحفر بها النهر عدة أخاديد
بان : قلت أعطني يدك
تانيا : وأشرعة القارب تنتشر كلما هبت الريح
( يدفع جماعة من الرجال الباب ويندفعون نحو الداخل
ينقضون علي الأكل يلتهمونه بينما يكمل كل من
الزوج وتانيا حديثهما دون مبالاة )
بان : أغلقي النوافذ فشجر الكافور يدس أنفه داخل هذا
المكان ربما تعلق به بعض الخفافيش
تانيا : الا تسمع طرقات الباب
بان : تفتت لحائها
تانيا : إن كل ما يؤنس وحدتي هي أنفاسك العطرة حبيبي
..ان عبيرها ينتشر فيعطر القرية
بان : جميلة جدا رغم ضيقها الشديد والتوائها
تانيا : عقد الزبرجد يتناثر علي الأرض فيرصف الطرقات
بان : جميلة هي مرصوفة بالزبرجد
( يقف أحد الرجال وو رئيس الحي )
رئيس الحي : أن كل ما تبقي هو توقيعك يا سيد بان
بان : لم اتناول عصير الكافور بعد
رئيس الحي : انه طعامك المفضل كل يوم ثم أن أشرعة الطائرة التي
أتلفتها لا تعمل
تانيا : كانت أشرعة ملساء لا تقوي علي الطيران
بان : لم تذوقه يوما في حياتي ..ثم إن ما يقال عنه إنه يضمد
الكسور وطعمه حاذق
رئيس الحي : كم سنك ؟
بان : كل ما أذكره خمس سنوات
تانيا : قد يزيد أثنتين .
بان : كلها قضيتها في المروج الخضراء
رئيس الحي : إن كل ما يهمني هو توقيعك والا سأضطر الي أخذك
للمخفر
( يعود للآكل .. ويقف أحد الرجال وهو مساعد
رئيس الحي )
المساعد : لماذا تتأفف هكذا الا يعجبك الحال
بان : إنه يريد توقيعي أو أخذي للمخفر
المساعد : من هو ؟
تانيا : رئيس الحي .
المساعد : لا يوجد سواي ، ولم يتكلم احد
بان : إنه هو من ينقض علي طعامي ، وأنت ايضا
المساعد :لا يوجد سواي اما بالنسبة لتوقيعك فذا امر هام
بان : الطعام المنهوب ؟
المساعد : لا يوجد طعام
بان : وهؤلاء
المساعد : سرب الفراشات تجمع علي طبق العسل هذا ، ثم انني لا
احب اكل العسل بالفراشات
بان : كل ما لدي هو ما تبقي من طعام الأمس في هذا الأناء
المشروخ وتقول لا يوجد طعام
المساعد : سيدي ان الزجاجة حين تمتلئ بالماء الساخن وتسد
بالفلين مع ترك بعض الفراغ بها تجعل الزجاجة تنفجر
او تطير الفلينة اليس كذلك ؟
بان : نعم
المساعد : وكذلك اعصابي
بان : المطلوب ؟
المساعد : توقيعك .
تانيا : رئيسك رئيس الحي فلتلحق بة إنه يلتهم الطعام
المساعد : يا الطاف الله اتسمين هذا الدبور كبير الحجم الذي
يشارك الفراشات طعامها رئيسا للحي ، حتي انظري
( يلوح بيدة فتتطاير فراشات كثيرة )
بان : ( يجدف بساعدية القارب ) امسكي يا تانيا الدفة يمينا
فربما تصطدم بالصخور التي امامنا
تانيا : ثم ان هناك شلال عميق وسريع
رئيس الحي : قلت توقيعك
بان : قضيت عمري كلة باكملة بين جدرانة
تانيا : حلم الربيع يقذف جدرانه بازهاره كل مساء
بان : جدفي بيديكي هاتين فالنهر اوشك علي الأنحدار
رئيس الحي : الا تعلم بانه صدر القرار بأزالة كل مباني القرية
جميعها
بان : ليتها تحيا ويعود لهذا النهر تدفقة
تانيا : كان سريعا جدا ثم ان الشلال يندفع بشدة عالية فيغطي
رذاذه القرية بأكملها
بان : فوجي .. وكالتا ..ونيرونة كلها اسماء لحوانيت القرية
كل هذا يذهب للجحيم ؟
رئيس الحي : إنه القرار الجديد ثم ان هناك اجتماع حضره كل سكان
القرية
بان : كلهم جبناء
تانيا : خذ حذرك النهر سريع سنقع في دائرة الشلال
بان : جدفي بسرعة
تانيا : ( تجدف بعنف ) كل طاقتي نفذت
رئيس الحي : اما انا سامكث علي صخرة عالية حتي يهدأ النهر من
ثورتة
بان : ( يصرخ ) جدفي
تانيا : لا محالة سنقع في جوف الشلال
( بان وتانيا يصرخان )
بان : ( يتنهد ...) انتهي كل شيء
تانيا : علني انام قليلا فذراعاي لم تعد تقوي علي الحركة
بان : افتحي النافذة فاشجار الكافور أرحم من كل شئ
ستظلنا من أشعة الشمس
تانيا : انظر الجدران كلما تآكلت ازدادت بريقا
رئيس الحي : ان كل من صار خلفي اقتنع برأيي الا انت
تانيا : في العراء ترقد صغار الثعالب دون فراء بعد ان فقدت
خطوات أمهاتها وحين تشرق الشمس تنقض عليها
ذئاب الوادي
رئيس الحي : أنت من يقتل أفراد القرية أتنكر
بان : لم أري أحدا منهم منذ البارحة
تانيا : كلهم أبنائي
( رئيس الحي يفتح الباب و تدخل مجموعة يحملون
عدد من التوابيت يضعونها جانبا ويخرجون )
رئيس الحي : آ فهمت ؟
بان : مالي بهم ومن هم ؟
رئيس الحي : هؤلاء ضيوفك كل منهم يسكن التابوت الأسود..
أتطعمهم
تانيا : كلهم ابنائي
رئيس الحي : والقرية كلها تتساقط بيتا بعد بيت ، اما انت
بان : عرائس جميلات تختال في غلالتها البيضاء كل مساء
تانيا : عله ينام قليلا فأنه متعب من عناء اليوم بالنهر
رئيس الحي : أفق معي ايها الرجل كلما أتحدث معك تحدثني بشئ
اخر
( يركله بقدمه فينقلب جانبا .. تدخل جمهرة من
الناس يقتحمون التوابيت السوداء ويجلسون بها )
تابوت1 : إنه رجل خرف أساء للقرية كلها
تابوت2 : بل هو من قتلها
تابوت3 : حينما نقتص منه ستلبس القرية كلها حلتها
رئيس الحي : مهلا لن نقلع شجرة أو منزل حتي يوقع لنا السيد بان
تانيا : كلهم أبنائي .
تابوت1 : كل منزل به كنز والكل يخاف ان يفرط في كنزه ورغم
ذلك فقد وقعنا
تابوت3 : اما هذا العجوز الأخرق فهو من يقتل القرية
تابوت4 : الظلام الدامس يخيفني كل مساء داخل هذا التابوت ولا
سيما الفئران والقرضة التي يصم أذني أزيزها
رئيس الحي : هو من يملك حق التوقيع فأبوه أمتلك ذلك عن جده الأ
تعلمون أنه أبن سيد القرية ؟
تابوت1 : اما الان فهو جرذ حقير قتلنا ..كلنا نقضي نحبنا كل
ليلة داخل هذه التوابيت والرائحة العطنة ..
تابوت2 : أشلاء جسدي تتساقط رغما عني وأري الفئران والفيلة
والزرافات تلتهمها أمام عيني دون عناء أو مشقة
رئيس الحي : أنت يا بان .. اين انت ؟
بان : كلما سمعت أسمي تلاشي الظلام واشرقت الشمس
تانيا : كل هذه التوابيت تناديك
بان : عليك أن تجدفي بساعديك جيدا فلتسرعي
( تبدا التوابيت تسبح في النهر بينما السيد بان
يجدف هو وزوجته )
تانيا : تمهل فتابوت واحد انثني بين الصخور
بان : صخرة قديمة دفنتها منذ ستين عاما في قاع النهر لا شأن
لها سوي أصطياد توابيت الموتي
تانيا : انها تعترض التوابيت كلها
بان : دعيها فحين تلتهم تابوت أو اثنين ستهدأ
تانيا : ليتها تلتهم تابوت رئيس الحي ..
رئيس الحي : جدف جيدا يا سيد بان فالصخور تلاحقنا ..أه
بان : علها تمسك به
تانيا : التوابيت كلها تغوص بالطمي
بان : علها عدالة الأرض تعلق بأقدامهم
( يتحول المكان الي قاعة إجتماعات .. رئيس الحي
وعدد من رجال الأمن وعدد من رجال القرية )
رئيس الحي : أن كل ما يهمنا هو أزالة هذه القرية العتيقة وبناء القرية
الجديدة علي الضفة الأخري من النهر
المساعد : إن كل واحد منكم سيقوم بأعمال الأزالة قبل أنتهاء
الشهر وعلي كل منكم أن يضع يده في هذا الصندوق
وينتزع ورقة التي عليها رقم الأرض الخاصة به
رجل 1 : لا يستطع أحدا منا أن يضع يده في الصندوق قبل السيد
بان
رجل2 : انا أضعها
رجل3 : وانا ايضا كل أفراد القرية
( يتناول كل منهم الصندوق ويخرج كل واحد منهم
ورقة وسط فرحة وتصفيق )
رئيس الحي : آخر هذا الشهر سأستلم منكم القرية القديمة
( يتحول المكان الي تل يجلس عليه السيد بان وأمامه
المروج الخضراء .. ويمسك بان بالشراع القديم
ليخيطه )
بان : آه...لوكانت الإبر تمشي علىشفتي كالبرق
كل شئ صار أسود كالدمي بلا عرائس
كالنهر بلا ماء ، كالحارات بلا بناء
كالأحجار بلا صخور ،والشراع بلا سفينه
وكالمجداف بلا شراع
هسهسات الريح ترنو للبعيد ،تسحق الليلق على
شطآن جافه ، والمركب البعيد تحمل الحبيب قد يعود
ولايعود
يقبع قلبي بين الحنايا كوردة حزينه ، ينهمر عليه
الحزن كالجراد العاصف ، والسحب الداكنه تمطر
حجارة ملساء
يلتقطها المارة دمىّ يلهو بها الأطفال.
ونيشان الوالي ... سترته ...شيطاناّ يخنق الطفلة في
الأرحام
تخيلت كل أغصان الأرض ..تهوي ..تركض
..تزحف...تطوي عنقي
تخلع رأسي ، يرتفع عنقي طويلاّ ..طويلاّ ..طوبلاّ
بدون دماء
في الآفاق. يملأ الدنيا صراخاّ بدون شفاه
توقيعي ... إن كل ما يهمهم توقيعي ..
لن أتخلي عن تاريخي ، ولن أمنحهم أبدا توقيعي .
تلك الحوانيت والممرات الضيقة
ورائحة البقول والياسمين تزكم أنفي منذ تسعين
عاما ..لا
لن أمحو ذلك كله بخط بسيط علي الورق .. ثم ماذا
تعني قرية جديدة . الوان ناصعة ..أتنصع الجدران
وتظلم قلبي ؟
أين خطوات طفلتي الجميلة علي الزبرجد المعطر
ولمسات حبيبتي علي زجاج النوافذ حين تطبع قبلتها
عليها كل مساء
كما أن رذاذ الندي يغطي أحجار الطريق حين
يسطع عليها شروق الشمس فتبددها وتسيل قطرة
تلو الأخرى فتنتشي فروع الأشجار ومكعبات
الأزاهير التي تزحم نافذتي
( يقف ويجر الشراع الممزق )
كلما اصلحت جزء فسد الأخر يالا الشراع العنيد ثم
أن المسابقات قد أقتربت
( تدخل تانيا تحمل طعاما )
بان : أتيت يا حبيبتي أعطني يدك
( يأخذ يدها ويقبلها )
تانيا : الا تعلم ما آل اليه الحال ؟
بان : كل أشرعة الوادي ممزقة
تانيا : رئيس الحي يحاول إصلاحها
بان : أين طفلتنا الحبيبة
تانيا : لم تعد طفلة يا حبيبي صار لها زوج وأولاد
بان : كل ما مضي من عمري لم يتعدي الخمس سنوات
..فكيف يكون لي أحفاد
تانيا : كل من أجتمع حوله وقع له
بان : توقيعهم رماد
تانيا : القرية كلها ستهلك
بان : لا يستطيع احد أن ياخذ مني حبيبتي
تانيا : كانت بضة ممتلئة الأرداف
بان : فلتساعديني علي إصلاح هذا الشراع فالمسابقات قد
أوشكت والفريق ينتظرني
تانيا : أنهم قادمون وقد يؤذوننا
بان : لماذا.. لا يستطيع أحد أن يأخذ مني حبيبتي
تانيا : كل التوقيعات غير معتمدة إذ لابد أن توقع أنت أولا
( يدخل رجال الحي ورئيس الحي والمساعدين ..
يظهر المكان ممتلأ بالرجال بينما يظهر السيد بان
في شق في الحائط الخلفي بينما يضغطان علي السيد
بان بشدة وعنف من الجانبين بينما هو يغني )
بان : هبت نسمات الربيع وانقضي الشتاء يا حبيبتي
وجنتيك الورديتين أشد احمرارا من شفتيك
وشعرك الذهبي يلمع في الليالي الحالكة
رئيس الحي : كلما أزداد الضغط عليه غني
المساعد : بل يزداد حيوية ونشاط ..أنظر وجهه يزداد بريقا
رجل1 : يقول أن لديه أسرارا يحملها تحت منزله المتشقق
رجل2 : سينهار إذا هبت عليه نسمة رياح
رجل3 : كل ما يجمعه بعض أعواد الحطب والخبز الجاف وبعض
الأسماك الجافة
(رئيس الحي يضغط علي بان أكثر حيث يبدو بان
بداخل الشق كالخيط الرفيع بينما يسمع صوت
ضجيج وثغاء الأغنام ونباح الكلاب )
بان : ها هي قد عادت سخلاتي الصغيرات حين يبتلع التل
الصغير قرص الشمس الوردي
رئيس الحي : عله يهذي
بان : فلتشعلي يا تانيا شموعك الصغيرة وعلقيها علي جدران
منزلك الهادئ الصغير فحين تشعلين مصباحك يعلق
أهل القرية مصابيحهم
رئيس الحي : فلتحضروا السيدة تانيا
بان : النهر بدأ ينجرف بسرعة
فعندما تهب الرياح من جهة الشمال
وتشرق الشمس فوق كثبان
الجليد يزيد جريان النهر ومنها
يبدأ الاحتفال ومهرجان السباق
( المساعد يضغط مع رئيس الحي علي بان داخل
الحائط )
رئيس الحي : أضغط بشدة فلتسبح أمعائه في حدقة عينيه ويهترأ كبده
بان : ما أجمل لحظات السهر
مع قنديل زيت يقتات زيته ببطء
ويرسم ظله أهل القرية علي جدران منزلك
المساعد : كلهم موافقون وأنت أيها الصعلوك الأحمق
تقف أمام رئيس الحي وتعانده ؟
بان : أشباه أشباح تقتات قوتها من قنديل زيت
( يدخل أحد الرجال ويقذف بتانيا علي الأرض )
بان : عشر .. عشرون .. ثمانون ..تسعون حصيلة زائفة
تانيا : حصيلة زائفة ..الولد البنت الشايب كلها ورقات
خاسرة
بان : أعيدي لعبك للورق فقد شغلك ذلك عني كثيرا
( يعلقون تانيا علي لوح خشب ويجلدها المساعد و
الرئيس بالسوط )
تانيا : ( تغني ) في قنينة زيت حبلي
ترقد بنتي يأتي زمن الورد الغاضب
من صحراء الشرق الرابض
في بحر الزيت القاتم
يخنق بنتي غاز حارق
تنشر بنتي ضفائرها
لتكسو صحراء الشرق
قنينة غاز حبلي
رئيس الحي : هراء ما تفعلون قنينة غاز قنينة قار ..هذه زوجتك يا
سيد بان ترقد علي لوح خشبي في قبر يعلو قبرك
المساعد : سيدي انهم لا يسمعوننا وكل ما أزداد ضرب السياط
كلما توهجت لديهم قريحة الشعر والغناء
رئيس الحي : أرحنا يا سيد بان فالتوابيت تنتشر كل يوم في القرية ثم
أن هذه التوابيت ترجوك النجدة
( تفتح التوابيت ويخرج منها رجال القرية )
رجل1 : كل منا أخذ ورقته
رجل2 : سأبني قصرا
رجل3 : سأملك ضيعة
رجل4 : تبا لهذه التوابيت ورائحتها العطنة
بان : ضياع وقصور في الضفة الأخري لا تشبع ولا تغني من
جوع لكن صهوة جوادي حين أمتطيها أعبر النهر
بذراعاي هاتين
فلا أحتاج الي الضفة الغربية من النهر
( يجلد الرئيس والمساعد تانيا بينما لا يقوي بان
علي الحراك فترفع السيدة تانيا عقيرتها بالغناء )
تانيا : ( تغني) كل شراع السفن أنقض
وليالي القرية تدمع
والخردل ينشر سمه
وجحافل جرذ تتأقزم
لكن سمه.. زيت الخردل
أبنائي يلوكون العلكة
ودماء النهر تتدفق
والزيت يلوث أيديهم
بقنينة زيت حبلي
رجل2 : المياة تحاصرنا وشلال النهر يتدفق
رجل1 : سطعت شمس الوادي فذاب الجليد وسنغرق لا محالة
رئيس الحي : هذا الأخرق سيغرق كل الوادي
المساعد : المياه تزدحم علي النوافذ والزجاج يتحطم
تانيا : لا يغرق في قاع النهر من يأكل من طمي الوادي
رئيس الحي : هذه العجوز الشمطاء أسكتوها
( تتدفق المياه من النوافذ ويتكسر الزجاج ويغوص
الرجال في المياة صوت هدير المياه يختلط بصوت
تحطيم الأخشاب والزجاج يصرخ السيد بان )
بان : أين شراعي
( يتناول شراعه المطوي جانبا يفرده ويحمل تانيا
بداخله ويجدف بينما يغرق كل الرجال ..بان يغني )
بان : هذه مركب سيدنا نوح وهذه بقايا عنكبها
تانيا : هذه مركب سيدنا نوح وهذه بقايا عنكبها
بان : الشبح الأسود يغرق في قاع النهر
تانيا : من يأكل من طمي الوادي لا يغرق في قاع النهر
بان : من يأكل من طمي الوادي لا يغرق في قاع النهر
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق