الفصل الثاني
المشهد الأول
[ في بستان قصر لايوس يتكاثف عدد غفير من عامة .. وقد تعالت أصواتهم .. بينما أخذ
كريون في تهدئه نفوسهم . ]
كريون : يا شعب طيبة الطيب إنكم جد أوفياء مخلصون متحملون للشدائد كما عهدناكم
. . ولكن . . صبرا فكلها ساعات قصيرة نقضيها في حلم و حكمة . . نتدبر أمورنا
سويا . . فالمسألة لا تأتي بهذه الصورة .
أصوات متداخله:نريد لايوس .. أين لايوس .
2 : لقد أوشكنا علي الهلاك .. فلا نصرة لنا ولهذه المدينة بدونه .
كريون :يا شعب طيبة الطيب مهلا نحن نعلم ما أصابكم وما أصابنا من أمر هذه الهولة
التي ضربت كاهل كل رجل فيكم نحن ندرك هذا تمام .. ولكن لايوس رجل طيب .
إمرأة : إنها مصيبة لاتنتهى شلال من الدم المنهمر يغطي أرجاء طيبة . إنه دم إنبرى كل منهم
منهم واحد تلو الآخر لانقاذ طبيبة وحل لغز الهولة .
كريون : إننا نرى أحجار جبال الأولمب تتطاير تباعا خلف كل رجل تقذف به الهولة لعجزة
عن حل لغزها المبهم .نحن ندرك كل ذلك . . . لكن لايوس رجل طيب .
مجموعة : لقد كسدت الأموال وبارت تجارتنا إذ لا يبع و لا شراء فالهولة سدت جميع الطرق.
كربون : يا شعب طيبة الطيب نحن نعلم كل ذلك فأمر الهولة أمر زائل لا محالة . لكن بالصبر
والتؤدة والتضحية من أجل مصلحة وطننا الغالي .
عجوز : أي كريون الشجاع . . . لقد حضرت مع هذه الجحافل الغفير من البشر لأناجيك
عن قرب فزوجتي الشابة ذات العشرين عاماً , منذ أن خرجت لم أرها لا هي وسايس
الخيل يا كريون الطيب .
كريون : نعلم هذا ذلك جيدا . . . لكن الهولة يا سيدي لا تلقي بلغزها الشهير علي النساء ,
فلم تخرج زوجتك لملاقاة الهولة . فالهولة يا شعب طيبة تدمى كعب كل طفل
بحجر من جزاء خطفها لرجل هذه المدينة الباسلة ذات الأسوار المنيعة التي أحكم
لايوس بنائها و أمدها بالعتاد و الرجال , ستمطر هذه الأسوار يا سادتي سهاما
متطايرة ولكنكم كلكم تعلمون أن لايوس رجل طيب .
ص المجموعة : أين لايوس الطيب .. فبنظرة من عينية ستنطفيء النيران المندلعة من عيون هذا الوحش الكاسر الذي يطلقها فتفتت اسوار طيبة المنيعة , لم يبق إلا زمن قليل الحسبان لتدخل إلي مدينتنا وتحيلها كلها إلي رماد .
كريون : يا شعب طيبة الطيب أنني أعلم مدى حبكم و ولعكم و إخلاصكم . لكن ليس من
الحكمة أن يظهر لكم ملك كريم في مثل هذه الجلبة التي لا داعي لها .إن من يريد
أن يلقي لايوس فليتلحي بالصبر والأناة و الحكمة وكلكم تعلمون أن لايوس رجل
طيب.
[ يدخل لايوس و معه تريزياس وسط هتافات الشعب ]
لايوس : مهلا كريون إنني أري هذه الجموع الغفيرة من البشر كلهم حيارى هلعين من جراء
مخاوفهم بل وحزنهم الدفين أنني أري وجوهاً مكفهرة بأبصار زائعة لا تعني ماتقول ولا تقول ما تعني هالها عظم الأمر . إن عصف الرمال خلف أسوار طيبة حجب ضوء
الشمس أو يكاد من صولات هذا الوحش وجولاته . أليس كذلك يا تريزياس ؟
تريزياس : هو كذلك يا مولاي .
لايوس : لقد حضرت أنا ترزياس بل أحضرته خصيصا من معبد أبو للون , فترك عزلته
المجيدة من أجل إستطلاع الأمر وتدبر المشكلة .
تريزياس : ما كنت أبخل علي طيبة و أنا في مثل هذه السن ألا أن أهب لنجدتها ومساعدتها
فما أنا إلا أحد أبنائها المخلصين و رغم فقدان بصري تلمست الطريق و جئت
متوكئا علي عصائى أمر لايوس لكن المشكلة حل الصبر أو السفر ألي معبد دلفي
لإستشارة كهنة معابدها لعل زيوس ينعم علينا بالحل.
كريون : ها أنتم يا شعب طيبة ترون صورة من أجل الصور وأعظمها الكاهن الأكبر ترزياس
و لايوس رغم كبر سن كل منهما إلا أنه لم يبخل أحد منهم أن يجود بنفسه
وبروحة فداء لكم جميعا فكلكم تعلمون و ترون أن يولاس رجل طيب .
[ هتافات حارة من العامة ]
المجاميع : عاش لايوس .. عاش لايوس العظيم .
لايوس : ومن أجل هذا قررت السفر غدا ألي دلفى . . من أجل أن أستطلع سر هذه
الهوله وهذا الأمر الجلل .
[هتافات ]
[ إظلام ]
المشهد الثاني
[ قاعة داخل القصر حيث يقف كريون و ترزياس بينما جلست جوكاستا وهي تخفي رأسها بين يديها يبدو عليها الحزن الشديد ]
كريون : مولاتى الملكة . . . أن الخبر جد حزين والأمر خطير ولكن يلزمنا ضبط النفس
و التفكير في مستقبل طيبة .
تريزياس : أي مولاتي . . . لطالما رأينا منك حسن الحلية و سلامة الطوية ولكن الأمر الآن
يستلزم منك سرعة البت فالأمر سيضطرب ويحتمل أن تحدث قلاقل.
جوكاستا : و هل زواج الملكة سيمنع هذه القلاقل . . كيف تطلبون مني أن أتزوج ومازال
جسد لايوس مسجي في العراء . . . لا . . لا أستطيع .
كريون : جوكاستا أن الحكمة تقتضي منا أن نفكر في أمن وسلامة الوطن عن التفكير
قي أحزاننا .
جوكاستا : أن مصلحة طيبة هي التي جعلتني أتنازل عن حبيبي طيلة السنوات الماضية وهي
التي تطلب مني الآن أن أدس نفسي في أحضان رجل لا أعرفه و لا أحبه . . .
من يكون الزوج المنتظر و كيف تختارونه .
كريون : الأمر في منتهى الصعوبة علينا أيضا فلا تتخيلي يا أختاه أنه يسهل علينا أن تتزوجي
ومازال لايوس في العراء ولكن تلك هي وصيته من أجل استتباب الحكم . سوف نعلن بين الأمراء و الأشراف أن من يستطيع أن يتقدم للزواج من الملكة يصبح ملكاً علي
البلاد هكذا سوف يتقدم الكثير تختارين منهم من يليق بأن يصبح ملكاً .
جوكاستا : ماذا تقول ياكريون ..؟ هل تعلن بين الناس رغبتي في الزواج .. ماذا تقول عني الناس لم تحزن لفراق زوجها وبدأت تبحث عن زوج من بين الامراء , ثم كيف يحترمني من سيتزوجني وأنا أ تزوج وما زا لت جثت زوجي أشلاء ؟
تريزياس : إن الملكه على صواب فلابد من الحيلة .. لقد واتتني فكره لم ذهب لايوس إلى
إلي دلفي ؟
كريون : يستشير دلفي في أمر الهولة .
تريزياس : فالهوله هي الخطر الذي يهدد أمن دينتنا فمن يستطيع أن يخلصنا من الهوله هو الأقدر والأصلح للزواج من الملكه وتولي الملك وبالتالي نكون قد جعلنا زواج الملكه جائزه يتمناها الأمراء لما هو معروفا عنهم من التنافس والغيره
جوكاستا : هذا أقرب إلى الصواب وأن كنت أتمنى أن يكون الزوج من إختياري أنا
كريون : ليس الأم ر بهذا السوء فلن يفوز بك إلا من يملك حكيما وشجاعة ومقدره على مواجهة الهوله , لاتخشي شيئاً يا مولاتي الملكه طالما أخيك كريون سيشرف على ذلك بنفسه
تريزياس : والآن دعونا نقترب من النافذه لنسمع ماذا سيحدث خارج الأسوار فها هي
السماء فد إكتست باللون الرمادي المشوب بالحمره وبدأت الشمس في الغروب
كريون : سوف أعلن للناس ماأتفقنا عليه[يخرج كريون ].
جوكاستا : آه ماأحر نار الحزن ولوعة الموت . تريزياس هل محت تلك السنوات
حزنك على زوجتك ؟
تريزياس : مولاتي لو استطاعت السنوات أن تنسيك إبنك الغائب لمحت من ذاكرتي
حب حياتي الصادق
جوكاستا : وبم تفسر حبك لي
ترزياس : كان نزوة جسد إشتاق للنعاس في قلب إمرأه حتى يتطهر ويتفرغ للكهانه .
جوكاستا : وتلك النظرات التي طالما رمقتني بها في الحفلات ؟
تريزياس : هل نسيت مولاتي أني ضعيف البصر
جوكاستا :كانت أيام البحث عنك تمثابه الحياة بالنسبة لي .
تريزياس : مولاتي جاء الوقت لكي ننسي تلك الترهات و يكتفي كل منا بدورة .
جوكاستا : وإبني هل أنساه هو الآخر .
تريزياس : مولاتي أنة قد مات فلاتذكريننى به فقلبي لايتحمل هذه الواجع و أنا في هذه الحالة
جوكاستا : كما لو كنت حزين فعلا يا الرجال وقسوة قلوبهم .
تريزياس : قلبي ليس فظنا قاسياً كما تزعمين و لكن ماذا كان يمكنني أن أفعل إزاء الملك
لايوس الذي صدق نبوءة عراف كما لو كان ينتظره ليتخلص من ابن يشعر
بقلبه أنه ليس منه .
جوكاستا : دائماً تحاول قتل كبريائي بذكرك هذه الواقعة إنما حزينة أكثر منك فالمقتول
بيد زوجي هو إبنى الذي حملته من الأنسان الوحيد الذي أجببتة
تريزياس : مولاتي هل الصدق ما تقولينه ؟
جوكاستا : نعم يا تريزياس ما شعرت بالحب قط الا معك . وما حزني علي لايوس إلا
إحتراما للواجب .
تريزياس : و لكنك أنت يا مولاتي السبب في ضياع هذا الحب وضياع الطفل الجميل .
جوكاستا : ما رأت عيناي جماله من قبل حين وضعوه في غطائه الأحمر و أعطوه لقاتله
كي يتخلص منه .
تريزياس : مولاتي لا تذكريني بتلك الأحداث المؤسفة فقلبي حزين لا يتحمل المزيد
من المأسي كلما تذكرت ذلك الحارس الذي حمل طفلينا ألي حتفه
أحترق قلبي من اللوعة وشعر بسخف الحياة التي نحياها في ظل عالم لا
يشعر بحاجتنا للحب كى نحيا .
جوكاستا : ترزياس هل فقدت صوابك .
تريزياس : أنها أشياء تجعل الأنسان يفقد السيطرة علي علقه .
جوكاستا : هيا لنبدأ عهدا جديداً معاً .
تريزياس : لقد نذرت نفسي للكهانة فكيف أنسي واجبي نحو الآلهة و أسعي وراء حب
دنيوي زائل ؟
جوكاستا : حب دنيوي زائل ..
تريزياس : كل ما يجعل الأنسان ينسي الآلهة هو دنيوي زائل .
جوكاستا : حتي الأبناء ؟
تريزياس : حتي الأبناء . . ثم ماذا إتفقنا عليه ؟ أو لم يخرج كريون الآن ليعلن للناس أمر
زواجك بمن يتخلص من الهولة فلن يقبل أحد أن يتزوج الملكة من رجل كاهن
ضعيف البصر ولم يحقق المهر المطلوب .
جوكاستا : تريزياس . . للمرة الثانية أدعوك و أحتاج لحبك هل تقبلني .
تريزياس : أخترت طريقي منذ وقعت في الخطأ قتل إبني أمام عيني ولم أستطع حمايته وأنت
كذلك . . . لقد فرطت فيه بسهولة كإحدي الساقطات .
جوكاستا : تريزياس .
تريزياس : ما رأيت امرأة مثلك من قبل . قبل أن تدفن وليدها ترتمي في حضن قاتله و ما
أن يموت زوجها حتي تصرح بحبها لأول رجل تقابله وهي حين تعلن حبها
تنتظر الزوج القادم ما رأيت في حياتي امرأة مثلك سأصعد للجبل وأحيا بين
جدران المعبد أنتظر الموت و لكن بعد أن أزوجك بيدي .
[ أصوات وجلبة في الخارج . . . يدخل كريون ]
كريون : يبدو أن الأمر خرج من أيادينا . . ماذا بكم لماذا أنتما واجمان . . . الناس
إندفعت صوب الأسوار لتنظر إلي الفارس الذي خرج ليقابل الهولة .
جوكاستا : من ؟
كريون : لا يعرفه أحد ظهر فجاة خارج الأسوار وظهرت أمامه الهولة كما لو كانا علي
وعد باللقاء .
جوكاستا : هل رأيت ملامحه . . ؟
كريون : الناس يقولون عنه أنه قوي البنيان هلموا إلي الشرفة .
[ الجميع يتحرك ألي الشرفة يتابعون ما يحدث بالخارج ]
جوكاستا : أني أراه يقف أمام الهولة كفارس جسور لا يهاب شيئاً .
كريون : أن الهولة تتراجع أمامه و تختفي عن الأنظار .
[ وصيحات الشعب بالخارج ]
تريزياس : أصبحنا أمام الأمر الواقع الآن علينا أن نخرج لاستقبال البطل الذي أنقد المدينة
من الهولة حتي يشعر بقيمة إنتصاره وينال جائزته الثمينة .
جوكاستا : تريزياس . . ؟
تريزياس : أو ليست هذه هي الحقيقة .
جوكاستا : للمرة الأخيرة حكم عقلك يا تريزياس . . فلو ضيعتني هذه المرة لن يكون هناك
أمل . .
تريزياس : الفارس الآن خارج الأسوار . . هيا لاستقباله يا مولاتي .
جوكاستا : هيا بنا و سيأتي يوم تندم فيه علي ما ضيعت يداك .
[ إظلام ]
الفصل الثالث
المشهد الأول
[ علي قمة جبل حيت معبد أبو اللون وقد وقف أوديب ألي جوار كريون من خلفهم وجوكاستا بينما يبدو تريزياس و هو يقف أمام الهيكل و من خلفه وقف عامة الشعب ]
تريزياس : يا زيوس العظيم تقبل منا نحن الضعفاء أمام
قوتك و جبروتك
عامة الشعب : يا زيوس العظيم تقبل منا نحن الضعفاء أمام
قوتك و جبروتك .
تريزياس : لقد أنسكب الصديد أنهاراً من أفواه محبيك وشربنا النار انتقاما من نفوسنا حتى نتخلص من هذا العذاب .
عامة الشعب : يا زيوس العظيم .
تريزياس : لقد تحير العقلاء منا قي أمر هذا البلاء إنفجرت بطون الحوامل من جزاء حملن المريض نبغي منك الخلاص .
عامة الشعب : يا زيوس العظيم .
تريزياس : نحن شعب طيبة نتقدم إليك بهذا القربان المقدس الذي يملأ فناء المعبد خواراً و ضجيجاً .
عامة الشعب : يا زيوس العظيم .
تريزياس : تقبل منا من تقطن أعلي الأولمب و إذا كان القربان مقبولا فأعطني علامة استهدي بها و تسعد بها قلوب أهل طيبة .
[ يقوم تريزياس بأداء بعض الطقوس . ثم تلفت قي حيرة ]
لم يتقبل منا . . هيا إنصرفوا يا شعب طيبة الطيب المسكين وفى الغد تتكرر محاولاتنا .
[ ينصرف الناس بينما أوديب يجلس علي أريكة وقد وضع رأسه بين يديه مهموما وتتقرب جوكاستا منه وتضع يدها علي رأسه ]
جوكاستا : يبدو أنه لا مفر من الهلاك .
أوديب : الأمر عصيب أشعر بكل في طيبة أشعر بدقات قلبه المرتعدة خوفا علي أولاده و أشفاقاً علي مصيرهم .
جوكاستا : أن رقه المشاعر التي تتحلى بها هي ما جعلتني
أذوب عشقاً و هياما بك .
أوديب : وحينما يأوي الأرامل ألي فراشهم بعد أن ذاب ذويهم بين ذرات الرمال الملساء كجلد الحيات ، لا يجدن سلواهن في توحدهن مع شمعوهن كل مساء.
جوكاستا : لكنك يا حبيبي ستحيل هذه الشموع ألي قناديل تضيء جوانب طيبة و بحنكتك و درايتك اللتين أتسمت بها متأكدة من ذلك .
أوديب : ليت المشكلة تتوقف علي حنكتي و درايتي ، لو كان لغزاً لأنبريت لله و لكن الأمر كله خرج من يدي .
جوكاستا : أني أدرك يا حبيبي أن الأمر كله يبدو في منتهى الصعوبة و لكن المشكلة الآن في معرفة هذا البلاء و حصار مصدره حتى لا يتفاقم .
أوديب : ولهذا جئت ألي هنا و لكن يبدو أنه لا فائدة من
القربان الذي قدمناه
جوكاستا : ماذا تعني .
أوديب : لا أعرف ؟ و لكن لم يستجيب للنداء شعب طيبة
مجتمعا يبدو أن الأمر ليس بهذه السهولة .
جوكاستا : لعل الخطأ قيما قدمناه . . من طقوس و ألا لم
ترفض القرابين ؟
أوديب : أو أن الخطأ فينا نحن وفي تقديرنا للآلهة .
جوكاستا : أي خطأ فينا كل أبناء طيبة يدينون بالحب و
الولاء .
[ تريزياس داخلا و معه كريون ]
أوديب : أيها العزيز تريزياس يبدو أنه لا فائدة من هذا
القربان .
تريزياس : لا يتوقف قبول القربان المقدم علي قيمته و لكن
علي نوايانا نحن حين نقدم ذلك القربان .
جوكاستا : لا أفهم ما تعنيه .
أوديب : وضع يا تريزياس لعلنا نستطيع حل هذه
المشكلة.
تريزياس : لو أن الأمر دنيوي خالص لاستطعت أنت حله و
لكنه أمر يحتفظ به زيوس لنفسه فقط .
كريون : أن تريزياس يعني أن دنسا ما وقع في هذه المدينة يلطخ أرجاء طيبة و معابدها ويكلف شعبها وزرة .
أوديب : أي دنس وقع . . . قولوا و لنقتص من فاعله .
كريون : لو عرفنا الدنس لهان علينا حله .
أوديب : فلنعلن هذا علي الناس و ليتقدم فاعل الدنس نفسه معترفاً بذنبه لعلة يحظى بالمغفرة ويرفع عناً البلاء جميعاً .
جوكاستا : أعتقد أنه لا يوجد إنسان يعترف بخطيئته أليس
كذلك يا تريزياس ؟
تريزياس : لا . . . لابد من الاعتراف علي الأقل أمام
النفس و الآلهة .
أوديب : لابد أن نصل لحل يا تريزياس . . . أرواح الموتى تداعت إنها تسألني أين القصاص إنها تخنقي.
كريون : مولاي المسألة اعقد من القصاص فنحن لا نعرف من المجرم الذي دنس مدينتناً و لا نعرف حتى ما هي جريمته .
أوديب : فلنبحث عن الجرائم التي لم يقتص لها .
جوكاستا : كنا فيما مضي حين تقيم عيد التتويج لايوس لا
نجد أحداً يشكو مظلمة .
أوديب : فلنراجع أنفسناً فمنذ أن توليت الحكم و أنا أفتح
أبواب قصري أمام العامة لم أوصد بابي في وجه
سائل أو شاكي تعويضاً عن هذا الاحتفال فمن أين
يأتي هذا الدنس .
تريزياس : ربما قبل توليك ،فانتقام الآلهة لا يأتي فور وقوع الدنس
الدنس هكذا تعودنا .
أوديب : فلم يقع علي عببىء خطايا غيري إذا ؟
تريزياس : هكذا الآلهة ولها حكمتا التي لا نفهمها نحن البشر …
الخطأ في الماضي أو في الحاضر بالنسبة لنا أما الآلهة فلا
تعترف بهذا الزمن الأرضي . . . إنها تحكم وفق
قوانينها في زمن سر مدي .
جوكاستا : [ أوديب ] لو كان الأمر قبل توليك فليس ذنبك شيء
تريزياس : نحن هنا كي نصل لحل لا لنتبادل الاتهامات فلنبحث
خار جنا
كريون : خار جنا أناس ينتظرون ما نصل له من حل .
تريزياس : فلنبحث خارج جدران هذا المعبد فلنخرج ألي قصورنا
و لبيوت الفقراء و لبنحث عن فاعل هذا الدنس .
جوكاستا : هل تلقيه علي العامة ؟
أوديب : إذا كان أمر الاعتراف سيدين الفرد الخائف من العقاب
فليعترف دون ذكر اسمه بأي وسيلة كانت .
كريون : إذا كانت الآلهة تعاقبنا جميعا لخطأ فرد واحد فلتخبرنا
بذات الفرد لنقتص منه و ننتهي من هذا المأزق .
تريزياس : إنها أحكم من أن تشي بخطيئة فرد فمثلما تجزل العطاء
للجميع يعم العقاب علي الجميع .
جوكاستا : فها هو الطاعون يقتل منا كل ساعة أفرادا تهالكوا و
تآكلت أطرافهم تتهاوى مفاصلهم عقلة عقلة أمام
المعبد ينتظرون الصفح .
أوديب : و هل الخطأ من أهل طيبة أم من خارجها .
تريزياس : لا يأخذ الآلة شعب بذنب غيره .
أوديب : أنا المجرم من أبناء طيبة أما أنا فأنا انتمى لكورنثة .
كريون : ولكنك أنت الحاكم وراعي طيبة .
أوديب : فالمسألة هي أني لست مذنب معكم فلأبحث عن المجرم
خارج دائرتي .
تريزياس : لسنا بصدد تبرئة أنفسنا .
جوكاستا : نحن نحصر هذا الجرم ونحدد مكانة و لا نبحث عن تبرئة
أنفسنا . . . ما أحوجنا لهذه التبرئة .
تريزياس : مولاني الملكة نقصد شيئا بعينه .
جوكاستا : فلنلجأ لما قاله الملك . . . أن نعترف جميعاً بأي ذنب
إرتبكناه و بأي وسيلة كانت .
أوديب : اقترحوا علي ماذا نفعل ؟ ؟
كريون : فلنصنع بأنفسنا الحلية المناسبة حتى يضمن المعترف آلا
يعرف أحدا به أو يشي به لدي الحاكم .
أوديب : نصنع حجرة و لا نعين عليها حرساً أو رقيباً يدخل
كل فرد من المدينة بمفرده دونما رقيب في مواعيد
نختارها للناس يعترف كل فرد بما يفعله . . ويكون التوقيت
ليلا تحت جنح الظلام .
جوكاستا : ومن أين سنعرف نحن بهذا الجاني ؟
تريزياس : وما حاجتنا أن نعرف الآلة وحدة كفيل بأن يقبل هذا
الاعتراف أو يرفضه .
كريون : ونعود مرة أخرى للعذاب الجماعي . إنني أرفض أن نترك
هذا الأمر علي عواهلة .
جوكاستا : و لو تدخلنا نحن فيه لفسد الأمر كله .
أوديب : إن قبول الأمر أو رفضه بيد الآلة ولكن هل تعتقد ياتريزياس
أننا سنتخلص من الطاعون .
تريزياس : لن نخسر شيئا في حين أن الاعتراف يخلصنا كلنا من الإحساس
بالذنب .
أوديب : إذا فأعلن للناس ماأتفقنا علية ومن الغد نبدأ في الاعتراف
الجماعي
[ إظلام ]
المشهد الثاني
[ داخل غرفة في بيت إكتافيوس ، يجلس إكتافيوس مع زوجته عجوز شمطاء في
حين تسمع طرقات علي الباب يفتح إكتافيوس الباب ليدخل وهو يهرول .تسرع زوجه إكتافيوس في الدخول ألي أحد الغرف . ]
إكتافيوس : أهلا برسول الشؤم في الأيام المنحوسة
مندرين :تجلس هنا حيث الدفيء وتتركني أعاني في البرد القارس ، يا لندالة
الأصحاب .
إكتافيوس : عندما رأيتك أحسست بقشعريرة البرد تتسحب ألي جوف
عظامي ماذا في الأمر ؟
مندرين : [ بخوف ] أو لم تسمع بما يذاع في المدينة كلها..
إكتافيوس : أخاف من في التجول في الطرقات حتى لا يصبني المرض
اللعين . . . أو لم تري كل عمال المدينة قد تحولوا من
أعمالهم ألي دفن الموتى و القبور .
مندرين : لن تري هذه الصورة منذ الغد .
إكتافيوس : هل رفع عنا البلاء .
مندرين : كيف يرفع البلاء و أمثالك مازالوا علي ظهر الأرض
يمرحون .
إكتافيوس : إذا ماذا في الأمر ؟؟
مندرين : لقد توصل الملك ألي الحل. . غرفة الاعتراف الليلي .
إكتافيوس : اعتراف ليلي ماذا تقصد ؟
مندرين : لقد أعلن المنادون منذ قليل أن الملك أمر ببناء غرفة
يشارك فيها كل فرد بحجر وسط ميدان المدينة
غرفة يدخل كل فرد فيها للاعتراف بذنبه دونما
رقابة .
إكتافيوس : ولم ؟
مندرين : لقد توصل تريزياس ألي أن البلاء سببه خيانة حدثت
قبل تولي الملك الحكم .
إكتافيوس : خيانة ؟
مندرين : نعم خيانة شخص ما أرتكبها سببت كل هذا الطاعون .
إكتافيوس : شخص ما ..
مندرين : أو شخصيات هل تفهم ما أقصد .
إكتافيوس : ألم أقل لك رسول الشؤم قي الأيام المنحوسة .
مندرين : ما العمل الآن ؟
إكتافيوس : أنت سبب ما نحن فيه أنت الذي جلبت الطفل وحملته .
مندرين : وأنت معي . . . حملناه معا وسلمناه معا .
إكتافيوس : يا غبي . . الخيانة معناها خيانة الأمانة لقد كلفنا الملك
بقتل الطفل ولقد رفضت أنت قتله .
مندرين : ولم وافقتني أنت . . . آه لو قتلناه
إكتافيوس : ما كنا الآن في هذا المأزق.
مندرين : وما العمل .
إكتافيوس : لا أعرف فلنفكر معا .
مندرين : أنا عندي اقتراح .
إكتافيوس : قل يا علامة يا فيلسوف .
مندرين : اقتراحي سوف يحسم المسألة كلها .
إكتافيوس : ولم كل هذا التشويق أخبرني باقتراحك دون مقدمات .
مندرين : نعود أنا و أنت ألي مكان الطفل ونقتله ما رأيك ؟
إكتافيوس : يا للعبقرية الفذ ، نعود ألي الطفل ونقتله كيف يا ذكي .
مندرين : لا تسخر مني فأنا أعني ما أقوله .
إكتافيوس : تعني ما نقوله ؟
مندرين : نعم نعود للطفل و نقتله .
إكتافيوس : لقد مر على هذه الحادثة عشرين عاما هل تعقد يا صديق
أن الطفل سيظل ينتظرك طوال عشرين عاما يبكى في
عباءته الحمراء ..ذذ منتظر أن تقتله بيدك ثم إنك سلمته
للرعاة .
مندرين : أنا لست مخبولا لأقول هذا .
إكتافيوس : آه فهمت نستنجد من الملك أن يعطينا طفلا كي نقتله .
مندرين : هذا بالضبط ما أعنيه .
إكتافيوس : بماذا كانت تفكر أمك قبل ولادتك في أي الحيوانات
الذكية وتاه تفكيرها .
مندرين : أمي كانت تعشق تربيته الماعز لم ؟؟
إكتافيوس : يبدو أنها وضعتك شبيها لأحدى عنزاتها . . يا غبي هل
تظن الملك بهذه السهولة يعطيك طفلا من أطفاله كي
تقتله .
مندرين : ليس مهما أن يكون من أطفاله بل من أي الأطفال
وهكذا نتخلص من جريمتنا وتتخلص طيبة من الطاعون .
إكتافيوس : يا عبقري بلاد اليونان و فليسوف الأرض قاطبة ألم
تمسمع بأذنيك يوم أن كان الملك لايوس يسمع للكهان
الميمون .
مندرين : نعم . . . آه فهمت تقصد ذلك القول بأنه سيحيا ويقتل
آباه ويتزوج أمه . ولذا كنت مصر علي قتله . . آه فهمت .
إكتافيوس : بعد عشرين عاما .. لقد أعطيته بغبائك الحياة .
مندرين : وهل تطاوعك يداك بأن تغمد خنجر مسموم في صدر
طفل برئ ولك أولاد .
إكتافيوس : كلا . . لقد خفت من العذاب من جراء قتل طفل
برئ.
مندرين : و أنا كذلك ولكن العذاب وقع علينا من جراء
عدم قتل الطفل .
إكتافيوس : العمل هو أن نبحث عن هذا الطفل و نقتله .
مندرين : ولقد قتل الملك لايوس خارج أسوار مدينتنا و تزوجت
جوكاستا من الملك أوديب فلماذا نحمل أنفسنا جرم
مندرين : جريمة قتل .
إكتافيوس : أو ليس هذا ما أقترحتة أنت منذ قليل .
مندرين : نعم ولكنك نبهتني لشئ خطير أن هذا الطفل صار رجلا الآن
تحطي العشرين ونحن أصبحنا و اهنان طاعنان في السن لا نقدر
حتى مواجهة أنفسنا بالعصي لا بالسيوف.
إكتافيوس : إذا علينا في الغد أن نتجه لغرفة الاعتراف ونعترف بهذا الذنب.
مندرين : لدى اقتراح آخر .
إكتافيوس : أصمت حتى أكمل حديثي . . . سترحل أنت غداً مع شروق
الشمس وتتقصى حقيقة مصير هذا الطفل، ولتسأل رعاة
كورنثة عنه وتعود مع الغروب قبل الاعتراف وحذار من
التأخير
[ إظلام ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق